اسد الله وسيد الشهداء 2024

قال صلى الله عليه و آله وسلم : ( سيد الشهداء عند الله يوم القيامة حمزة بن عبد المطلب )
* هو سيدنا حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه و أرضاه ( أبو عمارة ) ، عم سيدنا النبي صلى الله عليه و آله وسلم وأخوه من الرضاعة فهما من جيل واحد نشأ معا ، ولعبا معا ، وتآخيا معا كان يتمتع بقوة الجسم ، وبرجاحة العقل ، وقوة الارادة ، فأخذ يفسح لنفسه بين زعماء مكة وسادات قريش ، وعندما بدأت الدعوة لدين الله كان يبهره ثبات ابن أخيه صلى الله عليه و آله و سلم ، وتفانيه في سبيل إيمانه ودعوته ، فطوى صدره على أمر ظهر في اليوم الموعود…يوم إسلامه.

* اسلام سيدنا حمزة رضي الله عنه و أرضاه :
– كان سيدنا حمزة رضي الله عنه عائدا من القنص متوشحا قوسه ، وكان صاحب قنص يرميه ويخرج إليه وكان إذا عاد لم يمر على ناد من قريش إلا وقف وسلم وتحدث معه ، فلما مر بالمولاة قالت لهالونشريس يا أبا عمارة ، لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد صلى الله عليه و آله و سلم آنفا من أبي الحكم بن هشام ، وجده ههنا جالسا فآذاه وسبه ، وبلغ منه مايكره ، ثم انصرف عنه ولم يكلمه سيدنا محمد صلى الله عليه و آله وسلم)..
– فاحتمل سيدنا حمزة رضي الله عنه و أرضاه الغضب لما أراد الله به من كرامته ، فخرج يسعى ولم يقف على أحد ، معدا لأبي جهل إذا لقيه أن يوقع به ، فلما وصل إلى الكعبة وجده جالسا بين القوم ، فأقبل نحوه وضربه بالقوس فشج رأسه ثم قال له: ( أتشتم محمدا وأنا على دينه أقول ما يقول ؟.. فرد ذلك علي إن استطعت )..
– وتم سيدنا حمزة رضي الله عنه على إسلامه وعلى ما تابع عليه سيدنا رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم ، فلما أسلم سيدنا حمزة رضي الله عنه و أرضاه عرفت قريش أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم قد عز وامتنع ، وان سيدنا حمزة رضي الله عنه و أرضاه سيمنعه ، فكفوا عن بعض ما كانوا ينالون منه ، وذلك في السنة السادسة من النبوة.

* سيدنا حمزة رضي الله عنه و أرضاه و سيدنا جبريل عليه السلام :
– سأل سيدنا حمزة رضي الله عنه و أرضاه سيدنا النبي صلى الله عليه و آله وسلم أن يريه سيدنا جبريلَ عليه السلام في صورته ، فقال: ( إنك لا تستطيع أن تراه ) قال: ( بلى ) قال: ( فاقعد مكانك ) فنزل سيدنا جبريل عليه السلام على خشبة في الكعبة كان المشركون يضعون ثيابهم عليها إذا طافوا بالبيت ، فقال: ( أرْفعْ طَرْفَكَ فانظُرْ ) فنظر فإذا قدماه مثل الزبرجد الأخضر ، فخرّ مغشياً عليه رضي الله عنه و أرضاه.

* سيدنا حمزة رضي الله عنه و أرضاه و الاسلام:
– ومنذ أسلم سيدنا حمزة رضي الله عنه نذر كل عافيته وبأسه وحياته لله ولدينه حتى خلع سيدنا النبي صلى الله عليه و آله وسلم عليه هذا اللقب العظيم: ( أسد الله وأسد رسوله )..
– وآخى سيدنا الرسول صلى الله عليه و آله وسلم بين سيدنا حمزة وبين سيدنا زيد بن حارثة رضي الله عنهما و أرضاهما ، وأول سرية خرج فيها المسلمون للقاء العدو كان أميرها سيدنا حمزة رضي اللـه عنه..
– وأول راية عقدها سيدنا الرسـول صلى اللـه عليه و آله وسلم لأحد من المسلمين كانت لسيدنا حمزة رضي الله عنه و أرضاه..
– ويوم بدر كان أسد اللـه رضي الله عنه و أرضاه هناك يصنع البطولات ، فقد كان يقاتل بسيفين ، حتى أصبح هدفا للمشركين في غزوة أحد يلي سيدنا الرسول صلى الله عليه و آله وسلم في الأهمية.

