لم يكن غريباً أن يعتقد البعضُ أن لديَّ قنينة بداخلها الزئبق الأحمر وسبب ذلك هو ما ذكرناه من قبل من اكتشافي لـ«وادي المومياوات الذهبية» بالواحات البحرية.
وقد استغل المحتالون هذا الكشف لينشروا بين الناس خرافة الزئبق الأحمر ليقع بعضهم فريسة سهلة يبيعون لهم الوهم ويستنزفون أموال هؤلاء الضعفاء سواء من الطامعين في الثراء الفاحش أو الباحثين عن الشفاء.
وهنا يتبادر إلى ذهني موضوع على درجة بالغة من الأهمية، فلقد دفعت قصص الوهم المواطنين الذين يعيشون بمنطقة الوادي الجديد بصحراء مصر الغربية إلى البحث عن مومياوات العصر المتأخر والموجودة في كل مكان وبالآلاف، فكانوا يخرجون ليلاً ويحملون هذه المومياوات خفية على عرباتهم ويقومون بتمزيق لفائفها ويفصلون رؤوسها بحثاً عن الزئبق الأحمر في حناجرها، ولم يكن أيُّ إنسان أو باحث يعرف سبب ما يحدث للمومياوات حتى عرفنا بعد ذلك بانتشار خرافة الزئبق الأحمر، وأنها السبب فيما يحدث من تدمير لأجساد هؤلاء الذين ماتوا منذ أكثر من ألفي عام. والغريب أن هناك قلة من الأثريين الذين كشفوا عن مومياوات العصر المتأخر، والتي كانت توضع عليها وبين لفائفها أعداد كبيرة من التمائم المختلفة الأشكال وكذلك الخواتم المصنوعة من المعادن النفيسة كالذهب والأحجار النصف كريمة، وأيضاً الخناجر الذهبية. وقد وضع المصريون القدامى هذه التمائم على المومياوات لكي تساعدهم على الوصول إلى العالم الآخر.
والسؤال الآن: ما هي حقيقة الزئبق الأحمر؟ وهل هناك بالفعل ما يسمى الزئبق الأحمر؟!
بالفعل يوجد نوعان من الزئبق الأحمر؛ الأول يصنع في روسيا وكازاخستان، وهو عبارة عن مسحوق أو بودرة حمراء معدنية وتستخدم في عمليات الانشطار النووي، وتحمل هذه البودرة مادة مشعة تباع بملايين الدولارات في السوق السوداء بعد تهريبها من المعامل والمفاعلات النووية على أيدي المافيا العالمية.. هذا فعلاً موضوع حقيقي يشير إلى وجود ما يعرف باسم الزئبق الأحمر، ولكن هذا النوع ليست له صلة بإحضار الجان أو شفاء المرضى. ومن الناحية العلمية نعرف أيضاً أن الزئبق الأحمر الحقيقي يستخرج من الذهب، وذلك عن طريق تعريض خام الذهب إلى الإشعاع، وبعد ذلك ينشط المعدن ويستخرج منه ما يعرف باسم الزئبق الأحمر المشع.
تسلمي علي الموضوع