عُرفت الحرب الأهلية باسمي الحرب بين الولايات وحرب الانفصال أيضا ، وبدأت الحرب في 12 أبريل 1861م عندما هاجمت فرقة جنوبية موقع فورت سمتر العسكري في تشارلستون واستمرت الحرب أربع سنوات كاملة ثم انتهت باستسلام الجيش الجنوبي بقيادة روبرت لي للقوات الشمالية .
أسباب الحرب وخلفياتها :
يتفق معظم المؤرخين على وجود أسباب كثيرة للحرب الأهلية الأمريكية ويركزون على الفارق الإقليمي بين الشمال والجنوب من حيث الاختلاف في الوضع الاقتصادي وفي المفاهيم الفكرية وأساليب المعيشة ويشيرون إلى المنازعات بين الحكومة الاتحادية والولايات حول سلطات تلك الولايات ويذكرون تخبط السياسيين وفقدان النظام في الحياة الحزبية خلال خمسينيات القرن التاسع عشر ومع ذلك فإن جميع التفسيرات تشير إلى مسألة الرق أو تدور حولها .
الإنقسام :
كانت حياة أهل الجنوب تعتمد أساسًا على الزراعة (ال*** والقطن بالتحديد) في أراضيهم الخصبة والمناخ الدافئ المناسب له لذلك استرقوا الأفارقة للقيام بهذه المهمة بينما انشغل أهل الشمال بالأعمال التجارية إذ كان الجو البارد والأرض الصخرية في الشمال تحول دون إمكانية التوسع في الزراعة وقد دأب الشماليون على العمل الجدي والتركيز على التعليم والاقتصاد الحر مدركين أن من حق المجتمع ومسؤوليته أن يقرر إن كان أي نشاط أو فعالية فيه تنسجم مع السلوك الأخلاقي أم لا وكانوا يتطلعون إلى التحديث والتغيير والمستقبل الأفضل بينما كان الجنوبيون متمسكين بوضعهم دون تغيير مستسلمين إلى الإحساس بالرخاء الاقتصادي الناتج عن الأعمال الزراعية دون رغبة في التفكير في تغيير نمط حياتهم .
النزاع حول نظام الرق :
بدأ الشماليون في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي بالإحساس بأن نظام الرق نظام خاطئ ونهض معارضوه بالدعوة لإبطاله في الشمال بينما وجد معظم أهل الجنوب في الاسترقاق عملا مربحا وخيرا وكانوا يعتقدون أن اقتصاد الجنوب سينهار بدونه وأن السود *** أدنى مرتبة من البيض .
قام الكونجرس الأمريكي بإصدار بعض التشريعات التوفيقية في سنة 1850م على أمل أن تساعد في حل مشكلة الرق من ضمنها قانون يسمح ببقاء نظام الرق على أن تمنع تجارته في واشنطن دي.سي وقانون آخر صارم يطالب الشماليين بإعادة العبيد الهاربين إلى أصحابهم وقد قاوم الشماليون هذا القانون بتنظيم أسلوب لتأمين هروب العبيد الفارين من أسيادهم وفي 1854م أجاز الكونجرس قانون كنساس ـ نبراسكا الذي بمقتضاه نشأت ولايتا كنساس ونبراسكا وأجيز الاسترقاق فيهما كما أصبح لأي ولاية جديدة الحق في إباحة الرق أو تحريمه فيها بالتصويت العام .
في سنة 1857م عرضت قضية أحد العبيد واسمه دريد سكوت على المحكمة العليا في الولايات المتحدة وكان قد ادعى الحرية لأنه كان من قبل يعيش في ولاية حرة ومنطقة حرة لكن قرار المحكمة رفض ادعاء سكوت وقضى بأنه لا يحق لأي أسود أن يصبح مواطنًا في الولايات المتحدة وأنه ليس باستطاعة الكونجرس إبطال الرق في المناطق وذلك ما أغضب الشمال وبرهن على أن الخلاف حول الرق لا يمكن حله قضائيًا .
الإنفصال :
عندما انتُخب إبراهام لنكولن لرئاسة الجمهورية خشي الجنوبيون أن يصدر الرئيس قرارا يلغي الرق فقرروا الانسحاب من الاتحاد فانسحبت ولاية كارولينا الجنوبية أول الأمر في ديسمبر 1860م ثم تبعتها ولايات مسيسيبي وفلوريدا وألباما وجورجيا ولويزيانا في يناير 1861م وشكلت الولايات الست فيما بينها ما يسمى بولايات أمريكا المتحالفة وانتخبت جيفرس ديفز رئيسًا لها .
