تفسير سورة الإسراء 2024

تفسير سورة الإسراء
بسم الله الرحمن الرحيم

الآية 1
( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)

يعظم الله نفسه وشأنه لقدرته على ما لا يقدر عليه أحد غيره فهو الرب ولا إله غيره
لقد أسرى بمحمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم فى الليل من المسجد الحرام الذى بمكة إلى المسجد الأقصا ببيت المقدس الأرض المقدسة لأنها أرض الأنبياء إبراهيم واسحاق ويعقوب وذريتهم التى بارك فيها من الزروع والثمار
فأسرى الله بمحمد ليأم الأنبياء جميعا فى الأرض الطاهرة ويصلى بهم صلوات الله عليهم جميعا .

ثم أراه الله من قدراته وعظمة آياته

والله سميع لعباده يسمع أقوالهم ويرى أفعالهم وسمع لمناجاة عبده محمد وأبصر ما لحق به من أذى من الكفار من بعد موت السيدة خديجة وموت عمه أبو طالب ، وسمع استغاثته .

وهنا يحق لنا أن نتوقف لذكر ما ينبغى أن نعلمه عن هذا الحادث الهام .

فمع …حادث الإسراء والمعراج

الإسراء :

قال أنس بن مالك رضى الله عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بينما أنا فى الحطيم مضطجعا إذ أتانى آت فشق ما بين هذه إلى هذه " ـ وقيلمن ثغرة نحره إلى شعرته ـ " فاستخرج قلبى . ثم أتيت بدابة ( البراق ) دون البغل وفوق الحمار ـ أبيض ـ يضع حافره عند منتهى طرفه ، فركبته فسار بى حتى أتيت بيت المقدس ، فربطت الدابة بالحلقة التى يربط فيها الأنبياء ، ثم دخلت فصليت فيه ركعتين ، ثم خرجت فأتانى جبريل بإناء من خمر ، وإناء من لبن ، فاخترت اللبن ، فقال جبريل : أصبت الفطرة ، ثم عرج بى إلى السماء الدنيا " .

المعراج :

يقول صلى الله عليه وسلم عن رحلته مع جبريل عليه السلام إلى السموات : " فاستفتح جبريل ، فقيل له : من أنت ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ ، قال : محمد ، قيل : وقد أرسل إليه ؟ ، قال : قد أرسل إليه .
ففتح لنا ، فإذا أنا بآدم فرحب بى ودعا لى بخير

ثم عرج بنا إلى السماء الثانية ، فاستفتح جبريل ، فقيل له : من أنت ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ ، قال : محمد ، قيل : وقد أرسل إليه ؟ ، قال : قد أرسل إليه .
ففتح لنا ، فإذا أنا بابنى الخالة : يحيى وعيسى ، فرحبا بى ودعوا لى بخير

ثم عرج بنا إلى السماء الثالثة ، فاستفتح جبريل ، فقيل له : من أنت ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ ، قال : محمد ، قيل : وقد أرسل إليه ؟ ، قال : قد أرسل إليه .
ففتح لنا ، فإذا أنا بيوسف عليه السلام وإذا هو قد أعطى شطر الحسن ، فرحب بى ودعا لى بخير

ثم عرج بنا إلى السماء الرابعة ، فاستفتح جبريل ، فقيل له : من أنت ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ ، قال : محمد ، قيل : وقد أرسل إليه ؟ ، قال : قد بعث إليه .
ففتح لنا ، فإذا أنا بإدريس عليه السلام فرحب بى ودعا لى بخير ، ثم يقول الله تعالى :
( ورفعناه مكانا عليا ) .

ثم عرج بنا إلى السماء الخامسة ، فاستفتح جبريل ، فقيل له : من أنت ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ ، قال : محمد ، قيل : وقد أرسل إليه ؟ ، قال : قد بعث إليه .
ففتح لنا ، فإذا أنا بهارون عليه السلام فرحب بى ودعا لى بخير

ثم عرج بنا إلى السماء السادسة ، فاستفتح جبريل ، فقيل له : من أنت ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ ، قال : محمد ، قيل : وقد بعث إليه ؟ ، قال : قد بعث إليه .
ففتح لنا ، فإذا أنا بموسى عليه السلام فرحب بى ودعا لى بخير

ثم عرج بنا إلى السماء السابعة ، فاستفتح جبريل ، فقيل له : من أنت ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ ، قال : محمد ، قيل : وقد بعث إليه ؟ ، قال : قد بعث إليه .
ففتح لنا ، فإذا أنا بإبراهيم عليه السلام وإذا هو مستند إلى البيت المعمور ، وهو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ، ثم لا يعودون إليه

ثم ذهب بى إلى سدرة المنتهى .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهذه السدرة شجرة وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " ورقها كآذان الفيلة ، وإذا ثمرها كالقلال ، فلما غشيها من أمر الله ما غشيها تغيرت ، فما أحد من خلق الله تعالى يستطيع أن يصفها من حسنها "
وقال :" فأوحى الله إلىّ ما أوحى ، وقد فرض علىّ فى كل يوم وليلة خمسين صلاة ، فنزلت حتى انتهيت إلى موسى ، قال : ما فرض ربك على أمتك ؟
قلت : خمسين صلاة فى كل يوم وليلة
قال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك ، فإن أمتك لا تطيق ذلك ، وإنى قد بلوت بنى إسرائيل وخبرتهم
فرجعت إلى ربى فقلت : أى رب خفف عن أمتى ، فحط عنى خمسا ،فنزلت حتى انتهيت إلى موسى ، فقال : ما فعلت ؟
فقلت : قد حط عنى خمسا
فقال : إن أمتك لا تطيق ذلك ، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فلم أزل أرجع بين ربى وبين موسى ، ويحط عنى خمسا خمسا حتى قال : يا محمد ، هن خمس صلوات فى كل يوم وليلة ، بكل صلاة عشر ، فتلك خمسون صلاة ، ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ، فإن عملها كتبت عشرا ، ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب ، فإن عملها كتبت سيئة واحدة .

فنزلت حتى انتهيت إلى موسى ، فأخبرته ، فقال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك ، فإن أمتك لا تطيق ذلك
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقد رجعت إلى ربى حتى استحييت " .

وقد أسرى بالنبى صلى الله عليه وسلم ببدنه وروحه يقظة لا مناما

    ونعود للآيات الكريمة بالتفسير :

    (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)

    والتسبيح بقدرة الله عز وجل هنا لأن الأمر عظيم ، والإسراء حدث فى الليل ، والهدف منه أن يريه قدرة الله وعظمته من الغيبيات ويخفف عنه مصابه وموعظة للمتقين ، وفرضت عليه الصلاة.

    الآيات 2 ، 3

    ( وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً *ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا(

    ثم يقص الله على نبيه محمد ما حدث لموسى :
    لقد أرسلنا إلى موسى التوراة التى بها طريق الهداية لبنى إسرائيل ، وقلنا لهم فيها اعبدوا الله وحده لا شريك ولا نصير ولا معبود غيرى

    وقلنا لهم : يا ذرية نوح ( أى يا سلالة المؤمنين ممن نجينا مع نوح فى السفينة فتشبهوا بأبيكم … ليستحثهم على الإيمان ) لقد كان نوح عبد كثير الشكر لله مؤمن صبور فاشكروا الله مثله .

    الآيات 4 ـ 8

    ( وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا *فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً *ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا *إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا *عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا(

    يخبر الله تعالى أنه أخبر بنى إسرائيل فى التوراة بأنهم سيفسدون فى الأرض مرتين ويتجبرون و يفجرون على الناس .

    المرة الأولى منهما يرسل الله عليهم جندا لهم قوة وبأس شديد وعدة ويتملكون بلاد بنى إسرائيل يروحون ويجيئون لا يخافون لائم .

    ( وقيل أن هؤلاء الناس هو جالوت وجنوده ثم قتل داود جالوت وتولى الحكم والنبوة وأتاه الله الحكمة والقضاء والعدل .وقيل أنه ملك الموصل سنجاريب وجنوده ، وقيل أنه بختنصر ملك بابل فلا يعلم أيها كان أشد بأسا عليهم ومن المقصود فى هؤلاء فهو أحدهم .)
    وعموما فى كل مرة كان النصر فى النهاية لبنى إسرائيل وأمدهم الله بالبنين والأموال ، وجعلهم الله أكثر قوة ( نفيرا ).

    ويقول لهم سبحانه إن أحسنتم العمل فلكم وإن أسأتم فعليكم .

    وعندما تأت المرة الآخرة أى تفسدون مرة أخرى وتأت أعداءكم فإن أعداءكم يهينوكم ويقهروكم ويدخلوا بيت المقدس كما دخلوا من قبل ويدمروا ويخربوا ( يتبروا ) ما ظهروا عليه وتملكوه ( ما علوا ) تخريبا .

    لعل الله يصرف أعداءكم عنكم ، ولكن متى عدتم إلى الإفساد فسوف نجعلهم يقهروكم فى الدنيا وتعذبون فى الآخرة .
    ويجعل الله للكافرين جهنم ( حصيرا ) وسجنا ومستقرا وفرشا و محصرا .

    الآيات 9 ، 10

    (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا *وَأَنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا)

    إن القرآن الذى أنزل عليك يا محمد يهدى إلى الطريق القويم المستقيم والذى فيه تبشير للمؤمنين الذين أخلصوا عملهم لله وأحسنوا بأن لهم الأجر العظيم والثواب يوم القيامة
    أما الذين كفروا بالآخرة ويوم القيامة فقد أعد الله لهم جهنم ليعذبهم فيها العذاب المؤلم .
    الآية 11

    ( وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً(

    يتعجل الإنسان ويظل يدعوا وربما يكون ما يظنه خيرا فهو فى الحقيقة شر له أو لأبنائه أو لماله
    وقد يدعو بالموت أو الهلاك والدمار فلو استجاب له ربه لهلك

    الآية 12

    ( وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً)

    من آيات الله التى تدل على عظمة قدرته تعالى المخالفة بين الليل والنهار ليسكن الناس فى الليل ويخلدوا للراحة بعد عناء الإنتشار فى النهار للسعى وجلب الرزق والأسفار والصنائع وكذلك الليل والنهار ليتعلم الناس عدد السنين والحساب والأيام والشهور ويعلموا الآجال المعتمدة للديون والعبادات والمعاملات ، وهذا كله فضل الله
    وقد تم إيضاح كل ذلك فى القرآن بدقة .

    الآيات 13 ، 14

    ( وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا *اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا)

    ولكل إنسان ما طار من عمله من خير أو شر يسجل عليه ويكتب ليلا ونهارا ثم يجازى به يوم القيامة إذ يجد كتابه ويمسك به بيمينه إن كان سعيدا ويمسك به بشماله إن كان من الأشقياء
    ويقال له إقرأ كتابك وهذا عملك كله فى الدنيا صغيرا وكبيرا ويشهد عليك ما كان منك .

    الآية 15

    (مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً(

    من اتبع الحق واتبع الله ورسوله فإنما يعود ذلك عليه بالحياة الكريمة فى الدنيا والثواب فى الآخرة
    ومن ابتعد عن الحق وزاغ عن سبيل الله فإنما يجنى وبال أمره فى الدنيا والآخرة
    ولا يحمل أحد ذنب غيره وإنما كلٌ يجنى ثمرة عمله
    وما كان الله ليعذب أحد إلا بعد أن يرسل الرسل مبشرين ومنذرين لإقامة الحجة عليهم .

    الآية 16
    ( وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا)
    إذا أراد الله تدمير قرية فإنه يأمر علية القوم المترفين بالطاعات ولكنهم يصرون على فعل الفواحش فيدمرهم شر تدمير ليس بعده قيام بما فعلوا .

    ولنا وقفة هنا مع ما يحدث فى هذا الزمان لنرى كيف تتحقق الآية مع كل زمان
    ولعلنا نفيق إلى أمر الله ونعتبر وننتهى عن المنكرات وننقذ أنفسنا قبل الهلاك .

    الآية 17ـ 22

    ( وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا *مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا *وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا *كُلاًّ نُّمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورًا *انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً *لاَّ تَجْعَل مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولاً)
    نوح ومن آمنوا معه كانوا أعز على الله من كفار قريش ، ومع ذلك فقد أهلك قرون منهم لما ظلموا فاحذروا من غضب الله أيها المشركون
    فالله سميع وبصير بما تعملون .

    من أراد الحياة الدنيا وزينتها كان له ما طلب ولكن بإرادة الله ومشيئته ثم إنه فى الآخرة لن يجد إلا الجحيم عقابا له على سوء عمله وهو مذموم ، و(مدحور ) مبعد حقير ذليل

    ومن أراد نعيم الآخرة وعمل صالحا وتابع رسول الله فله الجنة والنعيم والثواب .

    وكلا من الفريقين من أراد الدنيا ونسى الآخرة ومن أراد الآخرة ومن عمل صالحا يمدهم الله من الشقاء أو السعادة فلا يمنع عطاء الله أحد

    فانظر يا محمد كيف فضلنا بعضهم على بعض فى الدنيا فمنهم الفقير ومنهم الغنى ومنهم الحسن ومنهم القبيح ولكن فى الآخرة يكون التفاوت بينهم أكبر فمنهم من يكون فى الجنة وهى درجات تختلف فى النعيم ومنهم من يكون فى النار وهى دركات تختلف فى أنواع مابها من عذاب أيضا

    فلا تعبد مع الله شريك آخر فتصبح مذموما على شركك ويخذلك الله ويتركك لمن عبدت غيره فلا ينصرك .

    الآيات 23 ، 24

    ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا )

    قضى : وصى
    تنهرهما : تضايقهما بفعل قبيح
    قولا كريما : قولا طيبا
    اخفض لهما جناح الذل منالرحمة : تواضع لهما ووقرهما رحمة بهما
    يوصى الله بالمعاملة الحسنة الطيبة للوالدين والرحمة بهما فى الكبر كما ربيا إبنهما فى الصغر والتواضع لهما
    قال النبى صلى الله عليه وسلم " إن الله يوصيكم بآبائكم ، إن الله يوصيكم بأمهاتكم ، إن الله يوصيكم بأمهاتكم ، إن الله يوصيكم بأمهاتكم ، ، إن الله يوصيكم بالأقرب فالأقرب "

    الآية 25

    ( رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا)
    فإن صدر منكم بادرة إلى الأبوين وفى نياتكم لا تريدون إلا الخير فالله يعلم ما فى نفوسكم ويغفر لمن تاب ورجع إلى الله
    الآيات 26 ـ 28

    ( وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا * وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاء رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُورًا)

    يلى بر الوالدين الإحسان إلى القرابة وصلة الأرحام كما ورد بالحديث ، ويوصى بالإنفاق لهم مع عدم التبذير فالمبذرين إخوان الشياطين وأشباههم إذ أن كلا منهما لا يتوسط فى الأمور ويترك الطاعة لله

    والشيطان ( كفور ) أى جحود لنعمة ربه
    ولو أن أحد الأقرباء طلب منك ماليس بمقدورك فعدهم بميسور الحال وبلطف

    الآيات 29 ـ 30

    ( وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا * إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا)

    ويأمر الله بالتوسط فى النفقة يذم البخل وينهى عن السرف حتى لا يندم الشخص عندما يفقد ماله جميعا ثم يحتاج فلا يجد أو يدعه أقرباءه وذويه لبخله

    فالله يوسع على من يشاء ويقتر على من يشاء لأنه خبير بطباع ونفوس عباده ويبصر أحوالهم .

    الآية 31

    (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءًا كَبِيرًا)

    ينهى الله عن قتل الأبناء مخافة الفقر حيث كان بعض الأهل فى الجاهلية يقتلون البنات ولا يورثوهن لأن الله أولى بعبده من أمه فيوصى بالنفقة لهم ويوصى بحقهم فى الميراث والإهتمام بهم فالله يرزقهم كما يرزق أهلهم
    فإن قتلهم ذنب كبير عظيم

    الآية 32 ، 33

    ( وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً * وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا )
    ينهى الله عباده عن الزنا فهو ذنب عظيم وهو بئس الطريق والمسلك

    وينهى الله عن قتل النفس إلا بحق شرعى كما ورد بحديث النبى صلى الله عليه وسلم " لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله إلا بإحدى ثلاث : النفس بالنفس والزانى المحصن والتارك لدينه المفارق للجماعة "

    ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا : وجعل الله الحق للولى أن يقتل القاتل أو يعفو عنه إن شاء ذلك أو يأخذ ديته أو يتركها وهذا هو السلطان
    فلا يسرف فى القتل : فلا يمثل بالقاتل ولا يقتل غير القاتل
    إنه كان منصورا : فالولى منصورا على القاتل بيد الشرع

    الآيات 34 ، 35

    (وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً * وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)
    يأمر الله بأن لا يقترب إلى مال اليتيم إلا بالتى هى أحسن

    ويأمر بالوفاء بالعقود والعهود

    ويأمر بالعدل فى الميزان
    فذلك كله خير لمعاشكم وحياتكم فى الدنيا والآخرة

    الآية 36

    ( وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً
    )
    لا تقل رأيت ولم تر ولا تقل سمعت ولم تسمع
    لا تتحدث فيما لا تعلم أو تفهم فسيسألك الله عن سمعك وبصرك وقلبك يوم القيامة

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث "

    وقال : " من تحلم حلما كلف يوم القيامة أن يعقد بين شعيرتين وليس بفاعل "

    وهذا يسبب ترويجا للشائعات قد تؤدى إلى هلاك دولة وتؤدى إلى قتل النفس أو قطيعة رحم وكلها كبائر عند الله يحاسب بها يوم القيامة .

    الآيات 37 ـ 39

    ( وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً * كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا * ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا)

    ينهى الله عن التبختر والتجبر
    ويقول إنك لن تقطع الأرض بمشيك ولن تعلوا الجبال بتفاخرك وإعجابك بنفسك
    فقد يدفعك ذلك إلى الكبر والعمل الذى يخفضك فى جهنم

    وكل ما سبق ونهى عنه فهو سيئة تؤاخذ عليها ولا يرضاه الله ويكرهه

    وهذا من الأخلاق الحميدة التى أمرناك بها ونهيناك عن الأخلاق الرذيلة عن طريق الوحى فأمر بها الناس يا محمد
    ولا تطع ولا تعبد غير الله فيكون مصيرك إلى جهنم وتطرد من كل خير ،

    وهذا الحديث يوجه للرسول صلى الله عليه وسلم بأنه وحى له ليأمر الناس به لأنه صلى الله عليه وسلم معصوم من الخطأ ووصفه الله بأنه على خُلق عظيم .

    الآيات 40 ـ 43
    ( أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيمًا * وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُواْ وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُورًا * قُل لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لاَّبْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً * سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا)

    قال المشركين إن الملائكة إناث واتخذهم الله بناتا له ثم عبدوهم من دون الله ، وهم أنفسهم كانوا يحزنون عندما ينجب أحدهم أنثى ويدفنها وهى حية

    فيقول سبحانه لهم من باب التوبيخ كيف تنسبون البنات اللواتى تكرهون انجابها لله وتتمنون لأنفسكم البنين ، إن هذا كذب وافتراء على الله كبير

    فلو كان مع الله آلهة أخرى كما تدعون لتقرب كلا منهم إلى الله ليتشفع لمن يعبدونه ويتقربون إليه ولحدثت أمور عاقبتها وخيمة

    فتنزه الله عن أن تكون هناك معبودات غيره ولا واسطة بين العبد وربه وتعالى الله عن هذا الهراء الذى يفتريه الكافرين .

    الآية 44

    ( تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا)

    الله تقدسه السموات السبع والأرض ومن فيهن من مخلوقات
    وكل شئ ينزهه ويعظمه ويحمده على نعمائه ويسبحون كلٌ بلغته ولكن الناس لا يفهمون هذا التسبيح
    والله حليم بعباده لا يعجل لهم العذاب لعلهم يتوبون ويستغفرون فيغفر لهم

    الإنسان لا يسمع إلا الأصوات التى لها تردد معين لا يقل عنه ولا يزداد
    وهناك أشياء لها أصوات أعلى من هذا التردد وأخرى أقل منه من الجمادات فلا تسمعها أذن الإنسان
    وكذلك لغات الحيوانات والطيور والنباتات لا يفهمها الإنسان وكذلك تختلف الناس فى لغاتهم … والجميع يسبح الله ويحمده

    الآيات 45 ـ 46

    ( وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا * وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا)

    إذا قرأت يا محمد القرآن على هؤلاء المشركين فإن الله يجعل على قلوبهم أكنة وغشاء وحجاب فلا يفقهون ما تقرأ عليهم ، كأن فى آذانهم صمم ، وإذا ذكرت الله وحده فى القرآن وقرأت لا إله إلا الله فإنهم ينفرون ويدبروا راجعين عن الحق .

