ماذا تعرف عن الاستنساخ؟
الى أي حد تنجح الطبيعة في استنساخ البشر؟ عندما
الى أي حد تنجح الطبيعة في استنساخ البشر؟
تثار قضية استنساخ البشر بالطرق العلمية الحديثة، وما يمكن أن
عندما تثار قضية استنساخ البشر بالطرق العلمية الحديثة، وما يمكن أن يعقب نجاحها من عواقب وإشكالات،غالباً ما تتجه الأنظار الى التوائم المتجانسة،والتي تعتبر حسب رأي العلماء، صورة مثالية للإستناخ الطبيعي.
من هنا تكثر الدراسات وتشعب حول حياة وسلوك التوائم المتجانسة،وذلك بهدف كشف النقاب عن نسبة علاقة الجينات الوراثية بتطوّر الشخصية والميول، إضافة الى أدقّ التفاصيل التي تميّز الأفراد وتمنحهم طابعهم الخاص.
وباعتبار أن الأخ التوأم في معظم حالات التوائم المتجانسة قد يكون نسخة طبق الأصل عن أخيه، فإن أهمية الدراسات الحديثة تكمن في تأكيد أو دحض صحة النظرية القائلة، إن الإنسان ليس سوى آلة مبرمجة تسير على وقع حركة الجينات التي تتلاعب بخطواتها.
وهذا لسوء الحظ قد يضع أنظمة وقوانين التربية السائدة على المحك. فإلى أي حد تنطبق هذه النظرية على الواقع، وما هي أهم نتائج الأبحاث في عالم التوائم المتجانسة؟
يعقب نجاحها من عواقب وإشكالات،غالباً ما تتجه الأنظار الى التوائم
الرأي الطبي المتخصص
قبل أن نتطرق الى نتائج الأبحاث المشار إليها، نلفت الى شروحات الأطباء في ما يتعلق بالتوائم المتجانسة، والتي حسب رأيهم تولد نتيجة الإنقسام المتناسق للبويضة الملقحة بحيوان منوي واحد.
وهي غالباً ما تتقاسم العوامل الوراثية ذاتها، وتكون متشابهة الى حد لا يمكن للناظر التفرقة بينها.
أما لناحية الآراء المنبثقة من مراقبة هذا النوع من التوائم،فيبدو أنها تركز على حتمية دور القوى البيولوجية في تحديد السلوك والشخصية.
وهي آراء بدأت تدحض تدريجاً نظريات التربية، بما فيها نظريات العالم النفساني فرويد الشائعة،والتي تشد كما هو معروف، على مراحل نمو الشخصية وارتباطها بنمط الحياة العائلية والإجتماعية.
وعلماً أن هذه الأساليب التربوية ما زالت تشكل العصب الأساسي للمفاهي السائدة، إلا أن الآراء الحديثة بدأت تنعكس بوضوح على طرق التعامل مع الأطفال والمراهقين.
وهذا ما نشهده حالياً في المجتمعات الحضارية،حيث يتعاون الأهل المثقفون مع المربين لتفادي القمع والتطويع القسري لشخصية الطفل،ولإفساح المجال أمام نمو قدراته عن طريق التوجيه الإيجابي السليم.
على كل فالدراسات التي شملت التوائم المتجانسة في غير مكان من العالم، تعطي فكرة واضحة عن نسبة خضوع الإنسان لإمرة قواه البيولوجية،وذلك بالمقارنة الى نسبة تجاوبه مع التطويع التربوي.
من هنا تطرح التساؤلات عن ماهية الذات البشرية وعلاقتها بالغير، ويطرح معها لغز التوائم المتجانسة،أو حصيلة الإستنساخ الطبيعي التي تعكس أصداء النفس البشرية بدقة وشمولية.
يعقب نجاحها من عواقب وإشكالات،غالباً ما تتجه الأنظار الى التوائم
دمى ترقص على وقع موسيقى الجينات
حول هذه الناحية البالغة الحساسية
يلفت الطبيب الأميركي توماس بوشارد صاحب مركز مينيسوتا لأبحاث التوائم، أن استقلالية الرأي والإرادة الحرة وسواها من معالم قوة الشخصية والتي تميّز أشخاصاً دون سواهم، هي معالم تنبع من أس بيولوجية ثابتة وتسري في عائلات دون سواها.
من جهة أخرى فهو لا ينفي دور التربية في تعميق هذه المعالم وصقلها وذلك في حال وجودها، إلا أنه لا يعتقد أنها تنشأ وتبلور نتيجة أسلوب تربوي محدد.
والنظرية نفسها تنطبق على معالم مركبات النقص والدونية.فالشعور بالنقص أو الخجل من المواجهة قد يتفاقم بفعل القسوة وسواها من أساليب القمع التي تلغي معالم الشخصية المستقلة،إلا أنه يكون أساساً قابعاً في الطباع الفطرية التي تميز أيضاً بعض العائلات.
وهذه القاعدة تشمل، حسب اعتقاد الإختصاصين،عادات الإدمان على الكحول والمخدرات والميول الفردية،
بما فيها الميل الى العنف والجريمة، وحتى الإنحرافات الجنسية.