أكد لنكولن في الخطاب الذي ألقاه بمناسبة تسلمه الرئاسة في مارس 1861م أن الاتحاد الفيدرالي سيبقى إلى الأبد وأنه سيستخدم كل إمكانات الوطن للحفاظ على جميع الممتلكات الفيدرالية في الجنوب وكان من ضمنها موقع حامية فورت سمتر العسكرية في كارولينا الجنوبية فهجم عليها الجنوبيون في 12 أبريل 1861م وأجبروها على الاستسلام فأمر لنكولن القوات الاتحادية باسترداد موقع الحامية في 15 أبريل الأمر الذي اعتبره الجنوبيون بمثابة إعلان حرب وبعد ذلك في مايو انضمت خمس ولايات أخرى للولايات الجنوبية هي فرجينيا وأركنساس وكارولينا الشمالية وتنيسي وصارت ريتشموند عاصمة فرجينيا هي العاصمة الكونفدرالية .
فورت سمتر في ميناء تشارلستون وكانت موقعًا لأول معركة في الحرب الأهلية
حيث هاجمت القوات الفيدرالية تحت قيادة الجنرال بيير ج.ت. بيوريجارد معسكرًا لجيش الولايات المتحدة في 12 أبريل 1861م واستسلم المدافعون عن الاتحاد للمتمردين في 14 أبريل .
الحرب في الشرق (1861 – 1863م)المعارك الأولى :
تنبأ كثير من الشماليين بأن الحرب ستنتهي خلال ثلاثة أشهر غير أن بعض الانتصارات المبكرة التي حققها أهل الجنوب أثبتت أن هناك معارك طويلة تنتظر الشماليين .
حرب السفن المدرعة :
قام الجنوبيون بتعويم إحدى السفن الاتحادية الغارقة وأصلحوها بتقوية جسمها بصفائح حديدية وسموها فرجينيا وهاجموا بها السفن الشمالية في هامبتن رودز وقد جرت المعركة بينها وبين السفينة الاتحادية المدرعة مونيتور فكانت أول معركة بحرية في التاريخ تجري بين السفن المدرعة ورغم عدم إحراز أي من الطرفين نصرًا فإن مونيتور قد أثبتت تفوقها في تلك المعركة .
معركة أنتيتام :
ومن المعارك التي خاضها الطرفان معركة أنتيتام وفيها تكبد الجيشان خسائر جسيمة انسحب على أثرها قائد الجنوبيين روبرت لي بجيشه إلى فرجينيا وكانت هذه أكثر المعارك دموية خلال الحرب الأهلية إذ بلغ مجموع القتلى من الجنوب 2700 ومن الشمال 2024 ومجموع الجرحى من الطرفين 19000 مات منهم 3000 جندي آخر بعد ذلك .
معركة فريدريكسبورج:
وفي معركة فريدريكسبورج في فرجينيا وصلت خسائر الشماليين إلى 13 ألف بين قتيل وجريح ومفقود وفي معركة تشانسلرزفيل انشطر جيش الشمال إلى نصفين اضطر معه الجنرال هوكر إلى الانسحاب من تلك المنطقة .
إعلان تحرير العبيد :
أصدر لنكولن قرارا مبدئيا بتحرير المستعبدين في 22 سبتمبر 1862م بعد النصر الذي أحرزه الشماليون في أنتيتام وذلك لأنه كان ينتظر انتصارا شماليا يُعلن بعد قراره وقد جاء في الإعلان الصادر بهذا الشأن أن جميع العبيد في الولايات المعادية للاتحاد أحرار إلى الأبد ابتداء من أول يناير 1863م ولم يدخل في ذلك القرار الولايات الموالية للاتحاد غير أنه في 1 يناير 1863م أصدر قراره النهائي الذي أعلن بموجبه تحرير العبيد لكن ذلك الإعلان كان قرار حرب وهو وإن كان ملزما لكنه قابل للسحب فيما بعد لذا فإن لنكولن وُفِّق في 1865م من إجازة الكونجرس للتعديل الثالث عشر للدستور الذي أبطل بموجبه الرق نهائيا في أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية كافة .
معركة جتسبيرج :
هذه الصورة تم تصغيرها . إضغط على هذا الشريط لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي . أبعاد الصورة الأصلية 930×738 .
تقدم الجيش الجنوبي إلى بنسلفانيا في يوليو 1863م وتبعه الجيش الاتحادي وزحف الجيشان نحو جتسبيرج ووقعت بينهما أكبر معارك الحرب الأهلية وكان الجيش الشمالي وقوامه 85 ألف رجل يحارب الجيش الجنوبي ومجموع مقاتليه 65 ألفا وكانت القوات الشمالية متحصنة فوق التلال جنوب جتسبيرج ولم يستطع الجيش الجنوبي خلال الهجمات التي شنها في أرض مفتوحة من زحزحة الشماليين وبلغت إصاباته نحو 20500 وهكذا اضطر قائدهم إلى سحب جيشه إلى فرجينيا وقد شكلت هذه المعركة نقطة تحول مهمة في الحرب الأهلية لصالح الشماليين إذ لم يعد باستطاعة جيش الجنوب إثر هذه الخسارة أن يقوم بشن أي هجوم رئيسي آخر .