تعد الحسيمة التي يطلق عليها سكانها «بيا» بالتأكيد عروس المتوسط المغربية. تقع هذه المدينة الشاطئية في أقصى شمال المغرب، وتطل مباشرة على ساحل البحر المتوسط وتحيط بها تضاريس جبلية، وهي جزء من منطقة الريف الكبرى. شاطئها من أجمل الشواطئ المغربية، ويشكل نقطة الجذب الذي تعتمد عليه هذه المدينة لاستقطاب السياح. خاصة أن بحرها هادئ وأمواجه لطيفة تغري بالسباحة طوال اليوم. وبات العاهل المغربي الملك محمد السادس يفضلها كعاصمة صيفية، حيث يمارس فيها رياضته المفضلة، وهي رياضة قيادة «الدراجات المائية».
ولعل من المفارقات أن كثيرين من السياح بات يستهويهم التفرج على ملك المغرب وهو يقود بسرعة قياسية دراجته فوق سطح الماء.
تختبئ الحسيمة خلف جبال وعرة، وفي الطريق إليها، تكتشف أن الحسيمة ليست سوى واحدة من محطات وتجمعات بشرية متفرقة، جعلت منها شواطئ المتوسط نقاطا سياحية رائعة.
إذا كنت من زوار الحسيمة صيفا ولم يكن لديك حجز في فندق، فإن البحث عن مكان للإقامة ربما يصبح مشكلة عويصة، حيث تزدحم فنادق المدينة ملء سعتها. إذ إن «جوهرة الشمال» كما تسمى أيضا يزورها خلال الصيف كثيرون من داخل المغرب، كما يتوافد عليها السياح خاصة من إسبانيا وفرنسا وإيطاليا.
يفضل كثيرون من زوار الحسيمة، أكل السمك الطازج الذي يأتي من البحر الأبيض المتوسط، خاصة سمك السردين الذي يعتبره أبناء المدينة، ثروة المدينة التي لا تضاهيها ثروة.
وسكان المدينة يبدأون في المطاعم بأكلة «البيصارة» اللذيذة (أحد أنواع الفول) في انتظار أن يشوى السردين، ثم بعد ذلك طبق السمك المتنوع.
تاريخ هذه المدينة زاخر جدا، وثمة آثار كثيرة تدل على هذا التاريخ، لكن أجمل ما في هذه المدينة هو شواطئ البحر الأبيض المتوسط ولها أسماء أغلبها مشتقة من الإسبانية أو لهجة الريف المحلية مثل كيمادو، وصفيحة، وكلابونيتا، وتارا يوسف، كلايريس، بوسكور. وتعتمد المدينة على مداخيل السياحة وصيد الأسماك، لكن بما إن السياحة وإلى حد ما صيد السمك يقتصر على الصيف فإن، معظم من سكان المنطقة هاجروا في الفترة ما بين الستينيات والثمانينات إلى أوروبا.
ومنذ عام 1990 استثمرت بعض الشركات الأوروبية في مشاريع سياحية، إضافة إلى بعض المستثمرين المحليين، لذلك عرفت المدينة تطورا ملحوظا في البنية التحتية والمشاريع التنموية.
شهدت الحسيمة عدة أحداث تاريخية أسهمت في تفاعل وتمازج الكثير من المظاهر الحضرية، والمدينة وفي المدينة عدد من الآثار التاريخية المتمثلة في القلاع والمغارات والجوامع والأبواب». وتابع الرحموني «إذا كانت الحسيمة غنية بتاريخها فإن التعريف بهذا التاريخ يحتاج إلى مجهود إضافي من أجل ترويجه كمنتوج سياحي يعود بالنفع على المنطقة برمتها». وأشار الرحموني في هذا الصدد إلى أن الحسيمة تزخر بمواقع تاريخية تصل إلى أزيد من 53 موقعا، كما تعرف المنطقة بتنوعها الثقافي اللغوي وكونها شكلت موقعا خصبا لتمازج حضارات، «يمكن اعتبار الحسيمة متحفا مفتوحا يمكن استغلاله في الجذب السياحي».
توجد في الحسيمة عدة قلاع تاريخية تستهوي ما يمكن تسميته «سياحة البحث»، منها قلعة طريس وقلعة سنادة وقلعة أربعاء تاوريرت وقلعة تاغازوت وأبراج تارجيست، إضافة إلى مجموعة أخرى من المآثر. في وسط الحسيمة يحلو الجلوس في مقاه أنيقة لاحتساء كأس شاي بالنعناع، وفي المدينة الجديدة يمكنك التجول في ساحة المسيرة حيث يتفرج الناس على بعضهم بعضا.
لكن أهم ما يجذب السائح هو شواطئها، وهي ليست مزدحمة مثل شواطئ المدن الأخرى، أكثر الشواطئ قربا إلى المدينة هو «قيمادو»، وهو شاطئ مشهور يقع بين البحر الأبيض المتوسط وجبال الريف وفي عز الصيف يعج بالسياح الأوروبيين والمغاربة، ويفصل كثيرون هذا الشاطئ، خاصة أولئك الذين يمارسون رياضة الغوص، في الأعماق، لذلك توجد كثير من المحلات قرب الشاطئ التي يستأجر منها السياح معدات الغوص. أما إذا كنت ترغب في التجول خارج المدينة بعيدا عن الميناء، ففي الساحل الغربي هناك أشياء جميلة أخرى يمكنك رؤيتها. وأنت تتابع الطريق على شارع محمد الخامس، والذي يؤدي إلى مدينة الناضور يوجد شريط متصل من الشواطئ التي لا تزدحم بالسياح، ويفضلها كثيرون مكانا مثاليا هادئا لتمضية عطلة الصيف.
إذا لم تكن تتوفر على وسيلة نقل خاصة بك فيمكن أن تستعمل سيارة أجرة إلى غابة «كالا بوبيطا» بشاطئ سيادلا أو شاطئ استالمادرو. ومن مميزات شواطئ الحسيمة الرمال الناعمة والذهبية وأما البحر فهو دائما دافئ في الصيف. ومن بين الشواطئ المشهورة شاطئ يطلق عليه «كالايرس» وهو من أفضل شواطئ في شمال المغرب، إذ إن مياهه صافية رقراقة بينما عمقه لا بتجاوز نصف متر، لذلك يقبل عليه السياح مع أطفالهم، وهو أقرب ما يكون لبركة سباحة.
وتعود سكان المدينة على السياح، وهم يتعاملون معهم بكل ود ومرونة. وفنادق المدينة تعد من بين أفضل الفنادق التي تقع على البحر الأبيض المتوسط. إنها مكان مثالي من أجل عطلة مريحة وهادئة.