للمعلمات أمثلة لإعداد بعض الدروس النموذجية على ضوء الأهداف السلوكية 2024

الوحدة الثامنة

أمثلة لإعداد بعض الدروس النموذجية

على

ضوء الأهداف السلوكية

أنموذج رقم 1

اليــــوم : المــادة : الإملاء

التاريخ : الموضوع : التاء المربوطة والتاء المفتوحة .

الصف : الثاني الابتدائي .

الأهداف السلوكية :

1 ـ أن يكتب التلميذ بعض الكلمات المشتملة على قواعد إملائية سابقة .

2 ـ أن يقرأ التلميذ النص قراءة صحيحة نموذجية .

3 ـ أن يكتب التلميذ الكلمات التي تشتمل على الظاهرة الإملائية .

4 ـ أن يتدرب التلميذ على الكتابة الصحيحة والسريعة بخط واضح .

5 ـ أن يجيب التلميذ عن الأسئلة المطروحة في الدرس ، باستخدام بعض الجمل المركبة تركيبا صحيحًا .

6 ـ أن ينمِّي التلميذ حصيلته اللغوية بالجديد من الألفاظ والتراكيب .

7 ـ أن يميز التلميذ بين التاء المربوطة ، والتاء المفتوحة " المبسوطة " .

8 ـ أن يميز التلميذ بين الاسم المؤنث ، وبين المذكر منه .

9 ـ أن يميز التلميذ بين الفعل الذي تتصل به التاء المفتوحة ، والاسم الذي تتصل به التاء المربوطة .

10 ـ أن يذكر التلميذ بعض الكلمات التي تنتهي بتاء مربوطة ، وأخرى بتاء مفتوحة .

11 ـ أن يستنتج التلميذ القاعدة بنفسه .

12 ـ أن يقرأ التلاميذ القاعدة قراءة نموذجية .

13 ـ أن يكتب التلميذ نص الإملاء التطبيقي الذي يمليه عليه المعلم بخط واضح .

14 ـ أن يصحح التلميذ ما يقع فيه من أخطاء أثناء كتابة النص .

الوسائل المعينة :

ـ لوحة تشتمل على مجموعة من الكلمات التي اتصلت بها التاء المربوطة أو المفتوحة .

ـ بطاقات تشتمل على كلمات تنتهي بتاء مربوطة أو تاء مفتوحة .

ـ السبورة والأقلام الملونة .

التمهيد :

يتم بطرح الأسئلة التالية :

1 ـ لماذا تأتى إلى المدرسة ؟

2 ـ كيف تنال محبة مدرسيك ؟

3 ـ من الذي حثنا على العلم ؟

4 ـ لماذا ينبغي على التلميذ أن يقول الصدق ؟

5 ـ ماذا نسمع عند شروق الصباح ؟

العرض والتنفيذ :

يُكشف الستار عن النص المكتوب على لوحة أو سبورة إضافية مسبقا ، مع مراعاة كتابة التاء المربوطة بلون ، والمفتوحة بلون مغاير في كل كلمة من كلمات القطعة .

النص :

العطلة الصيفية

انتهت العطلة الصيفية ، فذهبت خديجة إلى المدرسة ، والتقت بزميلاتها وأخذن يتحدثن عن أيام الصيف الجميلة ، ونزهاته البديعة .

أطلت المراقبة بوجهها الضاحك ، وقرعت الجرس ، تدعو الجميع إلى الجد والعمل ، وتعلُّم العلم النافع فتوجهت كل واحدة منهن إلى صفها.

ـ يقرأ المعلم النص قراءة جاهرة نموذجية ، يليها قراءة فردية من قبل التلاميذ المجيدين .

ـ يناقش المعلم مع تلاميذه أفكار النص الرئيسة بالأسئلة التالية :

1 ـ أين ذهبت خديجة بعد انتهاء العطلة الصيفية ؟

2 ـ بمن التقت ؟

3 ـ ما الحديث الذي دار بينها وبين زميلاتها ؟

4 ـ لماذا أطلت المراقبة ؟

ـ بعد طرح الأسئلة السابقة ، وتلقي أجوبتها ، نبدأ بمناقشة النص لاستقراء القاعدة الإملائية كما يلي :

1 ـ أكلف أحد التلاميذ بقراءة الجملة الأولى من النص : " انتهت العطلة الصيفية " .

2 ـ ما اسم الحرف الذي انتهت به الكلمة الأولى ؟ … ( التاء ) .

3 ـ ما اسم الحرف الذي انتهت به الكلمة الثانية ؟ … ( التاء ) .

4 ـ كم شكلا للتاء ؟ … ( اثنان ) .

5 ـ كيف كُتبت التاء في آخر الكلمة ؟ مرة بشكل تاء " ت " وأخرى بشكل هاء " ـه " .

6 ـ ماذا تسمى " التاء " في كلمة " انتهت " ؟ تسمى التاء المفتوحة .

7 ـ ماذا تسمى في كلمة " العطلة " ؟ تسمى التاء المربوطة .

ـ يكلف بعض تلاميذه باستخراج الكلمات من النص ، بعضها ينتهي بتاء مفتوحة ، وأخرى مربوطة . وبذلك أتوصل إلى الجزء الأول من القاعدة ، واستنتجها من أفواه التلاميذ ، وأسجلها على السبورة .

القاعدة الأولى :

تكتب التاء في آخر الكلمة إما تاء مربوطة أو تاء مفتوحة .

ـ يكلف المعلم تلميذا آخر بقراءة الكلمات المكتوبة باللون الأحمر وهي :

المدرسة ـ العطلة ـ الصيفية ـ خديجة ـ الجميلة ـ البديعة ـ المراقبة .

ثم يطرح الأسئلة التالية : ـ

ـ ما اسم الحرف الذي انتهت به كلمة المدرسة ؟ … " التاء " .

ـ كيف كتبت التاء ؟… مربوطة ، أي : على شكل " هاء " ووضع فوقها نقطتان.

ـ كيف تلفظ التاء في كلمة المدرسة ، إذا وضع عليها سكون ؟ " هاء " .

ـ وإذا حركت الهاء كيف تنطق كلمة المدرسة ؟ … " تاء " .

وهذه تسمى التاء المربوطة .

بعد ذلك تناقش بقية الكلمات على غرار الكلمة السابقة ، ومنها نتوصل إلى الجزء الثاني من القاعدة ، ويسجل على السبورة ما يتلقاه المعلم من أفواه التلاميذ .

القاعدة الثانية :

التاء المربوطة : هي التي تلفظ " هاء " عند الوقف ، وتكتب على هذين الشكلين إما " ــة " أو " ة " ويوضع فوقها نقطتان .

ـ أكلف طالبًا آخر بقراءة الكلمات المكتوبة باللون الأصفر :

" انتهت ـ ذهبت ـ التقت ـ أطلت ـ قرعت " .

ثم أطرح الأسئلة الآتية : ـ

ـ ما اسم الحرف الذي انتهت به كلمت " ذهبت " ؟ … التاء .

ـ كيف تلفظ التاء في كلمة ذهبت إذا وضع عليها سكون ؟ … " تاء " .

ـ وإذا حركت التاء في كلمة ذهبت فكيف تنطق ؟ … " تاء " . وهذه تسمى التاء المفتوحة .

