كلام قيم لابن القيم في تربية الأولاد 2024

بسم الله الرحمن الرحيم

فهذا ابن القيم رحمه الله يذكر في تحفة المودود بأحكام المولود فصولاً نافعة في تربية الأطفال تحمد عواقبها عند الكبر، قال: ينبغي أن يكون رضاع المولود من أمه بعد ولادته مباشرة من أمه لا من غيرها؛ لأهمية اللبن الذي يخرج منها، ثم قال: وينبغي أن يُمنع حملهم والطواف بهم حتى يأتي عليهم ثلاثة أشهر فصاعداً لضعف أبدانهم، ثم قال: وينبغي أن يُقتصر بهم على اللبن وحده إلى نبات أسنانهم لضعف معدتهم فإذا نبتت أسنانه قويت معدته وتغذى بالطعام، فإن الله سبحانه أخَّر إنباتها إلى وقت حاجته إلى الطعام لحكمته ولطفه، ورحمة منه بالأم، وحلمة ثديها فلا يعضه الولد بأسنانه، وينبغي تدريجهم في الغذاء، فيطعمون الألين الألين حتى يشتدوا، فإذا قربوا من وقت التكلم، وأريد تسهيل الكلام عليهم دُلكت ألسنتهم بالعسل، فإذا كان وقت نطقهم فليلقنوا لا إله إلا الله محمد رسول الله، وليكن أول ما يقرع مسامعهم معرفة الله سبحانه وتوحيده، وأنه فوق عرشه ينظر إليهم ويسمع كلامهم، وهو معهم، فهذا تلقين المراقبة والخشية لله، ولهذا كان أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، بحيث إذا وعى الطفل وعقل علم أنه عبد الله، وأن الله هو سيده ومولاه، فإذا حضر وقت نبات أسنانه دلكت اللثة بالزبد والسمن، ولا ينبغي أن يشق على الأبوين بكاء الطفل وصراخه، لا سيما لشربه اللبن إذا جاع لفوائد ذلك عليه، وينبغي أن لا يُهمل أمر قماطه ورباطه إلى أن يصلب بدنه وتقوى أعضاؤه، وأن يوق كل أمر يفزعه من الأصوات الشديدة الشنيعة، والمناظر الفظيعة، والحركات المزعجة، ويُستعمل تمهيده بالحركة اللطيفة شيئاً فشيئاً، ويفطم عند إرادة الوالدين وتراضيهما وتشاورهما بحيث لا يضر الولد، ومن سوء التدبير أن يمكنوا من الامتلاء من الطعام وكثرة الأكل والشرب، ومن أنفع التدبير لهم أن يعطوا دون شبعهم، قبل حد الشبع، فإن أحببت أن يكون الصبي حسن الجسد مستقيم القامة فقه كثرة الشبع، فإن الصبي إذا امتلأ وشبع يكثر نومه من ساعته ويسترخي.

ومما يحتاج إليه الطفل غاية الاحتياج –والكلام لابن القيم رحمه الله– الاعتناء بأمر خلقه، فإنه ينشأ على ما عوده المربي في صغره من حرد وغضب، ولجاج وعجلة، وخفة وطيش، وحدة وجشع، فيصعب عليه في كبره تلافي ذلك، وتصير هذه الأخلاق صفات وهيئات راسخة له، لهذا تجد أكثر الناس منحرفة أخلاقهم من قبل التربية التي نشأ عليها، ويجب أن يتجنب الصبي إذا عقل مجالس اللهو والباطل والغناء، وسماع الفحش والبدع ومنطق السوء، فإنه إذا عَلِق بسمعه عسر عليه مفارقته في الكبر، وعز على وليه استنقاذه منه، والعوائد من أصعب الأمور، وينبغي لوليه أن يجنبه الأخذ من غيره، ويستولي على الأشياء من أيدي الآخرين غاية التجنب، فإنه متى اعتاد الأخذ صار طبيعة له، ونشأ بأن يأخذ لا بأن يُعطي، ويعوده البذل والإعطاء، وإذا أراد الولي أن يعطي شيئاً أعطاه إياه على يده، أي على يد الولد، كإعطائه مالاً للصدقة على فقير، ليذوق حلاوة الإعطاء، ويجنبه الكذب والخيانة أعظم مما يجنبه السم الناقع، فإنه إذا سهل له سبيل الكذب والخيانة أفسد عليه سعادة الدنيا والآخرة، وحرمه كل خير، ويجنبه الكسل والبطالة، والدعة والراحة بل يأخذه بأضدادها، ولا يريحه إلا بما يجِمُّ نفسه وبدنه للشغل، فالراحة وسيلة للعمل بعدها، وليست غاية، فإن الكسل والبطالة عواقب سوء، ومغبة ندم، وللجد والتعب عواقب حميدة إما في الدنيا، وإما في العقبى.

ويجنبه فضول الطعام والكلام، والمنام ومخالطة الأنام -الأمور الزائدة في الطعام والكلام والمنام ومخالطة الأنام-، فإن الخسارة في هذه الفضلات، وهي تفوِّت على العبد خير دنياه وآخرته، ويجنبه مضار الشهوات المتعلقة بالبطن والفرج غاية التجنب، فإن تمكينه من أسبابها يفسده فساداً يعز عليه بعده صلاحه.

والحذر كل الحذر من تمكينه من تناول ما يزيل عقله من مسكر وغيره، أو عشرة من يخشى فساده، أو كلامه له، فإن ذلك الهلاك.

ولا يدخل الجنة ديوث، فما أفسد الأبناء مثل تغفل الآباء وإهمالهم، واستسهالهم شرر النار بين الثياب، فأكثر الآباء يعتمدون مع أولادهم أعظم ما يعتمد العدو الشديد العداوة مع عدوه، وهم لا يشعرون، فكم من والد حرم ولده خير الدنيا والآخرة، وعرضه لهلاك الدنيا والآخرة، وكل هذا عواقب تفريط الآباء في حقوق الله، وإضاعتهم لها، ويجنبه لبس الحرير كما يجبنه سائر المفسدات، والصبي وإن لم يكن مكلفاً فإنه مستعد للتكليف، وإن لم يكن مكلفاً فوليه مكلف، لا يحل له تمكينه من المحرم، والصبي مستعد للتكليف، ولذلك لا يمكَّن من الصلاة بغير وضوء، ولا من الصلاة عرياناً ونجساً، ولا من شرب الخمر والقمار واللواط، ومما ينبغي أن يعتمد حال الصبي وما هو مستعد له من الأعمال، ثم ذكر رحمه الله شيئاً مما يناسب مراعاة ميول الأولاد في عصره، فقال: يُبدأ بالعلم الشرعي إن كان عنده استعداد، وإلا صرفه للجهاد والفروسية، وإلا صرفه إلى حرفة ينتفع بها.

    موضوع مميز
    جزاكِ الله خيراً

    جزاكي الله خيرا

    مشكوررة

    الونشريس

    الونشريس

    أسباب معينة على ترك المعصية والإصرار عليها للإمام العلامة ابن القيم 2024

    أسباب معينة على ترك المعصية والإصرار عليها للإمام العلامة ابن القيم
    قال فى كتابه المتحف عدة الصابرين
    وأما تقوية باعث الدين فإنه يكون بأمور
    أحدهما إجلال الله تبارك وتعالى أن يعصى وهو يرى ويسمع ومن قام بقلبه مشهد إجلاله لم يطاوعه قلبه لذلك البتة
    الثاني مشهد محبته سبحانه فيترك معصيته محبة له فإن المحب لمن يحب مطيع وأفضل الترك ترك المحبين كما أن أفضل الطاعة طاعة المحبين فبين ترك المحب وطاعته وترك من يخاف العذاب وطاعته بون بعيد
    الثالث مشهد النعمة والإحسان فإن الكريم لا يقابل بالاساءة من أحسن اليه وانما يفعل هذا لئام الناس فليمنعه مشهد إحسان الله تعالى ونعمته عن معصيته حياء منه أن يكون خير الله وإنعامه نازلا اليه ومخالفاته ومعاصيه وقبائحه صاعدة إلى ربه فملك ينزل بهذا وملك يعرج بذاك فأقبح بها من مقابلة
    الرابع مشهد الغضب والانتقام فإن الرب تعالى إذا تمادى العبد في معصيته غضب واذا غضب لم يقم لغضبه شيء فضلا عن هذا العبد الضعيف
    الخامس مشهد الفوات وهو ما يفوته بالمعصية من خير الدنيا والآخرة وما يحدث له بها من كل اسم مذموم عقلا وشرعا وعرفا ويزول عنه من الأسماء الممدوحة شرعا وعقلا وعرفا ويكفي في هذا المشهد مشهد فوات الإيمان الذى أدنى مثقال ذرة منه خير من الدنيا وما فيها أضعافا مضاعفة فكيف أن يبيعه بشهوة تذهب لذاتها وتبقى تبعتها تذهب الشهوة وتبقى الشقوة وقد صح عن النبي أنه قال لا يزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن قال بعض الصحابة ينزع منه الإيمان حتى يبقى على رأسه مثل الظلة فإن تاب رجع اليه وقال بعض التابعين ينزع عنه الإيمان كما ينزع القميص فإن تاب لبسه ولهذا روى عن النبي في الحديث الذى رواه البخارى الزناة في التنور عراة لأنهم تعروا من لباس الإيمان وعاد تنور الشهوة الذى كان في قلوبهم تنورا ظاهرا يحمى عليه في النار

    السادس مشهد القهر والظفر فان قهر الشهوة والظفر بالشيطان له حلاوة ومسرة وفرحة عند من ذاق ذلك أعظم من الظفر بعدوه من الآدميين وأحلى موقعا وأتم فرحة وأما عاقبته فأحمد عاقبة وهو كعاقبة شرب الدواء النافع الذى أزال داء الجسد وأعاده إلى صحته واعتداله
    السابع مشهد العوض وهو ما وعد الله سبحانه من تعويض من ترك المحارم لأجله ونهى نفسه عن هواها وليوازنه بين العوض المعوض فأيهما كان أولى بالإيثار اختاره وارتضاه لنفسه
    الثامن مشهد المعية وهو نوعان معية عامة ومعية خاصة فالعامة اطلاع الرب عليه وكونه بعينه لا تخفي عليه حاله وقد تقدم هذا والمقصود هنا المعية الخاصة كقوله ان الله مع الصابرين وقوله ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون وقوله وان الله لمع المحسنين فهذه المعية الخاصة خير وأنفع في دنياه وآخرته ممن فضى وطره ونيل شهوته على التمام من أول عمره إلى آخره فكيف يؤثر عليها لذة منغصة منكدة في مدة يسيرة من العمر انما هى كأحلام نائم أو كظل زائل
    التاسع مشهد المغافصة والمعاجلة وهو أن يخاف أن يغافصه الأجل فيأخذه الله على غرة فيحال بينه وبين ما يشتهى من لذات الآخرة فيا لها من حسرة ما أمرها وما أصعبها لكن ما يعرفها الا من جربها وفي بعض الكتب القديمة يامن لا يأمن على نفسه طرفة عين ولا يتم له سرور يوم الحذر الحذر
    العاشر مشهد البلاء والعافية فان البلاء في الحقيقة ليس الا الذنوب وعواقبها والعافية المطلقة هي الطاعات وعواقبها فأهل البلاء هم أهل المعصية وان عوفيت
    أبدانهم وأهل العافية هم أهل الطاعة وان مرضت أبدانهم وقال بعض أهل العلم في الأثر المروى إذا رأيتم أهل البلاء فاسألوا الله العافية فإن أهل البلاء المبتلون بمعاصى الله والأعراض والغفلة عنه وهذا وإن كان أعظم البلاء فاللفظ يتناول انواع المبتلين في أبدانهم وأديانهم والله أعلم
    الحادى عشر أن يعود باعث الدين ودواعيه مصارعة داعى الهوى ومقاومته على التدريج قليلا قليلا حتى يدرك لذة الظفر فتقوى حينئذ همته فإن من ذاق لذة شئ قويت همته في تحصيله والاعتياد لممارسة الأعمال الشاقة تزيد القوى التى تصدر عنها تلك الأعمال ولذلك تجد قوى الحمالين وأرباب الصنائع الشاقة تتزايد بخلاف البزاز والخياط ونحوهما ومن ترك المجاهدة بالكلية ضعف فيه باعث الدين وقوى فيه باعث الشهوة ومتى عود نفسه مخالفة الهوى غلبه متى أراد
    الثانى عشر كف الباطل عن حديث النفس واذا مرت به الخواطر نفاها ولا يؤويها ويساكنها فإنها تصير أمانى وهى رءوس أموال المفاليس ومتى ساكن الخواطر صارت أمانى ثم تقوى فتصير هموما ثم تقوى فتصير ارادات ثم تقوى فتصير عزما يقترن به المراد فدفع الخاطر الأول أسهل وأيسر من دفع أثر المقدور بعد وقوعه وترك معاودته
    الثالث عشر قطع العلائق والأسباب التى تدعوه إلى موافقة الهوى وليس المراد أن لا يكون له هوى بل المراد أن يصرف هواه إلى ما ينفعه ويستعمله في تنفيذ مراد الرب تعالى فإن ذلك يدفع عنه شر استعماله في معاصيه فإن كل شيء من الانسان يستعمله لله فإن الله يقيه شر استعماله لنفسه وللشيطان وما لا يستعمله لله استعمله لنفسه وهواه ولا بد فالعلم ان لم يكن لله كان للنفس والهوى والعمل ان لم يكن لله كان للرياء والنفاق والمال ان لم ينفق في طاعة الله أنفق في طاعة الشيطان والهوى والجاه ان لم يستعمله لله استعمله صاحبه في هواه وحظوظه والقوة ان لم يستعملها في أمر الله استعملته في معصيته فمن عود نفسه العمل لله لم يكن عليه أشق من العمل لغيره ومن عود نفسه العمل لهواه وحظه لم يكن عليه أشق من الاخلاص والعمل لله وهذا في جميع أبواب الأعمال فليس شيء أشقعلى المنفق لله من الإنفاق لغيره وكذا بالعكس

    على المنفق لله من الإنفاق لغيره وكذا بالعكس
    الرابع عشر صرف الفكر إلى عجائب آيات الله التى ندب عباده إلى التفكر فيها وهى آياته المتلوة وآياته المجلوة فإذا استولى ذلك على قلبه دفع عنه محاظرة الشيطان ومحادثته ووسواسه وما أعظم غبن من أمكنه أن لا يزال محاظرا للرحمن وكتابه ورسوله والصحابة فرغب عن ذلك إلى محاظرة الشيطان من الانس والجن فلا غبن بعد هذا الغبن والله المستعان
    الخامس عشر التفكر في الدنيا وسرعة زوالها وقرب انقضائها فلا يرضى لنفسه ان يتزود منها إلى دار بقائه وخلوده أخس ما فيها وأقله نفعا إلا ساقط الهمة دنيء المروءة ميت القلب فإن حسرته تشتد إذا عاين حقيقة ما تزوده وتبين له عدم نفعه له فكيف اذا كان ترك تزود ما ينفعه إلى زاد يعذب به ويناله بسببه غاية الألم بل اذا تزود ما ينفعه وترك ما هو أنفع منه له كان ذلك حسرة عليه وغبنا
    السادس عشر تعرضه إلى من القلوب بين أصبعيه وأزمة الأمور بيديه وانتهاء كل شيء اليه على الدوام فلعله أن يصادف أوقات النفحات كما في الأثر المعروف ان لله في أيام دهره نفحات فتعرضوا لنفحاته واسألوا الله أن يستر عوراتكم ويؤمن روعاتكم ولعله في كثرة تعرضه أن يصادف ساعة من الساعات التى لا يسأل الله فيها شيئا الا أعطاه فمن أعطى منشور الدعاء أعطى الاجابة فإنه لو لم يرد اجابته لما ألهمه الدعاء كما قيل
    لو لم ترد نيل ما أرجو وأطلبه … من جود كفك ما عودتنى الطلبا
    ولا يستوحش من ظاهر الحال فإن الله سبحانه يعامل عبده معاملة من ليس كمثله شيء في أفعاله كما ليس كمثله شيء في صفاته فإنه ما حرمه الا ليعطيه ولا أمرضه الا ليشفيه ولا أفقره الا ليغنيه ولا أماته الا ليحييه وما أخرج أبويه من الجنة الا ليعيدهما اليها على أكمل حال كما قيل يا آدم لا تجزع من قولى لك واخرج منها فلك خلقتها

    وسأعيدك اليها
    فالرب تعالى ينعم على عبده بابتلائه ويعطيه بحرمانه ويصحبه بسقمه فلا يستوحش عبده من حالة تسوؤه أصلا الا اذا كانت تغضبه عليه وتبعده منه

    السابع عشر أن يعلم العبد بأن فيه جاذبين متضادين ومحنته بين الجاذبين

    جاذب يجذبه إلى الرفيق الأعلى من أهل عليين وجاذب يجذبه إلى أسفل سافلين فكلما انقاد مع الجاذب الأعلى صعد درجة حتى ينتهى إلى حيث يليق به من المحل الأعلى وكلما انقاد إلى الجاذب الاسفل نزل درجة حتى ينتهى إلى موضعه من سجين ومتى أراد أن يعلم هل هو مع الرفيق الأعلى أو الأسفل فلينظر أين روحه في هذا العالم فإنها اذا فارقت البدن تكون في الرفيق الأعلى الذى كانت تجذبه اليه في الدنيا فهو أولى بها فالمرء مع من أحب طبعا وعقلا وجزءا وكل مهتم بشئ فهو منجذب اليه وإلى أهله بالطبع وكل امرئ يصبو إلى ما يناسبه وقد قال تعالى قل كل يعمل على شاكلته فالنفوس العلوية تنجذب بذاتها وهمها وأعمالها إلى أعلى والنفوس السافلة إلى اسفل
    الثامن عشر أن يعلم العبد أن تفريغ المحل شرط لنزول غيث الرحمة وتنقيته من الدغل شرط لكمال الزرع فمتى لم يفرغ المحل لم يصادف غيث الرحمة محلا قابلا ينزل فيه وان فرغه حتى أصابه غيث الرحمة ولكنه لم ينقه من الدغل لم يكن الزرع زرعا كاملا بل ربما غلب الدغل على الزرع فكان الحكم له وهذا كالذى يصلح أرضه ويهيئها لقبول الزرع ويودع فيها البذور وينتظر نزول الغيث فإذا طهر العبد قلبه وفرغه من ارادة السوء وخواطره وبذر فيه بذر الذكر والفكر والمحبة والإخلاص وعرضه لمهاب رياح الرحمة وانتظر نزول غيث الرحمة في أوانه كان جديرا بحصول المغل وكما يقوى الرجاء لنزول الغيث في وقته كذلك يقوى الرجاء لإصابة نفحات الرحمن جل جلاله في الأوقات الفاضلة والأحوال الشريفة ولا سيما اذا اجتمعت الهمم وتساعدت القلوب وعظم الجمع كجمع عرفة وجمع الاستسقاء وجمع أهل الجمعة فإن اجتماع الهمم والأنفاس أسباب نصبها الله تعالى مقتضية لحصول الخير ونزول الرحمة كما نصب سائر الأسباب مقتضية إلى مسبباتها بل هذه الأسباب في حصول الرحمة أقوى من الأسباب الحسية في حصول مسبباتها ولكن العبد بجهله يغلب عليه الشاهد على الغائب الحسن وبظلمه يؤثر ما يحكم به هذا ويقتضيه على ما يحكم به الآخر ويقتضيه ولو فرغ العبد المحل وهيأه وأصلحه لرأى العجائب فإن فضل الله لا يرده الا المانع الذى في العبد فلو زال ذلك المانع
    لسارع اليه الفضل من كل صوب فتأمل حال نهر عظيم يسقى كل أرض يمر عليها فحصل بينه وبين بعض الأرض المعطشة المجدية سكر وسد كثيف فصاحبها يشكو الجدب والنهر إلى جانب أرضه

    التاسع عشر أن يعلم العبد أن الله سبحانه خلقه لبقاء لافناء له ولعز لا ذل معه وأمن لا خوف فيه وغناء لا فقر معه ولذة لا ألم معها وكمال لا نقص فيه وأمتحنه في هذه الدار بالبقاء الذى يسرع اليه الفناء والعز الذى يقارنه الذل ويعقبه الذل والأمن الذى معه الخوف وبعده الخوف وكذلك الغناء واللذة والفرح والسرور والنعيم الذى هنا مشوب بضده لأنه يتعقبه ضده وهو سريع الزوال فغلط أكثر الخلق في هذا المقام إذ طلبوا النعيم والبقاء والعز والملك والجاه في غير محله ففاتهم في محله وأكثرهم لم يظفر بماطليه ! من ذلك والذى ظفر به انما هو متاع قليل والزوال قريب فإنه سريع الزوال عنه والرسل صلوات الله وسلامه عليهم انما جاءوا بالدعوة إلى النعيم المقيم والملك الكبير فمن أجابهم حصل له ألذ ما في الدنيا وأطيبه فكان عيشه فيها أطيب من عيش الملوك فمن دونهم فإن الزهد في الدنيا ملك حاضر والشيطان يحسد المؤمن عليه أعظم حسد فيحرص كل الحرص على أن لا يصل اليه فإن العبد اذا ملك شهوته وغضبه فانقادا معه لداعى الدين فهو الملك حقا لأن صاحب هذا الملك حر والملك المنقاد لشهوته وغضبه عبد شهوته وغضبه فهو مسخر مملوك في زى مالك يقوده زمام الشهوة والغضب كما يقاد البعير فالمغرور المخدوع يقطع نظره على الملك الظاهر الذى صورته ملك وباطنه رق وعلى الشهوة التى أولها لذة وآخرها حسرة والبصير الموفق يعير نظره من الاوائل إلى الأواخر ومن المبادئ إلى العواقب وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم
    العشرون أن لا يغتر العبد باعتقاده أن مجرد العلم بما ذكرنا كاف في حصول المقصود بل لا بد أن يضيف اليه بذل الجهد في استعماله واستفراغ الوسع والطاقة فيه وملاك ذلك الخروج عن العوائد فإنها أعداء الكمال والفلاح فلا أفلح من استمر مع عوائده أبدا ويستعين على الخروج عن العوايد بالهرب عن مظان الفتنة
    والبعد عنها ما أمكنه وقد قال النبي من سمع بالدجال فلينا عنه فما استعين على التخلص من الشر بمثل البعد عن أسبابه ومظانه
    وههنا لطيفة للشيطان لا يتخلص منها الا حاذق وهى أن يظهر له في مظان الشر بعض شيء من الخير ويدعوه إلى تحصيله فإذا قرب منه ألقاه في الشبكة والله اعلم

    يتبع….

      الونشريس
      الله يجعلها في ميزان حسناتك

      جزاكى الله كل خير

      رفع الله قدركم وجزاكم خيرا نورتم الموضوع

      جزاكي الله كل خير

      موضوع جميل

      من أقوال السلف الصالح من أقوال ابن القيم الجوزى أقوال مصورة لابن القيم رحمه الله 2024

      الونشريس

      من أقوال السلف الصالح من أقوال ابن القيم الجوزى أقوال مصورة لابن القيم رحمه الله

      من أقوال السلف الصالح من أقوال ابن القيم الجوزى أقوال مصورة لابن القيم رحمه الله


      من أقوال السلف الصالح من أقوال ابن القيم الجوزى أقوال مصورة لابن القيم رحمه الله



      الونشريس

      الونشريس

      الونشريس

      الونشريس

      الونشريس

      الونشريس

        الونشريس

        الونشريس
        الونشريس
        الونشريس

        الإمام ابن القيم رحمه الله 2024

        الإمام ابن القيم رحمه الله
        * اسمه ونسبه :
        – أبو عبدالله شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حريز بن مكي زيد الدين الزُّرعي ثم الدمشقي الحنبلي الشهير بابن قيم الجوزية .
        – واشتهر رحمه الله بإبن قيم الجوزية .
        – وقيم الجوزية هو والده رحمه الله فقد كان قيما على المدرسة الجوزية بدمشق مدة من الزمن ، واشتهر به ذريته وحفدتهم من بعد ذلك ، وقد شاركه بعض أهل العلم بهذه التسمية .
        – وتقع هذه المدرسة بالبزورية المسمى قديما سوق القمح ، وقد اختلس جيرانها معظمها وبقي منها الآن بقية ثم صارت محكمة إلى سنة 1372هـ .

        * مولده ونشأته :
        – ولد في اليوم السابع من شهر صفر لعام 691هـ . قيل أنه ولد في زرع وقيل في دمشق .

        * عبادته وزهده :
        – قال ابن رجب رحمه الله : وكان رحمه الله تعالى ذا عبادة وتهجد وطول صلاة إلى الغاية القصوى ، وتأله ولهج بالذكر وشغف بالمحبة ، والإنابة والاستغفار والافتقار إلى الله والانكسار له ، والإطراح بين يديه وعلى عتبة عبوديته ، لم أشاهد مثله في ذلك ولا رأيت أوسع منه علماً ، ولا أعرف بمعاني القرآن والسنة وحقائق الإيمان منه ، وليس بمعصوم ، ولكن لم أر في معناه مثله . وقد امتحن وأوذي مرات ، وحبس مع الشيخ تقي الدين في المرة الأخيرة بالقلعة منفردا عنه ولم يخرج إلا بعد موت الشيخ . وكان في مدة حبسه منشغلا بتلاوة القرآن بالتدبر والتفكر ففتح عليه من ذلك خير كثير وحصل له جانب عظيم من الأذواق والمواجيد الصحيحة ، وتسلط بسبب ذلك على الكلام في علوم أهل المعارف والدخول في غوامضهم وتصانيفه ممتلئة بذلك .

        – وقال ابن كثير رحمه الله : ( لا أعرف في هذا العالم في زماننا أكثر عبادة منه ، وكانت له طريقة في الصلاة يطيلها جدا ، ويمد ركوعها وسجودها ، ويلومه كثير من أصحابه في بعض الأحيان فلا يرجع ولا ينزع عن ذلك رحمه الله تعالى ) .

        * أعماله رحمه الله :
        1- الإمامة بالجوزية .
        2- التدريس بالصدرية ، وأماكن أخرى .
        3- التصدي للفتوى .
        4- التأليف .

        * فتاوى امتحن بسببها :
        – مسألة الطلاق الثلاث بلفظ واحد .
        – فتواه بجواز المسابقة بغير محلل : وذكر ابن حجر رحمه الله أنه رجع عن هذه الفتوى ، وما ثمة دليل على الرجوع ، والله أعلم بالصواب ، وقوله هو الصواب الموافق للدليل .
        – إنكاره شد الرحال إلى قبر الخليل .
        – مسألة الشفاعة والتوسل بالأنبياء .
        – فرحمه الله تعالى وهذا هو طريق الأنبياء والمرسلين ، فمن ابتلى في الله علم أنه على طريق إمام الموحدين الخليل إبراهيم ومن بعده سيد ولد آدم محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ .

        * اتصاله بشيخ الإسلام رحمهما الله وغفر لهما :
        – اتفقت كلمة المؤرخين على أن تاريخ اللقاء كان منذ سنة 712هـ وهي السنة التي التي عاد فيها شيخ الإسلام رحمه الله من مصر إلى دمشق واستقر فيها إلى أن مات ـ رحمه الله ـ سنة 728هـ .
        وقد تاب رحمه الله على يد شيخ الإسلام رحمه الله قال :
        يـا قـوم والله الـعظيم نـصيحة مــن مـشفق وأخ لـكم مـعوان
        جـربت هـذا كـله ووقـعت في تـلك الـشباك وكنت ذا طيران
        حـتى أتـاح لـي الإلـه بـفضله مـن ليس تجزيه يدى ولساني
        بفتى أتى من أرض حران فيا أهـلا بـمن قـد جاء من حران
        فالله يـجـزيه الــذي هـو أهـله من جنة المأوى مع الرضوان
        أخذت يداه يدي وسار فلم يرم حـتـى أرانــي مـطلع الإيـمان
        ورأيـت أعـلام الـمدينة حولها نـزل الـهدى وعـساكر القرآن
        ورأيــت آثـارا عـظيما شـأنها مـحجوبة عـن زمـرة الـعميان

        * مشايخه :
        – له عدد كبير من المشايخ جمعهم معالي الشيخ بكر أبو زيد وفقه الله لكل خير وبر وذكر منهم خمسة وعشرين ونذكر بعضهم :
        1- قيم الجوزية : والده رحمه الله .
        2- شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
        3- ابن عبدالدائم : أحمد بن عبدالدائم بن نعمة المقدسي مسند وقته رحمه الله .
        4- أحمد بن عبدالرحمن بن عبدالمنعم بن نعمة النابلسي رحمه الله .
        5- ابن الشيرازي : ذكر في مشيخة ابن القيم ولم يذكر نسبه فاختلف فيه .
        6- المجد الحراني : إسماعيل مجد الدين بن محمد الفراء شيخ الحنابلة رحمه الله .
        7- ابن مكتوم : إسماعيل الملقب بصدر الدين والمكنى بأبي الفداء بن يوسف بن مكتوم القيسي رحمه الله .
        8- الكحال : أيوب زين الدين بن نعمة النابلسي الكحال رحمه الله .
        9- الإمام الحافظ الذهبي رحمه الله .
        10- الحاكم : سليمان تقي الدين أبو الفضل بن حمزة بن أحمد بن قدامة المقدسي مسند الشام وكبير قضاتها رحمه الله .
        11- شرف الدين ابن تيمية : عبدالله أبو محمد بن عبدالحليم بن تيمية النميري أخو شيخ الإسلام رحمهما الله .
        12- بنت الجوهر : فاطمة أم محمد بنت الشيخ إبراهيم بن محمود بن جوهر البطائحي البعلي ، المسندة المحدثة رحمها الله .

        * طلابه :
        – وتلاميذه كثر ذكر منهم الشيخ بكر احدى عشر ونذكر بعضهم :
        1- البرهان بن قيم الجوزية : ابنه برهان الدين إبراهيم رحمهما الله .
        2- الإمام الحافظ ابن كثير رحمه الله .
        3- الإمام ابن رجب رحمه الله .
        4- السبكي : علي بن عبدالكافي بن علي بن تمام السبكي رحمه الله .
        5- الإمام الحافظ الذهبي رحمه الله .
        6- الحافظ ابن عبدالهادي : محمد بن أحمد بن عبدالهادي بن قدامة المقدسي رحمه الله .
        7- الفيروزآبادي : محمد بن يعقوب بن محمد الفيروزآبادي صاحب القاموس رحمه الله .

        * مؤلفاته رحمه الله ونذكر منها :
        – بلغ بها معالي الشيخ بكر أبو زيد 98 مؤلفا ومنها :
        1- الصواعق المرسلة .
        2- زاد المعاد .
        3- مفتاح دار السعادة .
        4- مدارج السالكين .
        5- الكافية الشافية في النحو .
        6- الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية .
        7- الكلم الطيب والعمل الصالح .
        8- الكلام على مسألة السماع .
        9- هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى .
        10- المنار المنيف في الصحيح والضعيف.
        11- معالم الموقعين عن رب العالمين .
        12- الفروسية .
        13- طريق الهجرتين وباب السعادتين .
        14- الطرق الحكمية .

        * وفاته :
        – توفي رحمه الله في ليلة الخميس 13/7/751هـ وقت أذان العشاء وبه كمل من العمر ستون سنة .
        – وصلي عليه في الجامع الأموي ثم بجامع جراح وقد ازدحم الناس للصلاة عليه .

        رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته
        وصلى اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا

          تسلمى ريموووووووووووووووو
          بارك الله فيك

          الونشريس

          جزاكي الله خيراااااا
          تم التقييييييييييم

          شكرااااااا حبيبتى سوسو للتقييم

          وشكرا لمروركم

          الونشريس

          فصل إياك نعبد على اربع قواعد لأبن القيم 2024

          بسم الله الرحمن الرحيم
          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

          فـصـــــل بـــنـــاء إيــــاك نــــعـــبــد عــلــى أربـــع قـــواعــــــد :
          ( مدارج السالكين لابن القيم الجوزية)
          `•.¸¸.•´´¯`•• .¸¸.•´¯`•.•●•۰•`•.¸¸.•´´¯`•• .¸¸.•´¯

          وبنى " إياك نعبد " على أربع قواعد : التحقق بما يحبه الله ورسوله ويرضاه ،
          … من قول اللسان والقلب ، وعمل القلب والجوارح .
          فالعبودية : اسم جامع لهذه المراتب الأربع ، فأصحاب " إياك نعبد " حقا هم أصحابها .

          1.: فقول القلب :
          """""""""""""""""
          هو اعتقاد ما أخبر الله سبحانه به عن نفسه ، وعن أسمائه وصفاته وأفعاله وملائكته ولقائه على لسان رسله .

          2 .: وقول اللسان :
          """""""""""""""""""""
          الإخبار عنه بذلك ، والدعوة إليه ، والذب عنه ، وتبيين بطلان البدع المخالفة له ، والقيام بذكره ، وتبليغ أوامره .

          3 .: وعمل القلب :
          """"""""""""""""""""
          كالمحبة له ، والتوكل عليه ، والإنابة إليه ، والخوف منه والرجاء له ، وإخلاص الدين له ، والصبر على أوامره ، وعن نواهيه ، وعلى أقداره ، والرضى به وعنه ، والموالاة فيه ، والمعاداة فيه ، والذل له والخضوع ، والإخبات إليه ، والطمأنينة به ، وغير ذلك من أعمال القلوب التي فرضها أفرض من أعمال الجوارح ، ومستحبها أحب إلى الله من مستحبها ، وعمل الجوارح بدونها إما عديم المنفعة أو قليل المنفعة .

          4 .: وأعمال الجوارح :
          """""""""""""""""""""
          كالصلاة والجهاد ، ونقل الأقدام إلى الجمعة والجماعات ، ومساعدة العاجز ، والإحسان إلى الخلق ونحو ذلك .
          ف " إياك نعبد " التزام لأحكام هذه الأربعة ، وإقرار بها ،
          " وإياك نستعين " طلب للإعانة عليها والتوفيق لها ،
          و " اهدنا الصراط المستقيم " متضمن للتعريف بالأمرين على التفصيل ، وإلهام القيام بهما ، وسلوك طريق السالكين إلى الله بها

          مدارج السالكين : لابن القيم

          الونشريس

          شكرا حبيبتى

          جزاك الله خير