بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه
أما بعد
يقول احدهم دخلت على بشر الحافي رحمه الله يوماً دون أن يشعر فرأيته قد دخل قبة فصلى فيها أربع ركعات جميلات يقول الرجل والله انا لا أحسن أن أصلي مثلها فسمعته يقول دعاء في سجوده اخواني واخواتي استمعوا الى هذا الدعاء العجيب يقول الرجل فسمعت بشر يقول في دعائه وهو لا يشعر بي " اللهم إنك تعلم وانت فوق عرشك أن عدم الشهرة احب الي من الشهرة ..اللهم إنك تعلم وانت فوق عرشك أن الفقر أحب إلي من الغنى .. اللهم إنك تعلم وانت فوق عرشك أني لا اقدم على حبك شيئا " يقول الرجل فلما سمعته أخذني البكاء يعني لم استحمل هذا المشهد الرباني فأحس به بشر سمعه ، فقال بشر في دعائه بعد ذلك وهو يصلي : " اللهم إنك تعلم أني لو أعلم أن هذا الرجل هنا لم أتكلم ما تكلمت به الله اكبر ان السابقين كانوا مع شدة اخلاصهم لا يحبون ان يشعر احد بعبادتهم وهذا بعكس المرائي الذي يحب ان يراه الناس على عبادته
فالرياء هو
ان يعمل العبد العمل من اجل ان يمدحه الناس او ان يكثر من العمل الصالح من اجل ان يكون مشهورا عندهم بأحد هذه الاعمال الصالحة كأن يشتهر عندهم أنه حافظ للقران أو أنه مصلٍ أو أنه صاحب علم شرعي وبعضهم يظهر العمل أمام اشخاص معينين طمعاً فيما عندهم كمن يظهر التقوى أمام المدير ليثق به او يظهر التدين أمام بعض عملائه لكي يزيدوه مبلغا عند البيع والشراء او انه يريد ان يعرف اهل خطيبته بأنه صالح لزوجته وهكذا المهم أنه لم يعمل العبادة لله تعالى خالصة بل مع وجود رغبة بأن يمدحه الناس هذا هو الرياء فماذا سأخسر لو وقعت في الرياء أول شيء نخسره هو العمل الصالح الذي تعبنا فيه سيذهب فعندما يجازي ربنا العباد في الاخرة يقول للمرائين
اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ فِي الدُّنْيَا فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ خَيْرًا
يعني انهم لم يحصلوا على اي حسنة من وراء هذا العمل الذي كانو يراؤون فيه
ولهذا قال ابن الجوزي رحمة الله عليه
اذا لم تخلص فلا تتعب يعني لماذا تتعب نفسك وتجتهد بلا حسنات اذا كنت مصراً على الرياء فلماذا تذهب وتتكلف العبادة بان تقرأ القران برياء تصلي قيام الليل فتسهر وتتعب برياء بلا مقابل واذا صمت تعطش وتجوع ثم ترائي فلا يكتب لك أجر لماذا كل هذا ارح نفسك تعمل ببلاش بلا مقابل لماذا
يقول مالك بن دينار رحمة الله عليه
قولوا لمن لم يكن صادقاً لا يتعنى
اخي الكريم اختي لكريمة
المصيبة في الرياء ان صاحبه يعمل ويتعب وفي النهاية سيعذب أما اذا اخلصت لله فسيقبل الله عملك وسوف تتلذذ به في الدنيا وستؤجر عليه وفي النهاية ستدخل الجنه الا تلاحظون الفرق الغريب العجيب في الموضوع ان المرائي سيخسر الناس الذين كان يعمل لاجلهم سبحان الله بعد كل هذه التضحيات التي ضحى بها من اجلهم عندما ضحى بحسناته وباعماله من اجلهم فإنهم فوق هذا سيخسرهم
قال رسول الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم
من التمس رِضا اللهِ بسخَطِ الناسِ ؛ رضِيَ اللهُ عنه ، وأرْضى عنه الناسَ ، ومن التَمس رضا الناسِ بسخَطِ اللهِ ، سخِط اللهُ عليه ، وأسخَط عليه الناسَ
الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث:الألباني – المصدر: صحيح الترغيب – الصفحة أو الرقم: 2250
خلاصة حكم المحدث: صحيح لغيره
وخسارة الناس ليست هي اعظم خسارة للمرائي بل اعظم خسارة له على الاطلاق انه سيخسر الله تعالى فربنا سبحانه غني وغيور سبحانه غيور لا يرضى ان يكون معه احد في العمل
