تبدأ كل العلاقات بين الرجل والمرأة بالتساهل والتسامح، فيظهر الطرفان متفهم كل منهما لأفكار الأخر ورغباته، ويحرص كلاهما على تجنب كل ما يزعج من يفترض به أن يصبح شريكاً في المستقبل، حتى تصبح العلاقة جادة ويصبح الالتزام مفروضاً فيتغير كل شيء في 90% من هذه العلاقات.
يصبح كل منهما كالأسد المدافع عن حدوده في الغابة، فيعترض على محاولة تغيير أي شيء في نظام حياته، ويحاول كل منهم فرض أسلوب معيشته على الأخر، ويتحول البيت في حال وصول الأمور إلى الزواج لساحة معركة خفية، وتزداد الندية والصراع لدرجة يصبح كل منهما يرفض لمجرد الرفض، ويفرض لمجرد الفرض.
صحيح أن الإنسان ممانع للتغيير بطبعه، وأن فطرته لا تتقبل النقد، لكن بنفس الوقت يملك الإنسان عقلاً ويحكم على التجارب، وعندما يظهر بوضوح أن الندية لا تأتي بنتائج إيجابية في العلاقات بل تتسبب بتراجع حاد فيها، يجب أن يفكر الطرفان بتغيير الأسلوب، وهو ما يعرف بأسلوب "التنازلات المتبادلة" أو "الاحتواء المتبادل".
هذه التنازلات يجب أن لا تشمل مبادىء يؤمن بها أي منهما لأن ذلك يغير جوهرهما كاملاً ويؤثر بشكل كبير في روحهما، لكن يمكن أن تكون بكل ما عدا ذلك، فتنازلات بسيطة جداً قد تترك أثراً هائلاً لدى الشريك، وهذه التنازلات البسيطة قد تكون أبسط مما يتخيل بعضنا إلى درجة وضع بعض الأشياء في مكان معين فقط أو عدم تحريكها.
ويجب توضيح نقطة مهمة، أن هذه التنازلات في حال كانت متبادلة ولو كانت بسيطة فإنها تقضي على الشعور الساكن فينا بأنها قد تعتبر ضعفاً، فعندما يتنازل الرجل وتقابله المرأة بالتنازل، يتحول ذلك من علامة "ضعف" ليكون علامة "حرص" على نجاح العلاقة .. وعندها تنتصر لغة المنطق والاستمرار على لغة الصراع التي تحالف "الانفصال".