القران الكريم اثر القران الكريم فى نفوس البشر 2024

الونشريس


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد:

فإن القرآن الكريم يهدي للتي أقوم في كل شيء سواء كان في الأخلاق أو الصفات أو السلوك، بل في الأمور كلها، والله تعالى يقول: إ{ِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} [الإسراء: 9]. وقد وردت الآيات الكثيرة التي تدل المؤمنين على الاتصاف بأحسن الأخلاق وأعلاها وتحثهم على التمسك بها، ولا شك أن تزكية النفوس وتهذيب أخلاق الناس من مهام الرسل عليهم الصلاة والسلام. قال تعالى: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 151]. وسوف نستعرض فيما يأتي آيات وردت في كتاب الله تعالى تدعو إلى تهذيب النفوس والتخلق بالأخلاق الحسنة، ومن ذلك ما يلي:

(1) قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} [آل عمران: 164].

قال ابن كثير -رحمه الله-: "يُذكّر -تعالى- عباده المؤمنين ما أنعم عليهم من بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم يتلو عليهم آيات الله المبينات ويزكيهم أي يطهرهم من رذائل الأخلاق ودنس النفوس وأفعال الجاهلية" (تفسير القرآن العظيم 1-201). وقال ابن سعدي -رحمه الله- "ويزكيكم أي يطهر أخلاقكم ونفوسكم بتربيتها على الأخلاق الجميلة وتنزيهها عن الأخلاق الرذيلة، وذلك كتزكيتهم من الشرك إلى التوحيد، ومن الرياء إلى الإخلاص، ومن الكذب إلى الصدق، ومن الخيانة إلى الأمانة، ومن الكبر إلى التواضع، ومن سوء الخلق إلى حسن الخلق، ومن التباغض والتهاجر والتقاطع إلى التحاب والتواصل والتوادد، وغير ذلك من أنواع التزكية" (تيسير الكريم الرحمن 1-115).

(2) قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ . قُمْ فَأَنذِرْ . وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ . وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ . وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ . وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: 1-6].

وقد قيل في تفسير الآية أن معناها الزم مكارم الأخلاق وأعلاها، وابتعد عن قبيح الأخلاق التي يتصف بها المشركون، ثم أمره رب العالمين بعدم المن حين العطاء وذلك بأن يستكثر ما يدفعه في سبيل الله، حيث إن الكريم يستقل ما يعطي ولو كان كثيرًا ولا ينتظر العوض إلا من الله تعالى.

(3) قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 57]. فالقرآن الكريم موعظة وتذكير وبشارة للمؤمنين ونذارة للكافرين وهو شفاء للصدور من مرض الشك والغرور والرياء والنفاق والحسد والحقد والغل وغيرها من رذائل الأخلاق، وسيد الثقلين -عليه الصلاة والسلام- كان خلقه القرآن الكريم، فعن سعد بن هشام -رحمه الله- قال: سألت عائشة -رضي الله عنها-: أخبريني عن خلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالت: "كان خلقه القرآن" (رواه مسلم 746). وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق» (رواه أحمد 381). قال ابن عبد البر: "يدخل في هذا المعنى الصلاح والخير كله والدين والفضل والمروءة والإحسان والعدل، فبذلك بُعث ليتممه -صلى الله عليه وسلم-، وقد قال العلماء: إن أجمع آية للبر والفضل ومكارم الأخلاق قوله عز وجل: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90].

(4) وفي سورة الإسراء جملة من الآيات الكريمة التي تحث على التخلق بالأخلاق الحسنة التي لها علاقة مباشرة بتهذيب النفوس وطهارتها، ومنها بر الوالدين، والإحسان إلى ذوي القربى والمساكين وابن السبيل، والنهي عن التبذير، وعدم قتل الأولاد، والبعد عن قربان الفاحشة، وقتل النفس، وقربان مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن، وفيها المحافظة على العدل، وأن يراقب الإنسان ربه فيما يسمع ويبصر وأن يوثق الإنسان علاقته بربه، وأن يحذر من الكبر والتعدي على عباد الله، وغير ذلك مما له أبلغ الأثر في تهذيب النفوس وإصلاحها.

والمسلم إذا تدبر الأوامر والنواهي الواردة في القرآن الكريم وعمل بمقتضاها فإن نفسه تسمو ويحظى بمحبة الله تعالى ومحبة عباد الله الصالحين، وتلك درجة طيبة ينال بها صاحبها خيرات كثيرة ومناقب جمة.

فندعو إخواننا وأبناءنا وبناتنا إلى بذل المزيد من العناية بالقرآن الكريم والمحافظة على فرائض الله وبر الوالدين وصلة الرحم والإحسان إلى الناس والعفو عمن أساء والبعد عن الأخلاق السيئة التي حذر القرآن الكريم منها، ومن أشدها التهاون بالصلاة وعقوق الوالدين وقطيعة الرحم وارتكاب المظالم والحقد والحسد والسخرية والبعد عن سفاسف الأمور وغيرها.