ومن ثم تناقش بقية الكلمات كالسابق ، ويستنتج الجزء الأخير من القاعدة ويسجل على السبورة .

القاعدة الثالثة :

تكتب التاء في آخر الكلمة : إما تاء مربوطة ، أو تاء مفتوحة " مبسوطة " .

ذكرنا في القاعدة الثانية مفهوم التاء المربوطة .

ـ أمّا التاء المفتوحة : فهي التي تبقى على حالها إذا وقفنا على آخر الكلمة بالسكون ، ولا تنطق " هاء " .

ثم يقرأ المعلم القاعدة قراءة نموذجية ، تتبعها قراءة بعض التلاميذ .

التطبيق :

1 ـ يقرأ المعلم النص ليتهيأ التلاميذ للكتابة .

2 ـ يملى المعلم النص على التلاميذ جملة جملة مع استخدام علامات الترقيم .

3 ـ بعد الانتهاء تعاد التملية مرة ثانية ، ولكن بطريقة أسرع من المرة الأولى ؛ ليتدارك التلاميذ ما وقعوا فيه من أخطاء ، وما فاتهم من نقص .

التصحيح والتقويم :

1 ـ يأخذ المعلم كراسات التلاميذ ، ويسجل الكلمات المخطوءة لديهم ، ثم يطلب منهم تناول السبورة الصغيرة .

2 ـ يملي المعلم الكلمات المخطوءة كلمة كلمة .

3 ـ يقدم المعلم التلميذ الذي كتب الكلمة بشكل صحيح أمام زملائه ؛ حتى يصححوا الكلمة بطريقة صائبة .

4 ـ بعد الانتهاء يقدم المعلم الكراسات الإملائية لتلاميذه حتى يتموا تصحيحهم ، ثم يستردها مرة ثانية ليصححها التصحيح النهائي .

أنموذج رقم 2

اليــــوم : المادة : الإملاء

التاريخ : الموضوع : التنوين

الصـف : الثالث الابتدائي

الأهداف السلوكية :

1 ـ أن يقرأ التلميذ الأمثلة قراءة جاهرة صحيحة .

2 ـ أن يستخرج من الأمثلة الكلمات المنونة

3 ـ أن يذكر نوع التنوين في كل كلمة .

4 ـ أن يعدد التلميذ أنواع التنوين .

5 ـ أن يقارن بين الحرف المنون بالفتح ، وبين المنون بالضم ، والمنون بالكسر .

6 ـ أن يقارن بين التاء المربوطة المنونة بالفتح ، وبين المنونة بالضم ، والمنونة بالكسر .

7 ـ أن يعرف التنوين .

8 ـ أن يضع التنوين المناسب على الكلمات المطلوبة .

9 ـ أن يكتب الكلمات المنونة كتابة صحيحة .

10 ـ أن يتذكر أن التنوين لا يدخل على الكلمات المعرفة " بأل " أو بـ " الإضافة " .

الوسائل المعينة للدرس :

1 ـ بطاقات كتب عليها الأمثلة الخاصة بالدرس .

2 ـ بطاقات كتب عليها كلمات منتهية بتاء مربوطة .

3 ـ السبورة ، والأقلام الملونة .

4 ـ شفافيات كتب عليها نص التدريب .

الأساليب والإجراءات :

التمهيد :

أبدأ الدرس ببعض الأسئلة حول المادة فيما درسه التلاميذ سابقًا .

ـ من يعدد حروف المد ؟ أعط مثالاً عليها .

ـ من يعدد الحركات ؟ هات مثالاً .

ـ هات كلمة أو كلمات منتهية بتاء مربوطة ، وأخرى بتاء مفتوحة .

ـ بين سبب كتابة هذه الكلمات بالتاء المربوطة أو المفتوحة .

العرض :

أدون الأمثلة المختارة على السبورة " وأعرض بطاقات الأمثلة والجمل " وهي :

هذا أرنبٌ . أحمد مجتهدٌ . هذه بنتٌ نشيطةٌ .

اشتريت أرنبًا . كافأت تلميذًا مهذبًا .

صافحت المعلمة بنتًا نشيطةً .

قفز القط على أرنبٍ . سلمت على تلميذٍ مهذبٍ .

أثنت المعلمة على بنتٍ نشيطةٍ .

هذا خطأٌ . هذه سماءٌ صافيةٌ .

ارتكب التلميذ خطأً . استنشقت هواءً منعشًا .

سلم التلميذ من خطأٍ محققٍ . أشرقت الشمس مع سماءٍ صافيةٍ .

1 ـ أقرأ الأمثلة قراءة جاهرة نموذجية ، ثم أكلف بعض التلاميذ بإعادة قراءتها .

2 ـ أطلب من التلاميذ تحديد الكلمات المنونة ، وأضع خطًّا تحت كل منها .

3 ـ أسألهم : ـ ما نوع التنوين في كل كلمة ؟

ـ كيف كتب التنوين ؟ ـ ما صوته ؟ " نون ساكنة " .

ـ عدد أنواع التنوين .

ثم أناقش الأمثلة المعروضة :

ـ كيف كتب التنوين في كلمة أرنب ، مجتهد ، بنت ، نشيطة ؟

كتب على شكل " ضمتين " .

يستنتج التلاميذ قاعدة جزئية ، أدونها على السبورة المرافقة .

القاعدة الأولى :

ينون الاسم بالضم ، بوضع ضمتين على الحرف الأخير .

تقويم مرحلي :

ـ هات مثالا لكلمة منونة بتنوين الضم .

أخرج بعض التلاميذ لكتابة الكلمات المعطاة على السبورة ، وأقوم الكتابة إملائيا .

ثم أتابع مناقشة الأمثلة والجمل :

ـ احذف التنوين من كلمة : أرنبًا ، مجتهدًا ، بنتًا ، خطأً ، هواءً ، واكتبها بشكل صحيح .

ـ ماذا تلاحظ في كلتا الحالتين ؟

ـ ما الزيادة التي تحصل للكلمة عند تنوين الفتح ؟

كيف كتب تنوين الفتح ؟ على شكل " فتحتين " .

ـ هل أضيفت هذه الألف مع تنوين الضم ؟

ـ هل أضيفت هذه الألف مع تنوين النصب لكلمة " نشيطة " المنتهية بتاء مربوطة ، أو لكلمة " خطأ ، " أو " هواء " ؟

يستنتج التلاميذ : أن الألف تضاف في نهاية الكلمة التي تنون بالألف ، ما عدا الكلمات المنتهية بتاء مربوطة ، أو بألف فوقها همزة ، أو بألف بعدها همزة .

وتسمى ألف تنوين النصب ، أو " الفتح " وترسم الفتحتان على الحرف الذي يسبقها مباشرة ، كما يصح رسم الفتحتين على الألف نفسها .

أدون القاعدة الجزئية على السبورة المرافقة .

تقويم مرحلي :

ـ هات مثالا لكلمة منونة بتنوين الفتح ، وقد لحقت بها ألف التنوين .

ـ هات مثالا لكلمة منونة بتنوين الفتح ، منتهية بتاء مربوطة .

ـ هات مثالا لكلمة منونة بتنوين الفتح ، منتهية بألف عليها همزة .

ـ هات مثالا لكلمة منونة بتنوين الفتح ، منتهية بألف بعدها همزة .