* استشهاد سيدنا حمزة رضي الله عنه و أرضاه :
– ( اخرج مع الناس ، وان أنت قتلت حمزة فأنت عتيق ) هكذا وعدت قريش عبدها الحبشي ( وحشي غلام جبير بن مطعم ) ، لتظفر برأس سيدنا حمزة رضي الله عنه و أرضاه مهما كان الثمن ، الحرية والمال والذهب الوفير ، فسال لعاب الوحشي ، وأصبحت المعركة كلها سيدنا حمزة رضي الله عنه..
– وجاءت غزوة أحد ، والتقى الجيشان ، وراح سيدنا حمزة رضي الله عنه لا يريد رأسا إلا قطعه بسيفه ، وأخذ يضرب اليمين والشمال و ( الوحشي ) يراقبه ، يقول الوحشي : ( … وهززت حربتي حتى إذا رضيت منها دفعتها عليه ، فوقعت في ثنته ( ما بين أسفل البطن إلى العانة ) حتى خرجت من بين رجليه ، فأقبل نحوي فغلب فوقع ، فأمهلته حتى إذا مات جئت فأخذت حربتي ، ثم تنحيت إلى العسكر ، ولم تكن لي بشيء حاجة غيره ، وإنما قتلته لأعتق )..
– وقد أسلم ( الوحشي ) لاحقا فهو يقول: ( خرجت حتى قدمت على سيدنا رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم المدينة ، فلم يرعه إلا بي قائما على رأسه أتشهد بشهـادة الحـق ، فلما رآني قال صلى الله عليه و آله و سلم : ( وحشي ) قلت: ( نعم يا رسـول اللـه صلى الله عليه و آله و سلم) قال صلى الله عليه و آله و سلم: ( اقعد فحدثني كيف قتلت حمزة ؟ ) فلما فرغت من حديثي قال صلى الله عليه و آله و سلم : ( ويحك غيب عني وجهك فلا أرينك ! ) فكنت أتنكب عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم حيث كان ، لئلا يراني حتى قبضه الله صلى الله عليه و آله وسلم).

– واستشهاد سيد الشهداء رضي الله عنه لم يرض الكافرين وإنما وقعت هند بنت عتبة والنسوة اللاتي معها ، يمثلن بالقتلى من أصحاب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يجد عن الآذان والأنف ، حتى اتخذت هند من آذان الرجال وأنفهم خدما ( خلخال ) وقلائد ، وأعطت خدمها وقلائدها وقرطتها وحشيا .. وبقرت عن كبد سيدنا حمزة رضي الله عنه و أرضاه ، فلاكتها فلم تستطع أن تسيغها ، فلفظتها.

* حزن سيدنا الرسول صلى الله عليه و آله و سلم على سيدنا حمزة رضي الله عنه و أرضاه :
– وخرج سيدنا الرسول صلى الله عليه و آله وسلم يلتمس سيدنا حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه و أرضاه ، فوجده ببطن الوادي قد بقر بطنه عن كبده ومثل به ، فجدع أنفه وأذناه ، فقال سيدنا الرسول صلى الله عليه و آله وسلم حين رأى ما رأى: ( لولا أن تحزن صفية ويكون سنة من بعدي لتركته حتى يكون في بطون السباع وحواصل الطير ، ولئن أظهرني الله على قريش في موطن من المواطن لأمثلن بثلاثين رجلا منهم ! )..
– فلما رأى المسلمون حزن سيدنا رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم وغيظه على من فعل بعمه رضي الله عنه و أرضاه ما فعل قالوا: ( والله لئن أظفرنا الله بهم يوما من الدهر لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب )..
– فنزل قوله تعالى: ( وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ، واصبر وما صبرك إلا بالله ، ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون )..
– فعفا سيدنا رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم ونهى عن المثلة ، وأمر بسيدنا حمزة رضي الله عنه و أرضاه فسجي ببردة ، ثم صلى عليه فكبر سبع تكبيرات ، ثم أتى بالقتلى فيوضعون إلى سيدنا حمزة رضي الله عنه و أرضاه ، فصلى عليهم وعليه معهم ، حتى صلى عليه اثنتين وسبعين صلاة.. وكان ذلك يوم السبت ، للنصف من شوال ، سنة (3) للهجرة.