وأسأل الله تعالى أن يوفق الجميع لكل خير، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

    ربنا يباركلك ياقمر

    جزآكـِ الله خيـــراً

    الونشريس

    الونشريس

    كتاب طريقة إبداعية لحفظ القرآن 2024

    كتاب طريقة إبداعية لحفظ القرآن

    الونشريس
    هذا الكتيب يمثل منهجاً لحفظ القرآن الكريم، ويحوي الدروس الخاصة بالطريقة الإبداعية في حفظ القرآن، نقدمه للقراء على ملف سهل التحميل….

    أحبتي في الله: فيما يلي ومن أجل حصول الفائدة القصوى لمن أحب أن يحفظ كتاب الله تعالى، نقدم هذا الكتيّب المبسط عن الطريقة الإبداعية في حفظ القرآن الكريم. ويتضمن هذا الكتيب 80 صفحة.

    الونشريس

    كما يمكن المساهمة في نشر هذا الكتيب عبر الإنترنت لأصدقائكم ومعارفكم أو عبر المنتديات أو طباعته وتوزيعه، وليس لنا من حق على أحد إلا طلب الدعاء. وكم أتمنى لو أن كل محب للقرآن يقدم أفضل ما عنده خدمة لهذا القرآن الذي سيكون رفيقه في الدنيا والآخرة.
    لتحميل الكتيب على ملف وورد "حجمه 214 كيلو بايت" اضغط هنا.
    لتحميل الكتاب على ملف بي دي إف "حجمه 411 كيلو بايت" اضغط هنا.
    من موقع المهندس عبد الدائم الكحيل

      الونشريس

      طرح مميز يعطيك العافية

      مشكورررررررة حبيبتي

      الونشريس

      جزاكي الله خيرا
      بارك الله فيك وجزاك كل خير ان شاء الله

      فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل 2024

      من الآيات المفتاحية في القرآن الكريم ما جاء في آخر سورة الكهف، وهي قوله تعالى: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا} (الكهف:110)، هذه الآية الكريمة بينت أن ثواب الله عز وجل لا يُنال إلا بالعمل وَفْق ما شرعه الله سبحانه، والإخلاص له تعالى. ونفصل القول في هذه الآية فيما يلي:

      رُوي في سبب نزول هذه الآية أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا نبي الله! إني أحب الجهاد في سبيل الله، وأحب أن يُرى موطني، ويُرى مكاني، فأنزل الله عز وجل: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا}. رواه الحاكم والطبراني ، وفي رواية : (وإني أعمل العمل، وأتصدق، وأحب أن يراه الناس).

      وقد وردت أحاديث وآثار توضح المراد من هذه الآية، من ذلك:

      روى أحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: كنا نتناوب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنبيت عنده، تكون له الحاجة، أو يطرقه أمر من الليل، فيبعثنا. فكثر المحتسبون وأهل النوب، فكنا نتحدث، فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (ما هذه النجوى؟ ألم أنهكم عن النجوى)، فقلنا: تبنا إلى الله، أي نبي الله، إنما كنا في ذكر المسيح، وفَرِقنا منه -أي: خفنا-، فقال: (ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم من المسيح عندي؟)، قلنا: بلى. قال: (الشرك الخفي، أن يقوم الرجل يصلي لمكان الرجل).

      وروى أحمد عن شداد بن أوس رضي الله عنه، أنه بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ قال: شيء سمعته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله، فذكرته، فأبكاني، سمعت رسول الله يقول: (أتخوف على أمتي الشرك، والشهوة الخفية). قلت: يا رسول الله! أتشرك أمتك من بعدك؟ قال: (نعم، أما إنهم لا يعبدون شمساً ولا قمراً، ولا حجراً ولا وثناً، ولكن يراؤون بأعمالهم، والشهوة الخفية أن يصبح أحدهم صائماً، فتعرض له شهوة من شهواته، فيترك صومه).

      وروى أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، يرويه عن ربه عز وجل، أنه قال: (أنا خير الشركاء، فمن عمل عملاً أشرك فيه غيري، فأنا منه بريء، وهو للذي أشرك).

      وروى أحمد عن محمود بن لبيد رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر). قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟! قال: (الرياء، يقول الله يوم القيامة، إذا جزى الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا، فانظروا هل تجدون عندهم جزاء). قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح.

      وروى الطبري بسنده، قال: جاء رجل إلى عبادة بن الصامت، فسأله فقال: أنبئني عما أسألك عنه، أرأيت رجلاً يصلي يبتغي وجه الله، ويحب أن يُحمد، ويصوم ويبتغي وجه الله، ويحب أن يُحمد، فقال عبادة: ليس له شيء، إن الله عز وجل يقول: أنا خير شريك، فمن كان له معي شريك، فهو له كله، لا حاجة لي فيه.

