تخطى إلى المحتوى

تفسير سورة إبراهيم 2024

تفسير سورة إبراهيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الآيات 1 ـ 3

) الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيد *اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيد* الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ)

الر : الحروف فى بداية السور كما أوضحنا من قبل
هذا الكتاب ( القرآن ) أنزلناه من عند الله إليك يا محمد لتخرج الناس من ظلمات الجهل والبغى إلى نور الهداية والإيمان والرشد وذلك بإذن الله ربهم ليهديهم إلى طريق الله العزيز الذى يغلب ولا يمانع القاهر المحمود فى أفعاله وأوامره

الله الذى له سلطان السماء والأرض وكل ما فيهما خاضع له
ويوم القيامة العذاب الشديد لمن كفر به
فهم يحبون الدنيا أكثر من الآخرة ويمنعون الناس عن عبادة الله الحق واتباع الرسل
ويريدون أن يميلوا عن الطريق المستقيم إلى الضلال
وهؤلاء هم فى ضلال عظيم .

الآية 4

( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )

من لطف الله بعباده أنه يرسل الرسل بلغة قومهم ليفهموا وتقام عليهم الحجة
ويضل الله من يريد ويهدى من يريد فهو الحكيم فى أقواله وأفعاله وعزيز قوى لا يغالبه أحد .

الآية 5

(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)

يقول الله تعالى : فكما أرسلناك يا محمد بالقرآن لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بهدى القرآن سبق أن أرسلنا موسى لقومه بنى إسرائيل بالتوراة هدى ونور وتذكرة ودعوة الحق

وذكرهم بأيام الله : ذكرهم بالأيام التى أنعم الله فيها عليهم بأن نجاهم من فرعون وأغرق فرعون وأعوانه وأن فلق بهم البحر لينجيهم ويغرق أعداءهم وبأن ظلل عليهم الغمام وأنزل لهم المن والسلوى وغير ذلك من نعم الله عليهم
وكل هذا لعل الناس تعتبر وتشكر الله حق شكره وتصبر على البلاء .

الآيات 6 ـ 8

( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ * يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ * وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ * وقَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ )
يذكر الله اليهود بقصتهم مع فرعون ومع نبيهم موسى ويكشف أسرارا كان لا يعرفها إلا أحبارهم
وهى " كان موسى ومن آمن معه يعانون العذاب من فرعون الذى قال له أحد الكهنة أن نهاية ملكه على يد غلام يزلد من بنى إسرائيل

فكان فرعون يقتل الأولاد ويترك البنات ( يستحى بمعنى يترك ) وهذا يسبب بلاء أزمات خلقية للنساء بعدم الزواج وأزمات فى شعب كله من النساء ولا توجد الأيدى العاملة من الرجال للأعمال التى لا تصلح إلا للرجال ويتدمر المجتمع

وفى ذالكم بلاء من ربكم عظيم : ولله عليكم عظيم الإمتنان والنعمة بأن أنقذكم من ذلك ، وأنتم عاجزون عن آداء شكرها وإختبار من الله بهل ستؤدون شكرها لله أم لا ( مثل .. ونبلوكم بالشر والخير فتنة )

وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابى لشديد : وقد علمكم الله أن لو شكرتم أن يزيدكم فضلا ولو كفرتم فإن الله عذابه مؤلم .

وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن فى الأرض جميعا فإن الله لغنى حميد : وقال موسى لقومه لو كفرتم أنتم وجميع من على الأرض فلن تضروا الله شيئا وهو غنى عنكم حميد محمود .

    الآية 9

    (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُواْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ )

    لقد أخبر الله عن أخبار الأقوام السابقة من أمثال قوم نوح وقوم عاد وقوم ثمود ، وأقوام بعدهم الله وحده الذى يعلم أخبارهم لتكون عبرة للناس

    جاءتهم رسلهم بالبينات فردّوا أيديهم فى أفواههم : لما جاءت رسلهم ليذكروهم بالله والإيمان وضعوا أصابعهم إلى أفواه الرسل يأمرونهم بالسكوت ويشيرون لهم بالتكذيب
    وقالوا لهم أنهم لا يصدقونهم ولا يريدون اتباع ما جاؤا به وأنهم يشكون فيما يقولون شكا قويا .

