سرطان عنق الرحم و فيروس البابيلوما الأنسانية hpv
يصيب هذا المرض 470 ألف سيدة سنويا بالعالم. ويتسبب بوفاة 288 ألف سيدة.
تضعه الإحصائيات الفرنسية بالمرتبة الثامنة بين السرطانات التي تصيب النساء. مع 1000 حالة وفاة سنوياً بفرنسا.
ولكن، وللأسف، فإن الغالبية العظمى من الوفيات تحدث في البلاد الأقل تطورا والتي لا يطبق فيها برنامج التحري عن المرض.
تقدر التقارير أن 83% من الإصابات بالسرطان تحدث بالبلدان الفقيرة.
Preventing cervical cancer in low-resource settings
Internationel journal of Gynecology and Obstetrics (2019) 89, 51-53
وعلى الرغم من صعوبة التحقق من الإحصائيات في البلاد النامية إلا أن التقديرات الأولية غير مطمئنة. ويعثر الكادر الطبي دوريا في هذه البلاد على الحالات التي كشفت بشكل متأخر، ووصلت لمرحلة لم يعد من الممكن علاجها، كما تفتقر العديد من هذه البلدان وخاصة في آسيا الجنوبية وأفريقيا تحت الصحراوية وأمريكا اللاتينية حتى إلى الأدوية العلاجية المسكنة للألم.
هذا المنحنى البياني يظهر معدل انتشار الإصابة بالـ HPV حسب مختلف قارات العالم. و ذلك بالمقارنة مع الأعمار
Ferlay et al, IARC 1997
الإحصائيات في البلدان العربية غير متوفرة. ولكن التقارير الفردية تظهر تواجد المرض في البلدان العربية بشكل ملموس.
يمتاز هذا المرض القاتل بأنه ينتج بشكل أساسي عن فيروس ينتقل بالعلاقة الجنسية ويسمى هيومن بابيلوما فيروس HPV
والميزة الثانية أن التشخيص المبكر لهذا المرض ممكن، وعلاجه الصحيح المبكر يمكنه في الغالبية العظمى من الحالات أن يجنب السيدة الوفاة من هذا المرض.
لكي نفهم هذا المرض، كيف يتطور وكيف يمكن تشخيصه وعلاجه لا بد من أن نعود بشكل سريع للتذكير ببناء عنق الرحم التشريحي.
هذا ما شرحناه في المقال التالي
الرحم
ورأينا كيف أن عنق الرحم هو الجزء الذي ينتأ في جوف المهبل. ورأينا كيف أنه يتشكل من بطانة غدية تتواصل مع بطانة الرحم بالداخل، وتغطيه من الخارج بطانة ملساء تشبه الجلد. تسمى البطانة الملبيغية.
يلاحظ على عنق الرحم تبدلات طبيعية ببنائه التشريحي. هذه التبدلات تعطي لفيروس البابيلوما المكان اللازم لكي ينمو ويتطور ويعطي الآفة السرطانية.
سنشرح هذه التطورات، ومن البداية نقول مرة أخرى أنها تطورات طبيعية لا تتطلب أي علاج جراحي سوى في الحالات النادرة وعلى العكس من النظريات القديمة التي كانت تقترح وسائل مختلفة لعلاجها من الكي بالكهرباء، إلى التدمير باللازر، إلى العلاج الجراحي.
مع التقدم الطبي تبين أن هذه العلاجات لا ضرورة لها ولا فائدة منها، ما يستحق العلاج هو فقط الآفات ما قبل سرطانية والتي سنعود لها لاحقا.
ما هي هذه التغيرات الفيزيولوجية التي لا تحتاج لأي علاج:
1ـ ظاهرة الأكتروبيون ، (ويسمى بالعربي الشتر( ECTROPION
تنتج هذه الظاهرة الطبيعية عن خروج البشرة الغدية لكي تغطي السطح الخارجي لعنق الرحم.
سبب هذا الخروج غير معروف وتمكن ملاحظته عند غالبية النساء، ربما لعب النشاط الهرموني أو الحمل دورا فيه.
نادرا ما تشكل هذه الظاهرة سببا لعوارض صحية فما عدا بعض التهابات مهبلية أو نزوف نتيجة هشاشة هذه البشرة.
2ـ ظاهرة الإصلاح الطبيعي ********PLASIE
لكون البشرة الغدية هشّة لا تتحمل حموضة المهبل يقوم الجسم بإصلاحها، و يغطيها من جديد ببشرة ملبيغية.
استمرار الطبقة الغدية تحت البشرة الملبيغية الجديدة قد يعطي لعنق الرحم منظرا متبدلا، و لكنه يبقي ضمن الطبيعي.
فيروسة البابيلوما الإنسانية
ينتشر هذا الفيروس عن طريق العلاقات الجنسية. وقد أثبتت الدراسات العالمية
WalboomersJM et al, Human papilomavirus is a necessary cause of invasive cervical cancer worldwide
J Pathol 1999 ; 189 : 12-9
أنه موجود في 99،7 % من حالات سرطان عنق الرحم. مما يثبت العلاقة المباشرة بين المرضين.
تحدث الإصابة الأولى به في عمر يتراوح بين سن الـ 20 الى 30 سنة. وتطوره في عنق الرحم بطيء جدا، وغالبا ما يستغرق الأمر عدة عشرات من السنوات حتى يتطور الأمر لسرطان.
الدراسات العلمية أظهرت أن هذه الفترة بالحد الأدنى هي 7 سنوات، وبشكل متوسط 20 الى 30 سنة.
خلا ل هذه الفترة يمكن بسهولة تشخيصه إن كانت السيدة تحت المراقبة السنوية. والأمر المهم جدا والذي يستحق الإشارة إليه أن عددا ضئيلاً من السيدات المصابات بهذا الفيروس تتطور الحالة عندهن لمرحلة السرطان.