      وروى أحمد عن أبي سعيد بن أبي فضالة الأنصاري رضي الله عنه، أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: (إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم القيامة، ليوم لا ريب فيه، نادى مناد: من كان أشرك في عمل عمله لله أحداً، فليطلب ثوابه من عند غير الله، فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك).

      وروى أحمد أيضاً عن أبي بكرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سمَّع سمَّع الله به، ومن راءى راءى الله به).

      وروى البزار عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يقول الله يوم القيامة: أنا خير شريك، من أشرك بي أحداً، فهو له كله).

      وروى البزار أيضاً عن أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تعرض أعمال بني آدم بين يدي الله عز وجل، يوم القيامة في صحف مختومة، فيقول الله: ألقوا هذا، واقبلوا هذا، فتقول الملائكة: يا رب، والله ما رأينا منه إلا خيراً. فيقول: إن عمله كان لغير وجهي، ولا أقبل اليوم من العمل إلا ما أريد به وجهي).

      وروى أبو يعلى عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أحسن الصلاة حيث يراه الناس، وأساءها حيث يخلو، فتلك استهانة استهان بها ربه، عز وجل). حسَّنه الحافظ ابن حجر في "المطالب العالية".

      هذه الأحاديث تبين أن أمر الرياء خطير؛ إذ إنه مناقض لحقيقة الإيمان، ومباين له غاية التباين، ومن ثم جاء التحذير منه، والوعيد لفاعله.

      والآية الكريمة تفيد -كما ألمحنا بداية- إلى أن ثواب الله والفوز برضوانه لا يحصل إلا إذا توافر في عمل العبد شرطان رئيسان:

      الأول: أن يكون العمل خالصاً لوجه الله تعالى، وليس فيه شيء لأحد، وهذا ما دلَّ عليه قوله سبحانه: {ولا يشرك بعبادة ربه أحدا}، أي: ولا يجعل لهي شريكاً في عبادته إياه، وإنما يكون جاعلاً له شريكاً بعبادته، إذا راءى بعمله الذي ظاهره أنه لله، وهو مريد به غيره. روي عن سعيد بن جبير، قال: لا يشرك: لا يرائي بعبادة ربه أحداً. قال الماوردي: جميع أهل التأويل على أن معنى قوله تعالى: {ولا يشرك بعبادة ربه أحدا} إنه لا يرائي بعمله أحداً.

      الثاني: أن يكون العمل موافقاً لما جاء به الشرع، وهذا ما دلَّ قوله عز وجل: {فليعمل عملا صالحا}، قال السعدي: وهو الموافق لشرع الله، من واجب ومستحب. وقال الرازي: أي: من حصل له رجاء لقاء الله، فليشتغل بالعمل الصالح، ولما كان العمل الصالح قد يؤتي به لله، وقد يؤتى به للرياء والسمعة لا جرم اعتبر فيه قيدان: أن يؤتى به لله. وأن يكون مبرأ عن جهات الشرك.

      فهذان الشرطان هما قِوام العمل الصالح، ولا يوصف العمل بـ (الصلاح) إلا بتوافرهما، فإذا ما جمع العبد في عمله بين الإخلاص والمتابعة، نال ثواب الله، وفاز برضونه، وأما من عدا ذلك، فإنه خاسر في دنياه وأخراه، وقد فاته القرب من مولاه، ونيل رضاه.

      أخيراً نذكر بخصوص هذه الآية أمرين اثنين:

      الأول: روى الطبراني عن عمرو بن قيس الكوفي، أنه سمع معاوية بن أبي سفيان، يقول: هذه آخر آية أنزلت. قال الهيثمي: رجاله ثقات. وقد عقَّب ابن كثير على هذا الأثر بقوله: هذا أثر مشكل، فإن هذه الآية هي آخر سورة الكهف، والسورة كلها مكية، ولعل معاوية أراد أنه لم ينـزل بعدها ما تنسخها، ولا يغير حكمها، بل هي مثبتة محكمة، فاشتبه ذلك على بعض الرواة، فروى بالمعنى على ما فهمه.

      الثاني: روى الدارمي عن الأوزاعي عن عبدة عن زر بن حبيش رضي الله عنه، قال: (من قرأ آخر سورة الكهف لساعة يريد أن يقوم من الليل، قامها). قال عبدة -أحد رواة الأثر- فجربناه، فوجدناه كذلك.

