تخطى إلى المحتوى

اختبـــار الكِبر الخفي 2024

اختبـــار الكِبر الخفي
من أكبر المشاكل التي قد تواجهك في طريقك إلى ربِّك، هي أن تكوني مصابة ببعض الآفـــات الخفيَّة الخطيرة دون أن تشعري بوجودها .. فتُضيِّع عليكِ دينك، وتحول بينك وبين الصراط المستقيم ..

ومن أخطر الآفــات، التي قل من يتخلَّص منها في هذا الزمـــان:: آفة الكِبر ..

وأول معنى يتبادر للأذهان عن تلك الآفة، أنها مجرد إزدراء الناس والتعالي عليهم .. وللأسف فإن مفهوم الكِبر أشمل وأخطر من ذلك بكثيــر ..

فبنا لنفهم معنى الكِبر، ولماذا هو أخطر داء من أدواء الملتزمين في هذا الزمان ؟؟

قال رسول الله الونشريس "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر" . فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنًا. قال "إن الله تعالى جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس" [رواه مسلم]
بطر الحق .. أي: دفع الحق والاعتراض عليه بعد معرفته .. كما جاء عن سلمة بن الأكوع: أن رجلاً أكل عند رسول الله الونشريس بشماله، فقال "كُلْ بيمينك"، قال: لا أستطيع. قال "لا استطعت". ما منعه إلا الكبر. قال: فما رفعها إلى فيه. [رواه مسلم]
وهذا ما يحدث عندما تعترض بعض الأخوات على أمر من الأوامر الشرعية .. فعندما تعلم أن الله تعالى لعن النامصة والمتنصمة، تعترض بأنها لا تستطيع أن تتوقف عن هذا الفعل! .. وأخرى لا تريد إرتداء الحجاب الشرعي؛ بحجة أنه قد يمنعها من العمل! .. وعندما تعلم أن الله قد أمر المؤمنات بالقرار في البيت، تقول أن هذا الأمر لا يُناسب طبيعتها! ..

وغيرها من الاعتراضات الكثير، وكلها من صور الكِبر الذي يُحرِّم على صاحبه الجنة ..

أرأيتِ مدى صعوبة الأمر وخطورته؟!

الونشريس

أما غمط النـــاس .. فلا يقتصر على احتقار الناس والتعالى عليهم فقط، بل هناك مظاهر أخرى عليكِ أن تعرضيها على نفسك، لتعلمي إن كنتِ مصابة بذرة من الكِبر دون أن تشعري أم لا ..
ومن تلك المظــــاهر:
1) حب لفت الأنظار .. فتحب أن ترتدي ملابس مميزة، وأن يكون لها طريقة مميزة في السير أو الحديث؛ حتى تلفت أنظار الناس إليها.
2) التشدُّق في الكلام .. فتختار لحديثها المصطلحات المُعقدة والكلمات المُقعَّرة؛ ليعلم الجميع أنها عالمة زمانها وأنه لا يوجد أحد في مثل علمها!
3) حب أن يكون لها معاملة خاصة بين الناس .. فتشعر أنه يجب على الأخوات أن يأتوا للسلام عليها ولا تأتيهم هي .. وتفرح جدًا إذا تم استقبالها بحفاوة، وتحزن إذا لم يحدث ذلك.
4) حب التقدُّم على الغير في المجلس أو المشي أو الحديث ..
5) المجادلة عند سماع النصيحة أو الموعظة .. فعندما تعلم الحق، تجادله وترفض الانقياد له.
6) أن ترى أنها أفضل من بعض النــاس .. فهي ترى أنها أجمل من هذه الأخت، وأغنى من تلك، وأذكى من أخرى، ولديها ميزة مختلفة عن كل أخت من الأخوات.
7) من الصعب جدًا أن تذل نفسها في الطاعة .. فإذا شاركت في إحدى الأعمال الخيرية، تخشى أن تتسخ ملابسها أو أن تجلس في مكان متواضع أو أن تذهب لمنطقة فقيرة.
8) التفاخر بالنفس وحب الكلام عنها ..
9) الانشغال بعيوب الآخرين، مع عدم الالتفات لعيوب نفسها ..

هذه كلها صور ومظاهر للكبر، سواء كان جليًّا أو خفيًّا ..

دعينا نضع أيدينا على مكمن الخطر ونحلل أسبــــــــاب تلك المشكلة ..

الونشريس

أسبــــاب الإصابة بآفة الكِبر ..

