تخطى إلى المحتوى

النبي أسوتنا، والصحابة قدوتنا 2024

النبي – صلى الله عليه وسلم – أسوتنا، والصحابة قدوتنا،

والعلماء هم معلمونا ومرشدونا

النبي هو أُسوتنا الحسنة، وفي التأسي به الفلاحُ والنجاة من فِتن الدنيا وعذاب الآخرة؛ لقوله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21]، وقوله – صلى الله عليه وسلم -: ((كل أُمتي يدخلون الجنة إلا من أبى))، قالوا: يا رسول الله، ومَن يأبى؟! قال: ((مَن أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبَى))[1].

وصحابة النبي – رضي الله عنهم – وسلفنا الصالح هم قُدوتنا؛ لأنهم خير الأمة إيمانًا، وأقربنا إلى الله وسيلةً، وأعلمنا بسُنة النبي فقهًا وتطبيقًا، ولقول النبي – صلي الله عليه وسلم -: ((خيرُ الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يَلونهم، ثم يجيء قوم تَسبق شهادةُ أحدهم يمينَه، ويمينُه شهادتَه…))؛ البخاري في الشهادات.

والعلماء العاملون هم مُعلِّمونا ومُرشدونا؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾ [فاطر: 28].

• وقال النبي: ((إن الله لا يَقبض العلم انتزاعًا يَنتزعه من العباد، ولكن يَقبض العلم بقبْض العلماء، حتى إذا لم يُبْقِ عالِمًا، اتَّخذ الناس رؤوسًا جُهَّالاً، فسُئِلوا فأفْتَوا بغير علمٍ، فضلُّوا وأضلُّوا)؛ البخاري في العلم.

تنبيهات هامة:
1- النبي – صلى الله عليه وسلم – هو الأسوة الحسنة، وهو مَن يُقتدى به في العلم والعمل – عليه الصلاة والسلام – ولا أحدَ غيره، وهو قطعًا النموذج المثالي والحُجة على الخلْق للإنسان الكامل، والمسلم يحاول قدْر طاقته أن يَقترب من التأسي به في عبادته لربِّه ومعاملاته، وحُسن خُلقه مع الناس وغير ذلك؛ ليَستشعر عظَمة هذا الدين في نفسه؛ قال السعدي – رحمه الله -: "واستدلَّ الأصوليون في هذه الآية[2] على الاحتجاج بأفعال الرسول – صلى الله عليه وسلم – وأنَّ الأصل أن أُمته أُسوته في الأحكام، إلا ما دلَّ الدليل الشرعي على الاختصاص به.

فالأُسوة نوعان: أسوة حسنة، وأسوة سيئة.

فالأسوة الحسنة في الرسول – صلى الله عليه وسلم – فإن المتأسِّي به، سالك الطريق الموصِّل إلى كرامة الله، وهو الصراط المستقيم.

وأما الأسوة بغيره – إذا خالَفه – فهو الأسوة السيِّئة؛ كقول الكفار حين دعَتهم الرُّسل للتأسِّي بهم: ﴿ إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الزخرف: 22].

وهذه الأسوة الحسنة إنما يسلكها ويُوفَّق لها، مَن كان يرجو الله واليوم الآخر، فإن ما معه من الإيمان وخوف الله، ورجاء ثوابه وخوف عقابه – يحثُّه على التأسي بالرسول – صلى الله عليه وسلم"؛ ا.هـ[3].

2- السلف الصالح من الصحابة، هم قدوة لكل مسلمٍ، فهم خير هذه الأمة إيمانًا، وأقربهم إلى الله وسيلةً، وأعلمهم بسُنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقهًا وتطبيقًا، وأقلها تكلُّفًا، وأقومها هدْيًا – رضي الله عنهم أجمعين – قال تعالى: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 100].

وبناءً على ذلك يَحرم سبُّهم أو القدْح فيهم، والسكوت عما اختلفوا فيه، ولقد نَهى النبي عن سبِّهم؛ لمكانتهم ورضاه عنهم، فقال – صلى الله عليه وسلم -: ((لا تَسُبُّوا أصحابي؛ فلو أن أحدَكم أنفَق مثل أُحدٍ ذهبًا، ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نَصيفَه))[4].

