شجرة قديمة قدم الحياة، تعيش في بيئات مختلفة ويطلق عليها اسم «شجرة الحياة»، هي شجرة «الجينكو» أو الجينكة، وهي الكائن الوحيد الذي تحدى الموت، ووقف صامداً أمام ضرب الولايات المتحدة لليابان بالقنبلة الذرية إبان الحرب العالمية الثانية.
حين ضربت الولايات المتحدة الأميركية مدينتي هيروشيما وناغازاكي في اليابان بالقنبلة الذرية ماتت كل الكائنات الحية، الإنسان، الحيوان والنبات، وقضت هذه القنبلة على الأخضر واليابس، إلا هذه الشجرة، التي منحها الله قدرة الدفاع عن نفسها، وتكييف نفسها كي تعيش في أي بيئة مهما كانت الظروف.
ويرجع تاريخ وجود هذه الشجرة على الأرض إلى 150 مليون سنة، وهي شجرة ضخمة وقوية، وتستطيع العيش في أي بيئة، كما أنها تتحمل درجات حموضة التربة المختلفة بل تتحمل الجفاف أيضاً.
كما أن الشجرة مقاومة لتلوث البيئة، لذلك يمكن زراعتها في المدن التي تعاني من ارتفاع نسب التلوث، وحول المنشآت الصناعية الملوثة للبيئة لتنقية الجو، لما لها من قدرة على امتصاص كثير من الملوثات.
وتعتبر الصين الموطن الأصلي لهذه الشجرة، ومنها انتشرت في دول جنوب شرق آسيا كلها، وهي تعتبر شجرة ذات أهمية إستراتيجية لكثير من الدول، لذلك ترفض بعض الدول منح بذورها لدول أخرى، حتى لا تنتشر زراعتها في كل مكان.
ويشير العلماء إلى أن شجرة الجينكو هي شجرة منفصلة الجنس أي أنه يوجد أشجار مذكرة وأخرى مؤنثة، وفي مصر توجد منها 4 أشجار، منها شجرة مؤنثة في حديقة الأورمان، وأخرى مذكرة في حديقة الزهرية، وشجرتان في الحديقة الدولية مازالتا في طور الطفولة، إذ إنه من المعروف أن جنس نبات الجينكو لا يتم تحديده إلا بعد مرور 12 عاماً، وتتميز شجرة الجينكو بقدرتها على مقاومة الأمراض والحشرات، وقدرتها أيضاً على مقاومة الصقيع والجليد.
إضافة إلى دورها المهم في تجميل وتنسيق الحدائق، وتزيين الطرقات نظراً لشكلها الخلاب، وأزهارها جميلة الشكل خصوصاً أزهار الأشجار الذكرية، فإن لشجرة الجينكو استخدامات طبية مهمة، إذ تم عمل عشرات رسائل الماجستير والدكتوراه على هذه الأشجار، واستخداماتها الطبية، وثبت أن هذا النبات كان من أهم النباتات المستخدمة في الطب الصيني منذ أكثر من 3 آلاف عام، إذ كان العلماء في البداية يستفيدون من ثمارها، أما اليوم فقد تمكنوا من الاستفادة أيضاً من الخلاصات المعيارية الموجودة في الأوراق، إذ تحتوي هذه الخلاصات على مادتي «الجينكوليد»، و«البيلوباليد»، كما تحتوي على «الفل فونويدز والتيربينويدز»، وتتميز هذه المواد بخواصها المضادة للتأكسد، لذلك فهي تقي من الإصابة بالسرطان. أما مادتا البيلوباليد والجينكوليد فلهما مفعول مرمم للخلايا والأنسجة العصبية.
كذلك تستخدم هذه الخلاصات في علاج انسداد الشرايين والوقاية منه، وعلاج عدم انتظام ضربات القلب، واضطرابات الدورة الدموية، ومشكلات شبكية العين، وطنين الأذن، كما تستخدم لعلاج الدوار وتحسين الذاكرة وزيادة التركيز.
كما أن الخلاصات المستخرجة من بذور شجرة الجينكو تستخدم لعلاج الربو والسعال المزمنين، والتبول اللاإرادي.
كما أثبتت الدراسات أن نبات الجينكو له دور مهم في تنشيط الذاكرة، وعلاج مرض الزهايمر، إذ إن هذا النبات يساعد على تنشيط الدورة الدموية الدماغية، مما يؤدي إلى زيادة كمية الأكسجين التي تصل للدماغ، مما يؤدي إلى تحسين وظائف الإدراك.
يذكر أن المستحضرات الطبية المستخرجة من الجينكو موجودة في الصيدليات، ويتم تداولها بشكل كبير في كل دول العالم خصوصاً ألمانيا وفرنسا، إذ تعد مستحضرات الجينكو هي المستحضرات العشبية الأكثر مبيعاً، وذلك لما لها من آثار إيجابية في تحسين الصحة، وتقوية الذاكرة، بل إن بعض العلماء أكدوا أن لها دورا فعالا أيضاً في علاج الضعف الجنسي الناتج عن ضيق الشرايين التي تنقل الدم للأعضاء التناسلية، أو الضعف الناتج عن الإصابة بمرض السكري، أو تقدم العمر، كما تبين أنها تؤثر في إفراز الأنسلوين في الجسم، وبالتالي تخفض من مستوى السكر في الدم.
وفي كل الحالات يؤكد العلماء أنه يجب استخدام المستحضرات الطبية المستخرجة من الجينكو تحت إشراف طبي.
إذ إن الإفراط في تناولها يؤدي إلى آثار جانبية أهمها الإسهال والقلق والطفح الجلدي، وزيادة سيولة الدم، كما أنه لا يجوز استخدامها في حال الحمل أو للأطفال أقل من 12 عاماً.
ومن المعروف أن شجرة الجينكو من الأشجار المعمرة التي تتميز بخضرتها الدائمة، وطول العمر إذ يصل عمرها إلى 1000عام.