تخطى إلى المحتوى

تفسير سورة آل عمران 2024

تفسير سورة آل عمران


بسم الله الرحمن الرحيم

الآيات 1 ـ 4
( الم * الله لا إله إلا هو الحى القيوم * نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل * من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان ، إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد ، والله عزيز ذو انتقام * )
الحروف فى بداية السورة كما أوضحنا فى البقرة هى :

ألم :
الحروف فى بداية السور قال فيها العلماء عدة أقوال :
1 ـ أن هذا القرآن بنفس حروف الهجاء بلغة العرب ، حتى ينتبهوا لما ينزل من السماء على رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه يحدثهم فى امور دنياهم وأخراهم
2 ـ أن هذا القرآن ينزل بنفس حروف الهجاء للغتهم ولم يفهموا معناها بالرغم من براعتهم فى استخدام اللغة
3 ـ ويتحدى البلغاء منهم أن يأتوا بسورة مثلها ، أو آية
فهو أداة إعجاز كما كانت العصاة أداة إعجاز موسى
4 ـ عندما يحدث البلغاء بحروف لم يفهموها فهذا يجذب الأنتباه
فكأنه يقول ( انتبهوا فالأمر جد خطير )

( الله لا إله إلا هو الحى القيوم )

لاإله إلا الله
عن أبى سعيد الخدرى عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : ( قال موسى : يارب علمنى شيئا أذكرك به وأدعوك به ،
قال : قال يا موسى : لاإله إلا الله ، قال يارب كل عبادك يقول هذا ،
قال : قل لا إله إلا الله
قالموسى : إنما أريد شيئا تخصنى به
قال : ياموسى لو أن أهل السموات السبع والأرضين السبع فى كفة ولاإله إلا الله فى كفة مالت بهم لاإله إلا الله )
الحى القيوم

حى فى ذاته لا يموت ولا ينام لأن فى النوم موتة مؤقته
لا تأخذه سنة ولا نوم

وقال ابن عباس : ( إن بنى إسرائيل قالوا لموسى : هل ينام ربك ؟
قال : اتقوا الله
فناداه ربه عز وجل : ياموسى سألوك هل ينام ربك ؟ فخذ زجاجتين فى يدك فقم الليل
ففعل موسى
فلما ذهب من الليل ثلثه نعس فسقط لركبتيه ثم أنتعش فضبطهما حتى إذا كان آخر الليل نعس فسقطت الزجاجتان فانكسرتا
فقال ربه عزوجل : يا موسى لو كنت أنام لسقطت السموات والأرض فهلكن كما هلكت الزجاجتان فى يدك )

قيوم : قيم لغيره فجميع الموجودات تفتقر إليه وهو غنى عنها

نزل عليك القرآن يا محمد بلا شك فيه وهو يصدق ما قبله من كتب سماوية أنزلت من قبله وهذه الكتب تصدقه وتبشر به وكذلك التوراة على موسى والإنجيل على عيسى من قبل هذا القرآن ليفرق بين الحق والباطل والهدى والضلال
والذين جحدوا بها وأنكروها وكفروها لهم عذاب شديد يوم القيامة فالله قوى السلطان منتقم منهم

الآيات 5 ـ 6

( إن الله لا يخفى عليه شئ فى الأرض ولا فى السماء * هو الذى يصوركم فى الأرحام كيف يشاء لآ إله إلا هو العزيز الحكيم )

يخبر الله تعالى أنه يعلم كل شئ فى السموات والأرض وهو الذى يخلقنا فى أرحام أمهاتنا كما يريد ذكر أو أنثى ، حسن وقبيح ، وهو يستحق وحده الألوهية

الآية 7
( هو الذى أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات ، فأما الذين فى قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ، وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون فى العلم يقولون ءامنا به كل من عند ربنا ، وما يذكر إلا أولوا الألباب )

يخبر تعالى بأنه أنزل بينات واضحة يرجع إليها وليس فيها شك لأحد
كما أنزل أمور غير واضحة
فمن رجع إلى الحق فقد اهتدى ومن لجأ لما فيه التباس وغير وضوح ليوافق هواه فقد ضل
مثال بأن النصارى أتخذوا قول القرآن بأن عيسى روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم وهى غير واضحة المعنى لدى البعض وتركوا قوله تعالى ( إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون )

وهم بذلك يريدون الفتنة ، أما أهل العلم والمتفقهون فى الدين يقولون آمنا بما جاء كله فى القرآن ولا يبتغون غير رضوان الله

    الآية 8 ـ 9

    ( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة ، إنك أنت الوهاب * ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه ، إن الله لا يخلف الميعاد )

    يخبر الله تعالى عن من يؤمنون بالله ويتبعون ما جاء من الحق بأنهم يقولون ربنا ثبتنا على دين الحق الذى أنعمت علينا بالهداية له وزدنا إيمان
    ربنا نشهد أنك ستجمع الناس يوم القيامة وتحكم بينهم فيما اختلفوا فيه وتجزى كل بعمله

    الآيات 10 ـ 11

    ( إن الذين كفروا لن تغنى عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا ، وأولئك هم وقود النار * كدأب آل فرعون والذين من قبلهم ، كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم ، والله شديد العقاب )

    إن الذين كفروا بآيات الله ورسله وخالفوا كتابه فلن تنفعهم أموالهم ولا أولادهم يوم يقوم الحساب ويتوعدهم بأن يكونوا حطب جهنم الذى توقد به
    وسيحدث لهم مثل ما جرى على آل فرعون والكفار من قبله عندما كفروا بآيات الله فدمرهم الله وأخذهم العذاب الأليم فالله فعال لما يريد وشديد العذاب

    الآيات 12 ـ 13

    ( قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد * قد كان لكم ءاية فى فئتين التقتا فئة تقاتل فى سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأى العين، والله يؤيد بنصره من يشاء ، إن فى ذلك لعبرة لأولى الأبصار )

    يقول سبحانه : قل يا محمد للكافرين أنهم سيغلبون فى الدنيا ويوم القيامة يحشرون إلى جهنم وبئس المصير
    ويا أيها اليهود ، كانت لكم آيات من الله تدل على أنه معز دينه فى طائفتان من مشركى يوم بدر تقابلا للقتال
    وقوله ( يرونهم مثليهم رأى العين ) ـــ قيل أن المشركين كانوا يرون بأعينهم المسلمين مثليهم أى ضعفهم فى العدد وقد كانوا فى الحقيقة أقل بكثير ولكن الله قدر ذلك ليخيف المشركين وينصر المسلمين
    وقول آخر بأن المسلمين كانوا يرون المشركين ضعفهم فى العدد ولكن الله نصرهم عليهم وأيدهم بنصره .
    وفى ذلك عبرة لمن يهتدى ويخشى الله

    الآيات 14 ، 15

    ( زينللناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ، ذلك متاع الحياة الدنيا ، والله عنده حسن المئاب * قل أؤنبئكم بخير من ذلكم ، للذين اتقوا عند ربهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد )

    يخبر سبحانه أنواع الملذات التى خلق فى الدنيا فتنة للناس ويحذر بأنها متعة زائلة وما عند الله خير للمتقين
    ثم يقول قل لهم يا محمد أؤخبركم بخير مما زين للناس إنما هى الجنة وما يتفجر من أرجائها من أنهار العسل واللبن والخمر والماء العذب والأزواج المطهرة من الحيض والنفاس والأذى ويحل رضوان الله عليهم بأعظم مما وجدوا فى الدنيا
    والله يعطى كل حسب عمله وما يستحق من عطاء

    الآيات 16 ، 17

    ( الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار * الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار )

    يصف سبحانه المتقين بأنهم يؤمنون بالله وكتبه ورسله ويطلبون من الله المغفرة بهذا الإيمان والنجاة من النار
    ومن صفاتهم أنهم صابرين على الطاعات والبعد عن المحرمات
    الصادقين فيما أخبروا عن أنفسهم بالإيمان
    القانتين تعنى الخاضعين الطاعين فى خشوع
    المنفقين من أموالهم فى جميع مسالك الطاعات التى أمر الله بها
    المستغفرين وأفضل أوقات الإستغفار هو وقت السحر ( الثلث الأخير من الليل )
    إذ ينزل الله إلى السماء الدنيا كل ليلة فيقول كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم

    ( هل من سائل فأعطيه ؟ هل من داع فأستجيب له ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ )

    الونشريس

    الآيات 18 ـ 20

    ( شهد الله أنه لآ إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط ، لآ إله إلا هو العزيز الحكيم * إن الدين عند الله الإسلام ، وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ، ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب * فإن حاجوك فقل أسلمت وجهى لله ومن اتبعن ، وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين ءأسلمتم ، فإن أسلموا فقد اهتدوا ، و إن تولوا فإنما عليك البلاغ ، والله بصير بالعباد )

    شهد تعالى أنه ينفرد بالإلهية وجميع الخلائق عبيده وخلقه وقرن هذه الشهادة بشهادة العلماء والملائكة … وهذا تكريم للعلماء

    وله العزة والعظمة والكبرياء

    يخبر تعالى بأن لا دين مقبول عنده إلا الإسلام الذى يؤمن بجميع الرسل وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم
    والذين أوتوا الكتاب من قبل بغى بعضهم على بعض تحاسدا وبغضاء ومن يجحد بآيات الله فسيحاسبه الله على مخالفته كتابه وتكذيبه

    ويقول يامحمد إن جادلوك فى التوحيد فقل أخلصت وجهى لله وعبادتى له وحده فلا ند له ولا ولد ولا صاحبةومن هو على دينى فيقول مثل قولى

    وادعوا الأميين من المشركين واهل الكتاب للتوحيد بالله والإسلام فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فليس عليك إلا البلاغ والله عليه الحساب

    الآيات 21 ، 22

    ( إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم * أولئك الذين حبطت أعمالهم فى الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين )
    هؤلاء أهل الكتاب الذين أرتكبوا من المعاصى والمحارم بأن كذبوا بآيات الله وعصوا رسلهم الذين بلغوهم بآيات الله عنادا واستكبارا وحسدا ، وقتلوا الكثير من الأنبياء بدون جريمة إلا أنهم دعوهم إلى توحيد الله ونهوهم عن المعاصى وهذا كبر ، فيبشرهم الله بأن لهم عذاب النار وبئس المصيروأنه لن يقبل لهم أى عمل صالح مادام موجه لغير الله

    الآيات 23 ـ 25

    ( ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون * ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات وغرهم فى دينهم ما كانوا يفترون * فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون )
    ينكر الله تعالى على اليهود والنصارى إذ ا دعوا إلى كتب الله التى بين أيديهم ( التوراة والإنجيل ) ليحكم بينهم ليؤمنوا بمحمد الذى بشروا به فيهما ولكنهم يعرضوا ويخالفوا عنادا وكبرا
    وقد دفعهم على ذلك إفتراءهم على الله بأنهم ادعوا بأنهم سيعذبون فى النار سبعة أيام فقط عن كل ألف سنة يوما لأن عمر الدنيا سبعة آلاف سنة على زعمهموهذا خدعوا به أنفسهم وما أنزل الله به من شئ

    ويقول سبحانه : فكيف يكون حالهم إذا سألهم الله يوم الجمع عن ذلك الإفتراء عليه وعن قتلهم الأنبياء وعن مخالفتهم شرع الله وما كتبوه بأيديهم

    الآية 26 ، 27

    ( قل اللهم مالك الملك تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء ، وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير ، إنك على كل شئ قدير * تولج الليل فى النهار وتولج النهار فى الليل وتخرج الحى من الميت وتخرج الميت من الحى ، وترزق من تشاء بغير حساب )

    يوجه الله سبحانه قوله للرسول صلى الله عليه وسلم فيقول له كن يا محمد شاكرا معظما لربك
    متوكلا عليه مفوضا له الأمر
    قل لك الملك كله أنت المعطى والمانع
    أنت الذى تأخذ من النهار وتدخل فى الليل وتقصر من الليل لتطيل النهار
    أنت تخرج الزرع من الحب وتنتج الحب من الزرع
    وتجعل المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن
    وتخرج الدجاجة من البيض وتنتج البيض من الدجاجة (وهذا معنى الحى من الميت ـ والميت من الحى )
    وترزق وتعطى من تشاء بما أردت وبلا حساب

