هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عند مناف القرشي ، الهاشمي .
أبو الحسن ، وأبو تراب .
أول من اسلم من الصبيان في قول كثير من أهل العلم . ولد قبل البعثة بعشر سنين على الصحيح ، فربى في حجر النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يفارقه ، وشهد معه المشاهد إلا عزوة تبوك ، وتزوج بنت رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم فاطمة ـ رضي الله عنها ـ ، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة ، ورابع الخلفاء الراشدين ، بايعه المسلمون بعد مقتل عثمان ـ رضي الله عنه ـ .
قتل ـ رضي الله عنه في ليلة السابع عشر من شهر رمضان ، سنة أربعين من الهجرة، ومدة خلافته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر ونصف شهر . [1]
قال الله تعالى : ( يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا . ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا . إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا . إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا . فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا ) [2]
يقول سبحانه ( يوفون بالنذر ) قام يعد من صفاتهم في الدنيا ، أي : يتعبدون لله فيما أوجبه عليهم من فعل الطاعات الواجبة بأصل الشرع ، وما أوجبوه على أنفسهم بطريق النذر , ومعنى النذر : الإيجاب.
( ويخافون يوما كان شره مستطيرا) أي ويتركون المحرمات التي نهاهم عنها خيفة من سوء الحساب يوم المعاد ، وهواليوم الذي شره مستطير ، أي منتشر عام على الناس ، إلا من رحم الله ، وهذا اليوم فاشيا ممتداً ، يقال: فشا الصبح ، إذا امتد وانتشر. ( ويطعمون الطعام على حبه ) أي على حب الطعام وقلته وشهوتهم له وحاجتهم إليه ، وقيل : إن الضمير عائد إلى الله عز وجل ، أي : ويطعمون الطعام على حب الله . ( مسكيناً ) وهو المسكنة ، وهو الفقير الذي لا مال له ، أو لا يجد كل قوت يومه . ( ويتيما ً) وهو الصغير الذي لا أب له . ( وأسيرا) هو الذي أسر ثم سجن من المشركين وغيرهم . ( إنما نطعمكم لوجه الله ) أي : رجاء ثواب الله .
( لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ) أي : لا نطلب منكم مجازات تكافئونا بها ، ولا أن تشكرونا عند الناس ، وهذه الجملة هي لسان حالهم ، فالله سبحانه علم به من قلوبهم ، فأثنى عليهم ، ليرغب في ذلك راغب .
( إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا ) أي : إنا نفعل هذا لعل الله أن يرحمنا ، ويتلقانا بلطفه في اليوم العبوس القمطرير . والعبوس: الضيق . والقمطرير: الطويل .
( فوقاهم الله شر ذلك اليوم ) أي : الذي يخافون ( ولقاهم نضرة ) أي : حسنا في وجوههم . ( وسرورا ً) في قلوبهم [3]
روى مجاهد وعطاء عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : أنها نزلت في علي ـ رضي لله عنه ـ وأنه أطعم مسكين ويتيم وأسير من طعام اشتراه ، وطوى يومه ذلك بلا طعام . [4]
وفي هذه الآية نزلت في على ـ رضي الله عنه ـ ، وفيها ثناء عليه ، وبيان طاعته وزهده رضي الله عنه وأرضاه.
أما سبب نزول هذه الآية في علي ـ رضي الله عنه ـ ورد فيها حديث ضعيف عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ، وورد عن غير ابن عباس ، وهو روايات إما كذاب ، أو متهم ، أوضعيف جداً ، أو سئ الحفظ ، فبين أهل العلم أنه لا يصح منها شيء ، وفي بعضها أموراً فيها ركاكة في المعنى ، لا تليق بأمير المؤمنين على بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ وزوجه فاطمة ـ رضي الله عنها ـ وقد رد هذه الأحاديث الحكيم الترمذي وبين ضعفها ، وكذلك ابن حجر ، وأوردها ابن الجوزي في الموضوعات ، وانكرها القرطبي في تفسيره، وقد ناقش هذا شيخ الإسلام ابن تيمية مع الرافضي ابن المطهر مع أشياء أخرى في استدلالاته ، منها هذا الحديث ، وبين بطلانه . انظر تفسير البغوي (4/525) وتفسير القرطبي فقد فصل في هذا ورد هذا ردا ً طويلا ( 19/130) ، وانظر منهاج السنة لابن تيمية ( 7/174) . وعلى كل حال فمع ضعف ما نسب إلى علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ في سبب نزول الآية ، فإن الآية عامة للمؤمنين لمن اتصف بهذا ، فإن علي ـ رضي الله عنه ـ من أوائل الداخلين فيها من باب أولى إن كانت للعموم .
——————————————————————————–
[1] ـ الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر ( 4/464)
[2] ـ الإنسان 7ـ 11.
[3] ـ تفسير ابن كثير ( 8/287- 289) ، وتفسير البغوي ( 4/523- 525)
[4] ـ انظر تفسير البغوي ( 4/524- 525