وقد خلق الله الكون في أدق وأحسن نظام، "صنع الله الذي أتقن كل شيء"، فكل شيء في هذا الكون موزون، كمية الأمطار ودرجة الحرارة وحجم مياه المحيطات، وتعاقب الفصول الأربعة، وتوالي الليل والنهار، ونظام النبات تنفسه وعملياته الضوئية، كل ما في الكون محكم دقيق صالح للبشرية، يسير وفق وتيرة معينة تتصف بالاتزان التام.
وكل ما في الكون يبقى على اتّزانه ما لم تتدخل ظروف خارجية تؤثر على هذا الاتزان، فعندما قطع الإنسان أشجار الغابات ليستفيد من خشبها هو بذلك استفاد من الناحية الصناعية لكنّه أخل في نظام البيئة، وذلك بنقصان عدد الأشجار يعني نقصان كمية الأكسجين من الهواء. وكثرة هذه التدخلات في كافة جوانب البيئة يؤدي إلى خلل كبير وصدع في نظام التوازن، لذلك يعرف تلوث البيئة على أنه خلل في النظام الأيكولوجي للبيئة.
يقاس تلوث البيئة ويقسم حسب خطورته لثلاثة أقسام وهي كالتالي:
التلوث المقبول: وهو حدوث بعض الخلل الذي لا يؤثر كثيرًا على النظام العام للبيئة، ويكون في البيئة البسيطة التي لا يكون فيها تدخل كبير للإنسان، ولا تخلو مدينة أو قرية من هذا الشكل من التلوث فهو موجود لكن لا يؤثر على توازن البيئة.
التلوث الخطر: عندما تتجمع مجموعة من التلوث المقبول هذا يعني وجود الكثير من التدخلات البشرية والتجاوزات التي تحدث في البيئة وتؤثر على توازنها، ويظهر هذا النوع بشكل جلي في الدول الصناعية، حيث تتدمر الغابات لإقامة المصانع مثلًا؛ فتقل كمية الأكسجين ويزيد ثاني أكسيد الكربون من دخان المصانع، فالخلل هنا مزدوج وخطر، وفي هذه الحالة يحاول النظام البيئي أن يعطي بقدر أكبر ليحافظ على التوازن، وقد يستطيع إن كان هناك اهتمام من الإنسان، وقيامه ببعض الاعمال التي تحافظ على البيئة.
التلوث المدمر: وهذه المرحلة ممكن أن تكون مرحلة متقدمة للتلوث الخطر، حيث مهما حاولت البيئة أن تعطي أكثر لتعيد التوازن لنظامها، فإنّها لا تستطيع، وتحتاج لعشرات السنين لإرجاع نظام الكون، هذا إن توقفت أعمال الإنسان.
أشكال التلوث:
تلوث الهواء (التلوث الهوائي): إنّ وجود جسيمات عضوية وغير عضوية في الهواء غير التركيبة الطبيعية له هي التي تشكل تلوث الهواء. ومسببات تلوث الهواء كثيرة، وهي الأكثر انتشارًا، ولعل أبرزها عوادم المصانع والسيارات والاشعاعات الذرية الطبيعية والصناعية، الاشعاعات والموجات الناتجة عن الأجهزة الالكترونية. وتلوث الهواء يعني الضرر بالمرتبة الأولى للنبات وصحة الإنسان، وإنّ ارتفاع درجة الحرارة وظاهرة الانحباس الحراري هي دليل على هذا التلوث، والأمطار الحمضية هي دليل على مكافحة البيئة بقدر ما تستطيع لدفع الملوثات عنها.
تلوث الماء (التلوث المائي): لا يخفى على أحد أهمية الماء للإنسان ولكل الكون، ولا يغفل أحد عن الحيز الكبير الذي يشغله الماء من الكرة الأرضية، حيث يشكل نسبة 71% من الأرض، و70% من جسم الانسان، وقد أثبتت دراسات أن الخلية الصغيرة تعتمد في بناءها على الماء، فإذا تلوث الماء هذا يعني أنه أخطر أنواع التلوث على كافة المستويات. وتتمثل أسباب تلوث الماء في تلوث مياه البحار والآبار من وصول النفايات والمواد الضارة إليها، وتلوث مياه الأمطار؛ فالمطر قبل نزوله للأرض يسير بالسحاب في الهواء وإذا كان الهواء ملوث فهذا يعني تلوث الماء الذي في الهواء قبل أن ينزل على شكل أمطار، وللمفاعلات النووية أضرار على صعيد الماء، وكذلك مياه المجاري التي تصل للآبار، وعوادم المصانع والمبيدات الحشرية. ويصل التلوث لجسم الانسان عن طريق تناوله للنبات واللحوم التي وصل إليها التلوث من الحشرات، وهو كسم بطيء للإنسان، هذا إذا لم تصل المياه الملوثة إلى المزارع والنبات فسيكون كل ما يؤكل سام.
تلوث التربة (التلوث الأرضي): وهو وصول الملوثات للتربة، وتأثرها بالأسمدة الكيميائية والعضوية والغير عضوية، وإن للزحف العمراني للمناطق الزراعية هدر للتربة الخصبة الصالحة، ما أدى إلى ظهور ظاهرة التصحر كدليل للتلوث.
إنّ مشكلة التلوث البيئي مشكلة عالمية، ويسعى كل العالم للبحث عن حلول فعالة للحد من هذا التلوث، بالمقابل ألّا تتوقف الأنشطة البشرية الصناعية وغيرها.
وقد ظهرت عدة منظمات عالمية كأصدقاء البيئة، ومنظمات نحو بيئة خضراء لإعادة الحياة للتربة والنبات، ومنظمات لدعم إعادة تدوير النفايات التي تُرمى في المياه وتدفن في التربة ولا تتحلل فتلوثها.
كثيرة هي الجهود التي تحاول أن تنقذ الكون قبل أن يزداد التلوث المدمر، فطبقة الأوزون في اتساع ودرجة الحرارة في ارتفاع، فهل ستستطيع البيئة أن تعطي المزيد لتنقذ نفسها ومن عليها؟!
عموما يسلموو
موضوع رائع