محمد شعبان أبو قرن
الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, محمدٍ بن عبد الله, وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد..
لمن هذه الرسالة ؟
هذه الرسالة تنادي كل مسلم حي على وجه الأرض، يستظل بسماء المولى عز وجل, ويأكل من رزقه, ويشرب من مائه, وينعم بسمعٍ وبصرٍ وعقلٍ من خلق الله العلي القدير سبحانه جلّ شأنه..
هذه الرسالة تنادي الجميع..
من كان قريبًا، أو بعيدًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم..
فليسمع الجميع، ولينصت الكل لرسول الله صلى الله عليه وسلم..
أخي الحبيب.. قد تقرأ هذه الكلمات, ثم لا تلقي لها بالاً.. وكأنها خواطر عارضة مرت على عينيك دون تدبر أو وعي منك لها..
وقد تقرأ هذه الكلمات فتتفكر فيها, وفي معانيها؛ فتنتفع بما هو مفيد منها..
قد تكون هذا أو ذاك..
وإني أخالك وأحسبك من الصنف الثاني..
ذاك الصنف المحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم..
الحريص كل الحرص على طاعته -والتي هي من طاعة الله عز وجل- واجتناب كل ما نهى عنه وزجر..
المهم.. هذه الكلمات هي حجة عليك أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم تلقاه عند رب العالمين..
فتعالَ معنا..
افتح أذنيك, وعينيك, وكذلك عقلك وقلبك..
حتى تسمع رسالة رسولك صلى الله عليه وسلم، فـ{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: 37].
يا أمتي .. أطيعوني
يقول الله تعالى في محكم التنزيل: {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} [النساء: 80]. ويقول عز من قائل في سورة الحشر: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر: 7].
هل من عاقل يريد الجنة؟!!
هل من لبيب يرغب في سعادة الدنيا والآخرة؟!!
أمة محمد.. اعلموا أن السعادة كل السعادة في طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم, قال تعال: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69].
والشقاء كل الشقاء في معصية الله ورسوله صلى الله عليه وسلم, قال تعالى: {وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ} [النساء: 14].
كلُّ من يريد الجنة سينالها.. لن يحرم منها حتمًا..!! وهذا هو منهج أهل السنة والجماعة الذي ندين الله عز وجل به، ولكن هذا لن يتحقق إلا بشرط..!!
وهذا الشرط هو؛ طاعة الله جل وعلا, وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم في كل ما أمر به, واجتناب كل ما نهى عنه وزجر, كما ذكر ذلك علماء الأصول من أهل السنة والجماعة, وكما هو مقرَّر في دين الله تبارك وتعالى.
أما من يرفض طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم, ويرفض تطبيق منهجه, ولا يدافع عن سنته.. فمن المؤكد أنّ النار هي مأواه والعياذ بالله..!
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى». قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟! قال: «من أطاعني دخل الجنة, ومن عصاني فقد أبى». صدقت يا حبيبي يا رسول الله.. يا من لا تنطق عن الهوى.. صلوات ربي وسلامه عليك.
يا أمتي .. أين أخلاقي ؟
الأحبة في الله.. الأخلاق هي رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحسن الخلق هو سمته طيلة حياته, وهو جوهر رسالته صلى الله عليه وسلم، قال صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»..
وتحكي عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- حال نبي الله صلى الله عليه وسلم فتقول: "كان قرآنًا يمشي على الأرض".
لحظة من فضلك..
الرسول صلى الله عليه وسلم يأمرك.. بالصدقة.. بالأمانة.. بالوفاء بالعهد.. بحسن الجوار.. بغضّ البصر..
وكذلك يأمر بألاّ تكون كذابًا.. أو مرتشيًا.. أو فاسدًا مفسدًا.. أو ظالمًا.. أو مُطلِقًا لبصرك في الحرام..
والفائدة والنتيجة:
«إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم» (صحيح).
يا أمتي
أنتم الأمة الخاتمة.. أنتم أصحاب الرسالة الأخيرة.. أنتم خير أمة أخرجت للناس.. استمسكوا بأخلاقي -صلى الله عليه وسلم-؛ تنجوا وتعلوا في الدنيا والآخرة، وتُنْصَروا وإلاَّ.. إن تركتم أخلاقي وسنتي:
فالهلاك الهلاك.. الحيرة الحيرة.. الهزيمة الهزيمة.
يا أمتي .. أصلحوا وكونوا من المصلحين
يا أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.. سيمضي الزمان ويمر.. وتتعاقب الأجيال جيل صالح يصلح، وجيل يكثر فيه الفساد والمفسدون.. والجزاء من جنس العمل..
يا أمتي
لو عاصرتم المفسدين في الأرض.. لا تصمتوا..
لو عاصرتم من يسرق أموال الأمة.. لا تصمتوا..
لو عاصرتم من يُطعمكم أطعمة مسرطنة (أي تسبِّب السرطان والأمراض).. لا تصمتوا..
كلا.. لا تصمتوا وإلاّ تكونوا مثلهم..!!
فماذا تفعلوا؟!!!
ارفضوا كل أشكال الظلم والظالمين..
لا تخضعوا للظلم وترضوا به, بل قولوا الحق ولو كان مرًّا.. ولو كان عند سلطان جائر..
وساندوا أهل الحق.. ولا تخشوا في الله لومة لائم.. {فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ} [التوبة: 13].
فلقد انتصرت الأمة بأبي بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- يوم أن وقف في وجه المرتدين..
وبالإمام أحمد يوم محنة خلق القرآن..
فكانوا رجالاً الواحد منهم يزن أمة بأكملها.. كما كان حال أجدادنا الصحابة رضوان الله تعالى عليهم.. الجيل الرباني.. خريج مدرسة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الناس إذا رأوا الظلم (أو الظالم) فلم يأخذوا على يديه، أوشك الله أن يعمّهم بعقاب» (صحيح).
يا أمتي .. أبشري
يا أمتي لا تحزني.. يا أمتي لا تخضعي.. فالله عز وجل معكم وهو ناصركم إن نصرتموه.. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7].
يا أمة الإسلام..
كل هذا الهوان والضعف سيتغير ويتبدل.. إلى عز ونصرة وتمكين..
فقط.. اثبتوا على الحق.. ودافعوا عنه حتى النهاية.. واعلموا أنه دائمًا.. الغلبة لله ولرسوله وللمؤمنين.. قال تعالى: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [الصف: 8, 9].
وقال عز من قائل: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ} [المنافقون: 8].
جزاك الله خيرا