أبـو بكر محمد بن زكريا الرازي (251-313هـ / 865-926م) طبيب وكيميائي وصيدلاني وفيلسوف مسلم،
اشتهر في القرن الثالث والرابع الهجريين / التاسـع المـيلادي، وقـد بلغ مرتبة رفيعة في الطب حتى لقب بـ "جالينوس العرب".
ولد أبو بكر الرازي بالري في خراسان شرقي مدينة طهران حاليا.
نحو سنة 864م، فى وعُرِفَ منذ نعومة أظفاره بحب العلم؛ فاتجه منذ وقت مبكر إلى تعلم الموسيقى والرياضيات والفلسفة، ولما بلغ الثلاثين من عمره اتجه إلى دراسة الطب والكيمياء، فبلغ فيهما شأوًا عظيما.
وعرف الرازي بذكائه الشديد وذاكرته العجيبة، فكان يحفظ كل ما يقرأ أو يسمع حتى اشتهر بذلك بين أقرانه وتلاميذه. ولم يكن الرازي منصرفًا إلى العلم كلية زاهدًا في الدنيا، كما لم تجعله شهرته متهافتًا عليها مقبلا على لذاتها، وإنما كان يتسم بقدر كبير من الاعتدال
بلغت مؤلفات الرازي 146 مصنفا: منها 116 كتابا، و30 رسالة، وظل طوال حياته بين القراءة والتصنيف، حتى قيل إنه إنما فقد بصره من كثرة القراءة، ومن إجراء التجارب الكيميائية في المعمل.
ويعد "الرازي" مؤسس الكيمياء الحديثة. فقد اهتم بهذاالعلم لأنه العلم الوحيد الذي يمكن الحصول على حقائق من خلال التجارب التي يجريها، وتقوده إلى استنتاج القوانين، ولكنه ما لبث أن ترك هذا المجال، بعد أن ضعف بصره، وتحول إلى دراسة الطب وممارسته وهو في نحو الأربعين من عمره.
يمن أعظم علماء المسلمين في الطب من ناحية الأصالة في البحث، والخصوبة في التأليف، فقد ألف كتبًا قيمة في الطب،
وقد أحدث بعضها أثرًا كبيرا في تقدمه، وفي طرق المداواة والعلاج وتشخيص الأمراض.
كما اشتهر الرازي في مجال الطب الإكلينيكي، وكان واسع الأفق في هذا المجال، فقد فرق بشكل واضح بين الجدري والحصبة، وكان أول من وصف هذين المرضين وصفا دقيقا مميزا بالعلاجات الصحيحة.
قام الرازي بتجربة الأدوية الجديدة على الحيوانات قبل وضعها للتداول الطبي لمعرفة فعاليتها وآثارها الجانبية.
اسـتخدم مـادة الأفيون كمخدر في العمليات الجراحية وأمراض الجهاز التنفسي.كم صنع خـيوط الجراحـة مـن أمعـاء القطـط، واستعمال فتيلة الجرح وتركيب مراهم الزئبق.ومعالجة السل بالتغذية بالحليب المحـلى بالسـكر .
اهتـم أيضـا اهتماما كبيرا باختبار مواقع بناء المستشفيات،وضرورة توفر الشروط الصحية والطبيعية في تلك المواقع
وكان منهجه في علاج مرضاه يعتمد على الملاحظات السريرية وربطها بالسن والوضع الاجتماعي والنفسي للمريض.
كما كـان يتعـرف عـلى طبيعـة الألـم بقيـاس النبض وسرعة التنفس
وأحوال البول والبراز.
وإلى جانب نبوغه في الطب فقد كان أيضا طبيبا متميزا في العلاج النفسي فكان يعالج مرضاه بالموسيقى، كما عني عناية فائقة بالمجانين. وقد وضع الإرشادات والنصائح الطبية للأطباء ولعامة الناس وله العديد من الأقوال المأثورة في ذلك.
له العديد من المؤلفات الطبية التي كان لها أكبر الأثر في الارتقاء بهذا العلم وتطويره، وكانت له إنجازات عديدة فيه، ومن أبرز ومن اشهر مؤلفاته :
منافع الأغذية…. سر الطب…… المدخل إلى الطب.
و الكافي في الطب:
ولما كان ن الـرازي محبا للفقراء يعطيهم العلاج مجانا ،ويعطيهم أيضا مالا بينما كان هو يعيش في بساطة وتواضع فأحبه العامة ،كمـا أن نبوغـه وتفوقـه العلمـي قربـه مـن الملوك والأمراء.
فقد الف للفقراء كتابا اسماه
(من لا يحضره الطبيب. )"
وهو أول كتاب يحتوى على كل الاسعافات الأولية الموجودة فى عالمنا الآن حتى التنفس الاصطناعى والتى يمكن بها انقاذ المريض الى ان يصل الطبيب المختص.
كان كل ذلك سببا في حقد زملائه عليه وضيقهم به وبشهرته وبكرمـه، فـزوَّروا التهـم ضـده حـتى أبعـده الخليفـة مـن بغداد إلى مدينته الري وحرمه من كل المناصب التي كان يشغلها بكفاءة
وأقـام الـرازي فـي فـترة العزلـة في منزل شقيقته خديجة بعد
أن فقد بصره، وذلك بسبب ما عرف عنه من أنه كان من العلماء الـذين يكـثرون القراءة ليلا، وخاصة عند النوم. ، فكان يضع سراجه في مشكاة على حائط يواجهه، وينام في فراشه على ظهره ممسكًا بالكتاب حتى إذا ما غلبه النعاس وهو يقرأ سقط الكتاب على وجهه فأيقظه ليواصل القراءة من جديد.
بدأ نظره يضعف فحاول معه المقربون ان يذهب الى الطبيب للعلاج وكانوا دائما يحثونه على ذلك بقولهم " اقدح" وهى عملية تجرى فى العين وعندما اقتنع وذهب الى طبيب العيون ,وبدأ الطبيب بالكشف عليه فسأله الرازى سؤال واحد: كم طبقة فى العين تراها؟ فارتبك الطبيب لأن من يسأله هو الرازى وسكت برهة.
فقال له: الرازى طالما لم تجب على هذا السؤال فأنت لاتستحق ان تكون طبيبا وتركه وذهب .
وتوفي "الرازي" عن عمر بلغ نحو ستين عامًا في (19 من نوفمبر 923م).