((عبدالرحمن بن عواف))
شخصية كريمة نبيلة , هذبتها التقوى ,, ورفعها الإيمان
هو أحد الثمانية السابقين إلى الإسلام
وهو واحد من العشرة المبشرين بالجنة
شهد بدرا ً . وكان من القلائل الذين يفتون في المدينة ورسول الله صلى
الله عليه وسلم حي قائم بين ظهراني المسلمي
ولد عبد الرحمن القرشي الزهري بعد عام الفيل بعشر سنين ..
أسماه الحبيب المصطفى عبد الرحمن , وكان في الجاهلية عبد عمرو ,
وقيل عبد الكعبة .
كان رجلا ً طوالا . حسن الوجه . رقيق البشرة . ابيض مشربا ً حمرة .
أسلم قبل أن يدخل رسول الله دار الأرقم . وذلك بعد إسلام الصديق بيومين
اثنين .
أسلم فحمل قلبا ً جديدا ً يحمل كل الحب والخير والوفاء والتضحية .
يوم بدر جاهد حق الجهاد , وأردى عدو الله عمير بن عثمان بن كعب التيمي
وفي يوم أحد ثبت حين زلزلت الأقدام .
وصمد حين فر المنهزمزن .
وخرج من المعركة وفيه بضعة وعشرون جرحا ً .
بعضها عميق تدخل فيه
يد الرجل .
دعاء بالبركة
ثم دعا له بالبركة
قال عبد الرحمن : فأقبلت الدنيا علي .حتى رأيتني لو رفعت حجرا ً لتوقعت
عبد الرزاق حدثنا معمر عن ثابت البناني عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي عبد الرحمن بن عوف وبه وضر من خلوق فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم مهيم يا عبد الرحمن قال تزوجت امرأة من الأنصار قال كم أصدقتها قال وزن نواة من ذهب فقال النبي صلى الله عليه وسلم أولم ولو بشاة مسند أحمد
أن أجد تحته ذهبا ً او فضة .
دعوة من الرسول الكريم , فخير عميم من السماء . وإذا به المؤمن الذي
يجود بالغالي والنفيس .
روى البزار من طريق
فبادر عبد الرحمن إلى منزله . وعاد مسرعا ً . وقال : يا رسول الله ! عندي
عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم : تصدقوا فإني أريد أن أبعث بعثا ً .
أربعة آلاف : ألفان منها أقرضتهما ربي , وألفان تركتهما لعيالي .
فقال صلى الله عليه وسلم : بارك الله لك فيما أعطيت . وبارك الله لك فيما
أمسكت في غزوة تبوك , غزوة العسرة تصدق بمائتي أوقية من الذهب
فقال عمر بن الخطاب للنبي : إني لا أرى عبد الرحمن إلا مرتكبا ً إثما ً . فما
ترك لأهله شيئا ً .
فقال الرسول : هل تركت لأهلك شيئا ً يا عبد الرحمن ؟ فقال : نعم ! تركت
لهم أكثر مما أنفقت وأطيب .
قال : كم ؟
قال : ما وعد الله ورسوله من الرزق والخير والأجر .
في غزوة تبوك تأخر الرسول عليه الصلاة والسلام عن الصلاة فتقدم عبد
الرحمن فأم ّ المصلين . ثم جاء الرسول فاقتدى به وصلى خلفه . أخرجه
أحمد .
في سنة 23 من الهجرة حج عمر رضي الله عنه , فاستأذنه أمهات
المؤمنين في الحج . فأذن لهن فخرجن في الهوادج . عليهن الطيالسة .
وكان امامهن عبد الرحمن بن عوف . ووراءهم عثمان بن عفان . فكانا
لايدعان أحدا ًيدنو منهن .
كان عبد الرحمن من أولئك النفر القلائل الذين طلبوا الآخرة . ولم يطلبوا
الدنيا فأتتهم راغمة .
جاءته الدنيا بمالها وزخارفها . ولكنها لم تستطع أن تدخل قلبه . وجعل
ينفق منها ما شاء الله . فلا يزده الإنفاق إلا غنى وعزا .
