ولد النبي صّلى الله عليه وآلِهِ وسلم في عام الفيل (570م) بإتّفاق كتّاب السيرة، ورحل عن الدنيا في (632م) عن 63 عاماً، كما اتّفقوا على أنّه ولد في شهر ربيع الاَوّل، يوم الجمعة السابع عشر منه، عند الشيعة الإمامية ، أمّا السنّة فقد عيّنوا يوم الاِثنين الثاني عشر من الشهر نفسه .
ولمّا كان الشيعة ينقلون أخبار أهل البيت عليهم افضل الصلاة والسلام عنهم، فلابدّ من الاِقرار بأنّ ما ينقله هوَلاء ويكتبونه من تفاصيل تتعلّق بحياة الرسول صلّى الله عليه وآلِهِ وسلم هي أقرب من غيرها إلى الحقيقة، لاَنّها مأخوذة عن أقربائه وأبنائه..
وقد حملت به أُمّه السيدة آمنة بنت وهب في أيّام التشريق من شهر رجب، فإذا اعتبرنا يوم ولادته، 17 من ربيع الاَوّل، فتكون مدّة حملها به ثمانية أشهر وأيّاماً.
وقد وقعت يوم ولادته المباركة أحداث عجيبة ، فقد وُلِد مختوناً مقطوع السرة، وهو يقول: " اللّه أكبر والحمد للّه كثيراً، سبحان اللّه بكرةً وأصيلاً " كما تساقطت الاَصنام في الكعبة على وجوهها، وخرج نورٌ معه أضاء مساحة واسعة من الجزيرة العربية، وانكسر إيوان كسرى، وسقطت أربعة عشر شرفة منه، وانخمدت نار فارس التي كانت تعبد ، وجفت بحيرة ساوة ..
وفي اليوم السابع لمولده المبارك، عقّ عبد المطلب عنه بكبش شكراً للّه تعالى، واحتفل به مع عامة قريش.
وقال عن تسميته النبي الكريم صلّى الله عليه وآلِهِ وسلم محمّداً (صلّى الله عليه وآلِهِ وسلم) وعن سببه: أردت أن يُحمَد في السماء والاَرض.
وكانت أُمّه عليها سلام الله قد سمّته أحمد قبل أن يسمّيه جدّه وكان هذا الاسم نادراً بين العرب فلم يسم به منهم سوى 16 شخصاً، ولذا فإنّه كان من إحدى العلامات الخاصّة به..
وهذه رواية عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام بشأن ولادة النبي محمد صلى الله عليه وآله :
كان إبليس – لعنه الله – يخترق السماوات السبع ، فلما وُلد عيسى عليه السلام حُجب عن ثلاث سماوات ، وكان يخترق أربع سماوات ، فلما وُلد رسول الله – صلّى الله عليه وآله – حُجب عن السبع كلها ، ورميتْ الشياطين بالنجوم ، وقالت قريش :
هذا قيام الساعة الذي كنا نسمع أهل الكتب يذكرونه ، وقال عمرو بن أمية – وكان من أزجر أهل الجاهلية -: انظروا هذه النجوم التي يُهتدى بها ، ويُعرف بها أزمان الشتاء والصيف ، فإن كان رُمي بها فهو هلاك كل شيء ، وإن كانت ثبتت ورُمي بغيرها فهو أمر حدث.
وأصبحت الأصنام كلها صبيحة ولد النبي – صلّى الله عليه وآله – ليس منها صنمٌ إلا وهو منكبٌّ على وجهه ، وارتجس في تلك الليلة أيوان كسرى ، وسقطت منه أربعة عشر شرفة ، وغاضت بحيرة ساوة ، وفاض وادي السماوة ، وخمدت نيران فارس ، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام ، ورأى المؤبذان في تلك الليلة في المنام إبلا صعابا تقود خيلا عرابا ، قد قطعت دجلة ، وانسربت في بلادهم ، وانقصم طاق الملك كسرى من وسطه ، وانخرقت عليه دجلة العوراء ، وانتشر في تلك الليلة نور من قبل الحجاز .
ثم استطار حتى بلغ المشرق ، ولم يبقَ سريرٌ لملك من ملوك الدنيا إلا أصبح منكوسا ، والملِك مخرساً لا يتكلّم يومه ذلك ، وانتُزع علم الكهنة ، وبطُل سحر السحرة ، ولم تبق كاهنةٌ في العرب إلا حُجبت عن صاحبها ، وعظُمت قريش في العرب ، وسُمّوا آل الله عزّ وجلّ .
(جواهر البحار)
وهدفت هذه الاَحداث الخارقة والعجيبة إلى أمرين موَثرين هما :
1- فهي تدفع الجبابرة والوثنيين إلى التفكير فيما هم فيه من أحوال، فيتساءلون عن الاَسباب التي دعت إلى ذلك لعلهم يعقلون. إذ أنّ تلك الاَحداث كانت في الواقع تبشر بعصر جديد هو عصر انتهاء الوثنية وزوال مظاهر السلطة الشيطانية واندحارها..
2- ومن جهة أُخرى، تبرهن على الشأن العظيم للوليد الجديد، على أنّه ليس عادياً، بل هو كغيره من الاَنبياء العظام الذين رافقت ولادتُهم أمثالَ تلك الحوادث العجيبة والوقائع الغريبة.
اللهم صل على محمد وعلى اله وصحبه وسلم