* البكاء على سيدنا حمزة رضي الله عنه و أرضاه :
– مرّ سيدنا الرسول صلى الله عليه و آله وسلم بدار من دور الأنصار من بني عبد الأشهل وظَفَر ، فسمع البكاء والنوائح على قتلاهم ، فذرفت عينا سيدنا رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم فبكى ، ثم قال: ( ولكن حمزة لا بواكي له )..
– فلما رجع سعد بن معاذ وأسيد بن حضير إلى دار بني عبد الأشهل ، أمرا نساءهم أن يتحزمن ثم يذهبن فيبكين على عم سيدنا رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم ، ولمّا سمع سيدنا رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم بكاءهن على سيدنا حمزة رضي الله عنه و أرضاه خرج عليهن وهن على باب مسجده يبكين عليه ، فقال صلى الله عليه و آله و سلم: ( ارجعن يرحمكن الله ، فقد آسيتنّ بأنفسكم ).

* فضل سيدنا حمزة رضي الله عنه و أرضاه :
– قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( سيد الشهداء عند الله يوم القيامة حمزة بن عبد المطلب )..
– كما قال ل سيدنا علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه و رضي عنه و أرضاه: (… يا عليّ أمَا علمتَ أنّ حمزة أخي من الرضاعة ، وأنّ الله حرّم من الرضاع ما حرّم من النّسب ).

*عَيْن معاوية:
– لمّا أراد معاوية أن يُجري عَيْنَهُ التي بأحد كتبوا إليه: ( إنّا لا نستطيع أن نجريها إلا على قبور الشهداء )…فكتب إليهم: ( انْبُشُوهم ).. يقول جابر بن عبدالله: ( فرأيتهم يُحْمَلون على أعناق الرجال كأنّهم قوم نيام )…وأصابت المسحاةُ طرفَ رِجْلِ سيدنا حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه و أرضاه فانبعث دَمَاً.

    جزاكى الله كل خير ع الطرح

    سلمت الايادى

    الونشريس اقتباس الونشريس
    الونشريس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sendrela الونشريس
    الونشريس
    جزاكى الله كل خير ع الطرح
    الونشريس الونشريس

    الونشريس اقتباس الونشريس
    الونشريس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sendrela الونشريس
    الونشريس

    سلمت الايادى

    الونشريس الونشريس

    شكرااااااااا لمرورك
    حبيبتى
    نورتى

    شكراااااااا غاليتى للطرح الجميل

    الونشريس اقتباس الونشريس
    الونشريس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة همس الوجود الونشريس
    الونشريس
    الونشريس
    الونشريس الونشريس

    الونشريس

    مؤتة أرض الشهداء 2024

    الونشريس


    انها مؤتة.. أرض الشهداء والدماء النقية.. وهناك اختلطت حبات التراب بنجيع الشهداء الأخيار، وتواصلت المسيرة من الأبناء البررة وامتد الحب وتوارثت الأجيال نقاء الأرض وصفاءها، وبقيت بصماتها عبر الزمن الذي شهد لها أنها في قلوب أبنائها وفي عيون أهلها.


    نعم هي مؤتة.. الأرض والتاريخ والدماء، فإلى هناك حيث يأخذنا الآسر، حيث ندري ولا ندري كيف احتضنت هذا الجمال وهذا الحب الأزلي، فلها ألف حكاية وحكاية، والتاريخ دائمًا هو الذي ينقلنا حيث لا نريد، فالأردن مليء بالمواقع التي تثيرك، فكل المواقع والآثار لها وقع خاص بها ولها حكاية تسرك، فلابد من كشف السر المدفون في أعماقك الذي جعلك تهيم فيها حبًّا وهيامًا، يجب أن تبوح لها بسرّك لكي تبادلك البوح في بعض سرّها وبعض نصف الحقيقة، وتحبك بأقل ما أحببتها، أو تمنحك بعض الحب عند حاجتها.. أو عند كرهها للآخر، فالمكان تمامًا كالمعشوق الذي لا يفارقك خياله أو ظله المتجذر فيك، فكيف إذا كانت هذه هي مؤتة التاريخ والشهداء والعلم والإنسان الطيب.. آه أيتها الرائعة المتجذرة فينا كحد السيف لا نقدر إلا أن نبقى على اندهاشنا عندما نغادر جمالها وناسها


    تلك الأرض التي ارتوت بدماء الشهداء (زيد وعبدالله وجعفر) أرض المجد والكبرياء العربية عبر التاريخ العربي الحافل بالأمجاد المثخنة بالجراح والمعطرة بالدماء.. فهناك في سهل مؤتة جرت أول معركة خاضها المسلمون خارج الجزيرة العربية.

