الستر من أكبر نعم الله على العبد . . ولا يستشعر ذلك إلا من استفاق من (طول حلم الله عليه) فجأة ليرى هذا الستر قد هتك عنه؛ بسبب تماديه في التجرأ على الله بفعل المعاصي حتى وصلت به الحال إلى حد الاستهانة بفعل تلك المعاصي!!
وما كان الله ليهتك ستر العبد من أول مرة!!
فقد ستره مرات ومرات ليرحمه من الفضيحة لعله يستدرك ويتوب، غير أن البعض من الناس يغتر بذلك الستر؛ فيدفعه غروره للتمادي في فعل المزيد المعاصي حتى يستمرأها، ويفتقد الشعور بفحشها وقذراتها وهول عواقبها!!
وحيينها . . تكون رحمة الله بفضيحته (هي الدواء الأنجع!!) حتى تحطم عواقب تلك الفضيحة بشدة هولها حواجز الران التي تراكمت على قلبه فهونت عليه التمادي في تلك المعاصي والآثام . .
إذاً فقضاء الله بنا – كله رحمة – حين أراد لهذا العبد أن يفيق من غلفته ويرجع ويتوب في فسحة هذه الحياة قبلما يتخطفه الموت فجأة وهو لا يزال قائماً على إصراره واستهانته بالتجرأ على حرمات الله!!
ولو رجعنا ببصرنا إلى الوراء، لوجد كل واحد منَّا خلفه أسرة حباها الله بستره، وأنعم عليها بحفظه وكرمه، يلهو فيها الأبناء ويلعبون في رحاب حنان الوالدين، فيحمد العبد ربه على هذه النعمة التي لا تعادلها كنوز الدنيا بأسرها، ولكن البعض لا يتصور أبداً أن الشيطان قد يخطط لهدم وتدمير هذه الأسرة من أعلى رأس فيها!!
ألا وهو (الأب) حين يستدركه من شهوته؛ ليقتل فيه الحس، وينتزع منه حنان الأبوة وعطفها، ويجعله عبداً لشهوته!! غير مبالي بأبنائه أو زوجه أو أسرته !! حيث جعل عقله في فرجه!!
وأضحى لا يفكر إلا في إشباع شهوته وغريزته الحيوانية . . غير آبه بشيء حتى لو كان الثمن هو ضياع دينه ودنياه بمن فيهما أبنائه وأسرته!!
مثل ذلك العبد حري به إذا أراد الله به الرحمة أن يفيقه من غفلته؛ ويرجعه إلى صوابه ورشده، كي يعلم أن الشيطان إنما يزين كل قبيح بالحرام، ويقبح كل جميل بالحلال!!
فيتوب إلى الله ويسأله أن يحبب له الحلال وأن يزينه في قلبه، وأن يبغض له الحرام ويباعده عن نفسه، فيجد إجابة الله له خير معين على أن يكون من الراشدين، وذلك بحسب صدقه وتوجهه إلى الله في الدعاء بإخلاص وتذلل وصدق . .
فالحمد لله أنه لا زالت أنفاسنا في أبداننا تتردد؛ كي نتدارك التوبة قبل فوات الأوان، والحمد لله الذي أفاق من عباده من أفاق؛ كي يستشعروا نعم الله عليهم قبل سلبها، فيمنحون أسرتهم دفء الأبوة الصادقة، ويعقدون العزم على حفظ ورعاية ما من الله به عليهم من نعمة المال والأهل والولد، ولعل ما وقعوا فيه من الزلل، كان فيه من العبر ما يدفعهم إلى الندم وتعويض ما فات بفعل الخيرات وترك المنكرات والإحسان إلى الخلق، عسى الله أن يبدل سيئاتهم حسنات، وكان الله عفوراً رحيماً.
وصدق الله إذ يقول :
" وتوبوا إلى الله جميعاً إيها المؤمنون لعلكم تفلحون" سورة النور
فاللهم لك الحمد على نعمة الستر حتى ترضى
ولك الحمد بعد الرضى
ولك الحمد أبداً أبداً
منقول