    الآيات 10 ـ 12

    ( قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى قَالُواْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ * قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَن نَّأْتِيَكُم بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ * وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ )
    وتدور بين الكفار وبين رسلهم حوار متشابه فيقولون الرسل : ليس فى وجود الله شك ، فإن فطرة الله التى فطر الناس عليها توجب الإيمان بوجوده فهو خالق السموات والأرض وجميع الموجودات
    فالله يدعوكم ليغفر لكم ذنوبكم يوم القيامة ويؤخر حسابكم إلى أجل يعلمه لتستغفروا وتتوبوا
    فيقول المكذبون : أنتم بشر مثلنا وتريدون أن تتفضلوا علينا وأنتم كاذبون ما أنزل الله لكم من شئ ولم نجد معكم معجزة تثبت صدقكم ، إنما أنتم تريدون أن تمنعونا من عبادة ما عبد آباؤنا .
    فتقول الرسل : نحن حقا بشر مثلكم ولكن الله منّ علينا بالنبوة والرسالة وليس لنا أن نأت لكم بمعجزات إلا بإذن الله ونحن نتوكل عليه فى كل أمورنا ويتوكل على الله المؤمنون به
    وكيف لا نتوكل عليه وقد هدانا إلى الحق
    فافعلوا ما شئتم وسنصبر على أذاكم لنا وعلى الله نتوكل ويتوكل من آمن به .

    الآيات 13 ـ 17

    ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ * وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ * وَاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ * مِّن وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِن مَّاء صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ )

    يتوعد الكفار المرسلين بالأذى والطرد من أرضهم وإلا ليتركوا دعوتهم الحق ويرجعوا إلى الضلال فى ملة أقوامهم الكافرين .
    فيوحى الله للمرسلين بأنه ناصرهم ومهلك المكذبين الظالمين ، وأن يملكهم أرضهم من بعد هلاكهم ، وهذا دائما لمن خاف الوقوف بين يدى الله وخاف وعيده وعذابه .
    وتدعوا الرسل ( استفتحوا ) فينصرهم الله على من عداهم ويهلك الكافرين المعاندين المتجبرين .
    وتنتظره جهنم من وراءه بالمرصاد ليلقى فيها ويسكنها خالدا يوم القيامة
    سقياه فى جهنم من القيح والدم ومما يسيل من لحمه وجلده ، فلا يستسيغ طعمه فيضرب بمطارق من الحديد ليشربه قهرا ( يتجرعه )
    ويشعر كـأنه يعانى الموت والألم فى جسده كله ويعانى أنواع العذاب من كل ناحية وما هو بميت ، ويتلقى العذاب من بعد العذاب الشديد .

    الآية 18

    ( مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ )

    يشبه الله تعالى عمل الكفار يوم القيامة وقد كانوا يظنون أنهم على حق وسيقبل الله منهم عمل خير فلا يقبله الله يوم القيامة شبهه الله برماد جاءت ريح شديدة فأطارت به ولا يقدرون على الإستفادة منه بشئ .

    الآيات 19 ـ 20

    (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ )

    يخبر سبحانه أنه إذا كان الله قد قدر على خلق السموات والأرض فهو قادر على أن يهلك الناس ويخلق غيرهم أفضل منه وهذا دليل على قدرته على إعادة المخلوقات بعد الموت يوم القيامة ، وليس ذلك بصعب على الله وقدرته .

    الآية 21

    ( وَبَرَزُواْ لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِن شَيْءٍ قَالُواْ لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ )

    وبرزوا : ويجتمع الناس جميعا صالحها وفاجرها فى أرض واسعة لا ستر فيها
    فيقول الضعفاء لمن اتبعوا من عظماء القوم : نحن كنا نتبعكم ونطيعكم فيما أمرتونا به ، فهل لكم أن تنقذونا من عذاب الله اليوم ؟
    يقول لهم المستكبرين : لو كان الله هدانا الطريق القويم لكنا هديناكم إليه ولكن نحن وأنتم على سواء ومهما جزعنا أو صبرنا فليس لنا من عذاب الله من منقذ ولا مخرج من النار .