    فكانت غزوة مؤتة ولا تزال من أهم الغزوات في التاريخ الاسلامي التي خاضها المسلمون خارج الجزيرة العربية، وهي من أهم المعارك التي حدثت على أرض الأردن الطاهرة، كما كانت أول معركة يشارك فيها القائد خالد بن الوليد بعد إسلامه الذي أدخل مبدأ «الانسحاب التكتيكي» حتى يؤمن سلامة القوات بخطة خلاص محكمة، وكانت أول معركة يستشهد فيها قادتها الثلاثة كما أبلغهم النبي " صلى الله عليه وسلم" بذلك قبل المعركة.

    دخول المكان

    نستأذن الجنوب وجبال المؤابيين عبر وادي الموجب لندخل الكرك الحبيبة حيث القلعة المهيبة التي بناها الصليبيون في القرن الثاني عشر الميلادي تحيط بالمدينة بأكملها والتي تظل شرفاتها في انحدار سحيق نحو البحر الميت.

    ومن المدينة المؤابية المحاطة في الصحراء والجبال والأغوار والشواطئ الجنوبية للبحر الميت الذي مات في الزمن الغابر الحي في زمنها نواصل المسير جنوبًا حيث حملنا أمانة السلام على أرواح الشهداء ومدينتهم وأهلها، وعلى الطريق تتناثر بقايا «المشهد» حتى نصل مدينتنا، مدينة الشهداء ورائحة «المزار» المعطرة تناديك لمرقد الشهداء هناك حيث كانت في ضيافتهم، وما بين المزار ومؤتة التربة المعطرة بدمائهم، ويشهد على ذلك الجامع المهيب ذو المئذنتين والقبتين في أطراف البلدة مذكرة في التاريخ المليء بمعاني البطولة والتضحية والفداء بمعركتها الشهيرة التي انتهت بحنكة خالد بن الوليد، وصانت دماء المسلمين الذين قدموا أنفسهم في سبيل السلام.

    مؤتة.. الأرض والتاريخ

    الأردن كان جزءًا من بلاد الشام وملتقى للطرق المتجهة غربا إلى البحر الأبيض ومصر وشمال إفريقيا، وجنوبا إلى شبه الجزيرة العربية والبحر الأحمر وشرقًا للعراق والخليج وشمالًا لتركيا وسورية، واحتل الاردن بحكم موقعه منذ القدم مكانة مرموقة في الحضارة الإنسانية التي تأثر بها.

    ومن أبرز الملامح التاريخية التي تدل على مكانة الأردن من ذلك التاريخ، تردد ذكر منطقة جنوب الأردن في النقوش الفرعونية القديمة، واشتهرت بصلتها الوثيقة بحوادث العهد القديم، وقامت فيها ممالك من أهمها مملكة أدوم وامتدت لجنوب وادي الحسا، وكذلك هناك مملكة موآب التي كانت من أهم الممالك في شرقي الأردن حيث امتدت من وادي الموجب شمالا وحتى وادي الحسا جنوبا، وأيضا هناك مملكة عمون في شمال الأردن.

    وكذلك شهدت منطقة الجنوب حركة العبرانيين عند خروجهم من مصر باتجاه فلسطين مرورا بسيناء ومدين فوقفت شعوب المنطقة في وجههم ومنعت دخولهم من أراضيهم، وفي مرحلة لاحقة تطور الصراع بين الطرفين بسبب أطماع العبرانيين التوسعية عبر نهر الأردن شرقًا وقد انتصر العمونيون عليهم وتحكموا بهم مدة 18 عامًا.
    وقبل نهاية القرن الثامن قبل الميلاد احتل الآشوريون سورية ومن ضمنها شرق الأردن وبقيت المنطقة تحت حكمهم حتى 629 قبل الميلاد، وفي عام 586 قبل الميلاد حكم البابليون بلاد الشام، واستطاع الفرس عام 539 ق.م القضاء على البابليين وفرض



    السيطرة على المنطقة.


