مقال بقلم الشاعر الراحل طلال الرشيد عن البحث عن السعادة 2024

الونشريس

هذا المقال للشاعر الراحل قد نشر بمجلته " فواصل " يتحث عن البحث عن السعادة أعجبني كثيراً و أحببت أن أنقله لكم من المجلة ..

و إليكم المقال ..

البحث عن السعادة

كنت أصر ان هناك سبباً واحداً يحرك كل التصرفات البشرية من يوم خلق آدم و حتى آخر جمعة , و منذ ولادة الإنسان حتى وفاته و لكن ما هو ؟!!

يقول فرويد – وهو عالم من علماء النفس – إن ( الغريزة الجنسية و راء كل تصرفات الإنسان و أفعاله أياً كان عمره و تفكيره ) وهذه نظرة قاصرة خالية من الروحانية و الإنسانية و الواقعية من و جهة نظري .

وقضى فرويد عمره يحاول إثبات هذه النظرية و أظن ان العمر يذهب هباء في إثبات نظرية يكفي موقف إنساني واحد لنفيها و إسقاطها . و أنا لست عالماً أو فيلسوفاً بإطلاع و معرفة فرويد و لكنني شاعر أرى الأشياء و الأرواح من زوايا تختلف , و أفهم الدنيا و الحياة و البشر بشكل شفاف مرهف , ينهكني التفكير في الأشياء و تتعبني الإحتمالات و يستوقفني التخمين و لا أعرف إن كنت أعرف الحقيقة أم هي مغيبة عني و إنني أبعد ما أكون عنها و لكن شاركوني كي أتعرف على نفسي من خلالكم و سأحاول مشاركتكم لأرى أيكم أشبه .

كنت أضع رأس إبهامي بين اسناني الأمامية و عيني اليمنى ترفض محاولة جفوني إغلاقها من جانبها الأيمن كنت غارقاً في التفكير و للحظة شعرت أنني أمسكت بنصف الحقيقة ( البحث عن السعادة هو ما يحرك كل التصرفات الإنسانية ) هذا ما أظنه نصف الحقيقة التي أبحث عنها و نصفها الآخر هو كيف أثبت لنفسي أولاً و لكل من يخالفني الرأي ثانياً صحة ذلك ؟ فالإنسان منذ أول صرخة عند الولادة و آخر تشبث للمحتضر عن موته يبحث عن السعادة .

فبكاء الطفل عند ولادته و مغادرته رحم أمه هو شعور بفقد سعادته بمكانه و عالمه الخاص الذي عاش فيه و تأقلم و تكيف مع أجوائه و خوفه الكبير من الموت و تعلقه بالحياة و فعل كل ما يستطيع في سبيل بقاءه حياً هو بحث عن السعادة .

الاكل , الشرب , الأناقة , النوم , العمل , الكتابة , الصداقة , الحب , الزواج , الطلاق , الإنتقام , الغدر , الضحك , البكاء , الضرب ، البناء , التجارة , السفر ….. الخ .

و قد يستغرب من لا يوافقني و يرى انه من غير المنطقي ان يكون الإنتقام و الغدر و البكاء فعلاً للبحث عن السعادة و لكن أليس من ينتقم من شخص لغدره به أو لتحبيطه و قتله آمالاً و أحلاماً كان يحلم بها .. يظل شبح هذا الإحباط يحرك دوافع الإنتقام داخل هذا المحطم حتى يشحذ فعله و يصور له السعادة على انها هي الإنتقام من هذا الشخص الذي تسبب في قتل أحلامه ؟ و من هنا يكون الإنتقام بحثاً عن السعادة .

و أنا هنا لست مقوماً التصرفات البشرية فالإنتقام عمل لا أخلاقي و لا إنساني و لكنني أتحدث عن دوافع التصرفات بحثاً عن السعادة .

و البكاء على أي شئ هو أخر محاولة عاطفية للندم عليه بعد إنفلات آخر حبل تمسك به يدك المتشبثة حد الإنحناء .

و السعادة أمر نسبي أي بمعنى انها تختلف من شخص لآخر أي ما تراه أنت سبباً لسعادة قد لا أراه أنا كذلك و لكنك تتصرف بما تظنه يؤدي إلى طريق سعادتك و أنا كذلك .

و حتى تعرف ما أقصد بطريقة معكوسة دعني أقلب الصورة و أقول لك لو أعطيت السعادة في كل شئ و في كل زمان و مكان و مع كل أحد ترى ماذ ينقصك ؟!!

و الجواب على هذا السؤال هو بالتحديد ما أريد ان أصل غليه و لكن تبقى العملية متغيرة ليس بين شخص و آخر بل بين الشخص و نفسه مع إختلاف الزمان فما تراه سعيداً اليوم قدل لا تراه بعد زمن إلا أمراً مملاً و كئيباً أحياناً لذا يبقى الإنسان غير ثابت تحوله الظروف و الأزمان و أبقى انا عارضاً رأس إبهامي بين أسناني الأمامية و جفوني تحزم طرفها اليمين في عيني اليمنى و غارقاً في التعبير .

أتمنى لكم السعادة الأبدية في الدنيا و الآخرة …
منقووووووووووول

    جزاكى الله كل خير

    الونشريس
    مشكووووووررررررة

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.