        مرسى ياقمر

        منورة يا حبيبتي ♥

        الونشريس

        تسلمي يا ام هنا منورة

        بارك الله فيكِ

        "وكان أبوهما صالحًا" 2024

        الونشريس
        { وكان أبوهما صالحا}
        الونشريس

        الونشريس
        الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ..
        ☺كثير من الآباء الآن يهتمون بأمر التربية يقصرون اهتماماتهم على متابعة آخر ما توصل إليه علم التربية.
        وهذا حسن وخاصة إذا كان مصدره الشريعة وسيرة النبى صلى الله عليه وسلم واستنباطات العلماء منها.
        غير أن القضية الأولى والأهم قضية

        الونشريس

        "وكان أبوهما صالحًا"
        الونشريس

        قال تعالى{وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ( 82 )}

        الونشريسيقول ابن كثيرقوله: { وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا } فيه دليل على أن الرجل الصالح يُحفظ في ذريته، وتشمل بركة عبادته لهم في الدنيا والآخرة، بشفاعته فيهم ورفع درجتهم إلى أعلى درجة في الجنة لتقر عينه بهم.

        الونشريسوقال ابن عثيمين رحمه الله في تفسيره
        ( وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً ) فكان من شكر الله – – لهذا الأب الصالح أن يكون رؤوفاً بأبنائه، وهذا من بركة الصلاح في الآباء أن يحفظ الله الأبناء.

        الونشريس

        الونشريس وقال القاسمي رحمه الله في تفسيره محاسن التاويل
        وفي الآية إشارة إلى إرشاد الآباء ، الذي يخشون ترك ذرية ضعاف ، بالتقوى في سائر شؤونهم حتى تحفظ أبناؤهم وتغاث بالعناية منه تعالى ، ويكون في إشعارها تهديد بضياع أولادهم إن فقدوا تقوى الله تعالى ، وإشارة إلى أن تقوى الأصول تحفظ الفروع .
        وأن الرجال الصالحين يحفظون في ذريتهم الضعاف ،
        الونشريس ويقول صاحب الظلال: فهذا الجدار الذي أتعب الرجل نفسه في إقامته ولم يطلب عليه أجرا من أهل القرية وهما جائعان وأهل القرية لا يضيفونهما كان يخبئ تحته كنزا ويغيب وراءه مالا لغلامين يتيمين ضعيفين في المدينة.
        ولو ترك الجدار ينقض لظهر من تحته الكنز فلم يستطع الصغيران أن يدافعا عنه.. ولما كان أبوهما صالحا فقد نفعهما الله بصلاحه في طفولتهما وضعفهما فأراد أن يكبرا ويشتد عودهما ويستخرجا كنزهما وهما قادران على حمايته.

        الونشريس

        أخواتى

        رجلان أتيا إلى قرية أهلها بخلاء لم يطعموهما ليجدا جدارًا أصحابه غير موجودين، وليس ذلك فقط بل و"صبيان صغيران" فيقيما الجدار ويصلحاه.

        هنا وقفتان:
        الوقفة الأولى
        الونشريس

        وقفة تأمل لهذا الرجل والد هذين الولدين يا تري ماذا فعل حتى يحفظ الله كنز كان يخبأه لولديه هذان ويقول عنه صالحا؟؟؟!!!
        أكان يقف في خشوع بين يدي الله في جوف الليل يسيل دمعه من خشيتة فرضى الله عنه وكان عنده صالحا؟؟
        ام استمع لصوته وهو يأمر بمعروف أو ينهى عن منكر محتسبا لله ؟؟
        أو اشعر بصبره على ابتلاء ات أصابه الله بها فكان صابراً بل راضياً؟؟؟
        أو ترقبه وهو يضع الصدقة في يد يتيم وترقرق عينه من الدمع شفقة عليه.؟
        ام انَّه كان بارا بوالديه ولا ينام حتى يكونا راضين عليه فدعوا له فتقبل الله منهما فكان عند الله صالحا؟؟
        أم انَّه كان يتقى الله و لا يمد يده للحرام ابدا ولا يأكل الا طيبا فكان عند الله صالحا
        ام انَّه كان يهتم بزوجته وبناته فسترهم بحجاب شرعى وعلمهنَّ امور دينهنَّ فرضى الله عنه فكان عنده صالحاً
        لا شك أن لهذا الرجل سرًا بينه وبين الله رفع من قدره فحفظ الله به ولده، فلأجله ولأجل صبياه ابتعث رجلين عظيمين عند الله أحدهما نبي من أولي العزم، والآخر قيل فيه إنه بني وقيل إنه كان رجلا صالحًا.