أخرج بعض التلاميذ لكتابة كلمات المثال الأول على السبورة ، وأقوِّم الكتابة إملائيًا .

القاعدة الثانية :

* يكتب تنوين الفتح برسم فتحتين على الحرف الأخير من الكلمة إذا كان تاء مربوطة ، أو ألفًا فوقها همزة ، أو ألفًا بعدها همزة .

أتابع مناقشة الأمثلة والجمل :

س ـ بماذا انتهت الكلمات الآتية ؟ : أرنبٍ ، تلميذٍ ، بنتٍ ، نشيطةٍ ، خطأٍ ، سماءٍ .

ـ كيف كتب تنوين الكسر ؟

يستنتج التلاميذ أن تنوين الكسر يرسم على شكل كسرتين تحت الحرف الأخير من الكلمة . وأدونها على السبورة المرافقة .

ـ هات مثالا على كلمة منونة بتنوين الكسر .

أخرج التلاميذ لكتابة الكلمات التي في المثال على السبورة ، وأقوم الكتابات .

ـ أنبه التلاميذ إلى الكلمات المنونة في الأمثلة .

أسألهم : ـ هل عُرفت الكلمات السابقة بأل التعريف ؟

أدون كلمات معرفة بأل ، وأذكر أنه لا يمكن تنوينها ، ويستنتج التلاميذ ذلك من خلال مقارنة الأمثلة .

القاعدة الثالثة :

" لا ينون الاسم المعرف بأل " .

أطلب من بعض التلاميذ المجيدين قراءة القاعدة المدونة على السبورة , ومن ثم تدوينها في دفاتر الإملاء . أو أوزعها على ورقة مصورة مع الأمثلة .

التقويم :

ـ نون الكلمات الآتية ما أمكن ذلك بتنوين الضم مرة ، وأخرى بتنوين الفتح ، وثالثة بتنوين الكسر .

باب ، الحسن ، صندوق ، النافذة ، ماء ، نبأ ، الطويلة ، الساعة .

ـ اكتب في دفترك :

اشتريت دجاجةً . رأيت رجلاً .

سمعت عواءً . هذا نبأٌ هامٌ .

أسكن في بيتٍ كبيرٍ .

جدة مدينةٌ جميلةٌ .

سعيدٌ مجتهدٌ .

    اتمنى الاستفادة للجميع

    لا اله الا الله محمد رسول الله

    تسلمي على الافادة يا قمر

    الف شكر ياعسل

    الدروس المستفادة من قصة نبى الله يوسف عليه السلام 2024

    الونشريس

    "لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ"
    الونشريس

    ا
    لحمدُ لله الذي جعلَ في قصصِ الأنبياءِ عظةً وعبرةً وتسليةً للمؤمنين، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وليُّ الصالحين، وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله إمامُ الأنبياءِ وقُدوةُ الدعاةِ الصالحين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    الونشريس

    قال الله وتعالى
    "لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ"

    {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى} يوسف.

    * إنَّ الأمة اليوم قد بعدت عن عهد النبوة، فشاع في بعض جوانبها بعد عن المنهج النبوي في كثير من المجتمعات الإسلامية، ولهذا الخلل المنهجي تأخر الانتصار وضعفت النتائج، وفي هذه السورة بيان واقعي عملي للمنهج النبوي الذي إن أخذنا به لن نضل بعده أبداً، مصداقاً لقوله صلى الله عليه وسلم:
    "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا أبدا كتاب الله وسنتي"

    فإن فيها بيان سبيل نجاة للأمة، فحتى تخرج أمتنا من البلاء الذي هي فيه، ومن أجل أن يرتفع مستواها لكي تحقق النصر على أعدائها، لابد أن تأخذ بالأصول والمنطلقات التي أخذ بها يوسف عليه السلام فحقق هذا النصر العظيم،

    الونشريس
    الدروس والعبرمن قصة يوسف:


    1- هذه السورة المكية ترسم {المنهج الحق للداعية}في الدعوة إلى الله تعالى
    _ كما قال الله _تعالى: "قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ" (يوسف:108)،
    والمعنى/
    يقول [ الله ] تعالى لعبده ورسوله إلى الثقلين : الإنس والجن ، آمرا له أن يخبر الناس : أن هذه سبيله ، أي طريقه ومسلكه وسنته ، وهي الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، يدعو إلى الله بها على بصيرة من ذلك ، ويقين وبرهان ، هو وكل من اتبعه ، يدعو إلى ما دعا إليه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على بصيرة ويقين وبرهان شرعي وعقلي…ابن كثير
    _أي قل يا محمد هذه طريقي وسنتي ومنهاجي ; قاله ابن زيد . وقال الربيع : دعوتي ، مقاتل : ديني ، والمعنى واحد ; أي الذي أنا عليه وأدعو إليه يؤدي إلى الجنة .
    " على بصيرة " أي على يقين وحق " القرطبى

    2- {التفاؤل العجيب }

    الذي يبعث الجد والأمل في نفوس الأنبياء، يوسف عليه السلام في كل مراحل حياته لم يفارقه التفاؤل، وأبوه يعقوب عليه السلام في أحلك وأشد ظروفه لم يفارقه التفاؤل، حتى أنك تجده عليه السلام يخاطب بنيه في وقت حرجة، وذلك عندما جاؤوا بنبأ حجز أخيهم في مصر، فيقول: "بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ" (يوسف:83، 84)، ومع أنه في تلك الحالة، ومع حرج الموقف، ومع تلك الظروف، ومع قول بنيه: "تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ" (يوسف: من الآية85). يقول لهم: "يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ" (يوسف:87).

    **أمتنا تعيش هذه الآونة ظروفاً حرجة شديدة، فما أحوجها للتفاؤل، الذي يدفعها للعمل من أجل تحقيق موعود الله لها، فإن المهزوم من هزمته نفسه قبل أن يهزمه عدوه، وإذا دخل اليأس والقنوط على القلوب فشلت وخارت واستسلمت لعدوها.
    فلتأخذ من يعقوب درساً، فيعقوب عليه السلام لم يفارقه التفاؤل أبداً، وكذلك كان يوسف عليه السلام ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم.

    3- ومن الدروس في هذه السورة العظيمة نبذ ثلاثة أمور مهلكة، نادت السورة بمجموعها :
    لا {{تنازل، لا استعجال، لا يأس.}}
    فيوسف ووالده عليهما السلام لم يصاحبهم الاستعجال ولا اليأس ولا التنازل.
    وهذه الثلاثة إذا دخلت على الفرد أو الأمة أهلكتها.
    فالاستعجال عاقبته وخيمة، ومن المقرر أن من استعجل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمانه.. قضاءً.. وواقعاً.
    أما التنازل، فهو الداء الذي وقع فيه كثير من الناس، بل كثير من الجماعات الإسلامية في عصرنا الحاضر مع الظالمين، فكان من الطبيعي ألا يتحقق النجاح المأمول.
    وأما اليأس والتشاؤم فإذا دخل على النفوس أحبطها وأتعبها وأثقلها، ومن كانت نفسه مضعضعة مهزوزة فكيف ينتصر على عدوه! إن خذلان النفس لصاحبها من أول أسباب انتصار عدوها، وقد تمنع أقوام في حصون ودساكر "فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ" (الحشر: من الآية2).

