كلام قيم لابن القيم في تربية الأولاد 2024

بسم الله الرحمن الرحيم

فهذا ابن القيم رحمه الله يذكر في تحفة المودود بأحكام المولود فصولاً نافعة في تربية الأطفال تحمد عواقبها عند الكبر، قال: ينبغي أن يكون رضاع المولود من أمه بعد ولادته مباشرة من أمه لا من غيرها؛ لأهمية اللبن الذي يخرج منها، ثم قال: وينبغي أن يُمنع حملهم والطواف بهم حتى يأتي عليهم ثلاثة أشهر فصاعداً لضعف أبدانهم، ثم قال: وينبغي أن يُقتصر بهم على اللبن وحده إلى نبات أسنانهم لضعف معدتهم فإذا نبتت أسنانه قويت معدته وتغذى بالطعام، فإن الله سبحانه أخَّر إنباتها إلى وقت حاجته إلى الطعام لحكمته ولطفه، ورحمة منه بالأم، وحلمة ثديها فلا يعضه الولد بأسنانه، وينبغي تدريجهم في الغذاء، فيطعمون الألين الألين حتى يشتدوا، فإذا قربوا من وقت التكلم، وأريد تسهيل الكلام عليهم دُلكت ألسنتهم بالعسل، فإذا كان وقت نطقهم فليلقنوا لا إله إلا الله محمد رسول الله، وليكن أول ما يقرع مسامعهم معرفة الله سبحانه وتوحيده، وأنه فوق عرشه ينظر إليهم ويسمع كلامهم، وهو معهم، فهذا تلقين المراقبة والخشية لله، ولهذا كان أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، بحيث إذا وعى الطفل وعقل علم أنه عبد الله، وأن الله هو سيده ومولاه، فإذا حضر وقت نبات أسنانه دلكت اللثة بالزبد والسمن، ولا ينبغي أن يشق على الأبوين بكاء الطفل وصراخه، لا سيما لشربه اللبن إذا جاع لفوائد ذلك عليه، وينبغي أن لا يُهمل أمر قماطه ورباطه إلى أن يصلب بدنه وتقوى أعضاؤه، وأن يوق كل أمر يفزعه من الأصوات الشديدة الشنيعة، والمناظر الفظيعة، والحركات المزعجة، ويُستعمل تمهيده بالحركة اللطيفة شيئاً فشيئاً، ويفطم عند إرادة الوالدين وتراضيهما وتشاورهما بحيث لا يضر الولد، ومن سوء التدبير أن يمكنوا من الامتلاء من الطعام وكثرة الأكل والشرب، ومن أنفع التدبير لهم أن يعطوا دون شبعهم، قبل حد الشبع، فإن أحببت أن يكون الصبي حسن الجسد مستقيم القامة فقه كثرة الشبع، فإن الصبي إذا امتلأ وشبع يكثر نومه من ساعته ويسترخي.

ومما يحتاج إليه الطفل غاية الاحتياج –والكلام لابن القيم رحمه الله– الاعتناء بأمر خلقه، فإنه ينشأ على ما عوده المربي في صغره من حرد وغضب، ولجاج وعجلة، وخفة وطيش، وحدة وجشع، فيصعب عليه في كبره تلافي ذلك، وتصير هذه الأخلاق صفات وهيئات راسخة له، لهذا تجد أكثر الناس منحرفة أخلاقهم من قبل التربية التي نشأ عليها، ويجب أن يتجنب الصبي إذا عقل مجالس اللهو والباطل والغناء، وسماع الفحش والبدع ومنطق السوء، فإنه إذا عَلِق بسمعه عسر عليه مفارقته في الكبر، وعز على وليه استنقاذه منه، والعوائد من أصعب الأمور، وينبغي لوليه أن يجنبه الأخذ من غيره، ويستولي على الأشياء من أيدي الآخرين غاية التجنب، فإنه متى اعتاد الأخذ صار طبيعة له، ونشأ بأن يأخذ لا بأن يُعطي، ويعوده البذل والإعطاء، وإذا أراد الولي أن يعطي شيئاً أعطاه إياه على يده، أي على يد الولد، كإعطائه مالاً للصدقة على فقير، ليذوق حلاوة الإعطاء، ويجنبه الكذب والخيانة أعظم مما يجنبه السم الناقع، فإنه إذا سهل له سبيل الكذب والخيانة أفسد عليه سعادة الدنيا والآخرة، وحرمه كل خير، ويجنبه الكسل والبطالة، والدعة والراحة بل يأخذه بأضدادها، ولا يريحه إلا بما يجِمُّ نفسه وبدنه للشغل، فالراحة وسيلة للعمل بعدها، وليست غاية، فإن الكسل والبطالة عواقب سوء، ومغبة ندم، وللجد والتعب عواقب حميدة إما في الدنيا، وإما في العقبى.

ويجنبه فضول الطعام والكلام، والمنام ومخالطة الأنام -الأمور الزائدة في الطعام والكلام والمنام ومخالطة الأنام-، فإن الخسارة في هذه الفضلات، وهي تفوِّت على العبد خير دنياه وآخرته، ويجنبه مضار الشهوات المتعلقة بالبطن والفرج غاية التجنب، فإن تمكينه من أسبابها يفسده فساداً يعز عليه بعده صلاحه.

والحذر كل الحذر من تمكينه من تناول ما يزيل عقله من مسكر وغيره، أو عشرة من يخشى فساده، أو كلامه له، فإن ذلك الهلاك.