وقد اخبر النبي صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم ان الله تعالى يقول
قال اللهُ تباركَ وتعالَى : أنا أغنَى الشركاءِ عن الشركِ . مَن عمِل عملًا أشرك فيه معِي غيرِي ، تركتُه وشركُه
الراوي: أبو هريرة المحدث:مسلم – المصدر: صحيح مسلم – الصفحة أو الرقم: 2985
خلاصة حكم المحدث: صحيح
ولو فرضنا الان الملائكة نزلت فرضا يعني فقالت فلان مرائي لقد كان يعمل الاعمال الصالحة من أجلكم وليس لله لو حدث هذا فعلا ماذا سيحدث سيسقط هذا الشخص من أعيننا في الحقيقة يوجد سؤال هزني عندما سمعته أريدكم لو سمحتم ان توجهوه للمرائي السؤال هو لماذا تعمل العبادة من أجل مخلوق لو علم هذا المخلوق انك كنت تعملها لاجله لسقطت من عينه ولماذا تترك الاخلاص للخالق الذي اذا وعلم انك تعمل لاجله احبك فعلا انها مفارقة عجيبة
اخي الكريم اختي الكريمة
الرياء مرض ويجب الاسراع في علاجه والا مات القلب من شدة هذا المرض
فما هو علاج الرياء
علاج الرياء يكون بتأمل المريض يوميا بالاتي
اولا اعلم ان الناس لو مدحوك فهم في الحقيقة لم يمدحوك وانما مدحوا ستر الله عليك يعني انهم مدحوا الستر الذي وضعه الله علينا هذا الستر لو انكشف عنا لكان من المستحيل ان يمدحنا اي واحد منهم تخيل لو ان هؤلاء الذين يمدحونني الان عرضت عليهم شاشة صغيرة فيها ذنوبي تظهر ذنب تلو الاخر هل تظن انهم سيستمرون في المدح الجواب بالطبع لن يفعلوا معنى هذا انهم كانوا طوال هذه المدة يمدحون ما وضعه الله علينا من ستر اذا هم في الحقيقة يمدحون الستر الذي انزله الله علينا
الجرعة الثانية التي يجب ان يتناولها مريض الرياء هي ان يعلم ان الناس لم يمدحوه هو وانما قد مدحوا الله تعالى صحيح انهم قالوا عنك انت انك عابد او انك كريم او انك خلوق ولكنهم في الحقيقة كانوا يمدحون الله وكيف اسأل نفسك
من الذي اعطاك هذه الفضائل اصلا
الجواب
قال تعالى وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ
فكيف ترائي بشيء ليس لك يعني لو فرضنا ان جارك اهدى اليك طعاماً ووضعته للضيوف فأعجبهم هذا الطعام جداً فصاروا يمدحون حسن طبخك له وإتقانك انت في صنعه فما هو موقفك اذا كنت صادقاً فإنك ستقول لهم انك لست صاحب الفضل في صنع هذا الطعام لست انت الذي صنعته وانت متيقن من هذا في قلبك فإن نسبته اليك كان هذا من الخداع والكذب اما اذا صدقت نفسك بانك طباخ ماهر وانك انت فعلا الذي صنعت هذا الطعام فهذا والله شيء غير طبيعي
قال الله تعالى
بَلِ الْأِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ
تخيل معي شخصاً بيده أعزكم الله بعره والناس يقولون انها تمرة في يدك تمرة تمرة فأكلها الله المستعان
سؤال
ما هو سر وجود حب المدح في قلوبنا لماذا نحب ان يمدحنا الناس
باختصار انه متعلق قلوبنا بالناس فوالله ما أصابنا من الادمان على المدح والحساسية من الذنب الا بسبب اننا جعلنا للناس في قلوبنا اهتماماً اكثر من قبلهم اكثر بكثير من قبلهم الذين يستحقون لقد جعلنا لهم مكانة واهمية كان من الاولى ان نقدمها لله تعالى فإن المخلص اذا قطع طمعه بالناس الذين يمدحونه لم يتأثر بمدحهم ولا بذمهم لانك اذا استغنيت عن الانسان فمهما مدحك لن يغير فيك شيئاً ومهما ذمك فلن يزعجك أبداً لانك لا تعبىء به اصلا الا ترى انك لو بلغك في عملك الصباحي ان الكناس الذي يكنس مكتبك يذمك لن تعبىء به ولن تهتم بما قال ولو بلغك الخبر بأن المدير يذمك لاختلف شعورك تماماً لماذا لان رغبتك في رضى المدير اعظم بكثير من رضى الكناس بل انها لا تقارن به
