لا بد واقع في المستقبل قرب أو بعد , وبذلك فلا سبيل الي الوقوف علي بعض مظاهره
أو صوره إلا بالرجوع الي القرآن الكريم … وقد اهتم القرآن الكريم بيوم
القيامة إهتماماً يتضح قدره من تخصيصه لسورة كاملة بإسمه هي سورة القيامة وإطلاق بعض أسمائه
وصفاته علي صور أخري كسورة الواقعة وسورة التغابن وسورة الزلزلة وسورة القارعـــة
بل والقسم به قسماً مؤكداً بالنص القرآني ( لا أقسم بيوم القيامـة)
وقد أورد القرآن الكريم كثراً من أسماء وصفات يوم القيامة لو تدبرها الإنسان لوضحت له نوعاً ما صورة
يوم القيامة … فقد تكرر لفظ القيامة في القرآن الكريم سبعين مرة في مثل النــــــص
الكريم ( فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون )
ولاشك أن لفظ يوم القيامة ظاهر الدلالة وواضح المعني بما لا يحتاج الي أي تفسير أو بيان فهو يــوم
القيام … قيام الساعة التي يفصل فيها كل أمر بالنص الشريف ( ويوم تقوم الساعــــة
يخسر المبطلون ) وقيام الناس جميعاً لله سبحانه وتعالي , وقيام
الملائكة بما فيهم الروح الأمين .. جبريل عليه السلام وذلك بالنص القرآني ( يوم يقوم الرّوح والملائكة
صفاًّ لا يتكلمون إلاّ من أذن له الرحمن وقال صواباً ) ولا شك أنه بقيام ذلك كله يكــــون
قيام الحساب , ولذلك فإن يوم القيامة يسمي بيوم الحساب وذلك
بالنص القرآني ( هذا ما تووعدون ليوم الحساب ) ويكون الحساب عن طريق إخراج كتاب لكل إنسان
فيه كل ما عمله من قول أو عمل … أو حتي من نية , ويتم لكل إنسان حسابه بعمله
وعمله فقط وهذا هو العدل المطلق إذ لا ظلم في يوم القيامة إطلاقاً
ولذلك حرص القرآن الكريم علي تأكيد هذه الحقيقة عن يوم القيامة بالنص الشريف ( لا ظلم اليوم )
فيوم القيامة هو اليوم الذي لاينفع الإنسان فيه ماله ولا بنوه , لا يجزي عن الإنسان
غيره مهما كانت درجته به , لا ولد يجزي عن والده ولا يجزي عن ولده
ولن يشفع للإنسان نسبه ولا من أنجب يقول الله عز وجل ( ولن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم
القيامة يفصل بينكم ) ولأن الوزن يوم القيامة هو الحق فان يوم القيامة يكون يــــــوم
الوزن الحق , ولما يتم فيه من حساب للناس وقضاء بينهم وجزاء لهم
ووفاء كل مدين لدينه وحصول كل دائن علي ماله يجعل يوم القيامة هو يوم الحكم فيقول عز وجــــل
( فالله يخكم بينكم يوم القيامة ) وكذلك يوم القضاء حسبما تشير الاية ( إنّ ربّك يقضي
بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ) ويوم الجزاء كما قال الله
( اليوم تُجزي كلّ نفس بما كسبت ) ويوم الوفاء بالنص الشريف ( يومئذ يوفّيهم الله دينهم الحــــقّ
ويعلمون أنّ الله هو الحق المبين ) وكذلك سمي يوم القيامة بيوم الفصل حيث يفصل
بين أهل الحق وأهل الباطل ويفصل بين العمل الطيب والعمل السئ
وذلك بنص الآية الشريفة ( إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين ) وسميت القيامة لذلك بالحاقة وهي
الواقعة حقا …وبالحق .. والتي تحق فيها الامور وذلك بالنص القرآني ( الحاقّة ما الحاقّة
وماأدراك ما الحاقّة ) وأطلق علي يوم القيامة لذلك يوم الحق وذلك
بنص الاية الشريفة ( ذلك اليوم الحقّ فمن شاء اتخذ الي ربّه مآباً ) وكذلك يطلق عليه لنفس سبب
الحساب والجزاء يوم الدين وذلك بالنص الشريف ( وماأدراك ما يوم الدين . ثم ماأدراك
ما يوم الدين ) ويوم القيامة هو يوم الجمع لا شك وذلك بنص الآية
الكريمة ( وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه ) وهو كذلك يوم الدعوة حيث تم هذا الجمع بالدعوة إذ يدعو الله
عباده بالنص الكريم ( يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده ) لقد بعث الله سبحانه وتعالي
الخلق جميعاً ليخبرهم بما عملوا في حياتهم الدينا .. علمه الله
وأحصاه رغم أن الأنسان قد نسي ما عمله .. فالله هو الشهيد علي كل شئ وذلك بالنص الشريـــف
( يوم يبعثهم جميعاً فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله علي كل شئً شهيد )