ولا يدخل الجنة ديوث، فما أفسد الأبناء مثل تغفل الآباء وإهمالهم، واستسهالهم شرر النار بين الثياب، فأكثر الآباء يعتمدون مع أولادهم أعظم ما يعتمد العدو الشديد العداوة مع عدوه، وهم لا يشعرون، فكم من والد حرم ولده خير الدنيا والآخرة، وعرضه لهلاك الدنيا والآخرة، وكل هذا عواقب تفريط الآباء في حقوق الله، وإضاعتهم لها، ويجنبه لبس الحرير كما يجبنه سائر المفسدات، والصبي وإن لم يكن مكلفاً فإنه مستعد للتكليف، وإن لم يكن مكلفاً فوليه مكلف، لا يحل له تمكينه من المحرم، والصبي مستعد للتكليف، ولذلك لا يمكَّن من الصلاة بغير وضوء، ولا من الصلاة عرياناً ونجساً، ولا من شرب الخمر والقمار واللواط، ومما ينبغي أن يعتمد حال الصبي وما هو مستعد له من الأعمال، ثم ذكر رحمه الله شيئاً مما يناسب مراعاة ميول الأولاد في عصره، فقال: يُبدأ بالعلم الشرعي إن كان عنده استعداد، وإلا صرفه للجهاد والفروسية، وإلا صرفه إلى حرفة ينتفع بها.

    موضوع مميز
    جزاكِ الله خيراً

    جزاكي الله خيرا

    مشكوررة

    الونشريس

    الونشريس

    الحوارمع الأولاد له فوائد كثيره جدا منها: 2024

    الحوارمع الأولاد له فوائد كثيره جدا منها:

    الونشريس
    الونشريس

    الونشريس


    الونشريس

    – 1 – تعلم اللغة بسرعة،ويكون لقنا،طلق اللسان،فصيحا،يتمتع بجرأة وشجاعة أدبية.

    الونشريس

    – 2 – يكتسب منهج التفكيرالمنطقي،فيساعده على ترتيب أفكاره والتعبيرعن ارائه وسرعة البديهة.

    الونشريس


    الونشريس

    – 3 – يدربه على الإصغاء الجيدللاخرين،وفهم مرادهم،ويتعلم مهارات الاتصال والحواربطريقة عملية تدريبية.

    الونشريس

    – 4 – ينمي شخصيته ويصقلها.

    الونشريس


    الونشريس

    – 5 – يقوي ذاكرته،ويثري تجربته،ويحرك تفكيره وعقله.

    الونشريس

    – 6 – يريحه نفسيا من الحصرالنفسي الذي يعاني منه بسبب صمته احترامالوالديه.

    الونشريس


    الونشريس

    – 7 – يخفف من الصراعات الداخلية والمشاعرالعدائية.

    الونشريس

    – 8 – يتيح الفرصة أمام الوالدين لتنكشف نفس الولدأمامهما،فيجيدان التعامل معه.

    الونشريس

    – 9 – يكسرحاجزالخوف والخجل،ويعززالقدرة على بناء العلاقات الاجتماعية.

    الونشريس

    – 10 – ينمي علاقة ودودة بين الأولاد والاباء.

    الونشريس

    – 11 – يمنحة القدرة على حل المشكلات الخاصة به.

    الونشريس

    – 12 – يتحرر من بعض العادات والتقاليدالسيئة.

      تسلم ايدك

      الونشريس

      قصة واقعية أبو البنات وأبو الأولاد 2024

      الونشريس
      قصة واقعية أبو البنات وأبو الأولاد

      في العشرينات من القرن الماضي… كان في البحرين صديقان أحدهما اسمه فهد والآخر اسمه عيسى…

      تزوج الصديقان في ليلة واحدة من امرأتين فاضلتين وبعد فترة رزق كل منهما بمولود في الأيام نفسها… عيسى رزق بولد فذهب إلى صديقه فهد يسأله: ماذا ولدت لك زوجتك؟ قال فهد: الحمدلله فإن زوجتي وضعت لي بنت جميلة وبصحة جيدة أسميناها نورة…

      قال له عيسى وبكل شماتة: أما أنا فإن زوجتي وضعت لي ولد وأسميته محمد والناس تسميني الآن أبومحمد وليس أبونورة ها ها…

      الونشريس

      مضت الأيام وحملت زوجة فهد وحملت زوجة عيسى ووضعت الزوجتان في الوقت نفسه تقريبا… عيسى رزق بولد آخر فذهب إلى صديقه فهد يسأله: ماذا ولدت لك زوجتك هذه المرة؟ قال فهد: الحمدلله فإن زوجتي وضعت لي بنت جميلة ثانية وهي وأمها ولله الحمد بصحة جيدة…
      ضحك عيسى وهو يقول بكل شماتة: أما أنا فإن زوجتي قد وضعت لي ولد آخر… هل تعرف ماذا يعني هذا؟
      قال فهد: لا لا أعرف ماذا يعني…
      قال عيسى: يقول الأولون بأن من تلد له زوجته بداية ولدين متتالين فإنها تكون قد حللت مهرها… يعني زوجتي طالعة علي ببلاش ها ها…

      الونشريس

      مضت الأيام أيضا وحملت زوجة فهد وحملت زوجة عيسى ووضعت الزوجتان في الوقت نفسه تقريبا… عيسى رزق بولد ثالث
      فذهب إلى صديقه فهد يسأله: ماذا ولدت لك زوجتك في هذه المرة؟
      قال فهد: الحمدلله فإن زوجتي وضعت لي بنت جميلة ثالثة وهي ولله الحمد وأمها بصحة جيدة…
      قهقه عيسى بصوت عال وهو يقول وبشماتة: أما أنا فإن زوجتي قد وضعت لي ولد ثالث… هل تعرف ماذا يعني هذا؟

      قال فهد: لا لا أعرف أخبرني أنت…
      قال عيسى: من يكون عنده ثلاثة أولاد فإنهم يكونون له مثل ركائز الموقد يضع عليهم قدر الأكل… أنا يجلس قدري أما أنت يا أبوالبنات فلا يمكن أن يجلس قدرك ها ها…
      قال فهد: الحمدلله على عطاياه… إنا له لشاكرون.

