تخطى إلى المحتوى

دليلك لتعليم طفلك القراءة والكتابة 2024

دليلك لتعليم طفلك القراءة والكتابة
الحلقة الأولى

لَم يَعُد مقبولاً في القرن الحادي والعشرين أن يَنشأ الإنسان جاهلاً لأبسط مهارات التعليم: القراءة والكتابة، ولكلِّ أمة لُغتها التي تعتزُّ بها، وتَنقلها لأبنائها، وهناك فارق كبير بين اللغة التي يتحتَّم على الطفل إدراكُها؛ ليُتقنَ القراءة والكتابة، ويعرف كيف يتواصَل كتابيًّا مع الآخرين، وبين اللغة الدارجة التي يَستخدمها في التواصُل الشفهي مع أُسرته وأصدقائه، وفي العربية يمكن أن نميِّز إذًا بين إتقان اللغة العربية الفصحى وبين العاميَّة الدارجة، والطفل يُدرك الثانية بسهولة منذ نعومة أظفاره، أمَّا الأولى فبحاجة لجُهد من الأَبَوَيْن ومن الطفل لتعلُّمها.

ولأن لكلِّ لغة ظروفها، فإن الأساليب المُتبعة لتعليم الطفل العربيةَ قد تختلف عن الإنجليزية أو غيرها من اللغات، ويقع الكثير من الأطفال ضحيَّةً؛ إمَّا لجهل الآباء والأُمَّهات بالأساليب الصحيحة لتعليم اللغة وأصولها، وإمَّا للمجتمع الذي أشاع العاميَّة على حساب الفصحى، وزَجَّ بالأطفال فيما بعد للمدارس الأجنبيَّة، والنتيجة طفل جاهل بالعربية الفصحى، هذا لا يعني أنه يتحتَّم على الأطفال جميعًا أن يَبرعوا في العربية، وإنما يعني أنَّ عليهم تعلُّمها بدرجة تكفي على الأقل لفَهْم الجُمَل على مستويات أعلى من التركيب، كذلك القدرة على الصياغة بالعربية على مستوًى جيِّد، ودون أن تأتي جُملهم متكسِّرة مُختلطة مَعيبة.

إن ما يجب أن تَضَعَه في اعتبارك – عندما ترغب في تعليم طفلك العربية، أو أيِّ لغة أخرى – أن تعرف متى ستبدأ هذا التدريب؟ وهذا مرتبط بعوامل عديدة أهمها النُّضج العقلي.

من الطبيعي أن يكون هناك توازٍ بين النُّضج الجسدي والعُمر الزمني للطفل، وبين النُّضج العقلي والعمر العقلي، وهذا ما يعبِّر عنه علماء علم النفس بدرجة الذكاء؛ حيث تعتمد العديد من مقاييس الذكاء على تحديد مستوى الفرد من حيث عمره العقلي، فإذا كان العمر العقلي متوافِقًا مع العمر الزمني، كان الطفل طبيعيًّا، وإن كان العمر العقلي أقلَّ، بحيث يوصف الطفل ذو السنوات الستِّ بأنَّ عُمره العقلي 4 سنوات، فهذا طفل غير طبيعي، ويوصف بأنَّ ذكاءَه مُنخفض، وقد يكون العمر العقلي فائقًا للزمني، وهنا يُصبح الطفل ذكيًّا بدرجة أعلى من الطبيعي، وقد يصل لوصفه بالعبقرية.

إذًا؛ أوَّل ما ستركِّز عليه هو النُّضج العقلي للطفل، والمطلوب أن يَصِلَ الطفل لمرحلة تُمكِّنه من نُطق الحروف في حياته اليوميَّة بشكلٍ جيِّد، يُمكنه من ترتيب أشيائه، مثلاً: يُمكنه إدراك الاختلافات وتمييز الألوان والأشكال، وبجانب النضج العقلي هناك النضج الجسدي، فمهارة القراءة والكتابة تحتاج إلى بصرٍ جيِّد، وسَمْع جيِّد، ونُطق جيد، وإذا كان طفلك يعاني من مشكلة في أحد هؤلاء، فعليك أن تراعي ذلك عند تدريبه، وسنقدِّم لك وعلى مدار حلقات عديدة ما يُعينك بإذن الله على ذلك.

ولأنَّ الكتابة والقراءة عمليتان مترابطتان، فعليك أن تضعَ في اعتبارك أنَّ الطفل بحاجة لمهارات يدويَّة؛ حتى يستطيع الكتابة، والمعروف أنَّ الطفل في عمر ثلاث سنوات وأربع، لا يستطيع السيطرة على عضلات أصابعه بشكلٍ جيد؛ ولهذا يُصبح الإمساك بالقلم أمرًا صعبًا بالنسبة له، والوقت المناسب لهذه العملية هو عمر ستِّ سنوات أو خَمس على أقلِّ تقدير، لكنَّ هذا لا يعني أن يتأخَّر التدريب حتى هذا العمر، وإنما بإمكانك أن تبدأَ تدريبات القراءة، ثم تُتبعها بالكتابة في حينها.

ولاحِظ أيضًا أنَّ هناك فارقًا بين البنات والأولاد، ويَسبق النمو العقلي للبنات النمو العقلي للأولاد، ولأجل هذا يرى البعض من علماء النفس أنَّ الأفضل أن تلتحقَ البنات بالمدرسة في سنِّ السادسة، في حين يلتحق بها الصبيان في السابعة أو الثامنة، كذلك تتحكَّم الفتيات في أصابعهنَّ بشكلٍ أفضل من الأولاد؛ مما قد يعني تحسُّنًا واضحًا في خطِّ البنات، وعليك أن تتذكَّر هذه الحقيقة، وألاَّ تُقارن بين أولادك ذكورًا وإناثًا، مطالبًا الجميعَ بنتيجة واحدة، كما أنَّ الفروق الفردية أمرٌ طبيعي، وعليك مراعاته وعدم تجاوزه.

وقبل أن تبدأَ بتدريب ابنك على القراءة والكتابة، يُفَضَّل أن تمارس معه ولمدة كافية سلسلة من التمارين المساعدة له، وهي بمثابة التهيئة للطفل، فمنَ المُمكن أن تُنَمي مهاراته اليدويَّة، بتشجيعه على إمساك الألعاب الصغيرة، وترتيبها أو تصنيفها في مجموعات، وتُفيد المُكعبات الملونة لهذا الغرض، كما بإمكانك أن تُشَجِّعه على السيطرة على القلم أثناء الرسم؛ وذلك لمساعدته على رسْمِ خطوط مستقيمة وأخرى منحنيَة، كذلك رسم الدوائر والمثلثَّات ببساطة ودون استخدام للمسطرة، يمكنك أيضًا تقوية الإدراك لَدَيه، بتدريبه على اكتشاف الفروق، وتمييز القطع المختلفة، كأن تُحضر له ستَّ أكواب ذات شكل واحدٍ، ما عدا كوبًا واحدًا فقط، وتطلب منه إخراجَ الكوب المختلف، والأفضل أن تمارسَ هذه التمرينات كالألعاب، وأن تكافئ الطفل عندما يأتي بنتيجة صحيحة، يُمكنك أيضًا تحسين مخارج الحروف لَدَيه، وتَلقينه بعض الأناشيد البسيطة، على أن تراعي اختيار أناشيد بالفصحى وليس بالعاميَّة، كذلك يُمكنك زيادة حصيلته اللغويَّة بتعريفه على أنواع مختلفة من الخَضراوات والفواكه، والحيوانات ووسائل المواصلات، وتُلَقِّنه الأسماء مشافهةً، وتطلب منه إعادتها، واستخدم الصُّوَر الملونة الكبيرة نوعًا ما لهذا الغرض.

وتُفيد قراءة القَصص على الأطفال كثيرًا في هذه المرحلة، على أن تكون القراءة بهدوء، وأن تُناقش طفلك في محتوى القصة، وتُساعده على فَهْم نصِّها بالفصحى، واتْرُك له فرصة إمساك القصة بنفسه ومطالعة صورها؛ فهذا يقوِّي الرابطة بينه وبين الكتاب بشكلٍ عام.

وفي كلِّ تدريباتك عليك أن تراعي عدة أمور مهمَّة:
يعاني الطفل في سنواته الأولى من طول النظر، وهو يرى الأشياء الكبيرة وليست الصغيرة؛ لهذا ابتَعِدْ عن الصور الصغيرة ذات التفاصيل الدقيقة، واستخدِمْ صورًا كبيرة وواضحة، وذات ألوان زاهية.

يحتاج الطفل لمهارة منك عند ذِكر أسماء الأشياء، فلا تَنطق الكلمة كالمعتاد بالنسبة لك، وإنما عليك أن تَخفض سرعة قراءتك، وتركِّز على مخارج الحروف؛ حتى يتمكَّن طفلك من تمييز الحروف ونُطقها بشكل صحيح.

ابتَعِدْ قدرَ الإمكان عن الأخطاء اللغوية الشائعة في اللهجات العامية، كأن تَلْفِظ الضاد ظاءً؛ كما هو الحال بالنسبة لسُكَّان شبه الجزيرة العربية والعراق، أو أن تَلْفِظ القاف ألفًا، كحال أهل مصر والشام، أو أن تمتنعَ عن تعطيش الجيم، وإن كنتَ مقيمًا في دولة أجنبيَّة، فعليك أن تدرِّب أطفالك على نُطق الحروف الخاصة بالعربية، مثل: الخاء، والحاء، والضاد، والقاف، وعليك أن تساعد طفلك في التمييز بين الهاء والحاء، والسين والصاد، والدال والضاد، والثاء والسين، واعْلَم أن هذه الأخطاء لن تَظهر نتائجها السيِّئة إلاَّ في مرحلة التدريب على الإملاء.

حاول أن تكونَ مُشَجِّعًا ومُشرقًا وقتَ التدريب، ولا تَعزل القراءة والكتابة عن الحياة اليوميَّة، لكن أوْجِد التكامل بين تعلُّم هذه المهارات وبقيَّة الأنشطة.

بهذا تنتهي الحلقة الأولى من سلسلة "دليلك لتعليم طفلك القراءة والكتابة"، ونلقاكم قريبًا في حلقة جديدة – بإذن الله.

    دليلك لتعليم طفلك القراءة والكتابة
    الحلقة الثانية

    وصل ابنُك لسنٍّ تَسمح له بتعلُّم مهارات القراءة والكتابة، وهو دونَ سنِّ المدرسة بسنةٍ أو سنتين، قد ترى فيه نُبوغًا يدفعك لِمُحاولة إكسابه مهاراتِ القراءة والكتابة مبكِّرًا، وعلى كلِّ حال فلكَ أنْ تضَع قدمك على بداية الطريق، وسنُساعدك على التعرُّف عليه خطوةً خطوة – بإذن الله.

    هناك حقيقةٌ شديدة الأهميَّة، عليك أن تَذْكرها عندما تخوض تجربةَ تعليم طفلِك القراءة والكتابة، وهي أنَّ عليك أن تُعيد مُراجعةَ العديد من قواعد العربيَّة، وأنت بحاجةٍ إلى هذه المُراجعة بشكلٍ خاص إذا كانت هذه تجرِبتَك الأولى، وإذا لم تكن تملكُ مهارة التَّدريس كمهارةٍ شخصيَّة، والسَّبب في حاجتك إلى المُراجعة هو ضرورة تنظيم الموضوعات التي سوف تتدارَسُها مع طفلك بترتيبٍ صحيح، كذلك استحضار القواعد التي تشرَّبْتَها، فنسيت نصَّها كما هو الحال في قاعدة "أل" الشمسية والقمرية، فإذا توقَّفت لحظة لِتَسأل نفسك عن أصل القاعدة، ستجد أنَّك قد نسيتَه، ولم يبق في عقلك الواعي منه شيءٌ، ومع ذلك أنتَ تستطيع أن تميِّز بين "أل" الشمسية والقمريَّة في أيِّ كلمة، لكن كيف ستنقل هذه المهارة لطفلك؟ لهذا يَتحتَّم عليك أن تعود لتقرأ وتُرتِّب أفكارك من جديد، والمقصود أنَّ عليك أن تبذل جهدًا شخصيًّا، بالإضافة إلى ما تبذله مع طفلك.

    ولتبدأ مع طِفلك الخطوة الأولى في هذا الطريق الطَّويل يتحتَّم عليك أن تبذل الوقت والجهد أوَّلاً لتقرِّب إليه فكرة اللُّغة وتركيب الجُمَل والكلمات، والمقصود بذلك أن تُساعد طفلك على فَهْمِ هذه العلاقة:
    حرف، ثم مجموعة حروف: تكوِّن كلمة.
    كلمة، ثم مجموعة كلمات: تكوِّن جملة.
    جملة، ثم مجموعة جُمَل: تكوِّن فِقْرة.
    فقرة، ثم مجموعة فقرات: تكون نصًّا.

    والمطلوب أن يستوعب الطفل العلاقتين الأُولى والثانية بشكلٍ تام، ثم ينتقل من الثانية للرابعة مباشرةً في هذه المرحلة، فلا يَعْنينا بدايةً أن يميِّز بين الفقرة والنَّص، ولكن ليميِّز بين النص والجمل، والكلمات والحروف في البداية، والسُّؤال: كيف ستنقل لطفلك هذه الفكرة؟

    استَعِنْ بألعاب الطِّفل؛ لِتُعينك دومًا على نقل الأفكار والتصوُّرات إليه، وحاوِلْ أن تضع مخطَّطًا لعملك، وما ستقول قبل مواجهة الطِّفل حتَّى تتدرَّب على ذلك، فقِطَع المكعَّبات الملوَّنة تُعَدُّ وسيلةً مثاليَّة لنقل مفهوم التركيب الذي ذكَرْناه سابقًا، فيمكنك أن تحضر المكعَّبات بعدَّة ألوان، وتطلب من طفلِك أن يُعاونك لعمل ألواح من كلِّ لون، ثم تركِّب الألواح معًا لتصنع بيتًا كبيرًا، ثم تبدأ وتقارن معه: فتجعل المكعَّب الواحد هو الحرف، واللَّوح هو الكلمة المكوَّنة من حروف، والجملة هي البيت، لكن استخدم أسلوبًا بسيطًا في الحوار؛ حتَّى تتمكَّن من نقل ما تريد بِيُسْر، واستقبل استفسارات الطِّفل بصدرٍ رحب، لا تتوقَّع استيعابَه مِن التجربة الأولى، ولكنْ كرِّر أكثر من مرَّة بأشكالٍ وألوان مختلفة، ثم أعطِه مثالاً على اسمه، فاكتب حروف اسمه، ثم اجمعها له، واطلب منه حفظ شكل اسمه مكتوبًا، ووثِّق الصِّلة بينه وبين اسمه مشافهةً وكتابةً، فمن الضَّروري من الناحية التربويَّة أن يرتبط الطِّفل باسمه وأن يحبَّه ويعتزَّ به، ويعتبره جزءًا من شخصيته وكرامته، ولولا هذا لما حثَّنا دينُنا الحنيف على اختيار الأسماء الحسَنة للأطفال، واعتبره حقًّا للطِّفل على والديه.

    بعد أن يُدرك طفلُك علاقات التركيب السابقة لا تُسْرِف في تعليمه الحروف، ولكن اترُكْ لوحة الحروف قريبةً منه، واسمح له بلمسها والنَّظر إليها، لكن لا تَفْرض عليه قراءتها وترديدَها معك، في المقابل حاول أن تنقل إليه فكرتَيْن أساسيتين:
    الكتابة وسيلة هامَّة للتحاور، والقراءة وسيلةٌ ممتازة للمعرفة.
    الكتابة هي تسجيلٌ لما نقول مشافهةً، وليست شيئًا مختلفًا.

    ولكي تحقِّق الفكرتين؛ يمكنك أن تقوم بالأنشطة التالية:
    احرص على تدوين ما تريد أمام طفلِك، واطلب منه أن يُحْضِر لك القلم والأوراق بنفسه.

    اكتب ما تريد من مُستلزمات المَنْزل أمام طفلك، واقرأ بصوتٍ مرتفع وقت الكتابة، وأعِدْ مراجعةَ ما كتبتَ بصوتٍ واضح.

    عندما تصحب طفلك لشراء ما تريد؛ احرص على أن يراك تقرأ ما كتبتَ، وتُفِيدَ منه.

    استخدِمْ أسلوبَ التخاطب الكتابيِّ داخل البيت؛ لِلَفْت انتباه طفلك؛ كأنْ تكتب لزوجتك قبل خروجك من المَنْزل، واحرص أن يراك طفلُك قدر الإمكان، وإذا كنتَ الطَّرَف المتلقِّي، فقُم بقراءة المكتوب بصوتٍ مرتفع، واترك لطفلك المجالَ ليسألك عمَّا كتبَتْ أمُّه مثلاً.

    قم بتدوين أسماء أطفالك على أطباق الطَّعام التي تعدُّها لهم، أو على ملابسهم الجديدة، أو هداياهم، واجعل سبيلهم لنيل ما يُريدون هو تمييزَ أسمائِهم مكتوبة، ولا يُشترط أن يصل الطِّفل إلى مرحلة تمكِّنه من القراءة؛ حتَّى يحفظ شكلَ اسمه مكتوبًا؛ لأنَّه سيحفظ رمزًا لا أكثر من ذلك.

    قم بتوفير لوح كتابةٍ أبيض، وضَعْه في مكانٍ جميل في المنزل، واكتب لأطفالك عليه باستمرارٍ كلمةً أو جملة قصيرة، واقرأها لهم بحبٍّ، والمطلوب هو أن يَشعر الطفل بجمال القراءة والكتابة، ويتوق لتعلُّمِها وإتقانها.

    اقرأ لطفلك أسماءَ الحلوى والمنتجات التي يحبُّها، ومَرِّر إصبَعَك على الكلمات المطبوعة أثناء القراءة، ولا تطلب منه القراءة، لكن أجِبْ طلبه إذا سألك عن اسم هذا المنتج أو ذاك.

    فكِّر في بعض المواقف بصوتٍ مرتفع، وكأنَّك تُحَدِّث نفسك، وأوضح لطفلك أنَّ قراءتك للبيانات المكتوبة على لافتات المتاجر أو الأبواب أو أسماء الطُّرق قد ساعدَتْك لتتبيَّن طريقك، أو لِتَصل إلى ما تريد.

    احذر من وجودِ أجهزة الكمبيوتر، وعليك أن تَحْرص على استخدام القلَم والأوراق بالطَّريقة التقليديَّة أمام طفلك؛ لأنَّ العربيَّة بصفةٍ خاصَّة تتضرَّر كثيرًا من استخدام الكمبيوتر، وسوف نُناقش هذه الفكرة – بإذن الله – لاحقًا في حينها.

    ولا تنسَ تحضير أدوات الكتابة والقراءة لطفلك، وأن تُشاركه في ترتيبها والعناية بها، ولا تجعل القراءة والكتابة استذكارًا وواجبًا لا بُدَّ من إتمامه، والأصل أن يتشرَّب الطفل هذه المهارات وأن يُحِبَّها.

    وبهذا تنتهي الحلقةُ الثانية من سلسلة: "دليلك لتعليم طفلك القراءة والكتابة"، نلقاكم قريبًا – بإذن الله – وحلقة جديدة.

    دليلك لتعليم طفلك القراءة والكتابة
    (الحلقة الثالثة)

    أنت تضعُ قدميك على بداية الطريق لتعليم طفلك وإكسابه مهاراتِ القراءة والكتابة، وطريقك طويلٌ وشاق، وأن تعترفَ بالصعوبات خير لك من تجاهلِها، قدِّرِ الصعوبات وتعامل معها بواقعيةٍ حتى لا تُصاب باليأس نتيجة الانغماس في الأحلامِ الوردية، أو أن تصابَ بالفشل.

    ومن المفترضِ ألا تبدأ خطواتك الفعلية في تعليمِ الطفل القراءة والكتابة ما لم تتخطَّ المراحلَ التي تحدثنا عنها سابقًا، فعليك أن تنقلَ لطفلك أولاً قيمةَ الكتابة والقراءة، وأنهما معًا يمثلانِ وسيلةَ تواصل ممتازة ومفيدة، كما عليك أن تنقلَ إليه مفهوم التركيب والعلاقة بين الحروف والكلمات والجمل، والآن ما الخطوة التالية؟

    الآن عليك أن تبدأَ في تعليمِ طفلك الحروف، ولا تعتبر تلك مرحلة سهلة يسيرة تقتصرُ على حفظِ الحروف وترديدها، فالمسألة أكثر عمقًا، فالحروفُ ليست إلا رموزًا، ولكل رمز دوره ومدلوله، ولكلِّ رمزٍ اسم وصوت، فحرف "أ" مثلاً يسمَّى: "ألف" ويقرأ: "آ"، وكذلك حرف: "ب" يسمَّى: "باء" ويقرأ "با"، كما أنَّ لكلِّ حرف عدة أشكال في الكتابة، وفي حين نجدُ أنَّ للحرفِ شكلين فقط في الإنجليزية؛ فإننا نجد لكلِّ حرفٍ في العربية شكلين وحتى أربعة أشكال، فحرف الواو مثلاً له شكلان فقط: (و، ـو)، أمَّا حرف الكاف فله أربعةُ أشكال: (ك، كـ، ـكـ، ـك)، وهذا ما يزيدُ صعوبة تعلم العربية في البداية، فيكون على الطِّفلِ أن يحفظَ عن ظهرِ قلب 28 حرفًا، مما يعني 28 اسمًا و28 صوتًا، ولكلِّ حرفٍ عدد متفاوت من الأشكال، ولك أن تتصورَ صعوبة العملية بالنسبة للطفل الصغير، ولِتجاوزِ هذه المرحلة بسهولة ويسر نحنُ ننصحك باتِّباعِ الآتي:
    قم بعملِك كمعلم يُعنى بتوزيعِ المنهج الدراسي ووضع خطة العمل، وحضِّرْ دفترًا خاصًّا بك، دوِّن فيه الحروفَ مقسمة لمجموعات كالتالي:
    (أ ب ت ث، ج ح خ، د ذ ر ز، س ش ص ض، ط ظ ع غ، ف ق ك ل، م ن، هـ وي).

    وهذا يعني أنَّ لديك 8 مجموعات من الحروف، وسيتعين على طفلِك أن يحفظَ كل مجموعة في أسبوع بالترتيب، بحيث تحتاجُ لشهرين لحفظ الحروف.

    ركِّزْ على أنَّ لكلِّ حرفٍ اسمًا وصوتًا فقط، واستخدم شكلَ الحرف المفرد في الكتابة، وتجنَّب الكتابةَ بالأحرف المتشابكة، فلحرفِ الألف شكلٌ واحد هو "أ"، وللجيم شكلٌ واحد هو "ج" وهكذا.

    في بدايةِ كلِّ جلسة للتعلم احرص على إعادةِ ترديد الحروف من البداية وحتى نقطة التوقف في المرةِ السابقة، ورددها في مجموعاتٍ كما لقنتها لطفلك، فهذا يساعدُ على تذكرِها، كما يكسبها لحنًا مميزًا بالنسبة للطفل، وتجنب نطقَ الحروف بشكلٍ خاطئ، فحرف "ت" يسمَّى: "تاء" وليس: "ته"، وحرف "ض" يسمَّى: "ضاد" وليس "ظاد" وهكذا، واحرص على أن تنطقَ الحروف المتشابهة بشكل يميزها عن بعضِها البعض، فلا تخلط حرفي "س" و"ص" معًا، رقِّق الحروف المرققة، وفخِّم الحروفَ المفخمة، وحاول أن تبدو مخارجُ الحروف لديك واضحةً قدر الإمكان، وستجني ثمار مجهوداتك في هذه المرحلةِ لاحقًا – بإذن الله.

    سجِّل في دفترِك مجموعاتٍ من الكلمات البسيطة مُقَسَّمة لمجموعات، لكن تذكَّرْ أن تتجنَّبَ أحرف المد في الكلمات، وكذلك الأحرف المشددة والساكنة، وابتعد عن الكلماتِ المنوَّنة أو المنتهية بتاء مربوطة أو ألف مقصورة، أو تلك المشتملة على همزةٍ ممدودة، أو أي شكلٍ من أشكالِ الهمزات، وكذلك تجنَّبْ "أل" التعريف، ولكي يسهل عليك تذكَّرُ ذلك دوِّنْ ما يلي في دفترِك:
    أحرف يجب الابتعاد عنها:
    (ا، و، ي): أحرف المد تأتي ساكنة، ة، ـة، ى، آ، ئـ، يء، ؤ، أ، ء، الـ.

    ابدأ بالكلماتِ الثلاثية ذات الأحرف المفتوحة مثل: ذهب، كتب، أكل، جلس، ثم أتبعها بكلماتٍ ثلاثيةٍ متنوعةِ الحركات مثل: ربح، خسر، لحق، بصل، لبن، قمر، شجر، أسد، بقر، غنم، عنز، عنب، عسل.

    في كلِّ أسبوعٍ قُمْ بتدريبِ طفلك على الأحرفِ المطلوبة، واستعن بالصورِ التي تعبر عن أشياء تتضمَّنُ مسمياتها ذات الحرف، على أن يذكر الحرف مرة في بدايةِ الكلمة ومرة في وسطِها، ومرة في نهايتها، ولا تطالبْ طفلَك أبدًا بقراءةِ الكلمات المكتوبة، لكن اكتبها بنفسِك بأحرفٍ مفككة مثل: ب ل ح، واقرأها مع تمريرِ إصبعك على الحروف، واترك الصورَ ومسمياتها في مكانٍ قريب وفي متناول الطفلِ دائمًا.

    تذكَّرْ أنَّ زيادة الحصيلة اللغوية للطفلِ ستساعده على تعلم القراءة بسرعة، كما ستزيد من قدراتِه على استخدام الكتابة كوسيلة للتعبير، لهذا حاولْ أن تلقِّنَ طفلَك الكثيرَ من الكلماتِ مشافهة: أسماء الألوان، أسماء الخضر والفواكه، أسماء وسائل المواصلات، أسماء بعض النباتات والحيوانات، أسماء قطع الأثاث… إلخ.

    بعد أن تتأكَّدَ من حفظِ طفلك لحروف المجموعة انتقل للخطوةِ الثانية؛ وهي تدريبه على نطقِ الحروف بالحركاتِ؛ وعلى سبيل المثال: قمت بتدريب طفلِك على المجموعة الأولى والتي تضمُّ حرف التاء، إذًا ستدربه هنا على أن يقرأ: تَ: تا، تِ: تي، تُ: تو، وهكذا، اتبع أسلوب الترتيب دائمًا فالفتحة ثم الكسرة ثم الضمة، وثبات الترتيب يساعدُ الطِّفلَ في الحفظِ والتذكُّر.

    تجنَّبِ السكون والشدات والتنوين وأحرف المد والهمزات والتاء المربوطة تمامًا، وحاول أن تبدو لينًا مع طفلِك، وتوقع أن تُصابَ بخيبة أمل في البداية، فعملية حفظ الرموز صعبة ومرهقة بالنسبةِ للطفل، وهو يحتاجُ لفترةٍ لتجاوزِ المرحلة وإتقانها على نحوٍ مُرضٍ.

    لا تجبرْ طفلَك على كتابةِ الحروف في البداية، ودع جهدَه مركزًا على التعليمِ الشفهي فقط، فهذا سيزيد من سرعته، وسيطور مهاراته الكتابية وخاصة الإملائية فيما بعد، فمن الضروري أن يعتمدَ الطفل على أذنيه في تمييزِ أصوات الحروف وحركاتها، ثم يحفظ رموزها وأشكالها بصريًّا، وإذا ما أتقنَ الاثنين فلن يكون من الصعبِ عليه أن يتقنَ الكتابةَ والإملاء فيما بعد.

    استفدْ من طبيعةِ الطفل وبساطة تكوينه وسهولة إرضائه وإدخال السرور إلى نفسِه، وحضِّرْ عددًا من الصورِ والطوابع والألعاب التي يحبُّها طفلك وكافئه بها في نهايةِ كلِّ مجموعة، لكن احذر أن يعتادَ الطِّفلُ على المكافآتِ فيصبح التعلمُ مرهونًا بها.

    حاول أن تثيرَ آمال طفلك وطموحاته، وانقل إليه الاعتقاد بأنَّ إتقان القراءة والكتابة هو بداية الطريق لحياة أفضل وتحقيق المنى والآمال.

    بهذا تنتهي الحلقة الثالثة في سلسلة: "دليلك لتعليم طفلك القراءة والكتابة"، نلقاكم قريبًا في حلقةٍ جديدة بإذن الله.

    دليلك لتعليم طفلك القراءة والكتابة
    (الحلقة الرابعة)

    الآن انقضى على طفلك شهران استنفذهما في حفظ الحروف كرموز لها أسماء وأصوات، ولكل حرف شكل واحد، وقد درَّبته على قراءة الحروف بالحركات: فتحة، وكسرة، وضمة، والآن ما الخطوة التالية؟

    بعد أن يدرك الطفلُ الحركات يتعيَّن عليه أن يدرك ماهية حروف المد، ولك أيضًا أن تعود لتتذكر أن أحرف المد ثلاثة: الألف، والياء، والواو، وحرف المد دومًا ساكن، ومع ذلك لا تكتب عليه السكون.

    ماذا أيضًا؟ الألف يسبقها حرف مفتوح، والياء يسبقها حرف مكسور، والواو يسبقها حرف مضموم، والمد هو إطالة حركة الحرف السابق، وعند القراءة يقرأ الحرف الممدود مع حرف المد، ويُشكلان معًا مقطعًا واحدًا، ولكي تنقل مثل هذه المفاهيم للطفل ركِّز على ما يأتي:
    لكل حركة حرف صديق لها، فالفتحة والألف أصدقاء ولهذا يأتيان معًا، والكسرة والياء كذلك، والضمة والواو كذلك.

    المد هو إطالة الحركة السابقة، وهنا يتعين عليك تدريب الطفل على التفرقة بين: تَ وتا، فيقرأ الأولى بدون مد والثانية بالمد، وعليك أن تقرأ ببطء مراعيًا حروف المد حتى يدركها الطفل.

    في هذه المرحلة ستعود لتراجع الحروفَ كافَّة بذات المجموعات مقترنة بحروف المد، فيكون لديك: با بي بو، وتقرأ بااا بييي بووو، وهكذا.

    يحتاج الطفل الصبر في هذه المرحلة؛ حيث تكثر الأخطاء، فلا تصاب باليأس أو تشعر بالفشل، وإنَّما أعطِ الطفل حقَّه في التعلم، وامنحه الوقت الكافي.

    درِّب طفلك في هذه المرحلة على كلمات جديدة تتضمن أحرفَ المد، وراعِ كذلك البُعد عن السكون، والشدة، والتنوين، و"أل" التعريف، والهمزات، والألف اللينة، والتاء المربوطة، واستخدم كلمات مثل: كتاب، باب، سحاب، فيل، كوخ، نام، قام، كبير، صغير، قصير، طويل، سرير، فراش، كوب، حوت، وعليك أن تقرأ على هذا النحو: كتاااب، باااب، كبييير، كوووب.

    تذكر أنك ما زلت تكتب الأحرف منفصلة، وعند القراءة مرر إصبعك على الحروف، وضع حرف المد والحرف الممدود قبله في دائرة، وشجِّع طفلك على القراءة مثلك.

    وقد ذكرنا من قبل أن زيادة الحصيلة اللُّغوية للطفل على درجة كبيرة من الأهمية، ويُمكنك في هذه المرحلة تدريب الطفل على تمييز المفرد من الجمع، ولا تُعنى بصيغ الجمع القياسيَّة وأسمائها، فالمهم أن يحفظَ الطفلُ أكبرَ قَدْرٍ مُمكن من المفردات، ويُمكن ممارسة هذا الأمر على هيئة لعبة، واترك للطفل الفرصة في البداية لتخمين الجمع الصحيح، فنقول: قلم أقلام، باب أبواب، كتاب كتب، سرير أَسِرَّة، ورقة أوراق، حقيبة حقائب، صورة صُوَر، معلم معلمون، ابن أبناء، اسم أسماء… وهكذا، وابدأ بالأشياء المحسوسة، وابتعد عن الأسماء التي تشير لأشياء مجردة، وابدأ بالأشياء المحيطة بك مشيرًا لها، ولا تجعل الأمر مقصورًا على ساعة التعلم، وإنَّما اجعل اللعبة مستمرة في أي وقت وأي مكان.

    إن استخدام لوح الكتابة الأبيض سيعينك كثيرًا في هذه المرحلة، وسيفيد الطفل أيضًا، لكن تذكر أنَّك لا تلعب دور المعلم الذي يطالب الطفل بالانضباط التام، وإنَّما التعلم في تلك المرحلة يتَّسم بالمرونة، ولا بُدَّ أن يرتبط طفلُك بوقت الدرس، وأن يُحبه ويتشوق إليه، ويمكن أن تُخصِّص ربع ساعة يوميًّا في وقت الدرس لقراءة قصة قصيرة مع طفلك، ولا تنسَ أن تكتب الحروف بخط واضح وكبير، واجعل طفلك قريبًا منك، ولا تطالبه بالجلوس بعيدًا، فهو يتعلم في منزله وليس في غرفة الصف.

    تذكَّر أن عليك مُراجعة الحروف كاملةً في كل جلسةِ تعلُّم، اطلب من طفلك أن يردِّد معك الأحرف الأبجدية كاملة في شكل مجموعات، كما تم حفظها سابقًا وبذات اللحن، ثم دوِّن على لوح الكتابة حرفًا حرفًا بدون ترتيب، واسأل طفلك عن اسمه، ثم طريقة قراءته، لا تعبأ بالأخطاء، واستمر في المراجعة اليومية، فالمراحل الأولى لتعلم القراءة تبدو شاقة وطويلة، إلا أن جهودك ستثمر فيما بعد – بإذن الله.

    في هذه المرحلة يبدأ الطفل في مُمارسة الكتابة بنفسه، ويتعيَّن عليك أن تدرب الطفل على كتابة الحروف منفصلة، وكرِّر الكتابة على هيئة واجبات يومية، ودرب الطفل يوميًّا على ثلاثة أحرف فقط، وقبل البَدء بالأحرف الجديدة اطلب منه كتابة ما سبق؛ حتى تتأكد من حفظه له بشكل جيد، ودوِّن الأحرف بخطك في دفتر طفلك مستخدمًا قلمًا واضحًا وبحجم كبير، حتى لو بدا لك غير مناسب، فيُمكن كتابة الحرف على 3 أسطر مثلاً، على أن تلون السطر الأساسي؛ ليبدو واضحًا بالنسبة للطفل.

    لا تهتم كثيرًا بجودة خط الطفل، فما زالت عضلات أصابعه ضعيفة، وتحكُّمه في أنامله ليس جيدًا، كما أنه ما زال في طَوْر حفظ الرموز، وليس تحسينَ أسلوب كتابتها، والخطُّ الجيد له أصوله التي يتعيَّن عليك أن تلقنها لطفلك فيما بعد، لكن ركِّز على كون الطفل يكتب الحرف بطريقة واضحة ومفهومة، وحُثَّه على الالتزام بالكتابة على السطر.

    يُخطئ الأطفالُ كثيرًا حيث يضعون دفتر الكتابة أمامهم مباشرة في وضعية مماثلة للكتاب، ثم يحاولون إمساك القلم والكتابة، وتلك وضعية خاطئة، ولا بُدَّ أن ترشد طفلَك للطريقة الصحيحة؛ حيث يُوضَع الدفتر مائلاً بحيث يسهل إمساك القلم والكتابة بشكل صحيح ومريح.

    بهذا تنتهي الحلقة الرابعة من سلسلة "دليلك لتعليم طفلك القراءة والكتابة" انتظرونا قريبًا بمشيئة الله.

    دليلك لتعليم طفلك القراءة والكتابة
    (الحلقة الرابعة)

    الآن انقضى على طفلك شهران استنفذهما في حفظ الحروف كرموز لها أسماء وأصوات، ولكل حرف شكل واحد، وقد درَّبته على قراءة الحروف بالحركات: فتحة، وكسرة، وضمة، والآن ما الخطوة التالية؟

    بعد أن يدرك الطفلُ الحركات يتعيَّن عليه أن يدرك ماهية حروف المد، ولك أيضًا أن تعود لتتذكر أن أحرف المد ثلاثة: الألف، والياء، والواو، وحرف المد دومًا ساكن، ومع ذلك لا تكتب عليه السكون.

    ماذا أيضًا؟ الألف يسبقها حرف مفتوح، والياء يسبقها حرف مكسور، والواو يسبقها حرف مضموم، والمد هو إطالة حركة الحرف السابق، وعند القراءة يقرأ الحرف الممدود مع حرف المد، ويُشكلان معًا مقطعًا واحدًا، ولكي تنقل مثل هذه المفاهيم للطفل ركِّز على ما يأتي:
    لكل حركة حرف صديق لها، فالفتحة والألف أصدقاء ولهذا يأتيان معًا، والكسرة والياء كذلك، والضمة والواو كذلك.

    المد هو إطالة الحركة السابقة، وهنا يتعين عليك تدريب الطفل على التفرقة بين: تَ وتا، فيقرأ الأولى بدون مد والثانية بالمد، وعليك أن تقرأ ببطء مراعيًا حروف المد حتى يدركها الطفل.

    في هذه المرحلة ستعود لتراجع الحروفَ كافَّة بذات المجموعات مقترنة بحروف المد، فيكون لديك: با بي بو، وتقرأ بااا بييي بووو، وهكذا.

    يحتاج الطفل الصبر في هذه المرحلة؛ حيث تكثر الأخطاء، فلا تصاب باليأس أو تشعر بالفشل، وإنَّما أعطِ الطفل حقَّه في التعلم، وامنحه الوقت الكافي.

    درِّب طفلك في هذه المرحلة على كلمات جديدة تتضمن أحرفَ المد، وراعِ كذلك البُعد عن السكون، والشدة، والتنوين، و"أل" التعريف، والهمزات، والألف اللينة، والتاء المربوطة، واستخدم كلمات مثل: كتاب، باب، سحاب، فيل، كوخ، نام، قام، كبير، صغير، قصير، طويل، سرير، فراش، كوب، حوت، وعليك أن تقرأ على هذا النحو: كتاااب، باااب، كبييير، كوووب.

    تذكر أنك ما زلت تكتب الأحرف منفصلة، وعند القراءة مرر إصبعك على الحروف، وضع حرف المد والحرف الممدود قبله في دائرة، وشجِّع طفلك على القراءة مثلك.

    وقد ذكرنا من قبل أن زيادة الحصيلة اللُّغوية للطفل على درجة كبيرة من الأهمية، ويُمكنك في هذه المرحلة تدريب الطفل على تمييز المفرد من الجمع، ولا تُعنى بصيغ الجمع القياسيَّة وأسمائها، فالمهم أن يحفظَ الطفلُ أكبرَ قَدْرٍ مُمكن من المفردات، ويُمكن ممارسة هذا الأمر على هيئة لعبة، واترك للطفل الفرصة في البداية لتخمين الجمع الصحيح، فنقول: قلم أقلام، باب أبواب، كتاب كتب، سرير أَسِرَّة، ورقة أوراق، حقيبة حقائب، صورة صُوَر، معلم معلمون، ابن أبناء، اسم أسماء… وهكذا، وابدأ بالأشياء المحسوسة، وابتعد عن الأسماء التي تشير لأشياء مجردة، وابدأ بالأشياء المحيطة بك مشيرًا لها، ولا تجعل الأمر مقصورًا على ساعة التعلم، وإنَّما اجعل اللعبة مستمرة في أي وقت وأي مكان.

    إن استخدام لوح الكتابة الأبيض سيعينك كثيرًا في هذه المرحلة، وسيفيد الطفل أيضًا، لكن تذكر أنَّك لا تلعب دور المعلم الذي يطالب الطفل بالانضباط التام، وإنَّما التعلم في تلك المرحلة يتَّسم بالمرونة، ولا بُدَّ أن يرتبط طفلُك بوقت الدرس، وأن يُحبه ويتشوق إليه، ويمكن أن تُخصِّص ربع ساعة يوميًّا في وقت الدرس لقراءة قصة قصيرة مع طفلك، ولا تنسَ أن تكتب الحروف بخط واضح وكبير، واجعل طفلك قريبًا منك، ولا تطالبه بالجلوس بعيدًا، فهو يتعلم في منزله وليس في غرفة الصف.

    تذكَّر أن عليك مُراجعة الحروف كاملةً في كل جلسةِ تعلُّم، اطلب من طفلك أن يردِّد معك الأحرف الأبجدية كاملة في شكل مجموعات، كما تم حفظها سابقًا وبذات اللحن، ثم دوِّن على لوح الكتابة حرفًا حرفًا بدون ترتيب، واسأل طفلك عن اسمه، ثم طريقة قراءته، لا تعبأ بالأخطاء، واستمر في المراجعة اليومية، فالمراحل الأولى لتعلم القراءة تبدو شاقة وطويلة، إلا أن جهودك ستثمر فيما بعد – بإذن الله.

    في هذه المرحلة يبدأ الطفل في مُمارسة الكتابة بنفسه، ويتعيَّن عليك أن تدرب الطفل على كتابة الحروف منفصلة، وكرِّر الكتابة على هيئة واجبات يومية، ودرب الطفل يوميًّا على ثلاثة أحرف فقط، وقبل البَدء بالأحرف الجديدة اطلب منه كتابة ما سبق؛ حتى تتأكد من حفظه له بشكل جيد، ودوِّن الأحرف بخطك في دفتر طفلك مستخدمًا قلمًا واضحًا وبحجم كبير، حتى لو بدا لك غير مناسب، فيُمكن كتابة الحرف على 3 أسطر مثلاً، على أن تلون السطر الأساسي؛ ليبدو واضحًا بالنسبة للطفل.

    لا تهتم كثيرًا بجودة خط الطفل، فما زالت عضلات أصابعه ضعيفة، وتحكُّمه في أنامله ليس جيدًا، كما أنه ما زال في طَوْر حفظ الرموز، وليس تحسينَ أسلوب كتابتها، والخطُّ الجيد له أصوله التي يتعيَّن عليك أن تلقنها لطفلك فيما بعد، لكن ركِّز على كون الطفل يكتب الحرف بطريقة واضحة ومفهومة، وحُثَّه على الالتزام بالكتابة على السطر.

    يُخطئ الأطفالُ كثيرًا حيث يضعون دفتر الكتابة أمامهم مباشرة في وضعية مماثلة للكتاب، ثم يحاولون إمساك القلم والكتابة، وتلك وضعية خاطئة، ولا بُدَّ أن ترشد طفلَك للطريقة الصحيحة؛ حيث يُوضَع الدفتر مائلاً بحيث يسهل إمساك القلم والكتابة بشكل صحيح ومريح.

    بهذا تنتهي الحلقة الرابعة من سلسلة "دليلك لتعليم طفلك القراءة والكتابة" انتظرونا قريبًا بمشيئة الله.

    موضوع مميز ويستحق التثبيت

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.