والمراقبة الدقيقة التي شملت توائم متجانسة هي خير دليل على ذلك. إن أكثرية التوائم الذين تمت مراقبتهم، كانوا من الذين أبعدوا عن بعضهم منذ الولادة،وزعوا على عائلات تبنتهم وربتهم في مناطق سكنية بعيدة عن الأخرى، وفق أساليب تربوية متباينة. والغريب في الأمر أن الوقائع التي سجلتها الدراسات عن هذه التوائم،كانت بالغة الإثارة وبعيدة عن التصديق.
يعقب نجاحها من عواقب وإشكالات،غالباً ما تتجه الأنظار الى التوائم
دلائل قاطعة على انقسام الذات المبرمجة
من أهم هذه الوقائع، أن طفلتين أميركيتين توأمين عاشتا بعيدتين الواحدة عن الأخرى ولم تتعرفا الى بعضهما إلا بعد بلوغهما الواحدة والثلاثين من العمر، وذلك بطريق الصدفة.
وكانت المفاجأة الكبرى أنهما في تلك اللحظة التاريخية،كانتا ترتديان ملابس من اللون نفسه، وتعطران بالعطر نفسه،وتألقان بقصة الشعر ذاتها وكذلك الأمر بالنسبة لأسلوب التجميل.
وعندما اجتمعتا وخاضتا في تفاصيل حياتهما الشخصية، علمتا أن كلاً منهما سقطت عن سلم منزلها في التاريخ نفسه،وتزوجت وأنجبت في الشهر نفسه من العام ذاته.
والاختصاصيون الذين عاينوا عن كثب هذا الحدث المثير،لم يكن بوسعهم إلا أن يتساءلوا عن اللغز الكامن في الذات المجزأة،وعن سر خضوع الإنسان القسري لقواه البيولوجية.
هذا الحدث تبعته أحداث عدة مشابهة ومثيرة للدهشة
منها توائم أدمنوا على الكحول والمخدرات وارتكبوا جرائم في ظروف متشابهة. كما أصيب بعضهم بالأمراض ذاتها وفارقوا الحياة في اللحظة عينها
ما هو رأي الإختصاصين؟
جرّاح التجميل الأميركي الدكتور دايفيد ديبليكا الذي أجرى أكثر من مئة عملية تجميل لتوائم متجانسة،
أكد أن التوائم التي تلد نتيجة الإنقسام المتجانس للبويضة الواحدة،وذلك في وقت معيّن يلي التلقيح ويكون أحدها نسخة عن الأخرى، غالباً ما تكون أحداث حياتها وميولها وعاداتها متشابهة الى حد بعيد،
وهو أمر يصعب تفسير مسبباته.
مع ذلك يعتقد أن السر يكمن في إنقسام الجينات الوراثية التي تبرمج الإنسان، وذلك بطريقة متوازية ومنسقة.
من جهة أخرى، تفيد نتائج دراسات أجريت في السويد في الحقل ذاته،والتي شملت بالإضافة الى التوائم،جماعات متعددة الأجناس والإنتماءات والبيئات الإجتماعية، أن الجينات التي هي وراء تكوين الطباع الفطرية،تؤثر مباشرة في الخطوط الخمسة الرئيسة التي ترتكز عليها الشخصية
وهي:
الوعي، المقدرة على إكتساب المهارات والخبرات،المرونة والقابلية على التأقلم، المقدرة على بناء العلاقات، الإستعداد للإنفعال والإضطرابات العصبية.
كذلك أكدت هذه الدراسات على دور الجينات الوراثية في تحديد الخطوط البيولوجية والمسلكية التالية:
– الإستعداد للبدانة.
– التفاؤل والتشاؤم.
– نسبة الميل الى التديّن.
– الإدمان على الكحول والمخدرات وسواها من العادات السيئة.
– عدم الإستقرار النفسي والقلق إضافة الى صعوبة التركيز.
– الأمراض النفسية والعصبية بما فيها الإكتئاب والهوس والفصام.
متى تختلف التوائم المتجانسة؟
التطابق اللافت الذي عاينه الإختصاصيون في سلوك التوائم ومشاعرهم وعاداتهم،يقابله حسب تقارير أخرى، إختلافات لا يمكن التغاضي عنها. وهذا يعود، حسب رأي الأطباء، الى اختلاف نوع الكروموزومات التي تحدد جنس الجنين في الرحم والتي تحتفظ بجينات مختلفة ترسم أس الطباع والشخصية.
كما أن إختلاف توقيت إنقسام البويضة الملقّحة في الرحم يحدد بدوره نسبة التشابه والإختلاف بين التوائم المتجانسة.
وعلماً أن العوامل البيولوجية المحيطة بولادة التوائم هي مختلفة وبالغة التعقيد،إلا أن الحقائق الملموسة التي تنتج من تفاعلها تظهر بوضوح الدور الأساسي الذي تلعبه الجينات الوراثية في رسم ملامح حياتنا.
في اللحظة التي يتم خلالها نسج أول خط من الحامض النوي الذي يشكل نواة الوجود،
تبدأ ملامح الشخصية بالتكوّن،فترسخ الذات والهوية، وترسخ معهما الإستعدادات الكامنة للتفاعل مع العالم الخارجي.