    الآيات 47 ، 48

    (نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُورًا * انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً)
    يخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بما يتناجى به المشركون سرا عندما جاؤوا يستمعون لقراءته القرآن فيقول بعضهم لبعض إن محمد مسحور وله من يأتيه من الكلام الذى يتلوه ، ومنهم من قال شاعر ومنهم من قال كاهن ومنهم من قال مجنون .

    انظر يا محمد كيف أنهم ضربوا لك الأمثال فلا يهتدون للحق ولا يجدون له طريقا .

    الآيات 49 ـ 52

    ( وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا * قُل كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا * أَوْ خَلْقًا مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا * يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً)

    ويتعجب الكافرون من البعث ويقولون كيف بعد أن تبلى أجسادنا وعظامنا بعد الموت يكون لنا بعثا جديدا وعودة للحياة

    قل لهم يا محمد مهما كنتم رفاتا أو حديدا أو حجارة أو أى شئ تستعظمونه فسيبعثكم الله خلقا بعد خلق جديد
    ولكنهم على كفرهم بالبعث ويسألون من الذى يقدر على إعادتنا مرة أخرى

    قل لهم الله الذى خلقكم أول مرة من العدم قادر على أن يبعثكم مرة أخرى

    فيحركون رؤوسهم استهزاءا ويقولون متى يكون ذلك ؟

    قل لهم يا محمد ربما يكون ذلك قريبا ولا يعلم موعده إلا الله
    وفى هذا اليوم يدعوكم الله فتخرجون من التراب ماثلين لأمره وطاعين له وله الحمد فى كل حال
    ويوم تخرجون من قبوركم تظنون أنكم لم تمضوا بها إلا القليل

    الآية 53ـ 55

    ( وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا * رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً * وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا)

    ــ يأمر الله نبيهصلى الله عليه وسلمأن يأمر الناس بأن يتكلمون بالحسنى إذا تحدثوا وتحاوروا بينهم
    لأن الشيطان يحاول أن يدخل بينهم العداوة والبغضاء فهو عدو لبنى آدم وعداوته واضحة ظاهرة فلا يمكنوه منهم .

    ــ أيها الناس ، الله يعلم سرائركم وعلانيتكم ويعلم من يستحق العذاب ومن يستحق المغفرة
    فلو شاء هداكم لطاعته ولوشاء أضلكم
    يا محمد لم نرسلك وكيلا لهم وعليهم وإنما أرسلناك مبشرا للمؤمنين منذرا للكافرين
    ــ والله يعلم بما فى السماء والأرض ويعلم مراتبهم فى الطاعة والمعصية

    وقد فضل الله بعض النبيين على بعض بما أسند لهم من تبليغ وبما أوذوا فى سبيل الله
    وأولى العزم من الرسل أعظم درجات عند الله من سائر النبيين
    ومنهم داود الذى شرفه الله وفضله
    قال النبى صلى الله عليه وسلم : " خفف على داود القرآن ، فكان يأمر بدابته فتسرج ، فكان يقرؤه قبل أن يفرغ "

    الذبح ليلة الإسراء والمعراج معصية 2024

    https://vb.3dlat.com/showthread.php?t=149461

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :

    كتابك لنا المؤرخ في 21/ 7/ 1387 هـ وصل ، وقد ذكرت فيه أن والدتك نذرت بعدما وضعت في شعبان أن تذبـح ذبيحة في اليوم السابع والعشرين من رجب من كل سنة ، وذلك منذ ثمان وعشرين سنة ، واستمرت موفية بنذرها طول هذه المدة ، وتسأل عن حكم هذا النذر .
    الونشريس
    والجواب : هذا النذر لا ينعقد لاشتماله على معصية ، وهي أن
    (الجزء رقم : 77، الصفحة رقم: 49)
    شهر رجب شهر معظم عند أهل الجاهلية ، وليلة السابع والعشرين منه يعتقد بعض الناس أنها ليلة " الإسراء والمعراج " فجعلوها عيدا يجتمعون فيها ، ويعملون أمورا بدعية ، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوفاء بالنذر في المكان الذي يفعل فيه أهل الجاهلية أعيادهم أو يذبح فيه لغير الله ، فعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال : نذر رجل أن ينحر إبلا ببوانة ، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد . قالوا : لا . قال : فهل كان فيها عيد من أعيادهم . قالوا : لا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أوف بنذرك فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم رواه أبو داود وإسناده على شرط البخاري ومسلم . والسلام عليكم .

      بارك الله فيكى

      تسلمي حبيبتي

      الونشريس

      جزانا واياكي خير الجزاء

      الونشريس

      بمناسبة شهر رجب (()) , شهر رجب , الإسراء والمعراج 2024

      الونشريس

      بمناسبة شهر رجب وما فيه من مناسبة عظيمة على أمة المسلمين ألا وهي معجزة رسول الله الإسراء والمعراج إليكن تلك المعلومات عن تلك المعجزة

      قال الله تبارك وتعالى ((
      سُبْحَانَ الذي أسرى بِعَبْدِهِ ليلاً من المسجدِ الحرامِ إلى المسجِد الأقصى الذي باركنا حَولَهُ لِنُرِيَهُ من ءاياتِنَا إنّهُ هوَ السميع البصير ))

      معجزة الإسراء ثابتةٌ بنص القرآن والحديث الصحيح ، فيجب الإيمان بأن الله أسرى بالنبي ليلاً من مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى ، وقد أجمع أهل الحق من سلف وخلف ومحدثين ومتكلمين ومفسرين وعلماء وفقهاء على أنّ الإسراء كان بالجسد والروح
      .

      من عجائب ما رأى الرسول في إسرائه

      1// الدنيا : رآها بصورة عجوز
      2// إبليس : رآه متنحياً عن الطريق
      3// قبر ماشطة بنت فرعون وشمَّ منه رائحة طيبة
      4// المجاهدون في سبيل الله : رآهم بصورة قوم يزرعون ويحصدون في يومين
      5// خطباء الفتنة : رآهم بصورة أناس تُقْرَضُ ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من نار
      6// الذي يتكلم بالكلمة الفاسدة : رآه بصورة ثور يخرج من منفذ ضيق ثم يريد أن يعود فلا يستطيع
      7// الذين لا يؤدّون الزكاة : رآهم بصورة أناس يَسْرَحون كالأنعام على عوراتهم رقاع
      8// تاركو الصلاة : رأى قوماً ترضخ رءوسهم ثم تعود كما كانت ، فقال جبريل : هؤلاء الذين تثاقلت رءوسهم عن تأدية الصلاة
      9// الزناة : رآهم بصورة أناس يتنافسون على اللحم المنتن ويتركون الجيد
      10// شاربو الخمر : رآهم بصورة أناس يشربون من الصديد الخارج من الزناة
      11// الذين يمشون بالغيبة : رآهم بصورة قوم يخمشون وجوههم وصدورهم بأظفار نحاسية

      أما المعراج فهو ثابت بنص الأحاديث الصحيحة ، أما القرآن فلم ينص عليه نصاً صريحاً

      من عجائب ما رأى الرسول في المعراج وحصل له

      1// مالك خازن النار : ولم يضحك في وجه رسول الله ، فسأل جبريل لماذا لم يرهُ ضاحكاً إليه كغيره ، فقال : إن مالكاً لم يضحك منذ خلقه الله تعالى ، ولو ضحك لأحد لضحك إليك
      2// البيت المعمور : وهو بيت مشرف في السماء السابعة وهو لأهل السماء كالكعبة لأهل الأرض ، كل يوم يدخُلُهُ سبعون ألف ملكٍ يصلون فيه ثم يخرجون ولا يعودون أبداً
      3// سدرة المنتهى : وهي شجرة عظيمة بها من الحسن ما لا يصفه أحد من خلق الله ، يغشاها فَراشٌ من ذهب ، وأصلها في السماء السادسة وتصل إلى السابعة ، ورآها رسول اللهفي السماء السابعة
      4// الجنة : وهي فوق السموات السبع فيها ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سَمِعَتْ ولا خَطَرَ على قلب بشر مما أعدّه الله للمسلمين الأتقياء خاصةً ، ولغيرهم ممَن يدخل الجنة نعيم يشتركون فيه معهم

