اين قلبي حديث من الروح الى الروح 2024

الونشريس

أين قلبي ؟ الونشريسحديث من الروح إلى الروحالونشريسـ


الحمد لله غافر الذنب و قابل التوب , شديد العقاب ذي الطول .. لا إله إلا هو إليه المصير

و الصلاة و السلام على البشير النذير و السراج المنير إمام التائبين و سيد المُستغفرين و الناس أجمعين القائل :

( يا أيها الناس توبوا إلى الله و استغفروه فإني أتوب في يوم مئة مرة )

رواه مسلم

إخوة الإيمان .. السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

يحكى أن أهل قرية كانوا يعانون من حفرة كبيرة حيث لا يكاد يمر يوم إلا و يسقط فيها أحد أبناء القرية

اجتمع أهالي القرية لمناقشة وضعها فقال كبيرهم :

عليكم أن تختاروا أحد الأمور الثلاثة :

إما ان تشتروا سيارة إسعاف و تضعوها بجانب الحفرة أو أن تبنوا مستشفى بجانبها

أو أن تدفنوا الحفرة و تحفروا بدلا منها واحدة بجانب المستشفى

أحباءنا في الله .. ما أجمل أن يرتع النظر و يبهج القلب بمرأى الرياحين

و لكم ريحانتنا أتت تستقي منكم لتلمع نَضْرة و بهاء

و لكنها ريحانة ندت عن مثيلاتها بحديث مع أرواحكم

جاءت بشوق لقلوبكم تزهر فيها روح الحياة فتكسرعنها الأشواك الآسنة

بهذه القصة الرمزية كمدخل لنا ,,

و تلك الحفرة هي التي ترويها لكم ريحانتنا

و العبرة منها لقلوبكم الواعية .. يدلكم عليها ما سنخوض في الحديث عنه بإذن الله و أي حديث

و هل أجمل في الدنيا من سعادة الأرواح و ابتهاج القلوب و هناء الضمائر

فانضموا الينا يا كرام .. لقصتنا تفصيل و كلام .. فيها من العبر و الأحكام ما يمحي التعاسة و الآلام ..

و ينسي الأرق و الأوهام .. و ينير الدرب و يبيد الظلام …

تحدثنا عن حفرة كانت مشكلة .. فقُدِّمَت لها حلول باطلة .. لا يستوعبها عقل و لا يقبلها منطق سليم

و ما كان عكس السليم الا السقيم .. أجل .. فهو سقم حال دون التذكر و التدبر .. و حجب الألباب عن التفكر

وُصِف بالعجيب و المثير و من هنا أتينا لكم بالتقرير

الونشريس

مرض خطير .. اِنتشر في كل أرجاء المعمورة .. و إمكانية العدوى به أوصلته بلاغة الخطورة

ما صعَّبَ اِكتشافَه مراكزه المستورة .. و ما عسَّر علاجَه غياب المريض عن الصورة

داء عُضال .. لم يترك لأعضاء الجسم مجال

كلها تأثّرت لضعفه .. و تدهورت لفشله .. و تدمّرت لتلفه

لم تعَد تطيق الاستمرار بدونه .. فلا جهاز آخر يتحمّلُ عبءَ شؤونِه

وباء فتاك.. ينتقل بتدميره من خلية الى أُخرى .. حتى يفتك بالنسيج كلِّه

و أيُّ نسيج .. ؟

إِنّه القلب .. منبع الحياة .. موطن المشاعر .. محراب الأمل و التفاؤل

لعلكم بعد وصفنا الدقيق لهذا المرض الخبيث قد تعرفتم عليه

و أخذتم فكرة عن أخطاره و نبذة عن أضراره

نـــــــــعــــــم ……. إنّه

الغفلة … سرطان القلوب

فهي ما إن تدخل قلب اِمرئ إلّا عشعشت في جوفه

و بدأت تفرز السموم للقضاء على رجائه و خوفه

فتنهشه نهشا و تغير من عاداته و عُرفه

تصلِّبُه بعد أن كان لينا …. و تظلمه بعد ان كان نيِّرا

تنتنُه بعد أن كان زاكيا … و تُبْهِتُه بعد أن كان باهيا

هي الغفلة …….. تقطع عنا الأخبار و حروفها كشفت الأسرار

فالغين : غياب عن التفريق بين العدو و الصديق

الفاء : فرار من الواقع و هيام في عالم ضائع

اللام : لهو و لعب و بعد عن آداء الواجب

بعدما كشفنا الأسرار تعالوا لتفصيل الأفكار و عرض المساوئ و الأضرار

فـالغفلة هي السهو و غيبة الشيئ عن بال الانسان و عدم تذكره له إهمالا و إعراضا عنه

لقلة التحفظ و التيقظ و هي فقد الشعور بما حقه الشعور به

قد نغفل عن أشياء في حياتنا فننساها أو نتناساها و لا ضير ..

لكن المصيبة الكبرى و المشكلة العظمى أن نغفل عن خالقنا .. أن نتناسى أوامره و نتجاهل نواهيه ..

أن نفتر عن ذكره و نتماطل عن عبادته

فقد قال سبحانه :
(( اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (1) مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ .. ))

– الأنبياء –

فهذا هو حال بعض الناس لا ينجع فيهم تذكير، ولا يرعون إلى نذير، قد قرب حسابهم،

ومجازاتهم على أعمالهم الصالحة والطالحة، والحال أنهم في غفلة معرضون، أي: غفلة عما خلقوا له،

وإعراض عما زجروا عنه . كأنهم للدنيا خلقوا، وللتمتع بها وُلدوا، وأن الله تعالى لا يزال يجدد لهم التذكير و الوعظ

ولا يزالون في غفلتهم وإعراضهم .. يتخبطون في الدنيا و تلطمهم أمواج الغفلة لا يدرون لأي شاطئ ستلقي بهم ..

شاطئ الأمان أم الأحزان

الونشريس

الغفلة أيها الكرام أنواع و درجات و مراتب

فقد نجد بعضنا غافلا عن سبب خلقه و ايجاده في هذه الدنيا .. أي

الونشريس الغفلة عن الغاية التي من أجلها خلق الله عباده

نعم فهذا واقع .. قد نجد من لا يدري و لا يعقل الغاية التي من أجلها ربنا جل و علا خلق الارض و السماوات

و أرسل الرسل و أنزل الكتب و بعث هذه الأمة جمعاء ..

و قد لا يأْبه حتى بالسؤال و البحث عن الجواب فنجده تائه الوعي شارد الذهن عن الأمر

ما اهمه و ما شغل باله و سكن مشاعره ..

حب الدنيا .. كسب المال .. الربح .. الجاه .. الشهرة … و غير ذلك من الملهيات المهلكات عافانا الله جميعا

نجد بعض الناس يركضون .. يشقون و يتعبون .. بل يمرضون و يتألمون و يتحسرون على ما قد يضيع

من عمرهم في غير رضى أنفسهم و شهواتهم

الا نرى باعيننا هذا من حولنا يا رعاكم الله .. بالله عليكم .. ألا نرى اليوم اصحاب الأعمال و رواد البورصات

بل و التجار الكبار منهم و الصغار.. يتسابقون لجني الدرهم و الدينار .. و ما غير ذلك يفنون فيه الاعمار

و هم يتمتعون و يتلذذون و بالاموال و الخيرات ينعمون لم يعتبروا من قصة قارون و ما رواه السابقون

فقد روي عن شاعر قال " جئت .. لا أعلم من اين و لكني أتيت .. و لقد أبصرت قدامي طريقا

فمشيت ..وسابقى سائرا ان شئت هذا ام ابيت .. كيف جئت .. كيف أبصرت طريقي لست أدري .. "

و لا حول و لا قوة الا بالله مصرف القلوب و مقلبها

فسبحان ربي القائل :
(( و ما خلقت الجن و الانس الا لعبدون ))

أجل .. عبادته سبحانه وحده لا شريك له فهو خلقنا و ما جعل لنا من وظيفة الا طاعته و عبادته لا اله الا هو

أنعم علينا بالصحة و القوة و الأموال و الارزاق , إعانة لنا على ذلك , منة و كرما منه جل و علا

أفنغفل عنه و نتناساه سبحانه !؟ .. ربنا الرحيم الودود .. العزيز الكريم

أفنجعل الخضوع و الإنابة اليه و الخشوع و البكاء بين يديه آخر شيئ قد يخطر على بالنا !؟

قد نعتقد أن الله قد أحيانا للعيش و الدراسة ثم العمل و المال و الزواج و الأولاد

ثم ماذا .. بالله عليكم ماذا بعد هذا كله ؟ .. ماذا ؟

أين الله سبحانه في حياتنا .. كم جزءا نجعله لله تبارك و تعالى في قلوبنا .. كم ؟

لاشيئ !؟ .. القليل .. الثمن .. الربع !؟ .. كم بالله علينا .. كم ؟

هل نرضى لأنفسنا أن نحيى حياة الأنعام ؟ كما وصف رب العالمين صنفا من الناس في القرآن الكريم

فقال عز من قائل :
(( وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ)) -محمد-

و قال أيضا
(( لَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ
لا يَسْمَعُونَ بِهَا
أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُون))
-الأعراف 179-َ

أفلا يُعتبر اهمالنا و جهلنا بالغاية التي من أجلها ابتعثنا الله سبحانه في هذه الدنيا كفرا و إجحافا بحقه سبحانه و بحق أنفسنا ؟

و من الأمثلة و العبر الكثير و المثير للتعجب و التحسر

فقد حكى أستاذ جامعي عن شاب في ربيع عمره .. وقف في المدرج و كله ثقة و جرأة قائلا " إن كان الله موجودا فليُمتني بعد دقيقة "

و همَّ يعد الثواني .. مضت ستون ثانية .. لم يحصل شيئ .. صُعِقً الحاضرون من كلامه و من جرأته على الله سبحانه

و انفضوا و هم في حيرة من أنفسهم و علامات الذهول بادية على وجوههم ..

انصرف كل من الحاضرين بمن فيهم ذلك الشاب و لما وصل لبيته استعد لتناول الغداء ذهب ليغسل وجهه

و أثناء ذلك دخلت قطرات من الماء في أذنيه فسقط ميتا ..

أتعلمون ما قيل إخوة الإيمان عن ميتته تلك ؟ … قيل أنها ميتة الحمير أكرمكم الله .. حيث أن الحمار لو دخل الماء في أذنيه مات

لا حول و لا قوة الا بالله

و في نفس السياق روى صدقة بن إبراهيم البكري عن أبي الهندي فقال : كان أبو الهندي يشرب معنا

وكان إذا سكر يتقلب تقلباً قبيحاً في نومه، فكنا كثيراً ما نشد رجليه لئلا يسقط، فسكرنا ليلة في سطح

وشددنا رجله بحبل طويل فتقلب فسقط من السطح فأمسكه الحبل و بقي معلقاً منكساً، فأصبحنا فوجدناه ميتاً،

فمررت على قبره بعد حين فوجدت عليه مكتوباً

اجعلوا إن مت يوماً كفني … ورق الكرم وقبري المعصره
إنني أرجو من الله غداً … بعد شرب الراح حسن المغفره

وكان الفتيان يجيئون إلى قبره فيشربون ويصبون القدح إذا وصل إليه على قبره.

وكان من شعره ..

إذا صليت خمساً كل يوم … فإن الله يغفر لي فسوقي
ولم أشرك برب الناس شيئاً … فقد أمسكت بالحبل الوثيق
وجاهدت العدو ونلت مالاً … يبلغني إلى البيت العتيق
فهذا الحق ليس به خفاء … دعوني من بنيات الطريق

أنظروا أيها الكرام لأي مآل قد توصل غفلة القلب عن الرب

اللهم لا تكلنا الى أنفسنا طرفة عين ..

الونشريس

    الونشريس أما البعض قد تكون غفلتهم عن أوامر الله سبحانه و نواهيه فيستخفون بها بل و يحاربونهاا

    أما نرى في واقعنا اتباع الناس لأهوائهم دون اكتراث بأمر أو نهي أو ردع أو وعظ ؟

    أما وعينا أن الهوى أصل الضلال ؟ قال سبحانه و تعالى
    ((إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ ")) [النجم:23]

    لنوجه لأنفسنا جميعا سؤالا واحدا .. هل حقا نمتثل لأوامر الله و ننتهي بنواهيه سبحانه ؟

    أم أنه مجرد كلام و زعم و ما أسهل الكلام و ما أرخص الزعم

    هل لو امتثلنا جميعا لأوامر خالقنا عز و جل كان حال أمتنا في هذا الواقع الذي يدمي القلوب و يضيق الصدور

    (( أفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ )) – محمد –

    قال بن القيم رحمه الله " اتباع الهوى يفسد القلب، ويحول بينه وبين السلامة. قال ابن القيم رحمه الله :
    إن سلامة القلب لا تتم إلا لخمسة أشياء، يعني: لا ينجو يوم القيامة إلا من أتى الله بقلب سليم، فما هو القلب السليم؟ وسليم من ماذا؟
    سليم أي: سالم، قال: حتى يسلم من شرك يناقض التوحيد، وبدعة تخالف السنة، وشهوة تخالف الأمر، وغفلة تناقض الذكر، وهوى يناقض الاتباع، وهذه الخمسة حجبٌ عن الله، وتحت كل واحد منها أنواع كثيرة لا تحصى أفرادها، ولذلك اشتدت حاجة العبد بل ضرورته إلى أن يسأل الله أن يهديه الصراط المستقيم."

    أما كان خيرا لنا سبيل الهدى من الضلال ؟

    فاتµCباعنا لأهوئنا و عدم امتثالنا لأوامر ربنا سبحانه لهو من المفسدات المهلكات المبعدات عن رحمة الله

    و توفيقه فقد قال الفضيل بن عياض:
    "من استحوذ عليه الهوى واتباع الشهوات انقطعت عنه موارد التوفيق"

    و من بين ما ورد عن غفلة القلب و اتباع الهوى قصة رجل كان مجاهداً مع الجيش الإسلامي وهم يحاصرون حصناً للكفار

    فاطلعت امرأة من الحصن نصرانية فعشقها من أول نظرة، فدعته فطلب الدخول فأدخلته، فطلب أن يتزوجها،

    قالت: حتى تتنصر، فتنصر ودخل في النصرانية و إنا لله و إنا إليه راجعون

    فلنتذكر و لنتعتبر يا بارك الله فيكم قول خالقنا سبحانه :

    (( إنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51)
    وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ(52) )) – النور –

    فما لنا بعد هذا نأبى إلا الانحراف و الالتفاف عن أوامر الله فنُعرض و ندبر عن طريق الهدى و نستمسك بالضلال و الهوى

    لنعصي أهواء قلوبنا و لنقل لها لا .. و ألف لا .. ليس بالتناسي و التغافل و العصيان و التماطل نفوز بالخير و نأمن من السوء و الشر

    قال عز و جل :
    (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)

    وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (19) – الحشر –

    إخوة الايمان .. ليعلم كل منا أن الإنسان ليس له قلبان في جوفه، بل إما أن يطيع ربه وإما أن يطيع نفسه وهواه والشيطان.

    أفنعصي الله و هو يرانا .. نعصيه و هو ينعم علينا .. نعصيه فوق أرضه و نحارب أوامره بنعمه !!؟

    ما أقسانا من عباد .. ما أجرأنا على الله الرحمان الرحيم

    و الله ما كانت قسوتنا و جرأتنا إلا على أنفسنا

    فما أضعفك أيتها النفس المسكينة .. و ما أوهنك أيها القلب التعيس

    حرمناك من لذة الايمان و متعة عبادة الرحمن

    وا أسفاه عليك يا نفسُ .. وا حسرتاه عليك يا قلبُ

    ما بالنا بالجهالة نعبد الكريم .. بلا حياء نطرق بابه للحاجة و عند الحزن ..

    و عند الفرح و النعم ننساه و نجحد كل خير هو به متفضل ,,

    نطلب النصر و غفلنا أنه بيد النصير ..ننشد العزة و نسينا أنها بالله العزيز

    ما قدرنا الله حق قدره
    ((وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُون))

    – الزمر 67-

    أفيقي يا نفوس الهوى قبل أن تفيقي و الروح تغرغر ,,

    حينها لا مناص و لا احتيال .. إلا رحمة الجبار وعدله فهو أحكم الحاكمين و أسرع الحاسبين سبحانه

    يا أمة الإسلام .. لا عزة و لا كرامة .. و لا سيادة و لا سعادة الا بالعودة للعزيز الحكيم و امتثال أوامر السميع العليم

    فقوموا إخوة الاسلام و رددوا معنا …

    ((سمعنا و أطعنا غفرانك ربنا و إليك المصير))

    الونشريس

    و من أخطر أنواع الغفلة أخوتنا الأعزاء ..

    الونشريس الغفلة عن الموت و الآخرة

    الناس في غفلاتهم و رحى المنية تطحن

    فالموت يحصد الأرواح دون تمييز يتهددنا في كل مكان و زمان.. خصوصاً في عصرنا هذا لايمر أسبوع دون أن نسمع

    عن وفيات شباب و فتيات في ربيع العمر ..و أطفال لا يعون معنى الموت و لم يروا الدنيا .. والمقابر لم تعد تتسع

    و في كل هذا تذكير و مواعظ .. فهل من مدكر ؟؟

    ما لنا نُذكَّر فلا نتذكر و نوعظ و لا حياة لمن تنادي !

    نشيع الجنائز .. نرى الموتى و هم يوارون تحت التراب بل نرى الموت بأعيننا و لا تفصلنا عنه

    الا هنيهات من زمن و ماذا بعد ذلك .. لا نتفكر و لا نتأثر !!

    و ان حصل فلن يطول عن دقائق قليلة ثم نعود لغفلتنا و نرجع للدنيا الفانية و نتصارع لجني

    الجاه و المال و ما وعينا الى أين المآل ..

    ألهتنا المشاغل و كبلتنا المشاكل و الزمن يمضي بنا

    الدقائق لم تعد تحسب و الساعات و كأنها تُسْحَب

    متى نعي يا ترى .. متى ؟؟

    يوم تغرغر النفوس .. يوم تبلغ الحلقوم ؟

    أخي .. أختي .. ما لنا لا نتعظ بأبلغ المواعظ

    بالموت و سكرته .. و القبر و ظلمته

    إلى متى نفر من الموت .. إلى متى ؟؟

    (( قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ )) الجمعة:8

    كلنا سنموت و نرحل عن الدنيا و نفارق الأهل و المال و الديار و ننتقل من سعة القصور إلى ضيق القبور

    (( كلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ )) آل عمرن..

    إخوة الإيمان فلنعتبر .. فلنتعظ .. قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه و لا خلال يوم نطلب العودة والرجوع و ما لنا الى ذلك من سبيل

    فقد مضى وقت الندم و الأماني .. و فات زمن الدعاء و التمني

    (( وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآَزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ (18) )) -غافر-

    لن يفيدنا ها هنا الندم و لا البكاء و لا التوسل و لا حتى الدعاء

    قد حان وقت الرحيل .. سنغادر معسكر الأحياء لنزور الأموات .. سنزور تلك المقابر التي مررنا بها مرارا.. و لم نعن لها اعتبارا

    و أيتها زيارة ؟ .. نزهة في رياض الجنان أم ظلمة و عذاب و أحزان

    روضة كان القبر أم ظلمة .. فسوف نغادره الى يوم الطامة

    فلابد للزائر من عودة إلى الديار .. ليس الى الدنيا و لكن الى دار القرار.. فإما جنة أو نار

    قد بدأت النفوس تحشرج في الصدور و بلغت القلوب الحناجر و التفت السيقان و شخصت الأبصار

    إنها ساعة الاحتضار وخروج الروح ، وهي ساعة صدق يصْدُق فيها الكاذب ، ويظهر فيها المستور ،

    وينكشف فيها المخبوء ، فلا تقبل عندها التوبة ، ولا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً .

    تنتظر خروج الروح و كيف يا ترى سيكون الخروج كاستنشاق عطر الريحان أم كالاشواك في ثنايا الأغصان ؟

    ((وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِىَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَاوَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِى غَفْلَة مِّنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ ))

    و يقول – صلى الله عليه وسلم – :
    ( إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة ، نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه ، كأن وجوههم الشمس ، معهم كفن من أكفان الجنة ، وحنوط – وهو ما يخلط من الطيب لأكفان الموتى وأجسامهم – من حنوط الجنة ، حتى يجلسوا منه مد البصر ، ثم يجيء ملك الموت عليه السلام ، حتى يجلس عند رأسه فيقول : أيتها النفس الطيبة – وفي رواية المطمئنة – اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان ، قال فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من فيِّ السقاء ، ………، وإن العبد الكافر – وفي رواية الفاجر – إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة ، نزل إليه من السماء ملائكة ، سود الوجوه – وفي رواية غلاظ شداد – معهم المسوح (من النار) – وهو كساء غليظ من الشعر والمراد الكفن – ، فيجلسون منه مدَّ البصر ، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه ، فيقول : أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب ، قال فتفرق في جسده ، فينتزعها كما ينتزع السفود – وهي حديدة ذات شعب متعددة – من الصوف المبلول ( فتقطع معها العروق والعصب ) رواه أحمد .

    اللهم اجعلنا منقطعين عن الدنيا مقبلين على الآخرة يا أرحم الراحمين ..

    الدنيا .. ما هي الا دار صدق لمن صدقها و حتما سنغادرها يوما

    و هي مزرعة الآخرة .. فماذا زرعنا لنحصده في اليوم الموعود ؟

    هل تذوقنا قرب السجود يوما بل هل سجدنا لله أصلا ؟

    هل أنينا لرب الجلال بدمعة في خلوة أو إبّان ركعة ؟

    هل أحسسنا بفرحة الإحسان فمسحنا على رأس يتيم و أكرمنا الجيران ؟

    بل هل نحن مستعدون للموت الآن في هذه اللحظة ؟؟؟

    هل سنسعد إن آتانا ملك الموت و نحن على هذه الحال ؟؟

    ألهذه الدرجة كرهنا رؤية مالك الملك ذي الجلال و الإكرام !! ؟؟

    عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال :

    ( قال الله : إذا أحب عبدي لقائي أحببت لقاءه ، وإذا كره لقائي كرهت لقاءه ) . رواه البخاري

    كفانا غفلة أرجوكم .. كفانا

    قبورنا تنادي .. و قد تكون تُحفر و تُجَهَّز لنا الآن

    قبورنا تُبْنى و نحن ما تُبْنا … فيا ليتنا تُبْنَى من قبل أن تُبْنى

    متى تلين قلوبنا .. متى ؟؟؟

    متى نبيع الدنيا و نشري الآخرة ؟؟

    دعونا من التسويف .. سوف و سوف و غدا و بعده

    فوالله ما أهلكتنا سوي هذه العبارات

    عجبا لنا عجبا !!!

    نمسي فننتظر الصباح .. نخطط و ندبر و نقرر و ما خطر على بالنا أننا قد لا نصبح

    نصبح فننتظر المساء لنفعل و نعمل و .. و ما قلنا في أنفسنا أننا قد لا نمسي

    كبلت الدنيا قلوبنا و غير حبها ظنوننا

    أنضمن أننا قد نلبس ثيابنا الجديدة غدا أم سنلبس بدلها الكفن ؟

    أنضمن أن نسكن ما نبنيه من قصور أم ستغطينا بدلها القبور ؟

    أما آن الأوان لنا أن نُطلِق الدنيا من دون رجعة !؟

    إن لله عبادا فُطَنا طلَّقوا الدنيا و خافو الفِتنا
    نظروا فيها فلما علموا أنها لحي وطنا
    جعلوها لُجَّة و اتخذوا صالح الأعمال فيها سُفُنا

    لنكن من الفطنين الواعين و لنهجر مزايا الغافلين

    ما الدنيا الا متاع الغرور و ما طالبها الا بجاهل مغرور

    عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    ( إن الدنيا حلوة خضرة. وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء) رواه مسلم.

    و قال أيضا
    ( والله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم ) رواه البخاري .

    لنبحث عن قلوبنا يا رعاكم الله .. فحتى نطهرها و نداويها يتوجب علينا أولا أن نعرفها و نشخص حالها

    فلنبحث و لنجتهد لايجاد نبض قلوبنا

    و ليسأل كل واحد منا نفسه " أين ينبض قلبي الآن ؟ في أي مكان و أي زمان ؟ "

    هل هو هنا في هذه الدائرة السوداء تغشاه حجب الضباب الكثيف و تمنعه من الإبصار و الإدراك

    الونشريس

    أم هو ينبض الآن هنا

    .. في هذه الحديقة الغناء في لطف النسيم و بهاء الأزهار و حلاوة أنواع الثمار

    الونشريس

    وقد يكون هنا في صحراء خالية .. يجوب الأرجاء الخاوية
    لا يعرف الا لون الرمال و لم ير للطبيعة من أشكال
    إن سألتموه عن الخضار فلا يفقه و إن ذكرتم له الأزهار فلا يأبه

    الونشريس

    أجل .. قد نجد بعض الناس قلوبهم جوفاء لا عن الشر ينهون و لا إلى الخير هم يسعون

    غفلتهم عميقة .. لا الدنيا لهم صديقة و لا أنفسهم من الآخرة شفيقة

    الونشريس

    بحثنا عن قلوبنا الآن فوجدناها .. لكن ما الذي أوصلها لهذه الحال

    من ذا الذي أغراها و لربها أنساها و عن أوامره نهاها و للدنيا هداها و عن الحقيقة أعماها

    من كان سبب الضياع ..و اللؤم و الخداع ..و الغرق في الأوحال و الاستمتاع.. بما للغرور من متاع

    أبرز المتهمين في ذلك

    الونشريس آفة الأمل :

    الأمل في طول العمر و هو ما حذرنا ربنا عز وجل منه إذ قال:

    (( ألَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ )) الحديد 16

    قال الإمام القرطبي : "طول الأمل هو الحرص على الدنيا والانكباب عليها ! والحب لها ! والإعراض عن الآخرة !"

    و كان من صفات أعداء الله طول الأمل فقد ذمهم جل و علا و قال فيهم

    (( ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ )) [الحجر:3].

    و قال أيضا : (( وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ )) [البقرة:96].

    وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( لا يزال قلب الكبير شاباً في اثنتين: في حب الدنيا، وطول الأمل ) [رواه البخاري ومسلم].

    الونشريس

    الونشريس الفتن ما ظهر منها و ما بطن :

    و من أجلى الفتن و أظهرها و أخطرها فتنة النساء كما أخبر النبي صلى الله عليه و سلم قائلا

    (ما تركت من بعدي فتنة أخطر على الرجال من النساء ) متفق عليه

    فالمرأة إذا خرجت استشرفها الشيطان فزينها للرجال الذين قد تجرفهم أمواج الغفلة فيضعفون و يحكمون أهواءهم

    ففتنة النساء اليوم اكتست بأبهى الحلي و تلونت بشتى ألوان السفور و الفجور و العياذ بالله

    هاهي تلك القنوات الخليعة و الأفلام الهابطة و المجلات العاهرة

    و غير بعيد .. تلك الأسواق المختلطة و المنتديات السائبة التي جرفت فتيات كن شريفات

    فكسرت في خلقهن الحياء و هدمت في نفوسهن الفضيلة و و حطمت في أرواحهن العفاف و النقاء

    فمكر الأعداء عظيم ((وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ)) – إبراهيم 46-

    فأصبحنا نسمع اليوم ما يعرف بالحرب الإعلامية على الأمة الإسلامية فلم تعد حرب أفراد أو جماعات

    بل صارت تعني منظمات و مؤسسات مسلطة على النساء المسلمات بنية إفسادهن عبر النت و القنوات

    حيث صار التنافس على أي منها أكثر عهرا و حقارة و قذارة و مجونا و خلاعة

    فاحذروا عباد الله .. الله الله بغض الأبصار .. الله الله بمقاطعة القنوات و المواقع السافلة

    أيتها اللؤلؤة المكنونة والدرة المصونة ..

    لا تتركي حياءك و لا تبيعي شرفك و اعلمي أن الشرف كعود الكبريت لا يشتعل إلا مرة واحدة

    أضيئي حياتك بالعفاف و الطهر و الستر

    فما بعد التبرج و التغنج و التمايل و التحايل إلا ظلام الأسى و حرقة الندامة

    الونشريس

    الونشريس المحيط و الصحبة :

    لننظر إلى محيطنا و إلى من نصاحبهم و نخاللهم و نعايشهم

    و لنعطي كل مفهوم تسميته دعونا من المصطلحات المريبة و التي لا تدل على محتوى قضيتنا

    نسأل الشخص من تصاحب فيجيب :

    الشلة .. الجماعة .. الأحباب .. الفرندز

    و غيرها من المسميات العامة .. فدعونا لا نخادع أنفسنا و لنحدد صحبتنا أهي من أهل الغفلة

    فتجعلنا من الغافلين أم من أهل الذكرى فتجعلنا من الذاكرين

    فهل إذا جالسنا هؤلاء الأصحاب ذكرنا الله أم عصيناه ؟؟

    حضرنا مجالس القرآن أم رتعنا بمجالس الشيطان ؟؟

    فمن تعود على المعصية في بيئته و شغله و سيارته و مجالسه و حركاته و كلماته

    كيف يريد قلبا سليما معافى من الغفلة و الضلال .. فحتما ستغرقه الأوحال و تكبله الأغلال

    ليعرف كل منا نفسه أين يرعرعها و أي أمور يعلمها و بأي قوت يزودها و على أي طريق يقودها و يسيرها

    الونشريس

    الونشريس الفتور عن ذكر الله :

    تحدثنا عن النفس و جاء دور اللسان و كله موثوق بالقلب

    فغفلة القلب تجر غفلة كل الحواس و منها اللسان و ما كان ذلك الا بسبب استحواذ الشيطان علينا

    ((اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ الَّلهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ)) المجادلة -19-

    أغرانا الشيطان فألهانا عن ذكر الرحمن و غفلنا عنه سبحانه و تغلفت غفلتنا بنعمه و إحسانه

    فقد قال عز و جل :
    ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ الَّلهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ))

    -المنافقون 9 –

    أجل .. هو الرحمن الرحيم الرؤوف الودود.. ينعم علينا .. يرزقنا بالأموال و الأولاد

    فعز علينا حتى حمده و شكره .. بل غفلنا عن ذكره و حجبنا قلوبنا و ألسنتنا عن ذكره

    فيا حسرتاه على من رأى الموت حيا و لم ينطق لا إله إلا الله

    ربطت لسانه غفلته .. و ما تنفعه اليوم عودته

    قد صار الآن ممدودا على اللوح .. و جرد من ملابسه بلا روح

    ما اغتنمنا دنيانا و عشنا الشقاء .. و نعتناه بالبلاء و هو الداء و الأمَرّ ..

    أننا لم نسعى للدواء و رضينا بمرافقة الشيطان .. و اتحذناه أقرب الخِلَّان

    (( وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَانِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ)) -الزخرف 36 –

    فبقينا في الضنك حائرين .. و لمعانيه مغيبيه

    إنه الضنك .. الضاء للضيق و النون للنكد و الكاف للكرب

    الونشريس

    يتــــــــــــــــبــــــــــــــــع

    أما حان وقت التوبة بعد ؟؟!

    قال الله تعالى:
    (( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ. إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )) – الزمر 53 –

    ((وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى)) – طه 82 –

    فهلموا الى عيش السعداء..

    يكفي والله من حياة الضيق والهم وحياة المعاصي

    يكفى والله .. يكفي ..

    الملك تركنا كثيرا … سامحنا كثيرا… ستر علينا كثيرا…أمهلنا كثيرا…يسر لنا كثيرا… وجدد لنا كثيرا

    ام غرنا حلمه علينا

    أحبتنا

    نريد ان نقهر انفسنا تلك التى تعصى الله وهى تضحك .. لطالما ضيعنا اوامر الله و هو سبحانه يمهل ويغفر ويتجاوز وينعم علينا

    إخوتنا الكرام .. هل تحبون الله؟

    ((قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)) آل عمران 31

    اذا متى التوبة ..متى نتوب؟

    نحتاج ان نتوب من اشياء لم نلقِ لها بالا يوما

    هل فكرتم يوما في التوبة من تضييع الأوقات ؟

    كم تضيعون من الوقت في ليلكم ؟ .. كم تضيعون من الوقت في الشرود الذهني بوقت الفراغ ؟

    وساعات المواصلات التي تمر من غير ذكر ولا تعلم ؟

    وساعات النوم التي تضيع من العمر من غير نية صادقة ؟

    وتلك التي تضيع في (التليفونات)، والرنات، وإرسال الرسائل، بل وقراءة الرسائل، واللعب ؟

    وتلك الأخرى التي تضيعها في تصفح الشبكة السرطانية ؟

    ماذا بقي من وقتك بعد كل هذا لله ؟

    الونشريس

    لنتعاهد جميعا على العودة إلى طريق الله .. الآن .. حالا .. من يضمن أن يمد الله في عمرنا دقيقة أخرى

    لا تجعلوا أنفسكم تغادر هذه الدنيا على معصية من المعاصي فالمرء يُبْعَث على ما مات عليه

    و الأهمّ أن نتقيد بششروط التوبة و من أهمها :

    ♦ الاقلاع عن االذنب ♦ الندم على ما فات

    ♦ العزم على عدم العودة الى الذنب ♦ ارجاع الحقوق الى اهلها من مال وغيره

    ان التائب .. منكسر القلب .. غزير الدمع ..جياش المشاعر..

    صادق العبارة ..حي الوجدان.. حي الضمير .. خالي من العجب.. فقير من الكبر

    التائب بين الرجاء والخوف في وجدانه لوعة وفي وجهه أسى وفي دمعه أسرار

    التائب بين الإقبال و الإعراض مجرب ذاق العذاب في البعد عن الله وذاق النعيم حين اقترب من حب الله

    التائب له في كل واقعه عبرة فيجد للطاعة حلاوة ويجد للعبادة طلاوة ويجد للإيمان طعماً ويجد للإقبال لذة

    التائب يكتب من الدموع قصصاً من الآهات أبياتها ويؤلف من البكاء خطباً

    التائب قد نحل بدنه الصيام وأتعب قدمه القيام وحلف بالعزم على هجر المنام فبذل لله جسماً وروحاً وتاب إلى الله توبة نصوحا

    التائب الذل قد علاه والحزن قد وهاه يذم نفسه على هواه وبذلك صار عند الله ممدوحاً لأنه تاب إلى الله .

    اللهم اجعلنا من التائبين

    قال الله تعالى :
    ( يا ابن آدم ! إنك ما دعـوتـني ورجوتـني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي ، يا ابن آدم ! لو بلغـت ذنـوبك عـنان السماء ، ثم استغـفـرتـني غـفـرت لك ،

    يا ابن آدم ! إنك لو اتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتـني لا تـشـرك بي شيئا لأتـيـتـك بقرابها مغـفـرة)
    رواه الترمذي

    سبحانه يقسم بعزته وجلاله ان يغفر لمن استغفر .. فاستغفروا الله اخوتنا الأعزاء

    ← وهيا نتوب الى الله توبه صادقة →

    الونشريس

    لأننا في الله أخوتنا و محبتنا جئناكم بقلب مشفق يناشد بقعة النور في أرواحكم

    تعلمون عهد الشيطان لنا بالعصيان والعداء !! نصب شباك الهوى و أشواك التسويف في دروبنا ..

    و غلغل أقفالها بقلوبنا خنوعا و تضعضعا و من حيث ندري أم لا ندري وقعنا في حبائله

    و كلما هممنا بالطيبات شوهها و أزلنا و عن الشكر زعزعنا ..

    و كلما رغبنا عن الأهواء و خبثها زينها لنا وللجحود جرفنا ..

    و دس جنوده بيننا .. بدماء الحسد و النفاق و الغضب أغرقونا..و بالجري وراء لقمة العيش شغلونا

    فوجدنا أنفسنا نلهث وراء ملهيات الدنيا و عن الفروض و الرعية سرقونا ..و ببنك الفراغ خبأوا أرصدتنا

    نصرفها داء و سما يسقمنا

    أحبتنا في الله …

    إن لكل لذة فانية آهاااات تكدرها و كآبة تفسدها .. فكل ما يُجْنَى بسرعة و بلا هدف راق يتوج بالهوان و غموم

    لذا لنقف سويا نحاسب أنفسنا و نتأمل حياتنا مع غفلتنا و تسويفنا

    و الإعتراف بالذنب خلق العاقلين …

    أن نذكر أنفسنا بمن مررنا بهم في دوامة الحياة و كانوا في غفلتهم يعمهون

    و بسكرتها يطيشون و لا يقفون متبصرين أن الله يمهل و لا يهمل

    حتى كان البلاء هو الرحمة التي أذاقهم الله بها برد الرجوع إليه

    بلاء في النفس أو فقد الولد او الصحة او المال .. أو عقوق بنيهم أو تفرق الأحباب من حولهم …

    و لما هداهم الله بمنته عليهم بالتفكر استيقظوا من سباتهم قبل فوات الأوان

    و أبصروا النور بعد الظلام و السعادة بعد الآلام و السكينة بعد الأوهام

    فهل تسوف و تماطل للحظة كتلك ؟ !! أم أنك ستعتبر و تغير مسار خريطتك

    فأن ينزل بنا البلاء و الضراء و نحن أصلحنا حالنا خير لنا من النقيض

    كما أننا لا نعلم هل سنحيا و نعتبر أم سينقضي عمرنا قبل الاوبة و الرجوع

    فلا نحتقر صغائر أعمال تتراكم فتحجب عنا أجورا كالجبال و تنكت في البصر و البصيرة غشاوة الأوهام

    كمجالس النساء أو الرجال تلوك ألسنتهم كلاما يفتقر للذكر و الإتعاظ

    أو تمر بنا أوقات عظام جفت فيها ألسنتنا عن تسبيح و تهليل و التكبير

    و أفلسنا من الصلاة على خير العالمين ..و عن كتاب الله في هجران مبين

    وبخلنا عن صدقة أقعدها فقر النفوس .. و أعمال خيرة تأتينا فنعرض عنها خائبين

    و صلوات مفروضة يفوت وقتها و بكل عجل نؤديها .. و نستبدل خشوعها بزخارف الدنيا و مشاكلها و مشاغلها

    و أواااااه من القنوط و اليأس و كثرة التذمر و السخط عند المصاب أو المرض

    و قد غفلنا عن نعم لا تحصى و كم من هبات لنا تُعْطى

    و الكثير الكثير أتركه لكم تدبرا و تأملا لنعي مدى صغر و خزي الدنيا و أهوائها و تعس عبادها و رُوّادِها

    فكيف بنا إن استمرأت النفس صنيعها و الأمر أننا لا نستشعر أننا مذنبون

    فتجرنا أحيانا لويلات الكبائر و نحن في غفلة معرضون

    و لنستحضر عين الله التي لا تنام في كل حركة و سكنة فأين سنفر منه عند معصيته

    عندما نخاف من أحد نفر منه ..إلا الله كلما نخشاه نفر إليه

    فلنتخذ عهدا بأن نحطم قيود غفلتنا و لنشبك أيادينا ببعضها لنأخذ عهدا لا رجعة فيه دون الرجوع الى الوراء

    مهما واجهنا من ألم في بداية الدرب من تسويف و إحباط و ووسوسة الشياطين إلا أننا نقاوم هذه الأوهام

    بحبال متينة بمدوامتنا عليها .. سننتصر و نهزم عدو أنفسنا

    و لكن تخيلوا أن هذه الحبال هي زهورا خلقها الله لنا على طريقنا إليه ..لتكون قوة لنا و طاقة نستمدها ضد

    الفتور و التسويف

    فهيا بنا نستمتع بأريجها و بهاء طلتها و نستنشق من عطورها .. فما يجمع بينها الجمال و ما يفرقها العطور و الأشكال

    الونشريس

    أم المتع و أساس الملذات البينة …

    الونشريس عبادة الله سبحانه و القرب منه

    بالتذلل له و الإنطراح على بابه و مناجاته

    تلك المتعة التي تسقي لنا منابع متع منسية سهلة .. متع قريبة ميسرة للكل و لا تكلف درهما و لا دينارا

    بعيدة عن مزاحمة الناس و مدافعتهم و عن كل عناء و مشقة

    كما أنها أطول زمنا و أعمق حسا و أشد تأثيرا و وقعا فهل من منتبه

    الونشريس متعة الصلاة و من حرمها فقد حرم الخير كله

    تراح بها النفوس المتعبة و تعود بها أسراب الأرواح المنهكة إلى رياضها .. و هي دواء لعلل النفوس و الأجساد

    قال ابن كثير :
    " إن الصلاة من أكبر العون على الثبات في الأمر .. فالصلاة مما يَستعين به العبد على أعباء هذه الحياة ، ولذا كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقول لبلال : أرحنا بها يا بلال . "

    فالصلاة طريق معبّد للوصول الى جنان الرحمن لقول رسول الله صلى الله عليه و سلم :

    " خمس من جاء بهن مع إيمان دخل الجنة : من حافظ على الصلوات الخمس على وضوئهن وركوعهن وسجودهن ومواقيتهن وصام رمضان ، وحج البيت إن استطاع إليه سبيلا ، وأعطى الزكاة طيبة بها نفسه ، وأدى الأمانة . "

    ألا نزيدكم فضلا آخر .. و هل من الفضائل ما يجاور و يعادل رؤية الله جل في علاه ..

    كما قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم – وقد نظر إلى القمر ليلة البدر – فقال :
    ( أما إنكم سَتَـرَون ربكم كما ترون هذا القمر ، لا تُضَامون في رؤيته ، فإن استطعتم أن لا تُغلبوا على صلاةٍ قبل طلـوع الشمس ، وقبل غروبها فافعلوا . يعني العصر والفجر .) متفق عليه

    اللهم إنا نسألك لذة النظر إلى وجهك .. و الشوق الى لقائك .. في غير ضرّاء مضرة و لا فتنة مذِلّة

    ومن لم يُحافظ عليها كان مع أسوأ رفقة ومع شـرّ صُحبة . لما رواه الإمام أحمد وغيره عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ الصلاة يوما فقال :
    ( من حـافظ عليها كانت لـه نورا وبرهانا ونجاةً يوم القيامة ، ومن لم يحافظ عليها لـم يكـن لـه نور ولا برهان ولا نجاة ، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف .)

    الونشريس الاستمتاع بالقرآن الكريم

    متعة الإبحار في كتاب الله و التدبر في معانيه .. أن نستشعر بشائر الله و رسوله لمن يتلوه و يتدبره و يحيا به في كل ذرات حياته

    ألا نرجوه رفيقا لنا في قبرنا يأتينا بصورة رجل أبيض جميل لا يتركنا حتى ننعم في الجنة بإذن الله!!!

    طوبى ثم طوبى و نسأل الله أن نهنئ بعضنا فيها يوم اللقاء

    ما أروعها من متع مَنَّ الله تعالى علينا بها

    ((اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ الْكِتَابِ وَأَقِمْ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ )) -العنكبوت 45 –

    الونشريس متعة ذكر الله و الأستغفار و كثرة الدعاء

    ما يمنعنا أن نكون لبضع دقائق تلزم بها مصلانا بعد كل فريضة _ و كم ضيعنا ساعات طوال بما لا نفع منه _

    نناجي فيها ربنا و نرتقي بأروحنا بحديث خافت ذليل إلى العزيز الجبار ندعوه و نستغفره

    و أنعم بها من متعة حيث يبشرك الحبيب صلى الله عليه وسلم

    (أقرب ما يكون العبد لله و هو ساجد ) و (أعني على نفسك بكثرة السجود)

    سجود يكثر معه الدعاء و الرجاء و دمع الخشية وخشوع الجنان أندى ارتواء

    فلنغتنمه و لنُلِح بيقين أن ينجينا الله من ظلمات الهوى والغفلة إلى أنوار العبادة و جوهرها

    وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ ﴿الأعراف: 205﴾

    حديث الروح للأرواح يسري..و تدركه القلوب بلا عناء


    هتفت به فطار بلا جناح …و شق جناحه صدر السماء

    أما الاستغفار و ما أدراك ما الاستغفار ..

    كل منا يطلب في حياته و يتمنى و يحلم و يسعى .. ألا ندلكم على خير وسيلة لجلب الرزق

    بعد ما عرفناه و تعلمناه أما حان الأوان للانضمام الى جموع التائبين و قوافل العائدين ؟

    إن الله سبحانه يهدي من يشاء لسبيله .. فلنغير ما بأنفسنا حتى يختارنا الله من عباده التائبين العائدين

    و لنعتبر بمن سبقونا للعودة و الأوبة لله سبحانه

    الونشريس

    اخوتننا الكرام .. رفقا بأهل الغفلة .. قد يكون تصرف أحد منا سببا في إحياء قلب أو في موته

    فلننتبه لتصرفاتنا إزاء من نعرف و نصادف .. فكلمة أو نظرة أو حتى ابتسامة قد تغير حياة غافل و تأخذ بيده الى طريق الله

    لنحسن خلقنا مع الناس و إن كانوا على غير خلق قويم لأننا قد نكون سببا لهدايتهم او لضياعهم و العياذ بالله

    فهذا شاب ملتزم رأى من أبيه اسوء أنواع المعاملات و أقساها .. و ما كان سبب هذا الا التحاؤه و تدينه

    فقد صادف والد الشاب بعد تعرضه لحادث أصابه بالشلل و أفقده عمله .. صادف شخصا يدعي أنه شيخ منتسب للدين

    يقرأ على الناس الآيات و الأدعية فيشفون .. و كان أول ما سأل عنه ( الشيخ ) : " كم تدفع من المال ؟ "

    فأجابه الوالد انه لا يملك شيئا غير قوت يومه .. فخرج وتركه يتألم ليس من المرض فقط بل ترك له كرها شديدا للدين

    مرت الايام .. التقى الوالد المريض بشخص أرشده الى مستشفى أمريكي تابعا لإرساليات التبشير

    لم يكن لدى الرجل مصروفا يكفي للتنقل الى المستشفى فقرر الذهاب زحفا بعد الفجر الى ان وصل

    الى هناك مغميا عليه من شدة التعب و لم يفق الا في احدى غرف المستشفى

    وضع يديه في جيبه فوجد مالا لم يكن لديه فعرف أن الطبيب النصراني قام بمعالجته و وضع في جيبه المال

    و هنا تذكر الشيخ المزعوم و جعل يقارن بينه و بين الطبيب الكافر

    شفي الوالد تماما و بقي الطبيب يزوره و يساعده " و هو ما كان يأخذه و يتعلمه من دروس التبشير "

    تعلق والدي بالطبيب تعلقا شديدا و كان يبدي له اشد مشاعر الولاء و الامتنان

    و قد كان والدي كثير الاستهزاء بالمتدينين و يستهزئ بهم

    فكرت في نزع صورة الشيخ من ذهن والدي و ما قررته منذ ذلك اليوم أن اكثر الاحسان له,, وأكثر من الطبيب

    و كان مرض في أحد الايام فرصة لي ,, فأصبح طريح الفراش حتى أنه لا يستطيع القيام لقضاء الحاجة

    و مكثت بجانبه ليلا نهارا قائلا في نفسي " هذه فرصة لا تقدر بثمن " فكان والدي يتفنن في مطالبه

    ليختبرني أأُطيعه أم لا فكان يأمرني في جوف الليل أن أحضر له نوعا نادرا من الفاكهة فأبحث في كل مكان الى ان أجدها

    ثم اضعها بين يديه فلا يأكلها .. و كنت أراه لا يستطيع القيام لقضاء الحاجة فلم أتردد في تقريب يدي

    ليضع حاجته عليهما ثم حتى يفرغ من ذلك ثم أنظفهما و كان الأمر يتكرر أحيانا كل عشر دقائق

    و هو يتعجب من هذا السلوك ,, ثم أخذ يبكي و قال لي " لم أعرف قيمتك إلا الآن "

    و سألني هل كل الشباب الملتزمين مثلي فأجبته " بل إنهم أحسن مني "

    و كان هذا البكاء فاتحة خير على قلب أبي
    و منذ ذلك الوقت بدأ يصلي و يصوم و اشتد حبه للدين

    و كان لسانه لا يفتر أبدا عن ذكر الله

    حقا … إن الدين هو المعاملة

    الونشريس

    هذه قصة اخت لى اعرفها عن قرب تحكى لى قصتها وتقول

    كنت فتاه اعيش فى الشهوات والملذات بعيدة جدا عن الله بعيدة كل البعد


    اسهر الليالى اتنقل من هذا الفيلم الى هذه الاغنية
    لم افكر يوما ان ربى يرانى ويمهلنى(ربى ما أحلمك)اسير وراء الموضة عمياء لااهتم هل هذا مكشوف ضيق قصير لم ابالى لم ابالى
    كل همى اكون محط نظر الناس بالاعجاب سواء نساء او رجال


    اضيع الصلوات ولا ابالى واخلق الاعذار لنفسى
    لارضى نفسى المحاضرات ضيعت الوقت السفر الى البلد التى بها الجامعة
    اخذ الوقت


    اسهر طوال الليل وقبل الفجر بربع ساعة ادخل انام
    لاخلق لنفسى الاعذار كنت نائمة


    جعلت الله اهون الناظرين الى لم امسك المصحف بالشهور
    بل يمكن ان يصل للسنين

    الى ان اتى علي يوم


    والله اعتبره رحمة من الله بى


    رساله منه الى


    الى متى الغفلة؟

    بعدما تعمدت الى النوم قبل الفجر مباشرة


    حلمت حلم غريب حلمت انى سأموت الان وسمعت هذه الاية
    ( والتفت الساق بالساق الى ربك يومئذ المساق) لماذا هذه الاية


    لا ادرى ظلت تترددعلى مسامعى وتهز جسدى كله واشعر بجسمى كله ينتفض فصحوت من نومى بعد الفجر مباشرة


    اشعر بشىء غريب فى جسمى كأنى فعلا سأموت برودة فى كل جسمى
    اخذت ابكى وأبكى وصوتى يرتفع حتى اتى ابى وامى وفزعا من منظرى
    ماذا بك بنتى امى سأموت الان ابى سأموت الان


    استهدى بالله يابنتى انتى حلمتى حاجة وحشة ولا ايه


    امى سأموت الان واخذت ابكى


    امى لاتقتربى من رجلى واقول لها والتفت الساق بالساق


    احضر ابى المصحف واخذ يقرأ لى ليهدينى
    (وأين كنت من قبل ابى عندما تركتنى
    طوال الليل امام المحرمات ولاتنقذنى ولا تكلمنى ولا تسألنى ماذا تفعلين ابنتى؟)
    كل مايشغل تفكيرى فى هذا الوقت


    كيف سأقابل الله بما سأقابله؟


    ماذا فعلت لارضيه؟ ظللت هكذا وجسمى لايستطيع الحراك


    الى ان قال لى ابى قومى يابنتى حاولى تصلى الفجر


    تذكرت انى تعمدت انى انام قبل ان يؤذن ظللت ابكى واقول نفسى هل اضحك على ربى وهو اعلم بما فى نفسى


    الى ان استطعت ان اقوم وصليت وظللت مستيقظة الى جاء موعد الجامعة لبست لبسى الذى يكشف اكثر مايستر


    ولكن كان لدى احساس غريب فى هذا اليوم اشعر كأنى عارية ومشيت هكذا ولكن الحزن يعلونى والذنوب تثقل كاهلى


    ماذا افعل فى كل هذه الذنوب؟


    تقابلنى مواقف فى هذا اليوم لم اكن انتبه لها من قبل


    هذه اخت لى فى الجامعة ترتدى النقاب اخذت انظر اليها وواطيل لها النظر كانت هى الوحيدة فى كليتى من ترتدى النقاب


    استوقفتنى لفترة ماهذا كيف استغنت اختى هذه عن كل هذه الشهوات


    احببت ان اتقرب اليها ولكنى استحييت من ملابسى


    فوجدتها هى من تكلمنى بكل حب وتسألنى هل المسجد مفتوح؟لا أعلم اختى اريد ان اسألك اختى لماذا ترتدين النقاب


    قالت لى لا اتخيل نفسى رجل ينظر الى ماذا ساقول لربى وانا المسؤوله اولا عن نظره هذا بصرف النظر انه فيه خلاف بين العلماء ماذا ان كان فرضا


    ماذا سأفعل فى كل ما احمله من ذنوب بجانب ذنوب هذه النظرات


    واخذت تفهمنى ان الوجه من الفتن بل انه من اول ماينظر اليه من امامك كيف لا اغطيه


    قالت لى انظرى فى المصحف هذه الايه وهذه الايه


    واقول فى نفسى اين القران فى حياتى


    عندما رجعت للبيت ليلا لم افتح التلفاز ولا الكمبيوتر


    شعرت انى بحاجة الى ان اجلس مع نفسى احاسبها


    ولكنى اتذكر ذنوبى ويعلونى الهم


    فمسكت بكتاب ربى


    وفتحته ورب العرش ان لم اتعمد ان افتحه على صفحة معينه ولكنى فتحته فأول ما وقعت عينى وقعت على هذه الايه


    ((قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله
    إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم.
    وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ))


    ظللت ابكى وابكى ربى رحيم غفور وان اعاند ه وابارزه بالمعاصى


    وهذه كانت البداية


    بداية التغير


    ظللت اشكر الله انه لم يمتنى فى هذه الليلة

    الونشريس


    الونشريس

    و هذا الموقف الدعوي لكل فتاة ترتشف ندى الحياة و طراوتها …


    هي لفتاة عاشت حياتها عادية لا هي غارقة في المعاصي و لا ترفل برياض الطاعات


    كانت تصلي و تصوم ككل الناس عادة بلا روح الخاشعين


    تحيا فترة الزهور من عمرها


    تحب المدرسة و تحب أنها دوما من الأوائل المميزات


    و لكن لا تستشعر معنى التعبد في علمها

    و تقول كم مر علينا فضائل الصلاة و تلاوة كتاب الله و أجور الصائمين العابدين


    فكانت كلمات أسطرها على أوراق الإمتحان ثم أنساها

    وكان ما يشغل قلبي و وقتي كثيرا الحب و الهوى


    يسرقني فارس الأحلام و أجول بخيالاتي معه


    في خلواتي و حركاتي و سكناتي


    و أنا بين الناس هو معي


    حتى في صلاتي يسرح بي

    كنت أحب قراءة كل ماهو عاطفي و رومانسي


    و طبعا لا يكتمل مسلسلي إلا بسماع الأغاني و الطرب بها

    أسكب الدموع مع كلماتها الحزينة


    و أئن شوقا و هياما

    كم كنت أحب أن أسمع قصص المغرمين و أتألم معهم


    هكذا مرت بي السنوات حبيسة أوهامي

    و لكن الله رحمني أن كل هذا كان مكتوما بيني و بين نفسي

    و حقا تقدم من أحببت لخطبتي

    و طلب والدي فترة للتفكير و مشاورتي

    و جدت معارضة من أخوتي و والدي

    لأنهم علموا أنه غير ملتزم

    و لكني كنت مصرة عليه و أنهم يظلمونه

    و ليس كما يقولون

    وعين الرضا عن كل عيب كليله** كما ان عين السخط تبدى المساويء …

    و استمر بيننا الجدال حتى أنني توعدت أن أشكوهم للمحكمة إن لم يوافقوا

    و قبل يوم عن الفترة المحددة للرد جاءنا خبر بأنه أصيب في حادث

    ذهب والدي و أخوي لرؤيته و تبين أنه كان سكرانا و بصحبته فتاة

    كانت هذه صفعة قوية أفقت بها من غفلتي و نومي

    و بكيت بحرقة و ألم

    كانت أمي تهدئني و تقول

    احمدي الله أن كل شيء انكشف قبل أن تقع الفأس في الرأس

    و لكن لم يكن هذا ما يبكيني

    كنت أبكي ندما على ما فات في الأوهام و ما ضيعت من طاعات


    كنت أبكي أن تعلق قلبي بحبيب أكثر من حبي لربي


    كنت أبكي أن تحسرت على وهم و ما تحسرت على ما جنيت على نفسي


    على كل دقيقة ضيعتها بسماع الأغاني و قراءة اللواهي


    كل ثانية لم أسبح فيها لربي و أذكر فيها اسمه


    بل كنت أصحو و أمسي و أختم يومي على اسم بشر لا يغني عني عند الله شيء


    على كتاب الله علاه الغبار كما علا قلبي الغشاوة


    و كيف أنني أغضبت والدي و كدت أقاطعهما و أجحدهما و أنسف برهما


    أني استبدلت الذي هو أدنى بالذي هو خير


    أي غفلة كنت فيها و أي ظلال سرت عليه

    حينها هتف بداخلي قوله تعالى

    . أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّـهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ

    وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّـهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴿الجاثية: ٢٣﴾

    بكيت خوفا من ظلالي و الرجاء لرحمة الله و هدايته و أن لا أكون ممن يختم عليهم و يطبع على أفئدتهم

    و لكن رحمة الله وسعتني و أمهلني كي أعود إليه و أحيا معه

    و بدأت حياتي مع كتاب الله و ظلال تفسيره و تدبره

    و لما قرأت قوله تعالى

    قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿الأنعام: ١٦٢﴾

    رددته بقلب خاشع و تشربت معانيه و اتخذته هدفي

    و كان أول ما قمت به لأثبت قلبي بحبال الإيمان أني ذهبت لأداء العمرة حيث بيت الله الحرام و مرأى الكعبة هز جوارحي

    سجدت أمامها تائبة مستغفرة طهرت بدموعي أدراني و رجوت الله أن يهلاني بها و يمحو ذنوبي من سجلي و يبدلني بقربه خيرا كبيرا

    فهي رسالة لكل أخت لا تغفلي و تداركي شبابك في طاعة الله و التقرب إليه و سيعطيك الزوج الصالح الكفؤ و خيرا مما تتمنين


    فقط ليكن حب الله هو كل ما يحيا به قلبك و كل حب سواه سيأتيك حلالا طيبا

    و تذكري أنه*** يختم للمرء على ما يحب و مع من أحب***

    فإنك لا تعلمين متى أجلك و هل ستأتيك الفرصة لتعوضي ما خسرت في لهوك و ضياعك

    و لا تسوفي و تؤجلي أي خير يأتيك بل حثي خطاك و تسلحي بكر الله و اكثري السجود و الصلاة و الدعاء

    و الزمي رضا والديك تفتح لك أبواب الرزق و السعادة و راحة البال ./

    الونشريس

    كما رأينا من بين أهم الوسائل لاقتلاع القلب
    من الغفلة هو ترطيبه و اللسان بذكر الله جل و علا فقد قال سبحانه

    ((ألَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ
    وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ
    فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ))
    – الحديد 16 –

    فذكر الله أجمل ما يخطر على البال و أحلى ما يتذوقه اللسان و أزكى ما يتذبر القلب و أشرف ما يؤثر على السلوك بل على الحياة بأكملها

    ذكر الله .. يسدد الخطوات على درب الحياة الهنيئة

    ذكر الله .. يفتح أبواب الخير و الأرزاق

    ذكر الله.. يشعر بالراحة النفسية و يا لها من راحة في جوار الله

    ذكر الله .. نعمة كبرى و منحة عظمى , به تستجلب النعم و تسدفع النقم

    ذكر الله .. قوت القلب , قرة العيون , بهجة النفوس , حياة الأرواح

    عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله :
    ( ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة،
    ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم " قالوا: بلى يا رسول الله. قال: { ذكر الله عز وجل } ) [رواه أحمد].

    نضع بين أيديكم أحبة الايمان أنجح و أنجع الطرق للمحافظة على الأذكار و العيش في رحاب كلمة " الله " طوال يومنا

    و ما أحلاه من رحاب ..
    فهذه الطريقة تعينكم باذن الله على ترك التسويف فنجد أنفسنا أحيانا منهمكين في قراءة كتاب أو مشاهدة برنامج

    ونؤجل الأذكار الى ما بعد الفراغ من شغلنا
    وينسينا الشيطان في معظم الاحيان و تطوى نيتنا بالإستغفار أو التسبيح و الذكر

    مع هنيهات الوقت و ما زادنا غفلة بعد غفلة الا تلك الكلمة " قاتلة الزمن " _ سوف _

    فنقضي على وقتنا و تمر الساعات و الأيام و الشهور
    وقلوبنا لم تعرف الإرتواء بعذوبة ذكر الله

    قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :

    (لأن أقعد مع قوم يذكرون الله من صلاة الغداة حتى تطلع الشمس أحب إلي من أربعة من ولد إسماعيل
    ولأن أقعد مع قوم يذكرون الله من صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس أحب إلي من أن أعتق أربعة )
    رواه أبو داود وحسنه الألباني ، صحيح الترغيب والترهيب جـ 1 صـ 188.

    فهلموا معنا يا كرام لنستقي من النعم التي منحنا اياها
    ربنا الكريم سبحانه و نستغلها في طاعته و ذكره و حمده

    و إليكم خاصة : _ أفضل طريقة لاغتنام الدقيقة _

    تابعونا …

    لا يكاد يفرغ بيت من جوال .. أليس كذلك !؟ ..
    فإن لم يكن كذلك فلا يفرغ بيت أبدا من منبه !؟.. مؤكد

    حسنا …

    لنضبط إذا منبهاتنا و لندرب أنفسنا بها على ذكر الله

    كيف ؟؟؟

    يقتضي الأمر أن نضبط المنبه على أوقات متعددة و نكتب في وصف كل تنبيه الذكر الذي ننوي قوله – حسب الأوقات –

    و تكون مذكرة التنبيه يومية … مثلا

    هذا إذن جوال الذاكرين لمن أراد العيش في رحاب الله جل في علاه …

    الونشريس

    فلنجرب بأنفسنا من هذه اللحظة ..
    كل منا يقوم الآن و يضبط منبه جواله على أوقات من إختياره

    لنجرب .. و ماذا سنخسر ..
    بالعكس فإن الربح سيكون عظيما بإذن الله و ستستشعرون و تدركون الأثر الطيب في الدنيا قبل الآخرة

    فلنقل سويا " سبحان الله و بحمده سبحان الله العظيم
    " 100 مرة و لنحسب كم أخذت من الوقت

    كم وجدتم ؟؟؟

    دقيقة و نصف ؟ .. دقيقتين ؟؟

    هل تحسب هذه المدة الزمنية أمام الساعات اتي نقضيها في أمورنا الدنيوية ؟؟؟

    كفانا غفلة إذن و لننطلق سويا إلى رحاب الله
    ابتداء من هذه اللحظة لنكسب رضاه سبحانه ومغفرته و معيته فقد قال جل و علا

    في الحديث القدسى :
    ( أنا عند ظن عبدي بى وأنا معه إذا ذكرني
    فإن ذكرني فى نفسي ذكرته فى نفسه وإن ذكرني فى ملأ ذكرته فى ملأ خير منه وإن تقرب إلى شبرا
    تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إلى ذراعا تقربت إليه باعا وإن آتاني يمشي آتيته هرولة )
    ( رواه البخارى ومسلم )

    فهيا بنا نغسل نفوسنا بالطمأنينة و ننقذ أرواحنا من عذاب القبر و نطهر قلوبنا من غبار الغفلة

    و نسري على خطى خير البرية .. معلم البشرية صلوات ربي و سلامه عليه

    رسولنا الأمين .. قدوة الذاكرين

    فقد كان صلى الله عليه و سلم يذكر الله إذا إذا تناول الطعام
    و إذا فرغ منه و إذا شرب و انتهى من الشرب و إذا لبس ثوبه و خلعه

    و إذا آوى إلى فراشه أو قام منه و إذا لبس جديدا
    أو دخل سوقا يسبق ذلك كله بالذكر

    بل كان إذا تقلب ليلا يذكر الله و إذا أمسكت السماء أو أمطرت أو هبت رياح أو أرعدت رعود فأول ما ينطق به لسانه " ذكر الله "

    فلا غنى عنا جميعا عن ذكر الله جل في علاه

    فكان محو الذنوب بالاستغفار :
    ((والَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةًأَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا
    " لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ )) – آل عمران 135 –

    و كان غراس الجنة بالباقيات الصالحات .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

    ( لقيت ليلة أُسْرِيَ بي إبراهيم الخليل فقال يا محمد:
    أقرىء أمتك منى السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء
    وأنها قيعان وأن غراسها : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر )
    ( رواه الترمذي )

    و كان شكر الله بذكره جل في علاه .. وتحكي
    أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أن الرسول صلى الله عليه وسلم

    كان يقوم الليل، ويصلي لله رب العالمين
    حتى تتشقق قدماه من طول الصلاة والقيام؛ فتقول له:

    لِمَ تصنع هذا يا رسول الله، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! فيرد عليها النبي صلى الله عليه وسلم قائلا
    (أفلا أكون عبدًا شَكُورًا ) [متفق عليه].

    اللهم اجعلنا ممن قلت فيهم
    "والذاكرين الله كثيرا و الذاكرات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفره وأجرا عظيما – الأحزاب 35 –

    رحلة الروح المؤمنة من أول ما تخرج إلى استقرارها فى الجنة كلام مبهر للعلامة إبن القيم 2024

    منقول كتبه ابو بلال المصرى

    قال الإمام العلامة شيخ الإسلام ابن القيم فى كتابه الروح
    الفرق بين فرح القلب وفرح النفس ظاهر فإن الفرح بالله ومعرفته ومحبته وكلامه من القلب قال تعالى: {والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك} فإذا كان أهل الكتاب يفرحون بالوحي فأولياء الله وأتباع رسوله أحق بالفرح به وقال تعالى: {وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون} وقال تعالى: {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون} قال أبو سعيد الخدري فضل الله القرآن ورحمته أن جعلكم من أهله وقال هلال بن يساف فضل الله ورحمته الإسلام الذي هداكم إليه والقرآن الذي علمكم هو خير من الذهب والفضة الذي تجمعون وقال ابن عباس والحسن وقتادة وجمهور المفسرين فضل الله الإسلام ورحمته القرآن فهذا فرح القلب وهو من الإيمان ويثاب عليه العبد فإن فرحه به يدل على رضاه به بل هو فوق الرضا فالفرح بذلك على قدر محبته فإن الفرح إنما يكون بالظفر بالمحبوب وعلى قدر محبته يفرح بحصوله له
    فالفرح
    بالله وأسمائه وصفاته ورسوله وسنته وكلامه محض الإيمان وصفوته ولبه وله عبودية عجيبة وأثر القلب لا يعبر عنه فابتهاج القلب وسروره وفرحه بالله وأسمائه وصفاته وكلامه ورسوله ولقائه أفضل ما يعطاه بل هو جل عطاياه والفرح في الآخرة بالله ولقائه بحسب الفرح به ومحبته في الدنيا فالفرح بالوصول إلى المحبوب يكون على حسب قوة المحبة وضعفها فهذا شأن فرح القلب وله فرح آخر وهو فرحه بما من الله به عليه علمه من معاملته والإخلاص له والتوكل عليه والثقة به وخوفه ورجائه به وكلما تمكن في ذلك قوى فرحه وابتهاجه وله فرحة أخرى عظيمة الوقع عجيبة الشأن وهي الفرحة التي تحصل له بالتوبة فإن لها فرحة عجيبة لا نسبة لفرحة المعصية إليها البتة فلو علم المعاصي إن لذة التوبة وفرحتها يزيد على لذة المعصية وفرحتها أضعافا مضاعفة لبادر إليها أعظم من مبادرته إلى لذة المعصية.
    وسر هذا الفرح إنما يعلمه من علم سر فرح الرب تعالى بتوبة عبده أشد فرح يقدر ولقد ضرب له رسول مثلا ليس في أنواع الفرح في الدنيا أعظم منه وهو فرح رجل قد خرج براحته التي عليها طعامه وشرابه في سفر ففقدها في أرض دوية مهلكة فاجتهد في طلبها فلم يجدها فيئس منه فجلس ينتظر الموت حتى إذا طلع البدر رأي في ضوئه راحلته وقد تعلق زمامها بشجر فقال من شدة فرحه اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح فالله أفرح بتوبة عبده من هذا براحلته.
    فلا ينكر أن يحصل للتائب نصيب وافر من الفرح بالتوبة ولكن هاهنا أمر يجب التنبيه عليه وهو أن لا يصل إلى ذلك إلا بعد ترحات! ومضض ومحن لا تثبت لها الجبال فإن صبر لها ظفر بلذة الفرح وإن ضعف عن حملها ولم يصبر لها لم يظفر بشيء وآخر أمره فوات ما آثره من فرحة المعصية ولذتها فيفوته الأمران ويحصل على ضد اللذة من الألم المركب من وجود المؤذي وفوت المحبوب {فالحكم لله العلي الكبير}.
    فصل
    وهاهنا فرحة أعظم من هذا كله وهي فرحته عند مفارقته الدنيا إلى الله إذا أرسل إليه الملائكة فبشروه بلقائه وقال له ملك الموت أخرجي أيتها الروح الطيبة كانت في الجسد الطيب أبشري بروح وريحان ورب غير غضبان اخرجي راضية مرضيا عنك
    يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي
    فلو لم يكن بين يدي التائب إلا هذه الفرحة وحدها لكان العقل يأمر بآيثارها فكيف ومن بعدها أنواع من الفرح منها الملائكة الذين بين السماء والأرض على روحه ومنه فتح أبوب السماء لها وصلاة ملائكة السماء عليها وتشييع مقربيها لها إلى السماء الثانية فتفتح ويصلي عليها أهلها وشيعها مقربوها هكذا إلى السماء السابعة فكيف يقدر فرحها استؤذن لها على ربها ووليها وحبيبها فوقفت بين يديه وأذن لها بالسجود فسجدت ثم سمعته سبحانه يقول اكتبوا كتابه في غلبين ثم يذهب به فيرى الجنة ومقعده فيها وما أعد الله له ويلقي أصحابه وأهله فيستبشرون به ويفرحون به ويفرح بهم فرح الغائب يقدم على أهله فيجدهم على أحسن حال ويقدم عليهم بخير ما قدم به مسافر هذا كله قبل الفرج الأكبر يوم حشر الأجساد بجلوسه في ظل العرش وشربه من الحوض وأخذه كتابه بيمينه وثقل ميزانه وبياض وجهه وإعطائه النور التام والناس في الظلمة وقطعه جسر جهنم بلا تعويق وانتهائه إلى باب الجنة وقد أزلفت له في لموقف وتلقي خزنتها له بالترحيب والسلام والبشارة وقدومه على منازله وقصوره وأزواجه وسراريه.
    وبعد ذلك فرح آخر لا يقدر قدره ولا يعبر عنه تتلاشى هذه الأفراح كلها عنده وإنما يكون هذا لأهل السنة المصدقين برؤية وجه ربهم تبارك وتعالى من فوقهم وسلامه عليهم وتكليمه إياهم ومحاضرته لهم.
    وليست هذه الفرحات إلا ** لذى الترحات في دار الرزايا

    فشمر ما استطعت الساق واجهد ** لعلك أن تفوز بذي العطايا

    وصم عن لذة حشيت بلاء ** الذات خلصن من البلايا

    ودع أمنية إن لم تنلها ** تعذب أو تنل كانت منايا

    ولا تستبط وعدا من رسول ** أتى بالحق من رب البرايا

    فهذا الوعد أدنى من نعيم ** مضى بالأمس لو وفقت رايا
    لعل الله ييسر بنقل كلامه من حادى الأرواح وغيره من كلامه عن الجنة

      رائع

      قال الإمام ابن القيم رحمه الله:عن وصف الجنة



      وكيف يقدر قدر دار غرسها الله بيده وجعلها مقراً لأحبابه، وملأها من رحمته وكرامته ورضوانه، ووصف نعيمها بالفوز العظيم، وملكها بالملك الكبير، وأودعها جميع الخير بحذافيره، وطهرها من كل عيب وآفة ونقص.

      فإن سألت: عن أرضها وتربتها، فهي المسك والزعفران.

      وإن سألت: عن سقفها، فهو عرش الرحمن.

      وإن سألت: عن ملاطها، فهو المسك الأذفر.

      وإن سألت: عن حصبائها، فهو اللؤلؤ والجوهر.

      وإن سألت: عن بنائها، فلبنة من فضة ولبنة من ذهب، لا من الحطب والخشب.

      وإن سألت: عن أشجارها، فما فيها شجرة إلا وساقها من ذهب.

      وإن سألت: عن ثمرها، فأمثال القلال، ألين من الزبد وأحلى من العسل.

      وإن سألت: عن ورقها، فأحسن ما يكون من رقائق الحلل.

      وإن سألت: عن أنهارها، فأنهارها من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من خمر لذة للشاربين، وأنهار من عسل مصفى.

      وإن سألت: عن طعامهم، ففاكهة مما يتخيرون، ولحم طير مما يشتهون.

      وإن سألت: عن شرابهم، فالتسنيم والزنجبيل والكافور.

      وإن سألت: عن آنيتهم، فآنية الذهب والفضة في صفاء القوارير.

      وإن سألت: عن سعت أبوابها، فبين المصراعين مسيرة أربعين من الأعوام، وليأتين عليه يوم وهو كظيظ من الزحام.

      وإن سألت: عن تصفيق الرياح لأشجارها، فإنها تستفز بالطرب من يسمعها.

      وإن سألت: عن ظلها ففيها شجرة واحدة يسير الراكب المجد السريع في ظلها مئة عام لا يقطعها.

      وإن سألت: عن خيامها وقبابها، فالخيمة من درة مجوفة طولها ستون ميلاً من تلك الخيام.

      وإن سألت: عن علاليها وجواسقها فهي غرف من فوقها غرف مبنية، تجري من تحتها الأنهار.

      وإن سألت: عن إرتفاعها، فانظر إلى الكواكب الطاع، أو الغارب في الأفق الذي لا تكاد تناله الأبصار.

      وإن سألت: عن لباس أهلها، فهو الحرير والذهب.

      وإن سألت: عن فرشها، فبطائنها من استبرق مفروشة في أعلى الرتب.

      وإن سألت: عن أرائكها، فهي الأسرة عليها البشخانات، وهي الحجال مزررة بأزرار الذهب، فما لها من فروج ولا خلال.

      وإن سألت: عن أسنانهم، فأبناء ثلاثة وثلاثين، على صورة آدم عليه السلام، أبي البشر.

      وإن سألت: عن وجوه أهلها وحسنهم، فعلى صورة القمر.

      وإن سألت: عن سماعهم، فغناء أزواجهم من الحور العين، وأعلى منه سماع أصوات الملائكة والنبيين، وأعلى منهما سماع خطاب رب العالمين.

      وإن سألت: عن مطاياهم التي يتزاورون عليها، فنجائب أنشأها الله مما شاء، تسير بهم حيث شاؤوا من الجنان.

      وإن سألت: عن حليهم وشارتهم، فأساور الذهب واللؤلؤ على الرؤوس ملابس التيجان.

      وإن سألت: عن غلمانهم، فولدان مخلدون، كأنهم لؤلؤ مكنون.

      وإن سألت: وإن سألت عن عرائسهم وأزواجهم، فهن الكواعب الأتراب، اللائي جرى في أعضائهن ماء الشباب، فللورد والتفاح ما لبسته الخدود، وللرمان ما تضمنته النهود، وللؤلؤ المنظوم ما حوته الثغور، وللدقة واللطافة ما دارت عليه الخصور.

      تجري الشمس في محاسن وجهها إذا برزت، ويضيئ البرق من بين ثناياها إذا تبسمت، وإذا قابلت حبها فقل ما شئت في تقابل النيرين، وإذا حادثته فما ظنك في محادثة الحبيبين، وإن ظمها إليه فما ظنك بتعانق الغصنين، يرى وجهه في صحن خدها، كما يرى في المرآة التي جلاها صيقلها [الصيقل: جلاء السيوف، والمقصود هنا تشبيه وجه الحوراء بالمرآة التي جلاها ولمعها منظفها ختى بدت أنظف وأجلى ما يكون]، ويرى مخ ساقها من وراء اللحم، ولا يستره جلدها ولا عظمها ولا حللها.

      لو أطلت على الدنيا لملأت ما بين الأرض والسماء ريحاً، ولاستنطقت أفواه الخلائق تهليلا وتكبيراً و تسبيحاً، ولتزخرف لها ما بين الخافقين، ولأغمضت عن غيرها كل عين، ولطمست ضوء الشمس كما تطمس الشمس ضوء النجوم، ولآمن كل من رآها على وجه الأرض بالله الحي القيوم، ونصيفها (الخمار) على رأسها خير من الدنيا وما فيها.

      ووصاله أشهى إليها من جميع أمانيها، لا تزداد على تطاول الأحقاب إلا حسناً وجمالاً، ولا يزداد على طول المدى إلا محبةً ووصالاً، مبرأة من الحبل (الحمل) والولادة والحيض والنفاس، مطهرة من المخاط والبصاق والبول والغائط وسائر الأدناس.

      لا يفنى شبابها ولا تبلى ثيابها، ولا يخلق ثوب جمالها، ولا يمل طيب وصالها، قد قصرت طرفها على زوجها، فلا تطمح لأحد سواه، وقصرت طرفه عليها فهي غاية أمنيته وهواه، إن نظر إليها سرته، وإن أمرها أطاعته، وإن غاب عنها حفظته فهو معها في غاية الأماني والأمان.

      هذا ولم يطمثها قبله أنس ولا جان، كلما نظر إليها ملأت قلبه سروراً، وكلما حدثته ملأت أذنه لؤلؤاً منظوماً ومنثوراً، وإذا برزت ملأت القصر والغرفة نوراً.

      وإن سألت: عن السن، فأتراب في أعدل سن الشباب.

      وإن سألت: عن الحسن، فهل رأيت الشمس والقمر.

      وإن سألت: عن الحدق (سواد العيون) فأحسن سواد، في أصفى بياض، في أحسن حور (أي: شدة بياض العين مع قوة سوادها).

      وإن سألت: عن القدود، فهل رأيت أحسن الأغصان.

      وإن سألت: عن النهود، فهن الكواعب، نهودهن كألطف الرمان.

      وإن سألت: عن اللون، فكأنه الياقوت والمرجان.


      وإن سألت: عن حسن الخلق، فهن الخيرات الحسان، اللاتي جمع لهن بين الحسن والإحسان، فأعطين جمال الباطن والظاهر، فهن أفراح النفوس وقرة النواظر.

      وإن سألت: عن حسن العشرة، ولذة ما هنالك: فهن العروب المتحببات إلى الأزواج، بلطافة التبعل، التي تمتزج بالزوج أي امتزاج.

      فما ظنك بإمرأة إذا ضحكت بوجه زوجها أضاءة الجنة من ضحكها، وإذا انتقلت من قصر إلى قصر قلت هذه الشمس متنقل في بروج فلكها، وإذا حاضرت زوجها فياحسن تلك المحاضرة، وإن خاصرته فيالذت تلك المعانقة والمخاصرة:

      وحديثها السحر الحلال لو أنه *** لم يجن قتل المسلم المتحرز

      إن طال لم يملي وإن هي أوجزت *** ود المحدث أنها لم توجز

      إن غنت فيا لذت الأبصار والأسماع، وإن آنست وأنفعت فياحبذا تلك المؤانسة والإمتاع، وإن قبلت فلا شيء أشها إليه من ذلك التقبيل، وإن نولت فلا ألذ وى ألذ ولا أطيب من ذلك التنويل.

      هذا، وإن سألت: عن يوم المزيد، وزيارة العزيز الحميد، ورؤية وجهه المنزه عن التمثيل والتشبيه، كما ترى الشمس في الظهيرة والقمر ليلة البدر، كما تواتر النقل فيه عن الصادق المصدوق، وذلك موجود في الصحاح، والسنن المسانيد، ومن رواية جرير، وصهيب، وأنس، وأبي هريرة، وأبي موسى، وأبي سعيد، فاستمع يوم ينادي المنادي:

      يا أهل الجنة


      إن ربكم تبارك وتعالى يستزيركم فحيى على زيارته، فيقولون سمعاً وطاعة، وينهضون إلى الزيارة مبادرين، فإذا بالنجائب قد أعدت لهم، فيستوون على ظهورها مسرعين، حتى إذا انتهوا إلى الوادي الأفيح الذي جعل لهم موعداّ، وجمعوا هناك، فلم يغادر الداعي منهم أحداً، أمر الرب سبحانه وتعالى بكرسية فنصب هناك، ثم نصبت لهم منابر من نور، ومنابر من لؤلؤ، ومنابر من زبرجد، ومنابر من ذهب، ومنابر من فضة، وجلس أدناهم – وحاشاهم أن يكون بينهم دنئ – على كثبان المسك، ما يرون أصحاب الكراسي فوقهم العطايا، حتى إذا استقرت بهم مجالسهم، واطمأنت بهم أماكنهم، نادى المنادي:

      يا أهل الجنة

      سلام عليكم.

      فلا ترد هذه التحية بأحسن من قولهم: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ياذا الجلال والإكرام. فيتجلى لهم الرب تبارك وتعالى يضحك إليهم ويقول:

      يا أهل الجنة

      فيكون أول ما يسمعون من تعالى: أين عبادي الذين أطاعوني بالغيب ولم يروني، فهذا يوم المزيد. فيجتمعون على كلمة واحدة:

      أن قد رضينا، فارض عنا، فيقول:

      يا أهل الجنة

      إني لو لم أرض عنكم لم أسكنكم جنتي، هذا يوم المزيد، فسلوني فيجتمعون على كلمة واحدة:

      أرنا وجهك ننظر إليه.

      فيكشف الرب جل جلاله الحجب، ويتجلا لهم فيغشاهم من نوره ما لو لا أن الله سبحانه وتعالى قضى ألا يحترقوا لاحترقوا. ولا يبقى في ذلك المجلس أحد إلا حاضره ربه تعالى محاضرة، حتى إنه يقول:

      يا فلان، أتذكر يوم فعلت كذا وكذا، يذكره ببعض غدراته في الدنيا، فيقول: يا رب ألم تغفر لي؟

      فيقول: بلى بمغفرتي بلغت منزلتك هذه.

      فيا لذت الأسماع بتلك المحاضرة.

      ويا قرة عيون الأبرار بالنظر إلى وجهه الكريم في الدار الآخرة. ويا ذلة الراجعين بالصفقة الخاسرة.

      وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (24) تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ [القيامة:22-25].

      فحيى على جنات عدن فإنها *** منزلك الأولى وفيها المخيم

      ولكننا سبي العدو فهل ترى *** نعود إلى أوطاننا ونسلم

      انتهى كلام ابن القيم رحمه الله تعالى [حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح 355-360)].

      سبحان الله

      جزاكى الله خيرا
      وإن سألت: عن الحسن، فهل رأيت الشمس والقمر.