        والوقفة الثانية:
        الونشريس

        المال والمنصب والجاه والعقار لا ينفع وحده إن لم يكلله ب "وكان أبوهما صالحا".
        انظروا لهذا الرجل:
        بلغ من خوف أحدهم على ابنه من دواهي الزمان ما حكاه العالم أبو بكر بن يعقوب بن شيبة عن أبيه لما وُلد, فإنه دخل على زوجته فقال: إذا حسبت مولد هذا الفتى فلو عاش كذا وكذا من السنين وقد حسبتها أيامًا وقد عزمت أن أعدّ له لكل يوم دينارًا مُدّة عُمره؟!
        فإن ذلك يكفي الرجل المتوسط له ولعياله، فأعدّ له "برميلاً" وملأه بالدنانير وتركه في الأرض ثم قال لها: أعدّي برميلاً آخر أجعل فيه مثل هذا يكون له, قال: وما نفعني ذلك مع حوادث الزمان، وقد احتجت إلى ما ترون!! ورأيناه فقيراً يجيئنا بلا إزار نقرأ عليه الحديث ونبرّه!!
        سبحان الله تخيلوا هذا الرجل كان يضع لابنه يومياً نقود حتى كبر فاذا بها تهلك كلها حتى انه لا يجد ما يلبسه ليستره !!!

        المال لا ينفع ابنك بدون تقوى وكم من النَّاس ترك لابناءه اموالا كثيرة فسرقها منهم اعمامهم ، بل والله وجدنا ام ابناء تضيَّع اموال تعب فيها الاب سنوات لأجل اولاده وجدنا امهم تنفقها على زوج لها وتحرم أبنائها !!!!!

        الونشريس

        واستمعي لهذه القصة

        • توفى رجل وترك بنات له صغار كان هذا الرجل كما يُقال اليوم متدين ولكنَّه كان اذا تعامل مع النساء مُتساهل( وما اكثر انتشار هذه المصيبة هذه الأيام) يضحك ولا يغض بصره وقد يجلس معهنَّ ليحكى الحكايات كأنَّهنَّ محارمه، حتى انَّ بعض النساء اردن ان يكون بينهم علاقات محرمة !!لكنَّه رفض {متدين !!} كثيراً ما نصحته زوجته ولكنَّه كان يحلل لنفسه معصيته ويقول لها انا لا أفعل معهنَّ الحرام ومات الرجل وسنه صغير وترك البنات فى سن صغير جداً ولمَّا كبرت البنات كانت معصية ابوهم تقف على الباب تنتظر الوقت المناسب ،فاذا بكل البنات بلا استثناء يُفعل بهنَّ ما كان يفعله الأب حتى ان تصل البنت لمحاوله الزنا بها يتدخل القدر ويمنع وكأنَّ الأحداث تقول الى هنا كانت معصية الاب وللعلم الام حاولت بكل ماتستطيع ان تربيهم تربية تُرضى الله وتظل البنت تسمع كلامها وفجاءة وفى سن مناسب يحدث هذا !!!!
        وقد صدق الامام الشافعى إذ يقول

        عفوا تعف نساؤكم في المحرم ….. وتجنبوا ما لا يليق بمسلم
        إن الزنا دين فإن أقرضته …….. كان الوفا من أهل بيتك فاعلم
        يا هاتكا حرم الرجال وقاطعا ….. سبل المودة عشت غير مكرم
        لو كنت حرا من سلالة ماجد ….. ما كنت هتاكا لحرمة مسلم
        من يزن يزن به ولو بجداره …. . إن كنت يا هذا لبيبا فافهم
        من يزن في قوم بألفي درهم ….. يزن في أهل بيته ولو بالدرهم

        الونشريس

        • وكانت هنَّاكَ امراة عندها ولد وتربى معه ولد لزوجها فكانت تقسو عليه وتعامله معاملة سيئة للغاية، فماتت وتركت ابنها صغير وليس معه الا والده وابنه الثانى فاذا بهذا الولد يتجرع الذل من زوجة اب ثانية تحرمه من كل شيء وكان معصية أمه تنتظره!!! فمن كان يحنو عليه ؟؟ ابوه بالطبع لا لأنه لو كان كذلك كان حنا على اخيه المسكين من قبل ولكنَّ الذى اهتم به ورباه رغم صغر سنه اخوه الذى كانت امه تعذبه ّ!! يحكى هذا بعد ان اصبح رجلاً ويقول كل ما فعلته امى فى أخى وجدته بعينى من زوجة ابى!!!! حقاً كما تدين تُدان
        ولا أحد يعلم من سيربى أولاده فالأمر بيد الله وحده!!