حارب الرياء لا تتركه يسيطر عليك
فأنت عبد لله انت لا تعبد الناس ولا تعمل لاجلهم هذا يعتبر نوع من انواع الشرك وكثير من الناس يستبعد ان يقع في الشرك مع انه يوجد نوع من انواع الشرك منتشر بين كثير من المسلمين
مسلمون ويقعون في الشرك ما هو انه الرياء الذي سماه النبي صلى عليه وعلى اله وصحبه وسلم الشركُ الخفيُّ أن يعملَ الرجلُ لمكانِ الرجلِ
الراوي: والد عبدالرحمن المحدث:ابن جرير الطبري – المصدر: مسند عمر – الصفحة أو الرقم: 2/794
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
لانه يخفى على كثير من الناس هذا النوع
كان اكثر شيء يخاف منه النبي عليه الصلاة والسلام علينا حتى انه قال
إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر ، قيل : وما الشرك الأصغر ؟ قال : الرياء ، يقول الله إذا جزى الناس بأعمالهم اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء
الراوي: محمود بن لبيد الأنصاري المحدث:السيوطي – المصدر: البدور السافرة – الصفحة أو الرقم: 233
خلاصة حكم المحدث: إسناده جيد
لان اكثر شيء يكرهه الله تعالى هو الشرك ومن صرف العباده لغير الله تعالى فقد اشرك
ولا يظن الانسان انه في امان من هذا الشرك ابراهيم عليه السلام دعا ربه دعوة لو تفكرنا بها لما علم الانسان على نفسه بعدها
ورد في سورة ابراهيم ان ابراهيم عليه السلام دعا ربه فقال
وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ
سبحان الله ابراهيم ابو الانبياء يخاف ان يعبد الاصنام يخاف ان يقع في الشرك ماذا نقول نحن واذا بدأت بترك الرياء فإن الشيطان سيغير خطته معك لانه راءاك الان مخلص قد أغلقت عليه باب الرياء فبدل من ان يقترح عليك شيئاً لن تقبله وهو الرياء سيبدأ بتشكيك في الاخلاص فبعض الناس دائما يشعر بانه يرائي يرائي دائما يقول له الشيطان انت لست مخلصاً
انت مرائي وهو قد تعب من ذلك فماذا نفعل
توجد ثلاث اسئلة اذا اجبناها انحلت المشكلة
السؤال الاول عندما تفعل عبادة من العبادات هل انت الذي تقرر هل ترائي او تخلص او ان الشيطان هو الذي يقرر بالنيابة عنك من الذي يملك قرار الاخلاص انت ام الشيطان?
طيب اجابة صحيحة
السؤال الثاني هذا الذي يوسوس لك الان ويقول لك انت مرائي انت مرائي ويفسد عليك خشوعك في العبادة هل هو ملك من الملائكة ام شيطان من الشياطين؟
الجواب لا شك انه شيطان من الشياطين
ما شاء الله حسناً
سؤال اخير في العبادة هل سيحاسبك الله على قرارك ام على وسوسة الشيطان لك؟
الجواب طبعا سيحاسبني على قراري وليس على وسوسة الشيطان
إذا يا اخي اذا كان الامر كذلك فلماذا تخاف من شيء لن يحاسبك الله عليه دعه يوسوس الى ان يحترق ما الذي يهمك يا جماعة لا يوجد رياء غصب على الانسان اذا اردت انت ان ترائي سترائي واذا اردت الا ترائي فلن ترائي انتهى الامر هل تعلم
ما هو الدليل على انك لست مرائي؟
الدليل هو انك متضايق من هذا الشعور ولو كنت مرائي بالفعل لما تضايقت من هذا الرياء المرائي يريد الرياء فلماذا يتضايق من شعور الرياء ولكن لانك لا تريد الرياء لهذا انت متضايق فلا تهتم بالشيطان لانك اذا اهتممت به كبر في قلبك انوي انت الاخلاص ووالله لو قال الشيطان انت مرائي الف مرة لن تكون عند الله مرائي والحمد لله انتهت المشكلة
اللهم تقبل منا عبادتنا اللهم انا نعوذ بك ان نشرك بك شيئا نعلمه ونستغفرك لما لا نعلمه اللهم اجعلنا من المخلصين واقبلنا برحمتك وانت ارحم الراحمين والحمد لله رب العالمين
واكتر من امثالك