    الآية 28

    ( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ، ومن يفعل ذلك فليس من الله فى شئ إلا أن تتقوا منهم تقاة ، ويحذركم الله نفسه ، وإلى الله المصير )

    ينهى سبحانه وتعالى المؤمنين عن أن يوالوا الكافرين يسرون إليهم المودة من دون المؤمنين ومن يرتكب مثل ذلك فإن الله برئ منه
    ويقول من خاف فى بعض البلدان شرهم فله الموالاة ليتقيهم ظاهرا وليس بباطنا ونيته
    وإلى الله المصير يجازى كل بعمله ونيته

    الآية 29 ،30

    ( قل إن تخفوا ما فى صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ، ويعلم ما فى السموات وما فى الأرض ، والله على كل شئ قدير * يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ، ويحذركم الله نفسه ، والله رؤف بالعباد )

    يخبر سبحانه وتعالى بأنه يعلم ما يدور بنفوس عباده ان أظهروه أو أخفوه فإنه به عليم
    ويعلم ما فى السموات والأرض ويقدر على كل شئ
    ويوم القيامة يحضر للعبد جميع أعماله من خير وشر ويخوفكم الله عقابه
    ثم يقول أنه رؤف بالعباد يغفر لمن يتوب فلا يقنطهم من رحمته

    لآيات 31 ، 32

    ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم * قل أطيعوا الله والرسول ، فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين )

    يقول الرسولصلى الله عليه وسلم" من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد "
    وهذه الآية فى هذا المعنى موجهة لمن يدعى أنه يحب الله ورسوله ولا يتبع ما جاء به شرع الله والسنة المحمدية
    (تولوا) خالفوا أمر الله ورسوله فقد كفر والله غاضب عليه ومعذبه

    الآيات 33 ، 34

    ( إن الله اصطفى ءادم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين * ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم )

    يخبر سبحانه وتعالى بأنه أختار آدم على الخلق وصوره بيده الشريفة وعلمه الأسماء وأسجد له الملائكة وهذا لحكمة يعلمها الله

    وأختار نوح أول الأنبياء

    وأختار إبراهيم أبو الأنبياء وجعل من ذريته محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء

    وأختار آل عمران والد مريم أم عيسى عليه السلام وكل ذلك لحكمة الله ولفضله على الخلق

    الآيات 35 ،36

    ( إذ قالت امرأت عمران رب إنى نذرت لك ما فى بطنى محررا فتقبل منى إنك أنت السميع العليم * فلما وضعتها قالت رب إنى وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى ، وإنى سميتها مريم وإنى أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم )

    إمرأة عمران هى أم مريم وأسمها ( حنة بنت فاقوذ ) قالت : يارب أنت تسمع دعائى وأنا نذرت ما فى بطنى لخدمة بيتك المسجد الأقصى وكانت لا تعلم هل ببطنها ذكر أم أنثى

    وعندما وضعت وجدت أنثى وبالطبع الأنثى أضعف بنية ونفسا من الذكر ولا تصلح للخدمة فى بيت الله

    وأسمتها مريم

    وتدعو الله أن يقيها شر الشيطان الرجيم هى وذريتها واستجاب لها الله
    قال رسول الله
    صلى الله عليه وسلم
    " ما من مولود يولد إلا مسه الشيطان حين يولد فيستهل صارخا من مسه إياه إلا مريم وابنها

    الآية 37

    ( فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا ، كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا ، قال يامريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله ، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب )

    يخبر تعالى بأنه تقبل مريم من أمها وجعل شكلها بهيجا مليحا وجعل من رفقتها من علمها العلم والدين والخير

    وجعل زكريا زوج خالتها كافلا لها وذلك لحكمة الله فى أن تقتبس منه العلم والخيروالعمل الصالح

    وكانت تكثر العبادة فى محراب وكلما دخل عليها زكريا وجد عندها فاكهة الصيف فى الشتاء وفاكهة الشتاء فى الصيف