        الونشريس

        "وكان أبوهما صالحًا".!!
        ومن امثلةالثمرات الطيبة

        ـ الثمرة الطيبة المباركة عبد الله بن المبارك
        فهذا المبارك والد الإمام الحجة شيخ الإسلام عبد الله بن المبارك، كان عبداً رقيقاً أعتقه سيده، ثم عمل أجيراً عند صاحب البستان، وفي يوم خرج صاحب البستان مع أصحاب له إلى البستان وقال للمبارك: ائتنا برمان حلو فقطف رمانات، فإذا هي حامضة،
        فقال صاحب البستان: أنت ما تعرف الحلو من الحامض؟!!
        فقال له: أنت لم تأذن لي لأعرف الحلو من الحامض.. فقال: أنت من كذا وكذا سنة تحرس البستان وتقول هذا وظن أنه يخدعه،فسأل الجيران، فقالوا: ما أكل رمانة واحدة منذ عمل هنا، فقال له صاحب البستان: يا مبارك ليس عندي إلا ابنة واحدة فلمن أزوجها؟ قال المبارك: اليهود يزوجون للمال، والنصارى للجمال، والعرب للحسب، والمسلمون يزوجون للتقوى ـ فمن أي الأصناف أنت؟ زوّج ابنتك للصنف الذي أنت منه،فقال: وهل يوجد أتقى منك، ثم زوّجه ابنته.
        فكان من ثمرة ذلك شجرة يانعة مباركة تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، أكلاً من جهاد، وزهد، وعلم، وصدقة إنه "عبد الله بن المبارك".
        الونشريس وهذا والد الإمام البخاري يقول عند موته "والله لا أعلم أني أدخلت على أهل بيتي يومًا درهمًا حرامًا أو درهمًا فيه شبه" فجاء حديث الرسول الصحيح مجموع على يد ولده "محمد بن إسماعيل البخاري" أصح الكتب بعد كتاب الله.
        الونشريس ورد عن محمد بن المنكدر أنه كان يقول لولده والله يا بني إني لأزيد في صلاتي ابتغاء صلاحك.
        لنتقى الله فى اولادنا بصلاحنا
        قال سعيد بن المسيب : إني لأصلي فأذكر ولدي ، فأزيد في صلاتي : ( قصد بذلك أنه يكثر من الدعاء لولده في الصلاة ) .
        الونشريس وقال أحد الصالحين : ( يا بني ، إني لأستكثر من الصلاة لأجلك ) . وكان سهل التستري يتعهد ولده وهو في صلبه ، فيباشر إلى العمل الصالح رجاء أن يكرمه الله تعالى بالولد الصالح فيقول : (( إني لأعهد الميثاق الذي أخذه الله تعالى عليَّ في عالم الذَّرِّ ، وإني لأرعى أولادي من هذا الوقت إلى أن أخرجهم الله تعالى إلى عالم الشهود والظهور )) .
        هكذا كان السلف الصالح – رضي الله عنهم – يتعهدون أبناءهم رجاء أن يكونوا طائعين لله ، وخير خلف لهم .
        فيا اخواتى
        {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا }

        بارك الله فيكم على طيب المتابعة وجزى الله خيراً من قرأ وعَمل ودعا فنشر فالدال على الخير كفاعله ورُب حامل فقه الى من هو افقه منه
        اللهم اهدنا لمَّا تحب وترضى واصرف عنَّا الذنوب والآثام وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين

        الونشريس


        •ديوان الشافعى
        ابن كثيرقوله: { وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا }
        القاسمي رحمه الله في تفسيره محاسن التاويل
        فى ظلال القرآن سيد قطب
        •ابن عثيمين رحمه الله في تفسيره
        ( وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً )
        •أحمد محمد عمرو

        الونشريس

        جزاكي الله خيرا
        موضوع اكثر من رائعالونشريسالونشريسالونشريس

        الونشريس اقتباس الونشريس
        الونشريس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الورده الخجوله الونشريس
        الونشريس
        جزاكي الله خيرا
        موضوع اكثر من رائعالونشريسالونشريسالونشريس
        الونشريس الونشريس

        بارك الله فيكِ وزادكِ على دينكِ حرصاً ولله حُباً دمتِ طيبة
        جزاكى الله خيرا وبارك فيكى موضوع رائع

        جزاك الله خيرا

        بارك الله فيكى

        سورة التغابن تفسير الآيات 18)نهاية السورة 2024

        الونشريس
        سورة التغابن

        تفسير الآيات (14- 18):
        =======================

        {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14) إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (15) فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16) إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (17) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18)}

        الونشريس



        .شرح الكلمات:
        {إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم}: أيّ من بعض أزواجكم وبعض أولادكم عدوّاً أي يشغلونكم عن طاعة الله أو ينازعونكم في أمر الدين أو الدنيا.
        {فاحذروهم}: أي أن تطيعوهم في التخلف عن فعل الخير كترك الهجرة أو الجهاد أو صلاة الجماعة أو التصدق على ذوي الحاجة.
        {وان تعفوا}: أي من ثبطكم عن الخير من زوجة وولد.
        {وتصفحوا وتغفروا}: أي وتعرضوا عنهم وتغفروا لهم ما عملوه معكم من تأخيركم عن الهجرة أو الإِنفاق في سبيل الله.
        {فان الله غفور رحيم}: أي يغفر لمن يغفر ويرحم من يرحم.
        {إنَّما أموالكم وأولادكم فتنة}: أي بلاء واختبار لكم فاحذروا أن يصرفوكم عن طاعة الله أو يوقعوكم في معصيته.
        {والله عنده أجر عظيم}: أي فآثروا ما عنده تعالى على ما عندكم من مال وولد.
        {فاتقوا الله ما استطعتم}: أي ومن يقه الله شح نفسه فيعافيه من البخل والحرص على المال.
        {يضاعفه لكم}: أي الدرهم بسبعمائة.
        {والله شكور حليم}: أي يُجازى على الطاعة ولا يعاجل بالعقوبة.