قال ابن تيمية[5]: "وذلك أن الإيمان الذي كان في قلوبهم حين الإنفاق في أول الإسلام وقلة أهله، وكثرة الصوارف عنه، وضَعف الدواعي إليه – لا يُمكن أحدًا أن يحصل له مثله ممن بعدهم، وهذا يَعرف بعضه مَن ذاق الأمور، وعرَف المِحن والابتلاء الذي يحصل للناس، وما يحصل للقلوب من الأحوال المختلفة"؛ ا.هـ.

وقال ابن العثيمين[6]:
"للصحابة – رضي الله عنهم – فضلٌ عظيم على هذه الأمة؛ حيث قاموا بنُصرة الله ورسوله، والجهاد في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، وحِفظ دين الله بحِفظ كتابه، وسُنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – علمًا، وعملاً، وتعليمًا، حتى بلَّغوه الأُمة نقيًّا طريًّا.

وقد أثنى الله عليهم في كتابه أعظمَ ثناءٍ؛ حيث يقول في سورة الفتح: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا…. ﴾ [الفتح: 29].

وحمى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كرامتهم؛ حيث يقول – صلى الله عليه وسلم -:
((لا تسبُّوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده، لو أنفَق أحدكم مثل أُحدٍ ذهبًا، ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه)).

فحقوقهم على الأمة من أعظم الحقوق، فلهم على الأُمة:
1- محبَّتهم بالقلب، والثناء عليهم باللسان بما أسْدَوه من المعروف والإحسان.

2- الترحُّم عليهم والاستغفار لهم؛ تحقيقًا لقوله تعالى:
﴿ وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10].

3- الكفُّ عن مساوئهم التي إن صدَرت عن أحدٍ منهم، فهي قليلة بالنسبة لِما لهم من المحاسن والفضائل، وربما تكون صادرة عن اجتهادٍ مغفور، وعمل معذورٍ"؛ ا.هـ.

3- علماء الأمة المحمدية ينبغي توقيرهم واحترامهم؛ لأن العلماء الربانيين من أهل السُّنة والجماعة، هم ورثة الأنبياء، وأعلَمنا بأهل البدع والأهواء، وأكثرنا خشيةً من الله تعالى، وهم لذلك أهلٌ لأن نتعلَّم منهم، ونسمع ونُطيع؛ لِما في ذلك من خيرٍ لديننا ودُنيانا؛ قال ابن العثيمين:
"فإذا رأيت الرجل يترحَّم على الصحابة ويَستغفر لهم ويحبُّهم، فاعلم أنه منهم؛ أي: يُحشر معهم، وإذا رأيت الرجل يسبُّ الصحابة، ولا يترحم عليهم ولا يستغفر لهم، فإنهم بريئُون منه، وهو بريء منهم، وليس له حظٌّ في هذه الأمة؛ لأن الصحابة هم الواسطة بيننا وبين رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الذين بلَّغوا شريعة الله عن رسول الله، والرسول – صلى الله عليه وسلم – هو الواسطة التي بيننا وبين ربِّنا، الذي بلَّغنا كلام ربِّنا، فإذا طعَن أحد في الواسطة التي بيننا وبين رسول الله، فهو طعْنٌ في الشريعة كلها، وخاصة الطعن في أبي بكر وعمر؛ لأنهما أفضل أتباع الرُّسل على الإطلاق، ليس في أتباع موسى ولا إبراهيم ولا عيسى ولا محمد، أفضل من أبي بكر وعمر، فمَن طعَن فيهما، فإنه ليس في قلبه شيء من الإيمان والعياذ بالله، وكذلك مَن سبَّ الصحابة وقدَح فيهم، فإنه قدح في دين الله – عز وجل – ولهذا قال: ﴿ وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10][7]؛ ا.هـ.

_______________________________
[1] أخرجه البخاري، ح (673).
[2] وهي قوله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21].
[3]تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنَّان؛ عبدالرحمن بن ناصر السعدي، المتوفى (1376هـ).
[4] أخرجه البخاري، ح (3397).
[5] انظر: منهاج السنة النبوية؛ لابن تيمية المتوفى (728هـ)؛ الناشر: مؤسسة قرطبة.
[6] انظر: شرح لُمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد؛ للعلاَّمة محمد بن صالح بن محمد العثيمين المتوفى (1421هـ).
[7] انظر: شرح رياض الصالحين؛ فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، الجزء الأول.

منقووووووووووووووول

    جزاكي الله الجنة.

    الونشريس

    الونشريس

    جزاكى الله خيرا

    بارك الله فيكى

    جزاك الله خيرا

    تسلم ايدك

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.