السبب الأول: إهمال النفس من التفتيش والمحاسبة ..
قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر: 18] .. فلا بد أن تبحثي عن عيبك وتحاسبي نفسك باستمرار؛ حتى لا تقعي في تلك الكبيرة الخفية .. وتسألين أهل الخبرة والدراية من حولك؛ لتتوصلي لعلاج تلك الصفات المُهلكة في نفسك.
السبب الثاني: غيـــــاب التربية الإيمانيــة ..
عن أبي هريرة عن رسول الله الونشريس قال: "المؤمن مرآة المؤمن والمؤمن أخو المؤمن يكف عليه ضيعته ويحوطه من ورائه" [رواه أبو داوود وحسنه الألباني] .. فلابد أن تتقبلي النصيحة من أخواتك، وعلى الأخت أن تنصح أختها بأسلوب غير مباشر حتى تتقبلها.

فعدم وجود المُتابع أو الصحبة الصالحة، سبب لوقوعنا في المشاكل والآفــات.

السبب الثالث: التشدد والمغالاة ..
عن ابن مسعود قال: قال رسول الله الونشريس "هلك المتنطعون"، قالها ثلاثا. [رواه مسلم]
كمن ليس لديها توازن بين الأمور، وتُغالي وتزيد عن الحد المطلوب في جانب كالعبادة وتُهمل جانبًا آخر هامًا كطلب العلم الفرض أو الدعوة .. فهي أمام الناس ونفسها عابدة، بينما هي مُقصرة في جوانب أخرى هامة .. مما يوقعها في التنطع والمغالاة وعلى أثرها تتكبَّر.

الونشريس
    الونشريس
    السبب الرابع: الاهتمام بالعلم دون العمل ..
    فتعلُّم العلم مع إهمال العمل به، يورث الكِبر .. لذلك كان من دعاء النبي الونشريس ".. اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع .." [رواه مسلم] .. ويقول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (*) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}[الصف: 2,3]
    قال رسول الله الونشريس "يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتابه في النار فيطحن فيها كطحن الحمار برحاه، فيجتمع أهل النار عليه فيقولون: أي فلان، ما شأنك ؟ أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر ؟. قال: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه"[متفق عليه]

    نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يرزقنا العلم النافع والعمل به.

    السبب الخامس: التكبُّر بالجوانب الإيجابية ..
    فتتوقفي عند طاعاتك، وتنسين معاصيك وسيئاتِك .. بينما المؤمن إذا أحسن، يكون خائفًا وجلاً ألا يُقبَل عمله .. عن عائشة قالت: سألت رسول الله الونشريس عن هذه الآية {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ..} [المؤمنون: 60]، قالت عائشة: هم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟، قال "لا يا بنت الصديق، ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون أن لا يقبل منهم { أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} [المؤمنون: 61]"[رواه الترمذي وصححه الألباني]
    ويرى المؤمن ذنوبه كإنها جبل على عاتقه، والفاجر يراها كإنها ذباب مر على أنفه.

    فلو لديكِ يقين بإنكِ لن تنجي بعملك، لن تُعجبي به وبالتالي لن تنظري لنفسك وتُعجبي بها،،

    السبب السادس: الركون إلى الدنيــــا ..
    فبعض الأخوات قد تعلم أنها مصابة بآفة كالعُجب مثلاً، لكن ركونها إلى الدنيــا وانغماسها فيها يجعلها تتكاسل في مداواة تلك الآفة ونفض غبار الكِبر عن نفسها .. فتؤجل التوبة إلى أن يتحوَّل هذا العُجب إلى كِبر حقيقي أو أبعد من ذلك ..

    وهؤلاء الذين قال الله جلَّ وعلا فيهم {إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آَيَاتِنَا غَافِلُونَ (*) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [يونس: 7,8]

    الونشريس

    السبب السابع: إساءة الظن بالقدوات ..
    فلابد أن تلتمسي العذر ولا تتبعي أخطاء معلمتك أو قدوتك؛ لإنها قد تقع في بعض الأخطاء في نظرك وأنتِ لا تعلمين الأسباب أو الأعذار التي أدت لذلك.
    وقد تقوم القدوة بإخفاء أعمالها .. فتحسبين أن أعمالك أفضل من أعمالها، بينما هي تقوم بأعمال خفية لا تظهر لكِ.
    السبب الثامن: تفريق المعلمة بين الطالبات في المعاملة ..
    مما يُسبب التشاحن والتباغض بين الأخوات، وتُصاب الأخت بالعُجب والغرور والكِبر من جراء معاملتها بطريقة خاصة ..
    وقد كان النبي الونشريس يخشى على قلوب أصحابه من أن تصيبها ذرات الكِبر؛ لذا لم يُكن يُفرق بينهم في المعاملة .. وكان يمنع العطاء عن بعضهم ويقول الونشريس ".. إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه؛ خشية أن يكبه الله في النار" [صحيح البخاري]
    السبب التاسع: المبالغة في التواضع الممقوت ..
    تلك التي تُبالغ في التواضع وتتمادى في إظهار الورع أمام الناس، فتجدينها ترتدي الملابس المُزرية مع إنها ميسورة الحـــــال؛ حتى يمدح الناس تواضعها.