    عندما وجد ذلك سألها من أين لك هذا ؟

    قالت : هو من عند الله يرزق من يشاء بغير حساب

    الآية 38 ـ 41

    ( هنالك دعا زكريا ربه ،قال رب هب لى من لدنك ذرية طيبة ، إنك سميع الدعاء * فنادته الملائكة وهو قائم يصلى فى المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين * قال رب أنى يكون لى غلام وقد بلغنى الكبر وامرأتى عاقر ، قال كذلك الله يفعل ما يشاء * قال رب اجعل لى ءاية ، قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا ، واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشى والإبكار *)

    عندما وجد زكريا قبول الدعاء لمريم ، لجأ إلى دعاء ربه هو الآخر إذ أنه أصبح شيخا كبيرا جاوز التسعين من عمره ولم ينجب وزوجته كانت عاقرا

    ولكن الأمل فى عطاء الله كان كبيرا فتقبل الله دعاءه ونادته الملائكة وهو يصلى فى مكان تعبده وبشروه بولد من صلبه سماه الله يحيى وكان لم يسم من قبل وبشروه أنه سيكون نبيا من الصالحين ولا يأت النساء تعففا مع قدرته

    فتعجب من ذلك فقالوا له أن الله قادر على أن يقول كن فيكون وقد خلق آدم وخلق ذريته وخلقه من قبل فلا عجب

    قال لهم وما آية ذلك وعلامته ؟

    قالوا له أنه لن يقدر على الكلام مع الناس إلا رمزا لمدة ثلاثة أيام وأمروه أن يرشدهم إلى ذكر الله والتسبيح بحمده فى كل وقت

    الآيات 42 ـ 44

    ( وإذ قالت الملائكة يامريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين * يامريم اقنتى لربك واسجدى واركعى مع الراكعين * ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون )

    يخبر سبحانه عما أخبرت به الملائكة مريم عليها السلام

    إذ قالوا لها إن الله اختارك وشرفك لكثرة عبادتك وطهارتك وطهرك من الوساوس والسيئات

    واختارك على نساء العالمين

    قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم" كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون "

    ثم أمرت الملائكة مريم بكثرة العبادة والخشوع لله والركوع والسجود مع من كانوا فى عهدها

    القنوت: هوالطاعة فى خشوع مع طول الركوع فى الصلاة

    ثم يقول سبحانه ما كنت عندهم يا محمد لتطلع على ما حدث من أمر اختيار زكريا ليكفل مريم ولكن أخبرك به الله

    والمقصود ب (يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم ) هو أنهم كانوا لعمل القرعة كانوا يلقون أقلامهم فى الماء فأيها تثبت ولا تجرى مع الماء فهو كافلها

    وقد حدث أنهم ألقوا الأقلام فجرت إلا قلم زكريا وهو كبيرهم وسيدهم ونبيهم وإمامهم وعالمهم

    الآيات 45 ـ 47

    ( إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها فى الدنيا والآخرة ومن المقربين * ويكلم الناس فى المهد وكهلا ومن الصالحين * قالت رب أنى يكون لى ولد ولم يمسسنى بشر ، قال كذلك الله يخلق ما يشاء ، إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون * )

    تبشر الملائكة مريم بأنه سيكون منها ولد له شأن عظيم (بكلمة منه ) أى وجوده بكلمة من الله إذ يقول له كن فيكون

    ويكون مشهورا فى الدنيا عند المؤمنون باسم عيسى ابن مريم حيث لا أب له فيعرف بأمه

    وله وجاهة ومكانة عند الله بما يوحيه إليه من الشريعة وينزل عليه الكتاب ، وفى الآخرة يشفع عند الله مثل أولى العزم من الرسل

    ويدعوا إلى عبادة الله وحده فى حال صغره فهو معجزة وفى كهولته يوحى الله له وعمله صالحا

    تعجبت مريم أن تلد ولم تتزوج وليست بغيا

    قالت لها الملائكة أن الله يخلق مايشاء وإذا أمر بشئ فإنه يقول له كن فيكون وأنه قضى بذلك وانتهى الأمر

    الوسوم:

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.