        الونشريس

        .معنى الآيات:
        ( 14 ) يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله، إنَّ مِن أزواجكم وأولادكم أعداء لكم يصدونكم عن سبيل الله، ويثبطونكم عن طاعته، فكونوا منهم على حذر، ولا تطيعوهم، وإن تتجاوزوا عن سيئاتهم وتعرضوا عنها، وتستروها عليهم، فإن الله غفور رحيم، يغفر لكم ذنوبكم؛ لأنه سبحانه عظيم الغفران واسع الرحمة.


        ( 15 ) ما أموالكم ولا أولادكم إلا بلاء واختبار لكم. والله عنده ثواب عظيم لمن آثر طاعته على طاعة غيره، وأدَّى حق الله في ماله.


        ( 16 ) فابذلوا- أيها المؤمنون- في تقوى الله جهدكم وطاقتكم، واسمعوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم سماع تدبُّر وتفكر، وأطيعوا أوامره واجتنبوا نواهيه، وأنفقوا مما رزقكم الله يكن خيرًا لكم. ومن سَلِم من البخل ومَنْعِ الفضل من المال، فأولئك هم الظافرون بكل خير، الفائزون بكل مطلب.


        ( 17 ) إن تنفقوا أموالكم في سبيل الله بإخلاص وطيب نفس، يضاعف الله ثواب ما أنفقتم، ويغفر لكم ذنوبكم. والله شكور لأهل الإنفاق بحسن الجزاء على ما أنفقوا، حليم لا يعجل بالعقوبة على مَن عصاه.


        ( 18 ) وهو سبحانه العالم بكل ما غاب وما حضر، العزيز الذي لا يغالَب، الحكيم في أقواله وأفعاله.

        الونشريس

        فى ظلال الآيات:
        •وقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنه في الآية الأولى من هذا السياق وقد سأله عنها رجل فقال: فهؤلاء رجال أسلموا من مكة، فأرادوا أن يأتوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم- فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم. فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم رأوا الناس قد فقهوا في الدين، فهموا أن يعاقبوهم، فأنزل الله هذه الآية: {وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم}.. وهكذا رواه الترمذي
        بإسناد آخر وقال: حسن صحيح. وهكذا قال عكرمة مولى ابن عباس.


        • ولكن النص القرآني أشمل من الحادث الجزئي وأبعد مدى وأطول أمداً. فهذا التحذير من الأزواج والأولاد كالتحذير الذي في الآية التالية من الأموال والأولاد معاً: {إنما أموالكم وأولادكم فتنة}.. والتنبيه إلى أن يكون من الأزواج والأولاد من يكون عدواً.. إن هذا يشير إلى حقيقة عميقة في الحياة البشرية. ويمس وشائج متشابكة دقيقة في التركيب العاطفي وفي ملابسات الحياة سواء.


        • فالأزواج والأولاد قد يكونون مشغلة وملهاة عن ذكر الله. كما أنهم قد يكونون دافعاً للتقصير في تبعات الإيمان اتقاء للمتاعب التي تحيط بهم لو قام المؤمن بواجبه فلقي ما يلقاه المجاهد في سبيل الله! والمجاهد في سبيل الله يتعرض لخسارة الكثير، وتضحية الكثير. كما يتعرض هو وأهله للعنت.


        •وقد يحتمل العنت في نفسه ولا يحتمله في زوجه وولده. فيبخل ويجبن ليوفر لهم الأمن والقرار أو المتاع والمال! فيكونون عدواً له، لأنهم صدوه عن الخير، وعوقوه عن تحقيق غاية وجوده الإنساني العليا.


        • كما أنهم قد يقفون له في الطريق يمنعونه من النهوض بواجبه، اتقاء لما يصيبهم من جرائه، أو لأنهم قد يكونون في طريق غير طريقه، ويعجز هو عن المفاصلة بينه وبينهم والتجرد لله.. وهي كذلك صور من العداوة متفاوتة الدرجات.. وهذه وتلك مما يقع في حياة المؤمن في كل آن.


        ••ومن ثم اقتضت هذه الحال المعقدة المتشابكة، التحذير من الله، لإثارة اليقظة في قلوب الذين آمنوا، والحذر من تسلل هذه المشاعر، وضغط هذه المؤثرات.
        ثم كرر هذا التحذير في صورة أخرى من فتنة الأموال والأولاد.