    فعليكِ ألا تتكلفي المظاهر، بل كوني على طبيعتك،،

    الونشريس

    السبب العاشر: قياس الأمور بالمعايير الدنيوية ..
    فيوجد اختلال في المعايير التي تفاضلي بها بين الناس، فتحسبين إن من لديها مال أكثر أو مسكن أرقى إنها هي الأفضل .. ويقول تعالى {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (*) وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آَمِنُونَ} [سبأ: 36,37]
    والتفاضل بين الناس إنما يكون بالتقوى وليس بالمظاهر .. عن سهل بن سعد قال: مر رجل على رسول الله الونشريس، فقال لرجل عنده جالس "ما رأيك في هذا ؟"، فقال: رجل من أشراف الناس هذا، والله حري إن خطب أن ينكح وإن شفع أن يشفع . قال: فسكت رسول الله الونشريس، ثم مر على رجل فقال له رسول الله الونشريس "ما رأيك في هذا ؟"، فقال: يا رسول الله، هذا رجل من فقراء المسلمين هذا حري إن خطب أن لا ينكح . وإن شفع أن لا يشفع . وإن قال أن لا يسمع لقوله . فقال رسول الله الونشريس::

    "هذا خير من ملء الأرض مثل هذا" [متفق عليه]

    الونشريس

    السبب الحادي عشر: مقارنة النِعم التي وهبها الله لكِ بالآخرين ..
    فمن ترى أنها أكثر علمًا أو جمالاً من الأخرى، أو أن لديها قدرات أفضل أو غيرها من النعم .. ولا تعلم أن تلك النعم التي أسداها الله تعالى إليها حقها الشكر لا البطر .. فتقارن النعم التي لديها بالأخريـــات، مما يجعلها تنسى من أسداها إليها فتجحد وتتكبَّر بها.
    السبب الثاني عشر: ظن دوام النعمة ..
    وهذا مما يورث الكِبر الخفي، كما كان حال صاحب الجنة {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا} [الكهف: 35] .. فكان جزاءه أن سُلبِت منه النعمة جراء بطره .. لأن دوام النعمة من المُحال، لذا علينا أن نشكر نِعَم الله عزَّ وجلَّ علينا ولا نتكبَّر بها.
    السبب الثالث عشر: ظن السبق بفضيلة ..
    فقد تغتري بتفوقك في علمٍ ما أو طاعة مُعينة، ومن رحمة الله عزَّ وجلَّ بكِ أن يُرسل لكِ من هو أفضل منكِ حتى لا تنظري لعملك ..

    فليس الفضل لمن سبق، إنما الفضل لمن صدق،،

    الونشريس

    السبب الرابع عشر: الغفلة عن آثار الكِبر ..

    فالغفلة عن الآثـــار المُهلكة لتلك الآفة الخطيرة تجعلك تتمادين فيها ..

    فالله تعالى يبغض الكِبر وأهله .. يقول تعالى {.. إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ} [النحل: 23] ..
    ويبغضهم رسوله الونشريس .. عن جابر أن رسول الله الونشريس قال: "إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلسًا يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون"، قالوا: يا رسول الله، قد علمنا الثرثارون والمتشدقون. فما المتفيهقون؟. قال "المتكبرون"[رواه الترمذي وصححه الألباني]
    والكِبر سبب الضلال وعدم استقامتك على الطريق .. يقول الله عزَّ وجلَّ {سَأَصْرِفُ عَنْ آَيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آَيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ}[الأعراف: 146]
    وسبب لدخول النـــار والعيـاذ بالله .. قال رسول الله الونشريس "ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره . ألا أخبركم بأهل النار ؟ كل عتل جواظ مستكبر"[متفق عليه]
    والنجــاة منه سبب لدخول الجنــة .. عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله الونشريس "من مات وهو بريء من الكبر والغلول والدين دخل الجنة"[رواه الترمذي وصححه الألباني]

    بارك الله فيك ورزقك الجنة

    جزاكى الله خير

    جزاك الله خيرا

    جزاكِ الله خيرا

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.