    الآيات 22 ـ 23

    ( وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ )

    وبعد أن قضى الله بين العباد وانتهى الأمر وأدخل أهل الجنة الجنة ، وأدخل أهل النار النار ، يقف إبليس خطيبا فى أهل النار ويقول لهم ليزيدهم حسة على ما صاروا إليه فيقول :
    لقد وعدكم الله على ألسنة رسله بالوعد الحق والنجاة وأنا وعدتكم بالعزة فى المعصية ولكنكم اتبعتونى وتركتم طريق الهداية ولم أجبر منكم أحدا على طاعتى ولكنكم أطعتونى بإرادتكم فلا تلومونى وإنما لوموا أنفسكم
    ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخى : فلا أنا منقذكم ولا نافعكم اليوم ولا أنتم بمنقذوننى مما أنا فيه
    فقد من قبل وجحدت أن أكون شريكا لله .
    وأنتم ظلمتم بإعراضكم عن الحق واتبعتم الباطل والظالمين ليس لهم إلا العذاب المؤلم

    أما المؤمنين فلهم الجنة فيها من أنهار الخير وأنواع النعيم ويسلم عليهم الملائكة ليحيونهم .

    الآيات 24 ـ 26

    ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَار)

    يضرب الله الأمثال للناس ليفهموا ويعقلوا ويتذكروا وعبرة
    فيمثل الله الكلمة الطيبة بشجرة مثمرة ثابتة فى الأرض وتعلو فى السماء وتعطى ثمرها خيرا طيبا وهو حال المؤمن ترفع له أعماله الصالحة ليلا ونهارا .
    ويمثل الكلمة السيئة وكلمة الكفر بشجرة سيئة أصولها فوق الأرض غير ثابتة تقطع من فوق الأرض لا تأت بثمر مثل شجر الحنظل ، والكافر لا يرفع له إلا أفعاله الضالة .

    الآية 27

    ( يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاء )

    إذا سئل المسلم فى الدنيا وفى القبر ، فإنه يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله
    أما الكافرين فيضلهم الله عند السؤال فلا يستطيعون إجابة
    والله يفعل ما يريد .

    الآيات 28 ـ 30
    ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ * وَجَعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادًا لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ )
    هؤلاء الكفار الذين بدلوا كلمات الله الحق قد أضلوا قومهم وأهلكوهم
    ليس لهم استقرار إلا فى جهنم يصلون سعيرها
    فقد جعلوا لله أندادا يعبدونها من دونه فأضلوهم عن الحق
    قل لهم يا محمد أن مصيرهم هو جهنم .

    الآية 31

    (قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاةَ وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلالٌ )
    وقل يا محمد للمؤمنين يقيموا الصلاة بأنيؤدوا الصلاة فى أوقاتها وبحق اٌحسان فيها والخشية وتأدية مناسكها على وجهها

    وينفقوا من أموالهم التى رزقهم الله فى السر وفى العلانية
    من قبل أن يأت يوم القيامة أو يأتيهم الموت حيث لا تقبل نفقات ولا صداقات ولا شفاعات الأصدقاء ولو افتدى بملء الأرض ذهبا .

    الآيات 32 ـ 34

    ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ * وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ * وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ)

    وتلك نعم الله على خلقه :

    خلق السموات والأرض وسخر كل ما فيهما للإنسان
    أنزل ماء المطر من السماء ليخرج الزروع بأنواعها والثمرات والمرعى للأنعام
    سخر السفن تجرى فى البحر ليسهل التنقل بين أنحاء الأرض للإنتفاع والتجارة
    وجعل الأنهار العذبة مسخرة للشرب والزراعة والإستخدامات النافعة
    وجعل الشمس والقمر فى حركة دائمة متتابعة للدفء والإنارة والغذاء فضوء الشمس لازم لعملية البناء الضوئى ونمو النبات وبها فيتامين د وغيرها من المنافع
    وجعل الليل للراحة والنهار للسعى لطلب الرزق
    وأعطى الإنسان من كل خير سأله
    ولو حاول الإنسان أن يعد نعم الله لا يمكن له إحصاءها
    ولكن مع ذلك كله فهو يكفر بنعم الله أو بالله ذاته الشريفة ويظلم .

    الآيات 35 ، 36

    ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)
    وهذا أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام يدعو الله بعد أن بنى الكعبة وترك زوجته هاجر وابنه اسماعيل فى مكة فإنه يدعو أن يجعل الله مكة آمنة من عبادة الأصنام ويطهرها من الكفار عبدة الأصنام ويدعو لنفسه ولأبناءه وذريته بأن يطهرهم من الشرك والأوثان

    فقد أضل الكفار الكثيرين من الناس
    ويقول من اتبعنى فهو منى ومن لم يتبعنى فى التوحيد فى عبادة الله فأنا برئ من فعله وعفوك ومغفرتك أوسع لهم .