    4– إن من أعظم أسباب عدم استجابة الناس، التذبذب والاضطراب والتغير في حياة الداعية، ومن دروس هذه السورة{{ اضطراد _أى ثبات _ منهج يوسف –عليه السلام- وعدم تذبذبه،}} من أول حياته، وحتى آخر لحظات عمره، فهو مضطرد مستمر في منهج معتدل في سرائه وضرائه؛ في البئر، في السجن، في الملك، وهو يرفع أبويه على العرش ويخروا له سجداً، في كل أحواله التي قصتها الصورة تلحظ اطراداً عجباً.
    _ والدعاة وطلاب العلم، بل الأمة كل الأمة تحتاج إلى الاستقامة والاطراد على المنهج الصحيح، وبخاصة في هذه الظروف التي تقلب فيها رياح الفتن أوجه القلوب وتصرفها.

    5– نجد أيضاً في هذه السورة { أهمية القصة وأثرها على حياة الداعي والمدعو}
    وقد اشتملت سور القرآن على عدد من القصص كما بين الله في هذه السورة "لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ" (يوسف: من الآية111)، وقال: "نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ" (يوسف: من الآية3).
    فالحاجة ماسة باستخدام هذا الأسلوب القرآني من قبل الدعاة وطلاب العلم، وبعضهم يقلل من أهمية هذا الأسلوب من حيث لا يشعر، مع أن القرآن أعطاه أهمية كبرى، فالقرآن مليء بقصص الأولين وأخبار الماضين.

    6– أيضاً في هذه السورة {دروس سلوكية وأخلاقية وتربوية ونفسية مهمة،} وخذ في هذه العجالة على سبيل المثال
    _ الدعوة إلى عفة اللسان.. تجد يوسف عليه السلام قد قام داعية وأستاذاً يلقي المحاضرات العملية في هذه القضية في كل السورة، تأمل على سبيل المثال يوم أن جاء الرسول يأمر بإخراجه من السجن، فأجابه: "ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ" (يوسف: من الآية50)
    _فلم يشر إلى امرأة العزيز، ولم يقل: التي راودتني، وإنما اكتفى بإشارة اقتضتها الحاجة إلى تبرئة مقامه.

    وعندما اتهم بالتهمة الباطلة، في قول إخوته كما حكى الله عنهم: "إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ" (يوسف: من الآية77)، لم يتول رداً أو إساءة بل كتم جوابه، وكظم غيظه وقال في نفسه ماحكاها الله بقوله: "أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَاناً" (يوسف: من الآية77).
    ومن عفة لسانه أيضاً عندما قالوا له:
    "إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ" (يوسف: من الآية78). قال: "مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ" (يوسف: من الآية79). فلم يقل لن نأخذ إلا السارق ؛ لأنه يعلم أن أخاه لم يسرق، ولذلك جاء بعبارة دقيقة، فقال: " إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ" فلم يصفه بما هو منه
    بريء.

    7- كذلك نجد في السورة{ قواعد وأصول في سياسة الشرعية } التي نحن في أمس الحاجة إليها في هذا العصر، نجد قواعد وأصول في الشورى، في التخطيط، في بعد النظر، في العدل… وغيرها.

    8– نجد في السورة أيضاً{ قواعد وأصول في معالجة الأزمات }، على مستوى الفرد وعلى مستوى الأمة، وأمتنا تمر بأزمات متنوعة، ومن أقوى الأزمات التي ورد ذكرها في السورة السبع الشداد والسبع التي فيها الخصب، وفي أسلوب إدارته – عليه السلام -للأزمة التي مرت بمصر فوائد ينبغي أن نقف معها.

    9- نجد أيضاً في السورة {منهاجاً في الحكم على الرؤى }_
    وبيان لبعض شأنها فالسورة ذكرت الرؤيا في ثلاث مواضع مبسوطة من جملة ستة في القرآن، وقد قال صلى الله عليه وسلم:

    (كشف رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الستارةَ، والناسُ صفوفٌ خلف أبي بكرٍ, فقال: أيها الناسُ إنه لم يبقَ من مبشراتِ النبوةِ إلا الرؤيا الصالحةُ يراها المسلمُ أو تُرى له, ألا وإني نُهيتُ أن أقرأَ القرآنَ راكعًا أو ساجدًا, فأما الركوعُ فعظموا فيه الربَّ عز وجل وأما السجودُ فاجتهدوا في الدعاءِ فقَمِنٌ أن يستجابَ لكم).الراوي:عبدالله بن عباس المحدث:مسلم المصدر:صحيح مسلم الجزء أو الصفحة:479 حكم المحدث:صحيح

    غير أنه وقع فيها –عند الناس- من الخلل والخطأ ما ينبغي التنبيه عليه، فهناك من أنكر الرؤيا وقلل من شأنها وقال كما قال أصحاب الملك: أضغاث أحلام، وهناك من جعل الرؤيا تشريعاً بكل أسف وآخرون وسط بين ذلك.

    10- نجد في السورة كذلك{ عاقبة المكر } وأنه يرجع على صاحبه، فإخوة يوسف مكروا به "وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ" (يوسف: من الآية102)
    _من أجل إبعاده، فكيف كانت العاقبة؟ امرأة العزيز كادت ومكرت، غلقت الأبواب، وأعتدت للنساء متكأً، وادعت، فلمن كانت العاقبة؟ إن المكر يحاك الآن على مستوى الأمم وعلى مستوى الأفراد، وسورة يوسف تقول لكل ماكر: إياك إياك.. "وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ" (الأنفال: من الآية30)، "وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ" (فاطر: من الآية43).. وفي ذلك طمأنة للأمة وبيان لها بأن مكر أعدائها سيبور ويرتد عليهم.

    11- كذلك نجد في سورة يوسف{ قصص التائبين المستغفرين } وأثر التوبة والاستغفار في الحياة، وقد تتبعت الدعوة إلى التوبة والاستغفار في القرآن فوجدت أنه ما من نبي إلا أمر قومه بهما.
    وجدت أن في الاستغفار سهولة على اللسان، مع أنه من أخص الدعاء والدعاء هو العبادة كما في الحديث، وقال الله تعالى:
    "ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ" (غافر: من الآية60)، فالتوبة والاستغفار من السمات الظاهرة في سورة يوسف عليه السلام.

    12- نجد في هذه السورة { استثمار الفرص } :
    وخاصة من قبل يوسف عليه السلام في السجن، قبل السجن، بعد السجن، وهو عزيز مصر، والأمة بحاجة إلى أن تستثمر الفرص استثماراً حقيقياً في موضعه.

    13- نجد أيضاً {الصبر وعاقبته} وبياناً لبعض أنواعه
    _ "فَصَبْرٌ جَمِيلٌ" (يوسف: من الآية18)، كما صبر يعقوب _عليه السلام_، وكما صبر يوسف. "إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ"
    (يوسف: من الآية90).

    14- وأخيراً نجد { الإحسان} في سورة يوسف:
    _والإحسان أشمل مما يفهمه كثير من الناس، بل كثير من الناس يفسر الإحسان بمعنى قاصر، وهو إعطاء المحتاج، أو التصدق على المحتاج. غير أن الإحسان في سورة يوسف، ورد في قرابة خمسة مواضع، في كل مراحل حياته، فكان سبباً من أسباب السؤدد والقوة والتمكن.