        _________________________________

        وكلمة فتنة تحتمل معنيين:
        •الأول أن الله يفتنكم بالأموال والأولاد بمعنى يختبركم، فانتبهوا لهذا، وحاذروا وكونوا أبداً يقظين لتنجحوا في الابتلاء، وتخلصوا وتتجردوا لله. كما يفتن الصائغ الذهب بالنار ليخلصه من الشوائب!
        •والثاني أن هذه الأموال والأولاد فتنة لكم توقعكم بفتنتها في المخالفة والمعصية، فاحذروا هذه الفتنة لا تجرفكم وتبعدكم عن الله.

        وكلا المعنيين قريب من قريب.
        وقد روى الإمام أحمد بإسناده
        عن عبد الله بن بريدة: سمعت أبي بريدة يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فجاء الحسن والحسين رضي الله عنهما عليهما قميصان أحمران، يمشيان ويعثران فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنبر فحملهما، فوضعهما بين يديه. ثم قال: صدق الله ورسوله، إنما أموالكم وأولادكم فتنة.
        نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران، فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما. ورواه أهل السنة من حديث ابن واقد.

        ____________________________________


        •• فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذان ابنا بنته.. وإنه لأمر إذن خطير. وخطر. وإن التحذير والتنبيه فيه لضرورة يقدرها من خلق قلوب النَّاس، وأودعها هذه المشاعر، لتكفكف نفسها عن التمادي والإفراط، وهي تعلم أن هذه الوشائج الحبيبة قد تفعل بها ما يفعل العدو، وتؤدي بها إلى ما تؤدي إليه مكايد الأعداء!
        ومن ثم يلوح لها بما عند الله بعد التحذير من فتنة الأموال والأولاد، والعداوة المستسرة في بعض الأبناء والأزواج. فهذه فتنة {والله عنده أجر عظيم}..
        ويهتف للذين آمنوا بتقوى الله في حدود الطاقة والاستطاعة، بالسمع والطاعة:
        {فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا}..
        وفي هذا القيد: {ما استطعتم} يتجلى لطف الله بعباده، وعلمه بمدى طاقتهم في تقواه وطاعته. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم-:

        «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عنه فاجتنبوه».


        الونشريس

        .من هداية الآيات:
        1- بيان أنَّ من بعض الزوجات والأولاد عدواً فعلى المؤمن أن يحذر ذلك ليسلم من شرهم.
        2- الترغيب في العفو والصفح والمغفرة على من أساء أو ظلم.
        3- التحذير من فتنة المال والولد ووجوب التيقظ حتى لا يهلك المرء بولده وماله.
        4- وجوب تقوى الله بفعل الواجبات وترك المنهيات في حدود الطاقة البشرية.
        5- الترغيب في الإِنفاق في سبيل الله تعالى والتحذير من الشح فإنه داء خطير.

        الونشريس
        فائدة:
        1_
        قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثني يحيى بن عبد الله بن بكير ، حدثني ابن لهيعة ، حدثني عطاء – هو ابن دينار – عن سعيد بن جبير في قوله : ( اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) قال : لما نزلت الآية اشتد على القوم العمل ، فقاموا حتى ورمت عراقيبهم وتقرحت جباههم ، فأنزل الله تخفيفا على المسلمين : (فاتقوا الله ما استطعتم ) فنسخت الآية الأولى .
        وروي عن أبي العالية ، وزيد بن أسلم ، وقتادة ، والربيع بن أنس ، والسدي ، ومقاتل بن حيان نحو ذلك .

        2_
        وفى الآية يأمر تعالى بتقواه، التي هي امتثال أوامره واجتناب نواهيه، ويقيد ذلك بالاستطاعة والقدرة.
        ، فتدل هذه الآيةعلى أن كل واجب عجز عنه العبد، أنه يسقط عنه، وأنه إذا قدر على بعض المأمور، وعجز عن بعضه، فإنَّه يأتي بما يقدر عليه، ويسقط عنه ما يعجز عنه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ".
        ويدخل تحت هذه القاعدة الشرعية من الفروع، ما لا يدخل تحت الحصر،
        تم تفسير سورة التغابن [ولله الحمد والمنة ونبدأباذن الله فى سورة الطلاق.

        جزاكم الله خيراُ على طيب المتابعة وبارك الله في من قرأ ونشر فالدال على الخير كفاعله ورُب حامل فقه الى من هو افقه منه.


        الونشريس

        المراجع.
        ابن كثير تفسير القرآن العظيم .
        التفسير الميسر لمجموعة من العلماء.
        في ظلال القرآن الكريم سيد قطب
        السعدى تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان المؤلف: عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله …
        الجزائرى أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير.

        الونشريس

          بارك الله فيكى