وهو يوم البعث بنص القرآن ( وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد
لبثتم في كتاب الله الي يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنّكم كنتم لا تعلمون ) والبعث والحشر إنما بخروج
الناس من حيث هي وبذلك فإن يوم القيامة هو يوم الخروج بنص الآية الكريمة ( يوم
يسمعون الصيّحة بالحق ذلك يوم الخروج ) هذه الصيحة بالحق
التي تعلن يوم القيامة .. إنما هي صيحة واحدة يحضر بعدها الخلق أجمعين وفي ذلك تقول آيات القرآن
( إن كانت إلاّ صيحة واحدة فإذا هم جميعُ لدينا مُحضرون ) وهي صيحة لا بد تناسب
هذا العدد الهائل من الخلق الذي يعجز العقل عن تصوره أو تخيل
أفراده ..وهي لا شك صيحة تصم الآذان وتفزع كل من يستمعها ولهذا فقد سماها القرآن الكريم الصاخة
كما جاء في النص القرآني ( فإذا جاءت الصّاخــة ) ولقد أطلق القرآن الكريم علــي
القيامة بسبب هذه الصيحة التي تقرع الأسماع جميعها اسم
القارعة وذلك بالنص القرآني ( القارعة . ما القارعة . وماأدراك ما القارعة ) وتقوم القيامة بأمر الله وتقديره
وفي لحظة تتم فيها بإرادته ولذلك فإن القرآن الكريم قد أطلق علي يومها أنه اليوم الذي
يقول الله سبحانه وتعالي له كن فيكون .. وبذلك تقوم القيامة
كما جاء في النص القرآني ( وهو الذي خلق السموات والأرض بالحقّ ويوم يقول كن فيكون قوله الحـــــقّ
وله الملك يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشّهادة وهو الحكيم الخبير ) وهو يوم معلوم
سبق تقديره في علم الله .. محدد تمام التحديد .. اليــــوم
والساعة كما شاء الله ولذلك تقول عنه آيات القرآن الكريم ( قل إنّ الأوّلين والآخرين لمجموعون الي ميقات
يوم معلوم) ومن صفات يوم القيامة التي أطلقها القرآني الكريم .. العظمة .. فهو يوم عظيم
وإطلاق العظمة علي اليوم إنما تنصرف الي طوله .. وعرضـــه
وقدره وما يحتويه .. وما سيقع فيه حشد .. وحساب .. عذابه عظيم وثوابه عظيم .. فتقول عنه الآيــات
الكريمة ( إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم ) وهو أيضا يوم كبير بكل ما فيه من أحداث
ولقاءات وحساب وأجر وكذلك وصفه القرآن الكريم بالثقل طولا
وعرضاً ووزناً ومن صور طوله وعرضه وثقله وكبره أن القرآن الكريم قد قرر أن مقدار يوم القيامة خمسين ألف
سنة مما نعدها من الأيام فأي طول وأي عرض وذلك في النص الكريم ( تعرج الملائكـــة
والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ) ومن أسباب
ثقله وكبره وعظمته أن فيه يجزي الكافرون أشد العذاب بما كفروا وبما فعلوا في دنياهم بالنص الكريـــــــــم
( اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتك تقولون علي الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون)
إنه عذاب مهول يعجز العقل البشري في الحياة الدنيا أن يتخيل
قدره وحتي يقف الإنسان علي بعض قدر هذا العذاب فإن القرآن الكريم يقرر أن من كتب عليه العذاب يوم
القيامة يحاول من فرط شدته وقسوته ان يفتدي نفسه بتقديم أولاده وزوجته وأخيه .. بل
وكل أهله وقومه .. يعذبون بدلا منه .. لا بد أنه عذاب لا قبل لأي
طاقة به .. ولا قدرة لأي إنسان أن يتحمله حتي يتصرف التصرف الرهيب وذلك في النص القرآني الشريف
( يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه . وصاحبته وأخيه . وفصيلته التي تُؤويه )
ولذلك فإن من صفات يوم القيامة التي أوردها القرآن الكريــــم
الألم فهو يوم أليم حقاً وذلك بالنص القرآني ( إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم ) وهو كذلك يوم عسير
علي الكافرين , يوم لا خير لهم فيه ولا رحمة بهم ولا شفقة عليهم , فهو بالنسبــة
لهم يوم عقيم وفي ذلك تقول آيات القرآن الكريم ( فذلك يومئذ
يوم عسير . علي الكافرين غير يسير ) . فيه يوم يتحسرون علي ما فرطوا في حق الله وحق أنفسهــم
وحق غيرهم ولذلك أطلق القرآن الكريم علي يوم القيامة يوم الحسرة بالنص القرآني
( وأنذرهم يوم الحسرة إذ ق
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم