إن الدفقة الواحدة من ماء الرجل تحتوي على نحو ستين مليوناً من الحيوانات المنوية . . كلها تدخل في سباق لتلحق بالبويضة في رحم المرآة . . ولا يعلم أحد من الذي يسبق! فهو غيب ، أو هو قدر غيبي لا علم للبشر به – بما فيهم الرجل والمرأة صاحبا الدور في هذا الأمر! – ثم يصل السابق من بين ستين مليوناً! ويلتحم مع البويضة ليكوّنا معاً خلية واحدة ملقحة هي التي ينتج منها الجنين .
ولما كانت كل كروموسومات البويضة مؤنثة ، بينما كروموسومات الحيوان المنوي بعضها مذكر وبعضها مؤنث؛ فإن غلبة عدد كروموسومات التذكير أو كروموسومات التأنيث في الحيوان المنوي الذي يلتحم بالبويضة ، هو الذي يقرر مصير الجنين – ذكراً أو أنثى – وهذا خاضع لقدر الله الغيبي لا علم به ولا دخل للبشر – بما فيهم أبوا الجنين أنفسهما : الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد . وكل شيء عنده بمقدار . عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال [ الرعد : 8 – 9 ] لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور . أو يزوجهم ذكراناً وإناثا ويجعل من يشاء عقيماً ، إنه عليم قدير [ الشورى : 49 – 50 ] يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقاً من بعد خلق في ظلمات ثلاث ذلكم الله ربكم له الملك ، لا إله إلا هو فأنى تصرفون؟ [ الزمر : 6 ] .
هذا هو « الغيب » الذي يقف أمامه « العلم » البشري؛ ويواجهه في القرن العشرين . . بينما الذين يعيشون على فتات القرون الماضية يزعمون أن « الغيبية » تنافي « العلمية » . وأن المجتمع الذي يريد أن يعيش بعقلية علمية ينبغي له أن يتخلص من العقلية الغيبية! ذلك بينما العلم البشري ذاته . . علم القرن العشرين . . يقول : إن كل ما يصل إليه من النتائج هو « الاحتمالات »! وإن الحقيقة المستيقنة الوحيدة هي أن هنالك « غيباً » لا شك فيه!
على أننا قبل أن نغادر هذه الوقفة المجملة أمام حقيقة الغيب ، ينبغي أن نقول كلمة عن طبيعة « الغيب » في العقيدة الإسلامية ، وفي التصور الإسلامي ، وفي العقلية الإسلامية .
إن القرآن الكريم – وهو المصدر الأساسي للعقيدة الإسلامية التي تنشئ التصور الإسلامي والعقلية الإسلامية – يقرر أن هناك عالماً للغيب وعالماً للشهادة . فليس كل ما يحيط بالإنسان غيباً ، وليس كل ما يتعامل معه من قوى الكون مجهولاً . .
إن هنالك سنناً ثابتة لهذا الكون؛ يملك « الإنسان » أن يعرف منها القدر اللازم له ، حسب طاقته وحسب حاجته ، للقيام بالخلافة في هذه الأرض . وقد أودعه الله القدرة على معرفة هذا القدر من السنن الكونية؛ وعلى تسخير قوى الكون وفق هذه السنن للنهوض بالخلافة ، وتعمير الأرض ، وترقية الحياة ، والانتفاع بأقواتها وأرزاقها وطاقاتها . .
وإلى جانب هذه السنن الثابتة – في عمومها – مشيئة الله الطليقة؛ لا تقيدها هذه السنن وإن كانت من عملها . وهناك قدر الله الذي يُنفذ هذه السنن في كل مرة تنفذ فيها . فهي ليست آلية بحتة ، فالقدر هو المسيطر على كل حركة فيها؛ وإن جرت وفق السنة التي أودعها الله إياها .
وهذا القدَر الذي يُنفذ هذه السنن في كل مرة تنفذ فيها « غيب » لا يعلمه أحد علم يقين؛ وأقصى ما يصل إليه الناس هو الظنون و « الاحتمالات » . . وهذا ما يعترف به العلم البشري أيضاً . .
وإن ملايين الملايين من العمليات لتتم في كيان الإنسان في اللحظة الواحدة؛ وكلها « غيب » بالقياس إليه ، وهي تجري في كيانه! ومثلها ملايين ملايين العمليات التي تتم في الكون من حوله؛ وهو لا يعلمها!