    ومع مجيء العرب الأنباط من شمال الجزيرة وإقامة دولتهم في البتراء في القرن السادس قبل الميلاد بسطوا نفوذهم إلى دمشق شمالا وجنوب فلسطين غربًا واتخذوا غزة ميناءً لهم، وبذلك أصبحت البتراء مركزًا تجاريًّا مهمًّا في المنطقة واستمرت دولة الأنباط قوية حتى بداية القرن الأول قبل الميلاد.

    وفي عام 64 ق.م جاء الرومان لاحتلال بلاد الشام وصار الأردن جزءًا من إمبراطوريتهم التي تركت بصمات مازالت باقية في أكثر المدن الأردنية، وبعد ذلك أصبح الأردن جزءًا من مملكة الغساسنة العربية التابعة للإمبراطورية البيزنطية.
    وفي عام 636م دخل الأردن في العهد الإسلامي وقامت على ثراه معارك بين المسلمين والبيزنطيين (اليرموك ومؤتة)، هؤلاء القادة الذين ضحوا في سبيل الإسلام هم خير دليل على تضحيات الأجداد لحماية البلاد والإسلام.

    وازداد الأردن أهمية في العهد الأموي، فبطون الكتب مليئة بالحكايات والأسرار التاريخية عن المنطقة، والقصور المترامية في الصحراء شواهد على التاريخ، وشهدت المنطقة (الجنوب) ولادة أول حركة سرية في التاريخ الاسلامي فمن الحميمة أطاح العباسيون بأبناء عمهم الأمويين وبقيت المدن الأردنية حلقة الوصل التجاري بين بلاد الحجاز ومصر والشام بعدما انتقلت الخلافة إلى بغداد.

    ومن هنا فالأردن مكان الانطلاق للأمة العربية ومن جزيرتها، ففي العام الثامن من الهجرة أرسل النبي عليه الصلاة والسلام جيشا صغيرا ليؤدب به الغساسنة الذين قتلوا حامل كتابه واصطدم بجيش الروم الجرار في قرية مؤتة جنوب الكرك، وهناك استشهد القواد الثلاثة بعد أن ضربوا أروع الأمثلة في الصبر والثبات والتضحية، وبذلك أصبحت مؤتة مفتاح التاريخ الاسلامي.
    وتقع بلدة مؤتة إلى الجنوب من مدينة المؤابيين «الكرك» بحوالي 12كم حيث تشاهد من بعيد وسط سهل فسيح أمام هذه البلدة التي استشهد فوقها أبطال الإسلام، وتبعد المزار عن مؤتة 3كم جنوبًا، وكلاهما على الطريق التي تربط عمان بالطفيلة ومعان.
    وفي المزار حيث يرقد الشهداء الثلاثة أقيم مسجد واسع بثلاث قباب خضراء، ومئذنتين شاهقتين، وفي الإيوان الشرقي لمدخل المسجد أقامت وزارة الأوقاف متحفا إسلاميًّا يضم العديد من القطع الفخارية والمخلفات المادية والنقود الإسلامية.



    مؤتة المعركة




    قال أبوهريرة: شهدت مؤتة، فلما رأينا المشركين رأينا ما لا قبل لنا به من العدد والسلاح والكراع والديباج والحرير والذهب فبرق بصري فقال لي ثابت بن أرقم: يا أبا هريرة، ما لك؟ كأنك ترى جموعا كثيرة. قلت: نعم.
    قال: إنك لم تشهد بدرًا معنا، إننا لم ننصر بالكثرة… الواقدي 2-761.

    هناك على أرضها دارت معركة «مؤتة» بين الروم والمسلمين في العام الثامن للهجرة وسببها أن الرسول عليه الصلاة والسلام أرسل الحارث بن عمير الأزدي إلى والي بصرى الشام، فقتله شرحبيل بن عمرو الغساني سيد مؤتة، وهو في الطريق، ثم أرسل النبي " صلى الله عليه وسلم" بعد ذلك سرية إلى «ذات أطلاح برئاسة عمرو بن كعب الغفاري وعدد رجالها خمسة عشر رجلًا» وفي هذا المكان الذي يقع بين الكرك والطفيلة دعا رجال السرية أهله الى الإسلام فأبوا أن يجيبوا بل قتلوهم جميعا ونجا عمرو متحاملًا حتى وصل المدينة، ويذكر الطبري أن سكان ذات أطلاح هم قبيلة من قضاعة ورئيسهم يدعى سدوس.