    تابعوا

      الونشريس
      فوائد من جهة اُخرى لقصة يوسف:

      الونشريس

      1- أن هذهِ القصة من أحسنِ القصصِ و أوضحها لما فيها من أنواع التنقلات من حالٍ إلى حال، ومن محنةٍ إلى محنة، ومن محنةٍ إلى منّحة ومنَّة، ومن ذلٍ إلى عزٍ، ومن أمنٍ إلى خوفٍ، ومن مُلكٍ إلى رقٍ، ومن فُرَّقةٍ وشتاتٍ إلى اجتماعٍ وانضمامٍ، ومن سُرورٍ إلى حُزنٍ، ومن رَخاءٍ إلى جدبٍ، ومن ضِيقٍ إلى سَعه.

      2- ما فيها من أصولِ تعبيرِ الرؤيا المناسبةِ، وأن عِلمَ التَّعبير عِلمٌ مُهمٌ يَهبه اللهُ لمن شَاءَ من عِبادهِ، وهُو دَاخلٌ في الفَتوى، فينبغي لمن لا يُحسنُ الخَوضَ في بَحرهِ ألايلج فيهِ لئلا يَنْدمَ على ذلك.

      3- حَيثُ قصَّ الله ما فيها من الأدلة والبراهين على نبوة نبينا محمد عليه هذهِ القصة الكاملة الواقعة وهو لم يقرأ كُتبُ الأولين، بَلْ هُو أُميٌّ لا يقرأ ولا يكتب، وصدق الله: ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ﴾ [يوسف: 102].

      4 – ينبغي للعبدِ البعدُ عن أسبابِ الشرِّ وكِتمان ما يخشى مضرته، وقد وجه يعقوبُ فلذة كبدهِ بذلك قَائلا:ً ﴿لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً﴾ [يوسف: 5].

      5 – النعمُ الكبيرةُ الدينية و الدنيوية لابد أن يتقدمها أسبابٌ ووسائلٌ إليها لأن الله حكيمٌ ولَهُ سُننٌ لا تتبدلْ ولا تتغير، قَضى سُبحانَه بأنَّ المطالبَ العاليةَ لا تُنالُ إلا بالأسبابِ النافعةِ خُصوصاً العُلوم النافعة وما يتفرع عنها ولهذا قال: ﴿وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ﴾ [يوسف: 6].

      6- العدلُ مطلوبٌ في جميعِ الأمور الصغار والكبار ومن ذلكَ مُعاملةَ الوالدينِ للأولادِ فلابدَ من التَّسوية بينهم، وعدم إيثار بعضهم على بعض، ومتى حصل ذلك اختلَّ نظامُ الأسرة ووقع ما يكدر الصفو ويعكر طعم الحياة، وهذا ما حصل ليعقوب عليه السلام .

      7- الحذرَ من شُؤْم الذُنوب فكم من ذنبٍ واحدٍ اسْتَتَّبع ذُنُوباً كثيرة، وهذه حالُ إخوة يوسف – عليه السلام – لما أرادوا التفريقَ بينهُ وبين أبيهِ، وهذا ذنبٌ عظيمٌ ترتبَ عليهِ ذُنوبٌ كثيرةٌ من الكذبِ ورمي يوسف، وهكذا الطاعةُ تتبعها في الغالبِ الطاعة، وهذا دليلٌ على بركةِ الطاعةِ وشُؤمُ المعصيةِ.

      8- العبرةُ بالنهايةِ لا بالبداية، وهكذا كانَّ أمر إخوة يوسف تَابُوا واسْتغفروا وسَمحَ لهم يعقوب ويوسف وإذا سمح العبدُ فاللهُ أولى بذلكَ وهو خير الراحمين.

      9 – أنَّ بعضَ الشرِّ أهونُ من بعضٍ، فرمي يوسف في البئرِ أهونُ من قَتلهِ، ولهذا أَخذَ الإخوةُ بهذا الرأي وكان من تدبير الله ليتحققَ ليوسف ما كتب الله له.

      10- الحذرُ من الخُلوةِ بالنساءِ الأجنبياتِ وخُصوصاً اللاتي يُخشى منهنَّ الفتنة، وقد جرى ما جرى ليوسف بسببِ الخلوة لكنَّ الله عصمه، فليخشى أولئكَ الذين يتعرضون للخلوة بالنساءِ في أماكنِ التطبيبِ والتمريضِ، وفي البيوت خُصوصاً مع الخادماتِ والمربياتِ فذلكَ بابُ شرٍّ عظيمٍ.

      11- الهمُّ بالسوءِ الذي يعرض للإنسانِ إمَّا أن يجدَ ما يدافعه من نوازع الخير فهنا يتقزم هذا الهمُّ ويتضاءل ويزول، وإمَّا ألا يجدَ ما يُقاومهُ فينمو ويكبر ويتحقق، وهكذا حال يوسف – عليه السلام – رأى البرهانَ من ربه فطرد همه وامرأة العزيز لم يوجد عندها من نوازعِ الخيرِ ما يُقاومُ همَّها فاستمرت وطالبت بأن يتحقق واقعا.

      12- إذا ابتُلي العبدُ بمواطنِ الريبةِ وأماكن الفتنة فينبغي له أن يهرب لئلا تُدركه أسبابَ المعصيةِ فيقع ثمَّ يندم، وكان هذا حالُ يوسف – عليه السلام – فرَّ هارباً وهي تُمسك بثوبهِ من خلفهِ.

      13- أخذَ العلماءُ من قصةِ يوسف – عليه السلام – أن القرينةَ يُعمل بها عند الاشتباه في الدعاوى إذا كانت شهادةُ الشاهدِ على القرينة: ﴿إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ﴾ [يوسف: 26]، وكذلك وجود الصُّواع في رَحْلِ أخيهِ وقَدْ أخذ يوسف بهذه القرينة واستبقى أخاه عنده.

      14- ما كانَ عليهِ يُوسف – عليه السلام – من الجمالِ الظاهرِ والباطنِ، أمَّا الظاهرُ فهو الذي بسببهِ حَصلَ له ما حصل من امرأةِ العزيزِ ومن النساءِ اللاتي كُنَّ يَلُمنها على فِعلها، و أمَّا جَمالُ الباطنِ فهو العِفَّةُ العظيمةُ مع وجودِ الدواعي الكثيرة لوقوعِ السُّوءِ مِنه، لكن ما قذفَ الله في قلبهِ من الإيمانِ والإخلاصِ وقُوةُ الحقِ طَردَ عنهُ الرَّذيلة، وجَعلهُ بَعيداً عنِ السُّوء، وهذا ما جعلهُ عَظيماً في نُفُوسِهم أَجمعين.

      15- اختار يوسف – عليه السلام – السِّجن وقدمهُ على الوقوعِ في المعصيةِ، وهكذا ينبغي للعبدِ إذا كانَ الخيار بين أمرينِ أحدهُما عُقوبة له عَاجلة تؤول إلى أجرٍ عظيمٍ في الآخرةِ والأُخرى مَعصية، فينبغي ألا يتردد في ذلك ويُقدم ما فيه الخير له في الآخرةِ وإن كان ظَاهرهُ عُقوبة في الدُنَّيا، وقد كانَ السِّجنُ طَريقاً ليوسف إلى العزةِ في الدُنَّيا والفوزَ في الآخرة.

      16- العبدُ الصادقُ مع ربهِ ينبغي أن يلتجأ إليه ويحتمي بحماه عند وجود أسباب المعصية، ويتبرأ من حَولهِ وقوتهِ لأنه عبدٌ ضعيفٌ، وقد كانَ ذلكَ من يوسف – عليه السلام – ﴿وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ﴾ [يوسف: 33]

      17- على العبدِ أن يعبُدَ رَبهُ حَالَ الرَّخاءِ والشِّدةِ على حدٍ سَواءٍ فيوسف – عليه السلام – لم يزل يَدعو إلى الله فَلمَّا دَخلَ السِّجنَ استمر على ذلك ودعا من يتصلُ بهِ من أهلِ السجنِ، ودَعا الفَتيين إلى التوحيدِ، ونَهاهما عن الشركِ وذلك قبلَ أن يُعبر لهما الرؤيا، وهكذا الداعيةُ إلى الله ينبغي أن يغتنم الفُرصَ فَيدعوا إلى الله في كلِ مكانٍ وزمانٍ بما يتناسبُ مع الظروفِ والأحوالِ والأشخاصِ، وكم أَدركَ الدُعاةُ الأكفاءُ والعلماءُ والأعلامُ في هذه المناسباتِ من المكاسبِ العظيمةِ.

      18- من وَقعَ في مكروهٍ وشدة لا بأسَ أن يستعينَ بمنَّ لهُ قُدرةً على تخليصهِ بفعلهِ أو الإخبارِ بحاله، وهذا ليسَ شَكوى إلى المخلوقِ بلْ هُو من فعلِ الأسبابِ المعينةُ على الخلاصِ من الظلمِ والشِّدةِ، ولِذا قال يوسف للذي ظنَّ أنه ناج منهما: ﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾ [يوسف: 42].

      19- ينبغي للمعلمِ والداعي إلى الله استعمال الإخلاص التَّام في تعليمه ودعوته، وأن لا يجعل ذلك وسيلة إلى معاوضة في مالٍ أو جاهٍ أو نفعٍ دنيوي كما لا يمتنع من التعليم إذا لم يستجب المتعلم لما كلفه به المعلم، وهذا حالُ يُوسف وصَّى أحد الفتيين فلم يُنفذ الوصية، ثمَّ رجعَ نفسُ الفَتى يَسألُ يوسف عن الرُّؤيا فأجابهُ ولم يعنِّفه أو يوُّبخه أو يحاسبه على عدمِ تنفيذِ الوصية.

      20- لا بأسَ أن يُخبرَ الإنسانُ عمَّا في نفسهِ من الصفاتِ الحسنةِ من العِلمِ وغيره إذا كان في ذلكَ مصلحةً وسَلمَ من الكذبِ لقوله: ﴿اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾ [يوسف: 55].

      21- حُسن التدبيرِ مطلوبٌ والإخلاصُ في العملِ شَرطٌ لقبولهِ، وقد تحققَ ذلك ليوسف فكثُرتِ الخيراتُ في عهده، وهكذا من ولي من أمرِ المسلمينَ شيئاً سَواءٌ كانت الولايةُ صغيرة أو كبيرة عليهِ أن يَرفُقَ بِهم، وأن يُساعدهُم، و أن ينصحَ لهم ليتحققَ على يديهِ الخير لهم – إن شاء الله -.

      22- مشروعيةِ الضيافةِ، وأنها من سُننِ المرسلين: ﴿أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنزِلِينَ﴾ [يوسف: 59]، أي المضيفين.

      23- جوازُ استعمال الأسباب الرافعة للعين وغيرها من المكاره أو الرافعة لها بعد نزولها غير ممنوع وإن كان لا يقع شيء إلا بقضاء الله وقدره فإن الأسباب أيضا من القضاء والقدر، لقوله يعقوب – عليه السلام -: ﴿يَا بَنِي لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنكُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ﴾ [يوسف: 67].

      24- لا يسوغ أن يشهد العبد إلا بما علم وتحقق منه برؤية أو سماع: ﴿وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا﴾ [يوسف: 81].

      25- فضيلةُ الصبرِ وأن عواقبهُ حميدة، وهكذا كان حال يعقوب ويوسف عليهما السلام.

      26- إذا حصلت النعم على العباد فينبغي أن يتذكروا ما كانوا عليه في السابق من أجل شُكر النعم لأنها إذا شُكرت قَرت، وإذا كُفرت فَرت.

      27- الإلحاحُ على الله بالدعاءِ وسُؤاله التثبيت لأن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.

      الونشريس
      وهنا وقفات سريعة وحِكم من قصة يوسف عليه السلام

      الونشريس
      الوقفة الاولى:
      لا تخف أبدا من كيد الكائد.
      يوسف رموه في الجب طفلا
      أعزلاً ثم سجدوا له ملكاً.
      من أعاجيب الحياة أن الكيد
      غالباًينقلب لمصلحتك

      الوقفة الثانية:
      عندما يقال لك قميص يوسف،
      هل ستذكر أنها ثلاثة؟
      قميص المؤامرة والدم المزيف
      قميص الشهوة الذي مزقته إمرأة
      وقميص النصر الذي أعاد البصر ليعقوب.

      الوقفة الثالثة:
      أراد الله خروج يوسف من السجن ،
      لم يرسل صاعقة تخلع باب السجن ،
      بل رؤيا تتسلل ليلاً لخيال الملك وهو نائم !
      ثق بربك وأحسن الظن به"

      الوقفة الرابعة:
      اجمل القصص(قصة يوسف )لأنها بدأت بحلم
      وانتهت بحقيقة. من يقول ان الأحلام مستحيلة!!
      قال تعالى(إنما أمره إذاأراد شيئًا أن يقول له كُن فيكُون )"

      الوقفة الخامسة:
      "فأسرّها يوسف في نفسه ولم يُبْدِها لهم"
      نفوس كبيرة تتغافل لبقاء الود
      نفوس معلقة بالسماء
      فالتغافل ليس عجزا
      والتسامح ليس ضعفاً
      والصمت ليس انطواءً
      بل سمو لايعرفه الوضيع ّ
      لا تواجه أخاك بكل ما في قلبك اترك
      ما استطعت إرضاء لله وحفاظا على أخيك"

      الوقفة السادسة:
      ﴿إني لأجد ريح يوسف﴾
      محسنوا الظن بالله يشمون رائحة الفرج رغم بعد المسافات
      تعلقت حبالهم بربهم فقويت
      عزائمهم وحسنت
      ظنونهم
      الونشريس
      وأقول ختاماً: ما من فرد أو مجموعة أو أمة أخذت بأسباب الانتصار التي أخذ بها يوسف عليه السلام إلا كانت عاقبتها حميدة، وتحقق له الانتصار العظيم في حياته الدنيا، وفي والآخرة، والناس يتساءلون متى وكيف نحقق النصر؟ فأقول: اقرؤوا هذه السورة وتأملوا هذه السورة، فإن فيها جواباً أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا، وأن يرزقنا منه العبرة والعظة، وأن يتحول ما نعلمه إلى واقع عملي في حياة الأمة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

      تفسير القرطبى.
      تفسير ابن كثير
      أ.د. ناصر بن سليمان العمر
      أ.د عبد الله بن محمد الطيَّار
      فى رعاية الله

      الونشريس


      جزاكـــ الله خيرا

      جعـله الله في موازيــن حسنـاتـكــ يارب

      الونشريس

      الونشريس اقتباس الونشريس
      الونشريس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مونه الامورة الونشريس
      الونشريس

      جزاكـــ الله خيرا

      جعـله الله في موازيــن حسنـاتـكــ يارب

      الونشريس الونشريس

      جزانا وايَّاكِ وبارك الله فيكِ واحسن اليكِ

      جزاكي ألف خير

      اجابات المسائل التدريبية ومراجعة الدروس فيزياء اول ثانوى 1 2024

      اجابات المسائل التدريبية ومراجعة الدروس فيزياء اول ثانوى 1
      اجابات المسائل التدريبية ومراجعة الدروس فيزياء اول ثانوى 1
      اجابات المسائل التدريبية ومراجعة الدروس فيزياء اول ثانوى 1

      اجابات المسائل التدريبية ومراجعة الدروس وتقويم الفصول والاختبار المقنن لمادة الفيزياء 2ث ف1 –

      دعوواتكم لصاحب الموضوع

        شراء غرف محادثة للاجتماعات والدروس تدعم الصوت والصورة بتقنية 2024

        p { margin-bottom: 0.08in; }a:link { } شراء غرف محادثة للاجتماعات والدروس تدعم الصوت والصورة بتقنية 123flashchat
        غرف للمحادثة والاجتماعات والفيديو بالصوت والصورة بتقنيات وضوح عالية تعتمد على سيرفرات ميديا عالية لنقل الصوت والصورة بوضوح كامل من وإلى والعكس بالعكس.
        ويمكنكم الاستفادة بعمل غرف للاجتماعات بين مجموعات عبر الانترنت وأيضا لإلقاء الدروس الصوتية وبالفيديو إذ يمكن لكل غرفة أن تتسع لما يقارب 5 آلاف مستمع أو متفرج.
        إن غرف 123 فلاش شات تعتمد على تقنية سيرفرات جافا فتفضلوا من هنا : www.qpali.com/123flashchat.html

        خصائص الغرف الصوتية والكاميرا :

        طرق الاتصال بشركة كيوبالي العالمية لسيرفرات غرف المحادثة الصوتية والكاميرا :
        الموقع الإلكتروني : www.qpali.com
        البريد الإلكتروني : support@qpali.com
        المسنجرات للمبيعات : support@qpali.com , sales@qpali.com
        المساعدة المباشرة من خلال الدخول إلى موقع كيوبالي والضغط على كلمة محادثة مباشرة في أعلى موقع كيوبالي
        الهواتف الرئيسية والفرعية :
        الرئيسي : 00970599380061 ، 00972599380061
        الفرعي : 00970568169833 ، 00972568169833
        ويمكنكم أيضا فتح بطاقات من داخل نظام الإدارة على الرابط التالي : https://www.qpali.com/clients/submitticket.php
        غرف محادثة صوتية,غرف اجتماعات صوتية,غرف دروس صوتية,غرف محادثة صوتية,غرف صوتية

          مشكووووووووووووووووورة

          يسلمووووووووووووووووو

          بعض الدروس والعبر من هجرة سيد البشرية 2024

          هجرة سيد البشرية دروس وعبر

          إن المتأمِّل في حياة القائد الأعلى والقدوة الحسنة للمسلمين – صلى الله عليه وسلم – يجد كمًّا كبيرًا من الدروس والعِبَر، ولو أخذت الأمة الإسلامية من هذا المَعِين الذي لا يَنفَدُ، لحلت مشاكل العالَم كله؛ حيث إن نبينا – صلى الله عليه وسلم – لم ينشغلْ ببعض الأمور على حساب الأمور الأخرى، بل كان يسير في جميع الاتجاهات باهتمام وتركيز، فلم تشغله الدعوةُ إلى الله وإدخال الناس في دين الله أفواجًا، عن تكوين الدولة القوية التي يحترمها الجميع، ويعملون لها ألف حساب، فقد هيَّأ المسلمين للهجرة إلى المدينة عن طريق بيعة العقبة الأولى (بيعة إقامة الدين)؛ لأن الدولة لا تبنى إلا على أساس العقيدة والإيمان، ثم جاءتْ بيعة العقبة الثانية (بيعة إقامة الدولة)، أو بيعة تمهيد تكوين الدولة التي قامتْ على الاختيار، والشورى، والعدالة الاجتماعية، والمفاهيم السياسية الواعية، تحت قيادة حاكمُها محمدٌ – صلى العليه وسلم – ثم بعد ذلك بدأ – صلى الله عليه وسلم – في إرسال الوفود الدعوية والسياسية، وإرسال المهاجرين وفودًا متتابعين، حتى يلحق بهم النبي – صلى الله عليه وسلم – فكانت الهجرة النبوية بمثابة الأمل الذي يتبعه العملُ.

          وهذه بعض الدروس والعبر من هجرة سيد البشرية – صلى الله عليه وسلم:
          أولاً: الهجرة وحب الأوطان:
          الهجرة لا تعني الانقطاعَ عن الوطن كما يظن كثير من الناس، بل هي تحمل في طياتها الحبَّ الكامل للوطن؛ وذلك إذا كانت الهجرة أهدافُها نبيلة، ومن أجل تحقيق مصلحة أعلى، وهي إقامة دين الله؛ لتكون كلمة الله هي العليا، حتى يحيا الوطن بنور الله، فالمهاجرُ يترك الوطن بجسده وقلبُه معلَّقٌ بوطنه، وكأن ذرات التراب اختلطتْ بدمه، ولا تنفك صورةُ الوطن ومصلحة الوطن عن باله، فهو دائم التفكير في كيفية الرجوع إلى هذا الوطن؛ حتى يقدِّمَ له الخبراتِ التي اكتسبها في هجرته، وكذلك يقدم له عرق الجبين الذي بذل من أجل النهوض به، لا من أجل تعويقه.

          هذا المعنى الحقيقي للهجرة أعلنه النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو يترك مكة تركًا مؤقتًا؛ حيث نظر إليها وقال: ((والله إنك لخيرُ أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أُخرِجت منك ما خَرَجتُ))؛ (رواه الترمذي).

          ثم يعود النبي – صلى الله عليه وسلم – وأصحابُه في فتح مكة إلى وطنه الذي أحبه؛ ليسأل الذين أخرَجوه من وطنه الحبيب مكة: ((ما ترون أني صانع بكم؟))، قالوا : خيرًا، أخ كريم، وابن أخ كريم، قال: ((اذهبوا، فأنتم الطلقاء))؛ (أخرجه البيهقي).

          ثانيًا: الهجرة وترك التهاجر والتناحر:
          عندما علِم أهل المدينة بهجرة النبي – صلى الله عليه وسلم – تناسَوا الخلافات والتشاجرات التي كانتْ بينهم، والحروب المستعرة التي ظلَّت سنوات عديدة؛ وذلك لأن الهجرة علَّمتْهم روحَ التعاون والتماسك، وترك التهاجر والتناحر؛ لأنهما يؤدِّيان إلى الفشل: ﴿ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾ [الأنفال: 46].

          وتراهم يقدِّمون أروع الأمثلة في باب الحب في الله والاجتماع، وتُرجم هذا الحب في صورة الإيثار وتفضيل الإخوان على أنفسهم، ولوكان بهم خصاصة: ﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9]؛ فيعرض سعد بن الربيع على عبدالرحمن بن عوف نصفَ مالِه، ويخيِّره بين أزواجه ليطلقها وتنقضي عدَّتُها، ثم يتزوَّجها، ويخيِّره في اختيار أفضل الديار.

          إن الهجرة النبوية التي يقودها سيد البشرية هي التي زَرعتْ فيهم هذه الروحَ؛ وذلك عندما بدأ معهم النبي – صلى الله عليه وسلم – في أول خطبة في المدينة بغرس هذه المعاني، فعن عبدالله بن سلاَم قال: لما قَدِم النبي – صلى الله عليه وسلم – المدينةَ انجفل الناس، وقيل: قد قدم النبي – صلى الله عليه وسلم – وجئتُ فيمن جاء، قال: فلما تبيَّنتُ وجهه، عَرَفتُ أن وجهه ليس بوجه كذَّاب، فكان أول ما قال: ((يا أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصِلُوا الأرحام، وصَلُّوا والناسُ نيام، تدخلوا الجنة بسلام))، ويا ليت الأمة الإسلامية تستلهم هذه المعانيَ من الهجرة؛ كي ينتشر الحبُّ بيننا، وتنتزع البغضاء والشحناء.

          ثالثًا: للمسلم هجرتان باقيتان إلى يوم القيامة، وهما أساس كل جهاد:
          هناك هجرتان لم ولن ينقطعا إلى يوم القيامة؛ وهما :الهجرة إلى الله وإلى رسوله، بفعل المأمور وترك المحذور، يقول ابن القيم: "هجرة إلى الله – عز وجل – بالتوحيد، والإخلاص، والإنابة، والتوكل، والخوف، والرجاء، والمحبة، والتوبة، وهجرة إلى رسوله بالمتابعة، والانقياد لأمره، والتصديق بخبره، وتقديم أمره وخبره على أمر غيره وخبره"؛ (زاد المعاد 3/ 11، 12).

          وهاتان الهجرتان تستوجبان على المسلم أن يقدِّم حب الله ورسولِه على كل شيء، قال – تعالى -: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة: 24].

          رابعًا: الهجرة والإيجابية:
          المسلم يؤثِّر ويتأثَّر بما حوله، والسلبية تزلزل كيانَ المجتمعات وتؤدِّي إلى انهياره، وهذا ما أكده رسولُنا – صلى الله عليه وسلم – محذِّرًا من السلبية وخطرها؛ فعن النعمان بن بَشِير – رضي الله عنهما – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ((مَثَل القائمِ في حدود الله والواقع فيها، كمثلِ قوم استهموا على سفينة فصار بعضُهم أعلاها وبعضُهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا استَقَوا من الماء مرُّوا على مَن فوقهم، فقالوا: لو أنا خَرَقْنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذِ مَن فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا، هَلَكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نَجَوا ونَجَوا جميعًا))؛ رواه البخاري.

          هذه الإيجابية هي خط الدفاع الأول للحفاظ على كيان الدولة الإسلامية، وهي منهج حياة المسلم، قال – صلى الله عليه وسلم -: ((مَن رأى منكم منكرًا، فليغيِّره بيدِه، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان))؛ (رواه مسلم).

          وهذه الإيجابية نراها واضحةً في أحداث الهجرة، حيث جعل النبي – صلى الله عليه وسلم – لكل المجتمع دورًا (الشباب، والشيوخ، والنساء).

          1- الشباب والإيجابية: نرى أن أول باكورة تُشارِكُ في تداعيات الهجرة هم الشباب، ويتحمَّلون أهم وأخطر المشاركات، وذلك عندما أمر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عليَّ بن أبي طالب أن يَبِيت في فراشه؛ حتى يعمِّي على المشركين أمرَ الهجرة، ويسارع عليٌّ – رضي الله عنه – في تنفيذ الأمر؛ ليقدِّم أغلى ما عنده للإسلام، وهذا هو واجب الشباب تجاه دينهم وتجاه دعوتهم.

          2- الشيوخ والإيجابية: إنك لتتعجَّب عندما تشاهد تضحيات الشيوخ وبذْلَهم المتناهي لنصرة دين الله، ويأتي على رأس هؤلاء الذي أنزل الله فيه قرآنًا يُتلَى إلى يوم القيامة من كثرة ما قدَّم للإسلام، إنه الصديق – رضي الله عنه – يقدِّم مالَه كلَّه، ويخرُج بنفسه ليكون ظلاًّ ملاصقًا لحبيبه – صلى الله عليه وسلم – في هجرته، بل وشاركتْ أسرته كلها في الهجرة.

          3- النساء والإيجابية: لم تَقتَصِر التضحيات في الهجرة على الرجال، بل قدم النساء قوافلَ التضحيات، وهذا نراه دائمًا منهن عندما يدعو داعي البذل والعطاء، وتتقدَّم السيدة أسماء بنت أبي بكر قوافلَ النساء، لتحمل الطعام وتمدَّ المهاجرَينِ بالمعونة، وتعرِّض نفسها للخطر من أجل دينها.

          خامسًا: الهجرة واستحضار معية الله:
          رغم الاحتياطات العالية، والأخذ بالأسباب في أحداث الهجرة؛ من السرية التامة، وتغيير الطريق، وإرسال المهاجرين دفعات، وترتيب الأدوار، وأخذ الحذر في كل خطوة، فإن المشركين قد عَلِموا بالأمر، وحرَّكوا الفرسان للحاق برَكْبِ المهاجرَينِ، وكان من الممكن أن تمر الهجرة هكذا دون أن تحاط بالأخطار، وخصوصًا بعد أخْذ الرسول – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه بالأسباب، ولكن الله أراد أن يعلِّم عباده المؤمنين أن الأسباب وحدها لا تحقق نصرًا، وأن العبد يُحرَم التوفيق إذا لم يعتمد على مسبِّب الأسباب ومسخِّرها؛ لذا انكشف أمر الهجرة؛ لتقول السنن الكونية للبشرية جميعًا ها قد حانتْ معية الله التي لا يَخِيب معها أحد، ويقرِّر هذا الأمرَ رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – عندما وقف المشركون على رأس الغار والرسول – صلى الله عليه وسلم – وصاحبه أسفل منهم، فيقول الصدِّيق: يا رسولَ الله، لو أن أحدهم نظر إلى قدمِه لرآنا؟ فقال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟!)).

          وهذه الهجرة تعلِّمنا أن الإنسان المسلم لا بد له من استحضار معية الله في كل أموره، وتلك المعية الربانية تعلَّمها الصحابةُ من رسولهم، فعندما جمَعَ الناسُ لهم قالوا: ﴿ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ [آل عمران: 173]، فكانت النتيجة: ﴿ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾ [آل عمران: 174].

          فإذا أرادت الأمَّة نعمةَ الله وفضله ومعيته، فلتتوجَّه القلوبُ بعد الأخذ بالأسباب إلى الله، ولْتُقِم شرع ربها، قال – تعالى -: ﴿ وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴾ [المائدة: 12].

          م/ن

            جزاكى الله خيرا
            الونشريس

            الف شكر