سمية أم عمار طليعة موكب الشهداء فى الإسلام 2024

الونشريس

كانت سمية بنت خياط مولاة لأبى حذيفة بن المغيرة المخزومى، تزوجت من أحد حلفاء سيدها وهو: ياسر بن عامر بن عنسى من قحطان، كان ياسر قد قدم مع أخوين له من اليمن إلى مكة يبحثون عن أخ لهم قد فارقهم، وبعد معاناة رجع أخواه، وأقام هو بمكة حليفًا لأبى حذيفة المخزومى (عم أبى جهل) فزوَّجه أمته سمية التى ولدت له عمارًا، وذلك قبل عام الفيل بثلاث سنوات تقريبًا.

كانت سمية من أوائل السابقين إلى الدخول فى الدين الجديد ضمن سبعة سبقوا إلى الإسلام فى مكة: لكنها لم يكن لها سند أو ظهر يحميها من أنياب قريش، فذاقت هى وابنها وزوجها بعد أن أسلما أنواعًا من العذاب منها إلباسهم دروع الحديد ووضعهم فى الشمس المحرقة فى رمضاء مكة، وجرهم على الرمال الملتهبة وربطهم بالحبال، وإيقاد النار بجانبهم لتحرق أجسادهم النحيلة.

وكانت سمية عجوزًا كبيرة ضعيفة، لكنها ضربت أروع الأمثلة فى الصبر وقوة التحمل لهذا العذاب الذى تزعمه أباطرة الكفر أمثال أمية بن خلف، وأبى جهل.

وكان الرسول (صلى الله عليه وسلم) يمر بهم وهم يعذبون بالأبطح فى رمضاء مكة فيبشرهم بالجنة قائلاً: "صبرًا آل ياسر.. فإن موعدكم الجنة"، فيتململ ياسر ضجرًا، فيقول لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) آلدهر هكذا? فيقول النبى "اصبر اللهم اغفر لآل ياسر.. وقد فعلت".

ويحس أبو جهل أنه لا طائل مع هؤلاء، فيقبل على سمية وقد تملكه الغيظ، وبلغ منه الحقد مداه، فيسدد حربته، ويطعنها طعنة نجلاء فى موضع عفتها، تسقط بعدها أول شهيدة فى الإسلام، وكان ذلك فى السنة السابعة لبعثة الرسول (صلى الله عليه وسلم).

وبعد الهجرة إلى المدينة وفى السنة الثانية للهجرة تقابل المسلمون وكفار قريش فى غزوة بدر؛ حيث نصر الله المسلمين، وفيها قتل أبو جهل، وعندئذ قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لعمار بن ياسر "قد قتل الله قاتل أمك" فشفى بذلك قلب عمار بعد سقوط أمه الشهيدة بثمانى سنوات.

دروس

– إن سيرة سمية أم عمار بن ياسر تعد ملحمة من ملاحم الصمود أمام الطغيان، وفى صراع الحق والباطل، فقد ضربت هذه البطلة أروع الأمثلة فى الصبر، وتحمل فظائع التعذيب على أيدى مشركى قريش، دون أن تجامل سادتها أو ترجع عن إيمانها بمحمد (صلى الله عليه وسلم)، ودعوته التى كانت فى مهدها أو تستبطئ نصر الله، أو تتململ من حالها وتعبر عن معاناتها، مثلما فعل زوجها ياسر أبو عمار، الذى عبر فى جملته الحائرة: "آلدهر هكذا?" وقد زاد من حدة آلام سمية أن محمدًا (صلى الله عليه وسلم) لم يتبعه إلا الضعاف غالبًا، وقليل من ذوى المكانة فى مكة ممن قد تضمن لهم مكانتهم قدرًا من الحماية، فأما المستضعفون – ومنهم سمية – فقد كانوا عرضًا منتهبًا وجسدًا مستباحًا.

وهذا ما جعل ملحمة سمية تكاد تصل إلى مستوى الأسطورة التى تهز المشاعر، وتبهر العقول مثلها مثل ملاحم شهداء التاريخ وأبطاله على مر العصور.

الونشريس

    جزآآكـ الله خييييرا

    ربنا يبارك فيكى يارب
    جزاكى الله كل خير

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.