    الآية 37
    ( رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ)

    يقول إبراهيم عليه السلام :
    اللهم إنى اسكنت بعضا من ذريتى ( وهى زوجته هاجر وابنه إسماعيل ) فى وادى من مكة عند البيت الذى جعلته حراما ليتمكن الناس من إقامة الصلاة ، ليس عنده زرع ، فاجعل اللهم لهم فيه زروعا وثمارا واجعل نفوس الناس تستهوى وتحب أن تعيش فيه ليعمروه ويشكروا الله على ما رزقهم فيه .

    الآيات 38 ـ 41

    ( رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِن شَيْءٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء *الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء * رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء * رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ )

    يقول إبراهيم عليه السلام داعيا الله :
    اللهم إن علمك يسع جميع ما نفعل فى السر والعلانية
    ولا يخفى عليك شئ فى الأرض أو فى السماء
    الحمد لله الذى رزقنى إسماعيل ولدا وقد كبرت وأصبحت شيخا من هاجر ورزقتنى إسحاق من سارة التى بلغت الستون من عمرها وأنا فى التسعين من عمرى
    وقد سمعت لدعائى عندما دعوت بالذرية الصالحة
    اللهم يسر لى أن أقيم الصلاة فى أوقاتها وبخشوعها واجعل ذريتى تقيم الصلاة وتداوم عليها
    اللهم تقبل دعائى
    اللهم اغفر لى ولوالدى واغفر للمؤمنين يوم القيامة

    الآيات 42 ، 43

    ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء)

    ينذر الله الناس فيقول :
    ـ ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون : لا تظنون أن الله لا يعلم ما يفعله الظالمون
    ـ إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار : إنما يترك محاسبتهم ليوم القيامة حيث ترتفع الأبصار ولا تطرف العيون
    ـ مهطعين مقنعى رؤسهم : رافعين رؤسهم لا يرتد إليهم طرفهم : ولا تغمض أعينهم من شدة هول أحداث القيامة
    ـ وأفئدتهم هواء : وقلوبهم خاوية من الفهم من شدة الحيرة .

    الآيات 44 ـ 46

    (وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ * وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ * وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ)

    أنذر يا محمد الكافرين عندما تقوم الساعة ويأتيهم عذاب الله وعقابه إذ يندمون ويتمنون لو كان الله يؤخرهم إلى وقت قليل ليتبعوا الرسل ويؤمنون بالله ويطيعوه لينجوا من العذاب
    ولا جدوى من تمنياتهم فلا فرصة ولا رجوع .
    يقال لهم ألستم كنتم أقسمتم أنكم لن يزول سلطانكم ولا قاهر لكم ؟.. وهذا للتأنيب والتوبيخ .
    لقد سكنتم منازل الأقوام التى عوقبت قبلكم ولم تعتبروا بالرغم من أن الله ضرب لكم الأمثال وقص لكم قصصهم لتعتبروا
    ولكنكم لم تعتبروا وخطتم ودبرتم لمحاربة الله ورسله والمؤمنين ولكن الله أحكم وأسرع منكم مكرا فدمركم ونصر رسله ومن اتبعوهم ، بالرغم من أن تدبيركم كانت لتزول من كرهه الجبال .

    الآيات 47 ـ 48

    ( فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ * يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ )

    والله لا يخلف وعده لرسله بأن ينصرهم ومن اتبعوهم على أعداءهم فى الدنيا والآخرة ، والله قوى لا يغالب وذو انتقام من الظالمين .

    يوم القيامة حيث يبدل الله الأرض والسموات بغيرهن لجمع الناس وحسابهم وعقاب الظالمين . فالله هو الإله الواحد قاهر كل شئ ومسيطر على كل شئ .
    الآيات 49 ـ 51

    ( وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ *سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ * لِيَجْزِي اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)
    ويوم القيامة سترى يا محمد الكافرين المجرمين مقيدون فى جماعات متشابهة قرناء كلٌ على شاكلته
    سرابيلهم من قطران : يلبسون ثياب من القطران ( الزفت )
    والنار تلفح وجوههم
    وتحاسب كل نفس على ما فعلت
    فالله سريع المحاسبة يومئذ .

    الآية 52

    ( هَذَا بَلاغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ)

    وهذا بلاغ للإنس والجن ليتعظوا به
    إن إلاهكم واحد ويستدل عليه ذوو العقول من الحجج والبراهين .
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    تمت بحمد الله تعالى .

    الوسوم:

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.