وإن الغيب ليحيط بماضيه وماضي الكون . وحاضره وحاضر الكون . ومستقبله ومستقبل الكون . . وذلك مع وجود السنن الثابتة ، التي يعرف بعضها ، وينتفع بها انتفاعاً علمياً منظماً في النهوض بعبء الخلافة .
وإن « الإنسان » ليجيء إلى هذا العالم على غير رغبة منه ولا علم بموعد قدومه! وإنه ليذهب عن هذا العالم على غير رغبة منه ولا علم بموعد رحيله! . . وكذلك كل شيء حي . . ومهما تعلم ومهما عرف ، فإن هذا لن يغير من هذا الواقع شيئاً!
إن العقلية الإسلامية عقلية « غيبية علمية » لأن « الغيبية » هي « العلمية » بشهادة « العلم » والواقع . . أما التنكر للغيب فهو « الجهلية » التي يتعالم أصحابها وهم بهذه الجهالة!
وإن العقلية الإسلامية لتجمع بين الاعتقاد بالغيب المكنون الذي لا يعلم مفاتحه إلا الله؛ وبين الاعتقاد بالسنن التي لا تتبدل ، والتي تمكن معرفة الجوانب اللازمة منها لحياة الإنسان في الأرض ، والتعامل معها على قواعد ثابته . . فلا يفوت المسلم « العلم » البشري في مجاله ، ولا يفوته كذلك إدراك الحقيقة الواقعة؛ وهي أن هنالك غيباً لا يُطلع الله عليه أحداً ، إلا من شاء بالقدر الذي يشاء . .
والإيمان بالغيب هو العتبة التي يجتازها « الفرد » فيتجاوز مرتبة « الحيوان » الذي لا يدرك إلا ما تدركه حواسه ، إلى مرتبة « الإنسان » الذي يدرك أن الوجود أكبر وأشمل من ذلك الحيز الصغير المحدود الذي تدركه الحواس – أو الأجهزة التي هي امتداد للحواس – وهي نقلة بعيدة الأثر في تصور الإنسان لحقيقة الوجود كله ، ولحقيقة وجوده الذاتي ، ولحقيقة القوى المنطلقة في كيان هذا الوجود؛ وفي إحساسه بالكون ، وما وراء الكون من قدرة وتدبير . كما أنها بعيدة الآثر في حياته على الأرض . فليس من يعيش في الحيز الصغير الذي تدركه حواسه كمن يعيش في الكون الكبير الذي تدركه بديهته وبصيرته؛ ويتلقى أصداءه وإيحاءاته في أطوائه وأعماقه؛ ويشعر أن مداه أوسع في الزمان والمكان من كل ما يدركه وعيه في عمره القصير المحدود؛ وأن وراء الكون . . ظاهره وخافيه . . حقيقة أكبر من الكون ، هي التي صدر عنها ، واستمد من وجودها وجوده . . حقيقة الذات الإلهية التي لا تدركها الأبصار ، ولا تحيط بها العقول .
. . « لقد كان الإيمان بالغيب هو مفرق الطريق في ارتقاء الإنسان عن عالم البهيمة . ولكن جماعة الماديين في هذا الزمان – كجماعة الماديين في كل زمان – يريدون أن يعودوا بالإنسان القهقرى . . إلى عالم البهيمة ، الذي لا وجود فيه لغير المحسوس! ويسمون هذا » تقدمية «! وهو النكسة التي وقى الله المؤمنين إياها . فجعل صفتهم المميزة هي صفة : الذين يؤمنون بالغيب . . والحمد لله على نعمائه؛ والنكسة للمنتكسين والمرتكسين » .
والذين يتحدثون عن « الغيبية » و « العلمية » يتحدثون كذلك عن « الحتمية التاريخية » كأن كل المستقبل مستيقن! و « العلم » في هذا الزمان يقول : إن هناك « احتمالات » وليست هنالك « حتميات »!
ولقد كان ماركس من المتنبئين « بالحتميات »! ولكن أين نبوءات ماركس اليوم؟
لقد تنبأ بحتمية قيام الشيوعية في انجلترا ، نتيجة بلوغها قمة الرقي الصناعي ومن ثم قمة الرأسمالية في جانب والفقر العمالي في جانب آخر . . فإذا الشيوعية تقوم في أكثر الشعوب تخلفاً صناعياً . . في روسيا والصين وما إليها . . ولا تقوم قط في البلاد الصناعية الراقية!
ولقد تنبأ لينين وبعده ستالين بحتمية الحرب بين العالم الرأسمالي والعالم الشيوعي . وها هو ذا خليفتهما « خروشوف » يحمل راية « التعايش السلمي »!
ولا نمضي طويلاً مع هذه « الحتميات » التنبؤية! فهي لا تستحق جدية المناقشة!
إن هنالك حقيقة واحدة مستيقنة هي حقيقة الغيب ، وكل ما عداها احتمالات . وإن هنالك حتمية واحدة هي وقوع ما يقضي به الله ويجري به قدره . وقدر الله غيب لا يعلمه إلا هو . وإن هنالك – مع هذا وذلك – سنناً للكون ثابتة ، يملك الإنسان أن يتعرف إليها ، ويستعين بها في خلافة الأرض ، مع ترك الباب مفتوحاً لقدر الله النافذ؛ وغيب الله المجهول . . وهذا قوام الأمر كله . . إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ومن علم الله الشامل بمفاتح الغيب ، وبما يجري في جنبات الكون ، ينتقل السياق إلى مجال من مجالات هذا العلم الشامل ، في ذوات البشر ، ومجال كذلك من مجالات الهيمنة الإلهية ، بعد العلم المحيط :
وهو الذي يتوفاكم بالليل ، ويعلم ما جرحتم بالنهار ، ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى ، ثم إليه مرجعكم ، ثم ينبئكم بما كنتم تعملون . .
بضع كلمات أخرى ، كالتي رسمت آفاق الغيب وآماده وأغواره ، وأشارت إلى مدى العلم الإلهي وشموله في الآية السابقة . . بضع كلمات أخرى تضم حياة البشرية كلها في قبضة الله – سبحانه – وفي علمه وقدره وتدبيره . . صحوهم ومنامهم . . موتهم وبعثهم . حشرهم وحسابهم . . ولكن على « طريقة القرآن » المعجزة في الإحياء والتشخيص ، وفي لمس المشاعر واستجاشتها ، مع كل صورة وكل مشهد وكل حركة يرسمها تعبيره العجيب.
ولما كانت كل كروموسومات البويضة مؤنثة ، بينما كروموسومات الحيوان المنوي بعضها مذكر وبعضها مؤنث؛ فإن غلبة عدد كروموسومات التذكير أو كروموسومات التأنيث في الحيوان المنوي الذي يلتحم بالبويضة ، هو الذي يقرر مصير الجنين – ذكراً أو أنثى – وهذا خاضع لقدر الله الغيبي لا علم به ولا دخل للبشر – بما فيهم أبوا الجنين أنفسهما : الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد . وكل شيء عنده بمقدار . عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال [ الرعد : 8 – 9 ] لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور . أو يزوجهم ذكراناً وإناثا ويجعل من يشاء عقيماً ، إنه عليم قدير [ الشورى : 49 – 50 ] يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقاً من بعد خلق في ظلمات ثلاث ذلكم الله ربكم له الملك ، لا إله إلا هو فأنى تصرفون؟ [ الزمر : 6 ] .
هذا هو « الغيب » الذي يقف أمامه « العلم » البشري؛ ويواجهه في القرن العشرين . . بينما الذين يعيشون على فتات القرون الماضية يزعمون أن « الغيبية » تنافي « العلمية » . وأن المجتمع الذي يريد أن يعيش بعقلية علمية ينبغي له أن يتخلص من العقلية الغيبية! ذلك بينما العلم البشري ذاته . . علم القرن العشرين . . يقول : إن كل ما يصل إليه من النتائج هو « الاحتمالات »! وإن الحقيقة المستيقنة الوحيدة هي أن هنالك « غيباً » لا شك فيه!
على أننا قبل أن نغادر هذه الوقفة المجملة أمام حقيقة الغيب ، ينبغي أن نقول كلمة عن طبيعة « الغيب » في العقيدة الإسلامية ، وفي التصور الإسلامي ، وفي العقلية الإسلامية .
إن القرآن الكريم – وهو المصدر الأساسي للعقيدة الإسلامية التي تنشئ التصور الإسلامي والعقلية الإسلامية – يقرر أن هناك عالماً للغيب وعالماً للشهادة . فليس كل ما يحيط بالإنسان غيباً ، وليس كل ما يتعامل معه من قوى الكون مجهولاً . .
إن هنالك سنناً ثابتة لهذا الكون؛ يملك « الإنسان » أن يعرف منها القدر اللازم له ، حسب طاقته وحسب حاجته ، للقيام بالخلافة في هذه الأرض . وقد أودعه الله القدرة على معرفة هذا القدر من السنن الكونية؛ وعلى تسخير قوى الكون وفق هذه السنن للنهوض بالخلافة ، وتعمير الأرض ، وترقية الحياة ، والانتفاع بأقواتها وأرزاقها وطاقاتها . .
وإلى جانب هذه السنن الثابتة – في عمومها – مشيئة الله الطليقة؛ لا تقيدها هذه السنن وإن كانت من عملها . وهناك قدر الله الذي يُنفذ هذه السنن في كل مرة تنفذ فيها . فهي ليست آلية بحتة ، فالقدر هو المسيطر على كل حركة فيها؛ وإن جرت وفق السنة التي أودعها الله إياها .
وهذا القدَر الذي يُنفذ هذه السنن في كل مرة تنفذ فيها « غيب » لا يعلمه أحد علم يقين؛ وأقصى ما يصل إليه الناس هو الظنون و « الاحتمالات » . . وهذا ما يعترف به العلم البشري أيضاً . .
وإن ملايين الملايين من العمليات لتتم في كيان الإنسان في اللحظة الواحدة؛ وكلها « غيب » بالقياس إليه ، وهي تجري في كيانه! ومثلها ملايين ملايين العمليات التي تتم في الكون من حوله؛ وهو لا يعلمها!
وإن الغيب ليحيط بماضيه وماضي الكون . وحاضره وحاضر الكون . ومستقبله ومستقبل الكون . . وذلك مع وجود السنن الثابتة ، التي يعرف بعضها ، وينتفع بها انتفاعاً علمياً منظماً في النهوض بعبء الخلافة .
وإن « الإنسان » ليجيء إلى هذا العالم على غير رغبة منه ولا علم بموعد قدومه! وإنه ليذهب عن هذا العالم على غير رغبة منه ولا علم بموعد رحيله! . . وكذلك كل شيء حي . . ومهما تعلم ومهما عرف ، فإن هذا لن يغير من هذا الواقع شيئاً!
إن العقلية الإسلامية عقلية « غيبية علمية » لأن « الغيبية » هي « العلمية » بشهادة « العلم » والواقع . . أما التنكر للغيب فهو « الجهلية » التي يتعالم أصحابها وهم بهذه الجهالة!
وإن العقلية الإسلامية لتجمع بين الاعتقاد بالغيب المكنون الذي لا يعلم مفاتحه إلا الله؛ وبين الاعتقاد بالسنن التي لا تتبدل ، والتي تمكن معرفة الجوانب اللازمة منها لحياة الإنسان في الأرض ، والتعامل معها على قواعد ثابته . . فلا يفوت المسلم « العلم » البشري في مجاله ، ولا يفوته كذلك إدراك الحقيقة الواقعة؛ وهي أن هنالك غيباً لا يُطلع الله عليه أحداً ، إلا من شاء بالقدر الذي يشاء . .
والإيمان بالغيب هو العتبة التي يجتازها « الفرد » فيتجاوز مرتبة « الحيوان » الذي لا يدرك إلا ما تدركه حواسه ، إلى مرتبة « الإنسان » الذي يدرك أن الوجود أكبر وأشمل من ذلك الحيز الصغير المحدود الذي تدركه الحواس – أو الأجهزة التي هي امتداد للحواس – وهي نقلة بعيدة الأثر في تصور الإنسان لحقيقة الوجود كله ، ولحقيقة وجوده الذاتي ، ولحقيقة القوى المنطلقة في كيان هذا الوجود؛ وفي إحساسه بالكون ، وما وراء الكون من قدرة وتدبير . كما أنها بعيدة الآثر في حياته على الأرض . فليس من يعيش في الحيز الصغير الذي تدركه حواسه كمن يعيش في الكون الكبير الذي تدركه بديهته وبصيرته؛ ويتلقى أصداءه وإيحاءاته في أطوائه وأعماقه؛ ويشعر أن مداه أوسع في الزمان والمكان من كل ما يدركه وعيه في عمره القصير المحدود؛ وأن وراء الكون . . ظاهره وخافيه . . حقيقة أكبر من الكون ، هي التي صدر عنها ، واستمد من وجودها وجوده . . حقيقة الذات الإلهية التي لا تدركها الأبصار ، ولا تحيط بها العقول .
. . « لقد كان الإيمان بالغيب هو مفرق الطريق في ارتقاء الإنسان عن عالم البهيمة . ولكن جماعة الماديين في هذا الزمان – كجماعة الماديين في كل زمان – يريدون أن يعودوا بالإنسان القهقرى . . إلى عالم البهيمة ، الذي لا وجود فيه لغير المحسوس! ويسمون هذا » تقدمية «! وهو النكسة التي وقى الله المؤمنين إياها . فجعل صفتهم المميزة هي صفة : الذين يؤمنون بالغيب . . والحمد لله على نعمائه؛ والنكسة للمنتكسين والمرتكسين » .
والذين يتحدثون عن « الغيبية » و « العلمية » يتحدثون كذلك عن « الحتمية التاريخية » كأن كل المستقبل مستيقن! و « العلم » في هذا الزمان يقول : إن هناك « احتمالات » وليست هنالك « حتميات »!
ولقد كان ماركس من المتنبئين « بالحتميات »! ولكن أين نبوءات ماركس اليوم؟
لقد تنبأ بحتمية قيام الشيوعية في انجلترا ، نتيجة بلوغها قمة الرقي الصناعي ومن ثم قمة الرأسمالية في جانب والفقر العمالي في جانب آخر . . فإذا الشيوعية تقوم في أكثر الشعوب تخلفاً صناعياً . . في روسيا والصين وما إليها . . ولا تقوم قط في البلاد الصناعية الراقية!
ولقد تنبأ لينين وبعده ستالين بحتمية الحرب بين العالم الرأسمالي والعالم الشيوعي . وها هو ذا خليفتهما « خروشوف » يحمل راية « التعايش السلمي »!
ولا نمضي طويلاً مع هذه « الحتميات » التنبؤية! فهي لا تستحق جدية المناقشة!
إن هنالك حقيقة واحدة مستيقنة هي حقيقة الغيب ، وكل ما عداها احتمالات . وإن هنالك حتمية واحدة هي وقوع ما يقضي به الله ويجري به قدره . وقدر الله غيب لا يعلمه إلا هو . وإن هنالك – مع هذا وذلك – سنناً للكون ثابتة ، يملك الإنسان أن يتعرف إليها ، ويستعين بها في خلافة الأرض ، مع ترك الباب مفتوحاً لقدر الله النافذ؛ وغيب الله المجهول . . وهذا قوام الأمر كله . . إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ومن علم الله الشامل بمفاتح الغيب ، وبما يجري في جنبات الكون ، ينتقل السياق إلى مجال من مجالات هذا العلم الشامل ، في ذوات البشر ، ومجال كذلك من مجالات الهيمنة الإلهية ، بعد العلم المحيط :
وهو الذي يتوفاكم بالليل ، ويعلم ما جرحتم بالنهار ، ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى ، ثم إليه مرجعكم ، ثم ينبئكم بما كنتم تعملون . .
بضع كلمات أخرى ، كالتي رسمت آفاق الغيب وآماده وأغواره ، وأشارت إلى مدى العلم الإلهي وشموله في الآية السابقة . . بضع كلمات أخرى تضم حياة البشرية كلها في قبضة الله – سبحانه – وفي علمه وقدره وتدبيره . . صحوهم ومنامهم . . موتهم وبعثهم . حشرهم وحسابهم . . ولكن على « طريقة القرآن » المعجزة في الإحياء والتشخيص ، وفي لمس المشاعر واستجاشتها ، مع كل صورة وكل مشهد وكل حركة يرسمها تعبيره العجيب.
مشكورة ياقمر
سبحان الخالق العظيم
جزاكِ الله كل خير
جزاكِ الله كل خير
سبحان الخالق العظيم
جزاكِ الله كل خير
جزاكِ الله كل خير
جزانا واياكن يا اغلى صديقات
جزاكى الله كل خير