      الونشريس

      مرت السنين والأعوام وكبر فهد وكبر عيسى وكبر الأولاد وتزوجوا وأسسوا بيوتا لهم… وكبر البنات وتزوجن وانتقلن إلى بيوت أزواجهن… وكبرت زوجة فهد وأصبحت لا تقوى على عمل المنزل… وكبرت زوجة عيسى وكذلك هي أصبحت لاتقوى على عمل المنزل…

      وفي أحد الأيام مر فهد على صديقه عيسى فوجده جالس في الظل خارج المنزل وهو في حالة مزرية… جسمه منهك وضعيف جدا وملابسه رثة ومهملة
      فسأله: ماذا أصابك يا صاحبي؟ ولماذا جسمك هزيل وثيابك متسخة إلى هذا الحد؟
      أجابه عيسى: أنا الآن كبير في السن ولا أعمل… وأولادي الثلاثة قد تزوجوا وكل واحد بنى له منزل خاص وانتقل… وزوجتي أصبحت امرأة كبيرة في السن لا تقوى على عمل المنزل من طبخ وغسيل ولا يوجد لدينا من يخدمنا أو يطعمنا غير أهل البر والإحسان…

      ولكن آشوفك يا فهد جسمك سمين ونظيف وملابسك نظيفة ومكوية وأنت مثلي بناتك تزوجوا وتعيش في البيت فقط مع زوجتك التي لا تقوى على عمل المنزل…
      قال له فهد: شوف يا صديقي… إبنتي الكبيرة تحضر إلى منزلنا في الصباح وفي يدها فطورنا تطعمنا وتحممنا وتغسل ملابسنا ثم تعود لمنزلها… وإبنتي الوسطى تحضر لنا في الظهر وتجلب لنا الغداء وتكوي ملابسنا ثم تعود لمنزلها… وإبنتي الصغرى تحضر إلى منزلنا في الليل وفي يدها عشاءنا… تعشينا وتحممنا وتنومنا وتغطينا… هل تعرف ماذا يعني هذا؟
      قال عيسى: لا لا أعرف ماذا يعني…

      أجابه فهد: هذا يعني بأن أبوالبنات ينام وهو متعشي وأبوالأولاد ينام على جوع .
      -=====

      كثيرا ما لا نرضى باختيار الله لنا , وبعد مرور سنوات يتبين لنا أن الله قد اختار لنا الافضل
      قال تعالى :
      {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}

      الونشريسمنقولةالونشريس

      الونشريس

        قصه رووووووووعه
        يسلمووووووو حبيبتى

        رائعة حبيبتى
        تسلم ايدك

        قصة رائعة مثلك

        تسلم أيدك

        لا حرمنا من ذوقك العالى دوما الف شكر لك

        قصة رائعة
        شكرا لك

        أضواء على تربية الأولاد في الصغر ( 1 ) 2024

        الونشريس

        أضواء على تربية الأولاد في الصغر ( 1 )

        تزفّ الدنيا كل يوم بشرى لامرأة باحتواء أحشائها جنيناً لطالما انتظرته ليداعب روحها المتعطشة إليه، ويروي ظمأ حضنها المتلهف لابن تقرّ عيناها بطفولته المتوقدة وشبابه المنتظر.
        ويبدأ شجن كلمة (أمي) يطرب مسامعها مع كل يوم ينمو فيه جنينها في بطنها الذي يحمل أثمن مشروع حلمتْ به لدخول الجنة؛ كيف لا والجنة تحت أقدام الأمهات؟!
        يا لهذه المسؤولية العظيمة! ابنٌ ستشرفُ على تربيته على الأقل خمسة عشر عاماً بإذن الله، ليكمل حياته بعدها لا رقيب عليه إلا الله؛ فإما أن تفلح في غرس أساسيات القِيَم السامية في عقله وقلبه ليحملها معه طوال الحياة كألماسةٍ ثمينة لا يسمح لأحد بمسّها أو تشويه حقيقتها، وإما أن تفشل كأم صانعةٍ للمجتمعات الشريفة بإنتاجها للنسل الصالح.
        ونظراً لكبر حجم المسؤولية وعظمة الوارد والحصيلة؛ يتوجب على كل أم أن تتزود بزاد المعرفة لتنير عقلها في مهمتها القادمة المتمثلة بتربية جيل المستقبل.
        تربية؟! نعم! تربية، خمسة حروف من شأنها تقدم المجتمع أو تراجعه بإذن الله.
        وتحتاج التربية لرؤية مرسومة وسياسة مضبوطة من قبل كلٍّ من الأب والأم على حدّ سواء، لتمشي بسلام وتسلك الطريق الصائب المؤدّي إلى كل المنافذ الخيّرة.
        وعلى مشرِفَيْ هذه السياسة – الأب و الأم – أن يعملا لخطتهما التربوية قبل أن يرى ابنهما عالم النور، وعليهما أن يستفيدا من توجيهات الدين الحنيف ومن نصائح الأجداد، وكذا خبرات الآباء والأمهات من حولهم. وعليهما أن يعودا للكتب والمجلات التربوية، وأن يتمسكا بكل خيط يمكن أن يرشدهما إلى سياسة قويمة في تربية الأولاد.
        ومن بعض المبادئ التي تحيك مع بعضها سياسةً تربوية سليمة، نذكر منها الآتي:

        1- التشاور الدائم بين الأب والأم واتفاقهما على خطة موحدة:

        على كلٍّ من الأب والأم أن يلملِما من هنا وهناك الأساليب التربوية التي حققتْ نجاحاً عظيماً في إنشاء جيلٍ بنّاء، وعليهما أن يلتزما الحوار الدائم حول كل مسلكٍ تربوي، ومناقشة مزاياه وسلبياته، ومدى مناسبته لبيئتهما، ومن ثم اعتماده أو استبعاده. فيقرّان ما حلا لهما من هذه المسالك، ويحدِّدان أولوياتها، ويخططان لكل الوسائل والإمكانيات التي يمكن أن تساعدهما في تعميق هذا المبدأ التربوي وتشرّبه في نفوس أولادهما على أحسن وجه.
        فعلينا مثلاً أن نربي أولادنا على الاحترام، والطاعة، والتعاضد، والمحبة، والشعور بالمسؤولية… إلخ. وعلينا أن نلتزم بالطرق القويمة التي تناسب بيئتنا وديننا لترسيخ هذه الأمور في نفوس أولادنا، مستعينين بوحدة كلمة الأب والأم.

        2- بثّ أجواء المحبة في أرجاء المنزل:

        إنّ المحبة هي الغذاء الأساسي الذي يسهم في تنمية الأبناء تنميةً سليمةً وبنّاءةً نفسياً واجتماعياً.
        وبنـاءً على ذلك يـتوجـب على كل من الأبوين العمل َ بجـدّ كي يصـل ذلك الشـعور بالحـب لأولادهما الصغار وذلك بكـافـة الطرق الممكنة؛ مثل: تقبيلهم، وحضنهم، والتبسّم لهـم، والتـربيـت على رؤوسهم… إلخ؛ بحيث يشعر الأولاد دائماً أن أبويهم يكنّان لهم كل الحب، ولا يمكن أن يكرهانهم أبداً.
        وهذا لا يمنع معاقبتهم إن أخطؤوا، والغضب عند تصرّفهم بطرق غير لائقة، إلا أنّ العقاب والغضب يجب أن يترافقا مع إيضاح السبب الكامن وراء العقاب كي يؤتي ثماره؛ وما السبب إلا الوصول بالأولاد إلى أعلى المستويات وتخليـصهم مـن كل الأخطاء الممكنة؛ وما الدافع نحو ذلك إلاّ الحب الدائم.
        والحب ليس تجاه الأولاد فحسب؛ بل بين الأبوين نفسيهما أيضاً؛ إذ لا يتشرب الأولاد الحب إلا إذا ذاقوا حلاوته من خلال الشعور بأَلَقِه وتوهّجه بين الأبوين.
        وهنا ندعو الآباء إلى حصر مناقشاتهم الحادة وشجاراتهم بين جدران غرفة النوم؛ حيث لا يسمع غضبَهم سامع، ولا يشعر به أولادهم؛ حتى لا ينعكس سلباً على الأبناء والبنات.
        الحبّ يولد الحب، والآباء الحريصون على توريث أولادهـم المحبة عليهم أن يتحلوا به قبل؛ إذ إنّ فاقد الشيء لا يعطيه.

        3 – الاتفاق بين الأبوين على إيكال المسؤولية المباشرة
        المتعلقة بتربية الأولاد للأم:

        كونُ الأم بكل مكوناتها الجسمانية والمعنوية قادرةً على الصبر ومنح الحب والحنان بلا حدود لأولادها، وكونها الجليس الذي يقضي الوقت الأطول مع الأولاد غالباً أكثر من الأب؛ لذا فالجدير أن نمنحها المسؤولية المباشرة تجاه تربية أولادها. وهنا نقول: منحها المسؤولية المباشرة، وليس المسـؤولية الوحـيدة؛ فالأم والأب شـريكان في المسـؤولية؛ إلا أنّ الأب الغائب في عمله غالباً طوال النهار لا يمكن تنصيبه لهذه المهمة.
        إنه مسؤول عن تربية أولاده بلا ريب، لكن عليه أن يصـادق على كـون زوجته صاحبة المسؤولية المباشرة عليهم؛ فإن أراد أحد الأولاد أمراً مّا عليه التوجه لأمه الحاضرة أمام عينيه ـ غالباً ـ بهذا الأمر؛ فإن رأتْ أنها تستطيع البتّ به مباشرة فعلتْ؛ وإلا قالت للابن بأنها ستفكر، وتستغل ذلك الوقت في مناقشة الأمر مع زوجها والاتفاق على تلبية ذلك الطلب أو رفضه، والإجراءات المتوجبة حيال ذلك.
        وعلى الأبوين أن يتفقا على هذه السياسة مع بعضهما؛ إذ قد يحاول بعض الأولاد التحايل عندما ترفض أمهاتهم الاستجابة لرغباتهم وتلبيتها، فيلجؤون إلى الأب ليحصلوا منه على الضوء الأخضر. وفي هذه الحالة، يجب أن يحبط الأب خطتهم بقوله: هل وافقتْ والدتكم على هذا الأمر؟
        إلا أنه مع تقدم سنّ الأولاد ودخولهم مراحل عمرية حرجة، كالمراهقة مثلاً؛ قد تخرج الأمور من سيطرة الأم، خصوصاً مع الابنة المراهقة والابن العنيد، وهنا يتوجب إبراز الأب كقوة حاسمة لها هيبتها، وكصديق ذي صدر رحب وعقل راجح لا يتردد الأولاد باللجوء إليه أبداً، دون نسـيان دور الأم؛ الصديقة، والحازمة، وذات الصدر الحنون أيضاً.
        4- تحفيز الحواس والإدراكات العقلية وتطويرها في السنين الأولى من عمر الأولاد:

        الحواس هي النعمة التي منّ الله علينا بها لتلمّس هذا العالم وإدراكه وخوض غماره، إذاً هي مفتاح البشر لولوج الكون واستيضاح غوامضه.
        وتنمو الحواس بشكل فعّال ومهم في الفترة الزمنية الأولى من عمر الطفل؛ هذه الفترة التي على الأبوين استغلالها لتطوير تلك الحواس وتنشيطها على أحسن وجه.
        فعلى العين أن تميّز هذا العالم بألوانه وأشكاله المختلفة، وعلى الأذن أن تبدأ بالتفريق بين أصوات الأشخاص والتعرف على أصوات الحيوانات؛ وكذا أصوات الملامح الكونية من حولنا؛ كهدير الماء، ورعد السماء… إلخ.
        وكذا حواس اللمس والذوق والشمّ التي يجب على الآباء تحفيزها وتقويتها عند أولادهم وجعلها قادرة على التفريق بين غير المتشابهات.
        أما خيال الطفل فيجب مدّه بالعون والمساعدة ليصبح فسيحاً وخصباً يسع العالم بأسره.
        ومن وسائل التحفيز والتنشيط لهذه الحواس اصطحابُ الأطفال إلى الحدائق الملأى ذات البهجة، التي بإمكانها تنشيط حاسة البصر بما تحويه شتى الألوان؛ كما من شأنها تحفيز قدرة الأطفال على التمييز بين الألوان والكائنات المتنوعة.
        كما لا يمكن إنكار أهمية ألعاب الأطفال من مكعبات ومجسمات ودمى…، وغيرها مما يحفز حواس البصر واللمس والذاكرة والتحليل؛ خصوصاً بين عمر السنة والنصف والخمس سنوات.
        ويتوجب على الآباء التخطيطُ لشراء لعبة تحمل بين طيّاتها هـدفـاً تـربوياً معيناً جنباً إلى جنب مع التسلية؛ إذ لا ضرورة لمزيد من المصاريف على ألعاب لا تجدي نفعاً مع الأولاد.
        وعلى الآباء أن يشاركوا أولادهم في اللعب؛ خصوصاً عند اقتناء اللعبة للمرة الأولى؛ إذ يسهمون بذلك في تعليمهم الطريقة المثلى للعب قبل أن يبدؤوا اللعب بمفردهم بعدئذٍ.
        وعلى الآباء أن يطلقوا العنان لخيال أولادهم لينمو على أوسع وجه، وذلك برواية القصص الشيّقة وفسح المجال لأولادهم لتخيّل أحداثها، أو منحهم المجال للعب مع من في أعمارهم ألعاباً تستلزم خيالاً خصباً؛ كأن يلعبوا لعبة الأم والأولاد، أو الضيف والمضيف، أو الطبيب والمريض… إلخ.
        وتتوافر في بعض الدول أماكن خاصة للأطفال تدعى (مدن الخيال)؛ حيث الثياب المزركشة التي يتحول الأطفال بارتدائهم إياها إلى أمراء أو طلبة كبار… إلخ. ويبدؤون بنسج القصص الخيالية وتمثيلها والعيش معها، إلى جانب العديد من الوسائل والتقنيات الأخرى التي تسمح بتطوير حسّ الخيال عندهم.
        إذاً؛ كل هذا من شأنه تنمية خيالهم الذي يدفعهم رويداً رويداً إلى الإبداع والتميّز.
        5- على الأبوين الشروع في تعليم أولادهم الأمور الأساسية قبل دخولهم المدرسة:

        البيت هو أساس تربية الطفل وتعليمه وتقويمه، ومنه تبدأ التربية وتترسخ الأخلاق الفاضلة والمعلومات الأساسية والسلوكيات الفاضلة؛ كما بين جدرانه ترتسم شخصية الطفل بكل أبعادها وتتوطد دعائم بنائها، بينما تأتي المدرسة كمكمّل لهذا البناء ومرَسِّخ له.
        إذاً؛ على الأبوين تعليم أولادهم أساسيات الأمور قبل المدرسة، مثل: الألوان، والأشكال، وبعض الأسماء، وكذلك بعـض السـلوكيات: كاحترام الكبير، والعطف على الصغير، والحفاظ على النظافة برمي النفايات في سلة المهملات لا على الأرض… إلخ.
        6- التدرج في تربية الأولاد ومعاملتهم:

        على الأبوين الانتقال من مرحلة تربوية إلى أخرى بتـأنٍّ وتدرّج وصبر ونَفَس طويل. وعليهما ألاّ ييأسا إن فـشلا فـي تعـليـم أولادهـم سـلوكاً تربـويـاً معيـناً مـن أول مـرة؛ بل عليهما المثابرة والتكرار والتـدرج؛ إذ يأتي اللين أولاً في تربيـة الأولاد، ثم المثـابرة والصـبر؛ فإن لم يفلحا يمكن أن ينتقل الأبوان إلى العقوبات، لكن بعد إعطاء كل مرحلة حقها.
        إذاً؛ لا يجب أن نعاقب الأولاد على سلوك خاطئ قبل أن نحاول معهم باللين والرفق ومدح السلوك الصحيح والترغيب به بالمكافآت المناسبة. بعدها إن لم يتمّ الأمر يمكن أن نلجأ إلى التنبيه بطريقة لطيفة؛ فإن لم نفلح أيضاً نلجأ بعد ذلك إلى العقاب المناسب غير الحادّ؛ مع مناقشة أسبابه وتبيان ضرورته. ويجب تَوخّي الحزم عند العقاب؛ فإن قررنا معاقبة الابن مثلاً بحرمانه من مشاهدة الرسوم المتحركة لمدة يوم علينا التقيّد بالعقوبة المفروضة؛ لأن فرض العقوبات مع عدم التقيّد بها يفقد العقاب هدفه، ويعود الابن لتكرار نفس الخطأ مستهيناً بقرارات أبويه اللاسارية، غير آبهٍ بها.
        7- مراعاة الفروق الفردية بين الأولاد:

        ينفرد كل ابن من أولادنا بشخصية مميزة لا تشبه شخصية أخيه، لذا يجب تنويع الأساليب التربوية مع الأولاد؛ فالأسلوب الناجع مع ذلك الابن يمكن أن يفشل مع أخيه. فهناك أولاد تكفيهم نظرة العتاب، في حين يحتاج آخرون لكلام حازم، وهناك أيضاً من يحتاح لعقاب قاسٍ.
        لذا يتوجب على كل من الأبوين التعرف على خصائص نفسيات أولادهما والتعامل مع كل منهم بما يتلاءم وشخصيته وفكره.

        أضواء على تربية الأولاد في الصغر ( 2 )





        نستكمل في هذا المقال بعض المبادئ التربوية المهمة التي ذكرنا منها شيئا في الجزء الأول :
        8- المساواة بين الأولاد:

        هذا الأمر لا يلغي أبداً أهمية مراعاة الفروق الفردية بين الأولاد؛ إذ إن المساواة تعني العدل مادياً ومعنوياً في المعاملة بين الأولاد في الأمور اليومية.

        وهذا ما أمرنا به رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حين قال: «اعدلوا بين أبنائكم» وكررها ثلاثاً.
        فالعاطفة يجب أن ُتمنح للأولاد بشكل متساوٍ؛ مثلها مثل الطعام، واللباس، والهدايا، والألعاب،… إلخ.
        كما يجب عدم تفضيل الذكر على الأنثى في المعاملة؛ ممَّا قد يؤدي إلى زرع بذور الحسد والحقد بينهم.
        9 – عدم تأنيب الأولاد أمام الآخرين وعدم إهانتهم بتاتاً:

        يجب أن يؤنَّب الطفل على انفراد، وأن تتاح له أكثر من فرصة ليقوِّم خطأه ويعتذر عنه.
        وفي حال كرر الطفل هذا الخطأ ولم يُحدث تغييراً في سلوكه؛ يمكن حينئذٍ اللجوء إلى تأنيبه علنياً؛ لكن بصورة لطيفة، دون أن يدفعه هذا التأنيب العلني إلى عيش عقدة نفسية مستقبلاً، ودون أن يدفعه إلى التمادي بالخطأ.
        أما إهانة الأولاد فهو من الأساليب التربوية الخاطئة قطعاً ويتوجب عدم اللجوء إليها أبداً. ومن الإهانات التي يلجأ إليها الآباء والتي تؤثر سلباً على نفسيات أولادهم السخريةُ من العيوب الموجودة أو النقائص الجسدية والعقلية التي يعاني منها أولادهم، وتوجيهُ شتائم لهم، وتشبيههم ببعض الحيوانات. وهذه الإهانات يصعب على الطـفل أن ينـســاها؛ إذ إنـها تحفر في نفسه أثراً عميقاً وتؤلمـه بشـكل كبيـر؛ بل إن بعض الأولاد الذين لا يستطيعون المواجـهة يحـاولون أن يتـصفوا بهـذه النـعوت وأن يتـشـبهوا بالصفات التي أطلقت عليهم مثل: (غبي ـ أحمق)، أو (أنت حمار لا تفهم)، وغير ذلك من الأساليب الرديئة التي لا تحترم شخصية الابن ولا تحثه على تمثُّل السلوك الحسن مستقبلَ أيامه.
        ويمكن أن تبدأ علامات الانطواء بالظـهور عند الأولاد عند استخدام آبائهم ألفاظاً رديئة معهم. ويمكن أن يساعد ذلك في فقدان ثقتهم بأنفسهم وشعورهم بالإحباط الذي يمكن أن يرافقهم في كل مراحلهم العُمُرية القادمة.
        10- اللجوء إلى أسلوب الثواب قبل أسلوب العقاب:

        الثواب هو الأسلوب التربوي الأجدى والأنفع مع الأولاد. لكن ذلك لا يمنع من أهمية اللجوء إلى العقاب مع الأولاد الذيـن لا ينتـفعون بالثـواب ولا يحـيـدون عـن خطئهم به؛ لكـن يجب أن يكون العقاب متدرجاً وملائماً للسلوك الخاطئ؛ كأن نحـرم الطـفل أولاً من اللعب باللعبة التي يفضلها، أو حرمانه من مشاهدة التلفاز؛ ولكن لفترات معقولة ومقبولة؛ فإن لم يُجدِ معه هذا العقاب ننتقل إلى عقـاب أقسـى نوعـاً ما. وآخـر ما نلجأ إليه الضرب؛ على ألاّ يكـون الضـرب مبـرحـاً ولا متكرراً ولا يطال الجزء العلوي من الجسد. ويجب عدم ضرب الأولاد أثناء انفعالنا حتى لا يتحول الضرب إلى ضرب وحشي غير محسوس به من قبلنا. ومن الأجدر بالآباء أن يمتنعوا عن الضرب بتاتاً وأن يلجؤوا إلى وسائل وأساليب أكثر نفعاً.

        ويجب أن يكون الثواب والعقاب بالتساوي بين كل الأولاد. لا أن يحاسب الكبير أكثر من الصغير؛ فقط لأنه أكبر سناً! ولا أن تعاقب البنت لأخطاء ترتكبها لا يُعاقَب على مثلها أخوها؛ فقط كونه ذكراً وهي أنثى.

        11- ألا يسخّـر الوالدان الوسائل التربوية لإيجاد نسخة ثانية عنهما من الأولاد:

        هذا السلوك نابع عن أنانية وغرور عظيم؛ حيث يظن الأبوان نفسيهما الأفضل في هذا العالم؛ فيكَرِّسان وقتهما لتربية أولادهما على صورتيهما.
        وما هذا إلا مهمة شبه مستحيلة لن تسمح إلا بإضاعة الوقت؛ إذ إن الله عندما خلق الإنسان خلق معه رغبة التحدي والاقتحام وإثبات جدارة الذات، ومنحه فرصة اختيار ما يريد أن يكون.
        إذاً؛ على الآباء عدم محاولة استنساخ أنفسهم عبر أولادهم، وعليهم أن يتركوا لعوامل الوراثة أن تقوم بجزء من هذه المهمة، أما هم.. فلا.
        ليكـن أولادنـا شخصـيات فـريـدة تضـيف للعـالم الجديد وتثـريـه، ولتخـتار هي نفسها أن تكون ذاتها أو أن تكون آباءها.
        12- على الآباء تنمية أداة الحوار مع الأولاد منذ الصغر:

        الحوار هو الوسيلة المثلى لتحقيق الغايات وتنمية الثقافة بشكل راقٍ ومهذب.
        لا للصراع ولا للشجار، ونعم للحوار الهادئ المتزن المقرون بالموضوعية والصراحة والأدب والاحترام.
        فليمتنع الآباء عن اللجوء إلى العقاب مباشرة عند خطأ أولادهم، وليستبدلوا الأمر بحوار ونقاش طويل حول الخطأ الذي ارتكبه صغيرهم، وليتزودوا بالجَلَد والصبر وطول البال أثناء الحوار، وليعيروا انتباهاً لأسئلة أولادهم، وليحاوروهم ليُكسِبوهم هذه المهارة عند الكبر.
        ولا يترسخ أهمية الحوار عند الأطفال إلا عند معايشتهم لهذا الأسلوب بشكل واقعي بين أبويهم؛ فالأولاد الذين يرون أن أبويهم يتحاوران بشكل دائم ويعتمدان الحوار لحلّ كافة المشاكل التي تعترض طريقهما؛ يرث هؤلاء الأولاد بدورهم هذه المهارة ـ الحوار ـ ويحملونها معهم في حياتهم؛ متسلحين بوسيلة عظيمة للشورى، وتبادل الأفكار، والتزود بالمعلومات وحلّ المشاكل… إلخ.
        13- على الآباء حماية أولادهم دون إفراط:

        قد تظهر الحماية الزائدة للطفل من قبل الأم على سبيل المثال؛ خوفاً من أن يصيبه مكروه أو عدوان أو حتى عدوى ما؛ فتـقوم مثـلاً بحـجبه عن البشر ومنعه عنهم؛ فلا مجال لتقبيله من قبل الآخرين، ولا مداعبته وتقديم الحلوى له، أو عدم السماح له باللعب مع الأطفال إلا تحت رقابة شديدة وصارمة.
        إن هذا الأسلوب من شأنه إيجاد طفل مدلل عنيد وغير اجتماعي، ولا بد أن يعاني عدم التوازن في المعاملة التي يتلقاها بين المنزل والمدرسة، ومن ثم بين المنزل والحياة بشكل عام عندما يكبر.
        كما يصبح مع مرور الزمن اتّكالياً بوجود أمه التي تؤمّن له كل شيء ولا تسمح له بالقيام بأي أمر بذاته.
        14- على الآباء الاستفادة من خبرات الآخرين في تربية أولادهم:

        وفي هذا المجال نورد الآيات القرآنية التالية:
        {وَإذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا الإنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إلَيَّ الْـمَصِيرُ * وَإن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إلَيَّ ثُمَّ إلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * يَا بُنَيَّ إنَّهَا إن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْـمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْـمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ * وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْـحَمِيرِ}[لقمان: 13 – 19].
        إنها آيات كريمات تضع منهجاً لتربية النشء؛ ما أجدرنا بتطبيقها على الأولاد بالأساليب النبوية والتربية والتعليم!
        وبعد؛ إذا كان الأولاد هم بناة المجتمع ومطوروه؛ فإن الآباء هم الأدوات الفعالة لتربية هؤلاء الأولاد ليقوموا بدورهم المرجوّ منهم على أحسن وجه.
        فساهم في تربية أولادك التربية المثلى الملائمة لإنشاء مجتمع راقٍ كالذي تحلم وتطمح للعيش في أرجائه، وابدأ بهذه التربية القويمة منذ الصغر؛ فالتربية في الصغر كالنقش على الحجر.

        منقول للعلم

          نصائح رااائعة تسلمى ياقمر

          سبب تقديم المال على الأولاد في القرآن 2024

          سبب تقديم المال على الأولاد في القرآن

          سبب تقديم المال على الأولاد في القرآن

          دائما يرد ذكر المال مقدم على الأولاد في القرآن الكريم رغم أن الأولاد أغلى لدى الأب من ماله. فما هي الحكمة من ذلك؟

          الفتنة بالمال أكثر؛ لأنه يعين على تحصيل الشهوات المحرمة بخلاف الأولاد، فإن الإنسان قد يفتن بهم ويعصي الله من أجلهم، ولكن الفتنة بالمال أكثر وأشد، ولهذا بدأ سبحانه بالأموال قبل الأولاد كما في قوله تعالى: وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى[1] الآية، وقوله سبحانه: إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ[2] الآية، وقوله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ[3].
          ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
          [1] سورة سبأ من الآية 37.

          [2] سورة التغابن من الآية 15.

          [3] سورة المنافقون الآية 9.

            الفرار من الخطايا والذنوب

            الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

            فقد أمر الله – تعالى- عباده بالفرار والهروب من المعاصي والذنوب إلى الطاعات وفعل الحسنات، ووعدهم على ذلك أتم الأجر وأكمله؛ وتوعدهم على المخالفة أشد العذاب، يقول الله – تعالى-: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} (50) سورة الذاريات

            قال القرطبي: "أي فروا من معاصيه إلى طاعته، وقال ابن عباس:
            فروا إلى الله بالتوبة من ذنوبكم، وعنه:
            فروا منه إليه واعملوا بطاعته، وقال أبو بكر الوراق:
            فروا من طاعة الشيطان إلى طاعة الرحمن، وقال الجنيد:
            الشيطان داع إلى الباطل ففروا إلى الله يمنعكم منه، وقال ذو النون المصري:
            ففروا من الجهل إلى العلم، ومن الكفر إلى الشكر، وقال عمرو بن عثمان:
            فروا من أنفسكم إلى ربكم، وقال أيضاً: فروا إلى ما سبق لكم من الله ولا تعتمدوا على حركاتكم، وقال سهل بن عبد الله: فروا مما سوى الله إلى الله".1

            وكل هذه الأقوال تدل على معنى الفرار إلى الله من كل ما يغضبه من الذنوب والمعاصي، والكفر والشرك، والاحتماء بالله، وذلك يكون بالعمل بطاعته، وكل ما يقرب إليه من الأعمال الصالحة.
            قال ابن القيم: "وحقيقة الفرار: الهرب من شيء إلى شيء، وهو نوعان: فرار السعداء، وفرار الأشقياء، ففرار السعداء: الفرار إلى الله – عز وجل -، وفرار الأشقياء: الفرار منه لا إليه، وأما الفرار منه إليه: ففرار أوليائه".2
            فيا من أسرفت على نفسك بالخطايا، وحملتها المظالم والرزايا؛ لا تقنط من رحمة الله – تعالى-، وعد إليه واستغفره على ما صدر منك، وفر منه إليه، فإن الفار إلى الله من ذنوبه، والعائد إليه بعد هروبه؛ محبوب في الملكوت العليا، ألا ترى إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو يبين فرح الله – تعالى- برجوع عبده إليه وفراره منه إليه جاء في حديث الحارث بن سويد قال: حدثنا عبد الله بن مسعود حديثين أحدهما عن النبي – صلى الله عليه وسلم – والآخر عن نفسه قال:

            (إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا)، قال أبو شهاب بيده فوق أنفه، ثم قال:

            (لله أفرح بتوبة العبد من رجل نزل منزلاً وبه مهلكة، ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه، فوضع رأسه فنام نومة فاستيقظ وقد ذهبت راحلته حتى اشتد عليه الحر والعطش أو ما شاء الله، قال: أرجع إلى مكاني، فرجع فنام نومة، ثم رفع رأسه فإذا راحلته عنده) رواه البخاري، وفي رواية لمسلم:

            (فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح).
            فهذا يدل على أن الفرار إلى الله – تعالى- بالتوبة النصوح، وترك الذنوب؛ من الأمور التي يحبها الله – تعالى- ويثيب عليها.

            ولا بد من تكرار التوبة والفرار إلى الله – تعالى- كلما وقع الإنسان في ذنب حتى لا يكون للإنسان مفر من الله إلا إليه، ثبت في حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – فيما يحكي عن ربه – عز وجل – قال: (أذنب عبد ذنباً فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال – تبارك وتعالى -: أذنب عبدي ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال – تبارك وتعالى -: عبدي أذنب ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال – تبارك وتعالى -: أذنب عبدي ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، اعمل ما شئت فقد غفرت لك).3
            إخواني:
            كما أن المسلم ينبغي عليه الفرار من الذنوب والمعاصي بالتوبة إلى الله – تعالى-، والرجوع إليه؛ فكذلك ينبغي عليه أن يفر من مكان الذنوب والمعاصي خاصة ما يكون في ذلك فتنة له، فلا بد أن يهجر أماكن اختلاط الرجال بالنساء، والمجالس التي يكثر فيها اللغو والباطل، وقد يفر المسلم بدينه من الفتن والمعاصي والفساد إلى أماكن آمنة كما ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: (يوشك أن يكون خير مال الرجل غنم يتبع بها شعف الجبال، ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن).4

            وذلك في حال أن يكون الإنسان خائفاً على نفسه من الوقوع في الفتن، أو الانجرار إلى المعاصي مع عامة الناس، إذا لم يقبلوا النصح والإرشاد.

            فما أحوجنا إلى أن نفر من المعاصي، ونحتمي بالله – تعالى- الذي يجير من استجار به، والتجأ إليه.

            نسأل الله أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يعيننا على التوبة إليه في كل وقت وحين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

            1 تفسير القرطبي (17/49).
            2 مدارج السالكين جزء 1 – صفحة 469 .
            3 رواه مسلم.
            4رواه البخاري.

            جزاكِ الله خيراً

            بارك الله فيكى

            بووووووووووركتي

            بارك الله فيكى