    وأشفق الرسول عليه السلام من عقبى السكوت على كلتا الفعلتين، خاصة أنه وصل له استعدادات الروم العسكرية وبعض القبائل العربية (بهراء وقضاعة ولخم وجذام وأهل البلقاء)، كل هذه الأسباب حملت النبي " صلى الله عليه وسلم" على تجريد حملة غايتها الثأر للقتلى وتأديب المعتدي واختبار قوة الأعداء ومدى استعدادهم والتعرف على أسباب تجمعهم على أطراف الأردن المتاخمة للحجاز.
    وفي شهر جمادي الأولى من السنة الثانية للهجرة (أيلول 629م) جرد الرسول الكريم جيشًا بلغ عدده ثلاثة آلاف وأمر عليهم زيد بن حارثة.

    وقال: إن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب فإن أصيب فعبدالله بن رواحة على الناس، فلما قتلوا أخذ الراية خالد بن الوليد.
    نقل المسلمون شهداءهم من أرض المعركة (المشهد) إلى مكان عرف فيما بعد بـ«المزار» وأخذ خالد في إنقاذ الجيش الإسلامي الذي لا قدرة له على مواجهة جيش الروم وحلفائهم العرب، فبادر بتغيير المواقع لجيشه (خطة إنقاذ) حتى يوهم الروم بأن المدد قد جاء وانطلت الخطة عليهم، وأنقذ خالد ما تبقى من الجيش عائدًا للمدينة، وقد صاح الناس فيهم يا فرار.. يا فرار.. فقال النبي عليه الصلاة والسلام: إن الغنيمة في رجوعهم إلينا سالمين من موت كان محتمًا عليهم، بل إنهم الكرار إن شاء الله، وسمى خالد بن الوليد لحنكته العسكرية «سيف الله المسلول» وعندما علم أن تسعة أسياف تكسرت بيديه وهو يقاتل.
    ومن نتائج المعركة كان لعودة الجيش إلى المدنية وقع شديد على نفوس المسلمين حتى خرج أهل المدينة لملاقاة الجيش وهم يقولون: يا فرار.. أفررتم في سبيل الله؟ فيقول رسول الله " صلى الله عليه وسلم" : ليسوا بالفرار ولكنهم الكرار إن شاء الله تعالى.

    وقد كان من نتائج المعركة ما يلي: استشهاد اثني عشر مقاتلا من المسلمين بما فيهم القادة الثلاثة، تخليص جيش المسلمين من معركة غير متكافئة، دخول القبائل العربية في شمال الجزيرة في الاسلام ونشره، كانت المعركة فرصة للمسلمين للاحتكاك مع جيوش خارجية لأول مرة.

    الدروس المستفادة

    برز من خلال هذه المعركة منذ بداية الحملة وحتى عودة الجيش إلى المدنية بعض المواقف والدروس المستفادة، ومنها رفع الروح المعنوية والتصميم على الهدف، حيث صمم الجيش على المضي في التقدم لملاقاة الروم رغم الأعداد الكبيرة للجيوش المعادية، والمرونة والخدعة، حيث ظهرت في الخطة التي طبقها خالد واستطاع خداع الروم دون أن يعرفوا نواياه الحقيقية، والشجاعة وقوة الشخصية، وظهرت في استبسال القادة الثلاثة الذين قاتلوا قتالًا مشرفًا وفي القائد الرابع وهو خالد بن الوليد وحنكته العسكرية، وكذلك الطاعة والنظام، وتتمثل في طاعة الجيش حسب وصية النبي " صلى الله عليه وسلم" في تسلسل القيادة، ثم وصيته في القتال وعدم التعرض للشيوخ والأطفال والنساء.
    وفي النهاية لقد كانت غزوة مؤتة صفحة مشرقة في تاريخنا العسكري الإسلامي، وتركت في نفوس الروم أثرًا من ملاقاة المسلمين، فلم يحاول الروم ولا أتباعهم من العرب أن يتعرضوا للمسلمين، وبقيت الدولة الإسلامية مهابة وعظيمة لأنها تستند إلى رجال عظماء ضحوا بأرواحهم في سبيل نشر هذا الدين في مشارق الأرض ومغاربها.

      شكرا يا قمر

      مشكووووووووووووووووووره

      جزاكى الله خيرا

      شكرا على المرور والرد

      الونشريس