وجاءته الرياسة تسعى إليه . فأعرض عنها . وهو الذي لو شاء لصار خليفة
للمسلمين
فقد جعله عمر من أصحاب الشورى الستة . فأخرج نفسه منها ليجمع
كلمة المسلمين .
فكان اختيار عثمان بن عفان .
ومع ذلك بقيت
الدنيا تلهث وراءه وهو يفر منها فرار الصحيح من المجذوم .
روي أن عثمان اشتكى رعافا ً . فدعا حمران . فقال له :
أكتب لعبد الرحمن بن عوف العهد من بعدي . فكتب له . وانطلق حمران
إلى عبد الرحمن . فقال : البشرى ! قال : وماذاك ؟ قال : إن عثمان قد كتب
لك العهد من بعده .
فقام بين القبر والمنبر . فدعا . فقال : اللهم إن كان من تولية عثمان إياي
هذا الامر فأمتني قبله .
فلم يمكث ستة أشهر حتى قبضه الله .
وبالرغم من هذه المنزلة العظيمة الرفيعة . والثراء الفاحش . إلا انه كان
شديد التواضع .
فقد روي عن سعد بن الحسن .قال :كان عبد الرحمن بن عوف لا يعرف من
بين عبيده .
وكان يصل من قطعه .
روي أنه .
فمرض طلحة . فجاءه عبد الرحمن يعوده .
فقال طلحة : أنت والله يا أخي خير مني .
قال : لا تفعل يا أخي .
قال : بلى والله ! لأنك لو مرضت َ ما عدتُك
لما حضرت عبد الرحمن الوفاة : اعتق خلقا ً كثيرا ً من مماليكه .
وأوصى لكل رجل بقي من أهل بدر بأربعمائة دينار ذهبا ً .
فأخذوها جميعا ً . وكان عددهم مائة .
وأوصى لكل واحدة من أمهات المؤمنين بمال جزيل .
وكانت عائشة تدعو له فتقول : سقاه الله من ماء السلسبيل .
عن طلحة بن عبد الله بن عوف . قال : كان أهل المدينة عيالا ً على عبد
الرحمن بن عوف : ثلثهم يقرضهم ماله … وثلث يقضي دينهم … ويصل
ثلثا ً .
ومع ذلك . فقد قال له الرسول صلى الله عليه وسلم : يابن عوف ! إنك من
الأغنياء . ولن تدخل الجنة إلا زحفا ً . فأقرض الله تعالى .يطلق
قدميك .قال : فما أقرض يا رسول الله ؟ فأرسل إليه : اتاني جبريل . فقال :
مره فليضف الضيف . وليعطِ في النائبة . وليطعم المسكين : أخرجه
الحاكم وصححه .
فماذا فعلت يا عبد الرحمن ؟
ها أنت تتصدق ذات مرة بأربعين ألف درهم من الفضة .. ثم تتبعها بأربعين
ألف دينار من الذهب .. ثم بمائتي أوقية من الذهب
وتحمل المجاهدين في سبيل الله على خمسمائة فرس .
ثم تحمل مجاهدين آخرين على ألف وخمسمائة راحلة ..
ورد حمله للمجاهدين في روايات مختلفة في الطبراني , وأبو نعيم في
الحلية .
ثم تتصدق بسبعمائة راحلة تقدم إلى المدينة تحمل الميرة والمتاع
فتُشهِد عائشة رضي الله عنها أنها بأحمالها وأقتابها واحلاسها في سبيل
الله
أحمد والطبراني .
توفي رضي الله عنه سنة : اثنتين وثلاثين . عاش خمسا ً وسبعين سنة .
ودفن بالبقيع .
طوبى لعبد الرحمن
فقد بشره بالجنة الصادق المصدوق .
وحمل جنازته إلى مثواه الأخير خال رسول الله سعد بن أبي وقاص .
وصلى عليه : ذو النورين عثمان بن عفان .
وشيعه علي بن أبي طالب وهو يقول : إذهب يابن عوف .. فقد أدركت َ
صفوها .. وسبقتَ رنقها – أي كدرها – إسناده صحيح , أخرجه الطبراني
رحمه الله . وجمعنا معه في جنات النعيم .