      5// العرش : وهو أعظم المخلوقات ، وحوله ملائكة لا يعلم عددهم إلا الله ، وله قوائم كقوائم السرير يحمله أربعة من أعظم الملائكة ، ويوم القيامة يكونون ثمانية
      6// وصوله إلى مستوى يسمع فيه صريف الأقلام : انفرد رسول الله عن جبريل بعد سدرة المنتهى حتى وصل إلى مستوى يسمع فيه صريف الأقلام التي تنسخ بها الملائكة في صحفها من اللوح المحفوظ
      7// سماعه كلام الله تعالى الذاتي الأزلي الأبدي الذي لا يشبه كلام البشر
      8// رؤيته لله عزّ وجلّ بفؤاده لا بعينه : مما أكرم الله به نبيه في المعراج أن أزال عن قلبه الحجاب المعنوي ، فرأى الله بفؤاده ، أي جعل الله له قوة الرؤية في قلبه لا بعينه ، لأن الله لا يرى بالعين الفانية في الدنيا ، فقد قال الرسول (( واعلموا أنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا ))

      وأعلم يا أخي المسلم أنَّ عقيدة المسلم أنّ الله تبارك وتعالى موجود بلا مكان فلا يجوز أن يعتقد أن الله تعالى موجود في مكان أو في كل الأمكنة أو أنه موجود في السماء بذاته أو جالس على العرش أو حال في الفضاء ، تعالى الله وتنزه عن ذلك ، لقوله تعالى(( ليس كمثله شىء وهو السميع البصير ))

      وصلى الله وسلم وبارك عليك يا حبيبي يا رسول الله وعلى آلك وصحبك ومَن والاك

        أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم – من المسجد الحرام إلى بيت المقدس ، راكباً على البراق ، صحبه جبريل عليهما الصلاة والسلام ، فنزل هناك ، وصلى بالأنبياء إماماً ، وربط البراق بحلقة باب المسجد

        ثم عرج به تلك الليلة من بيت المقدس إلى السماء الدنيا
        ، فاستفتح له جبريل ، ففتح له ، فرأى هنالك آدم أبا البشر ، فسلم عليه ، فرحب به ، ورد عليه السلام ، وأقر بنبوته ، وأراه الله أرواح الشهداء عن يمينه ، وأرواح الأشقياء عن يساره

        ثم عرج به إلى السماء الثانية ، فاستفتح له ، فرأى فيها يحيى بن زكريا وعيسى بن مريم ، فلقيهما وسلم عليهما ، فردا عليه
        ، ورحبا به ، وأقرا بنبوته

        ثم عرج به إلى السماء الثالثة ، فرأى فيها يوسف ، فسلم عليه ، فرد عليه ورحب به ، وأقر بنبوته


        ثم عرج به إلى السماء الرابعة ، فرأى فيها إدريس ، فسلم عليه ، ورحب به ، وأقر بنبوته


        ثم عرج به إلى السماء الخامسة ، فرأى فيها هارون بن عمران ، فسلم عليه ، ورحب به ، وأقر بنبوته


        ثم عرج به إلى السماء السادسة ، فلقى فيها موسى بن عمران ، فسلم عليه ورحب به ، وأقر بنبوته


        فلما جاوزه بكى موسى ، فقيل له : ما يبكيك ؟ فقال : أبكي لأن غلاماً بعث من بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي


        ثم عرج به إلى السماء السابعة ، فلقى فيها إبراهيم عليه السلام ، فسلم عليه ورحب به ، وأقر بنبوته


        ثم رفع إلى سدرة المنتهى ، ثم رفع له البيت المعمور


        ثم عرج به إلى الجبار جل جلاله ، فدنا منه حتى كان قاب قوسين أو أدنى ، فأوحى إلى عبده ما أوحى ، وفرض عليه خمسين صلاة ، فرجع حتى مر على موسى ، فقال له : بم أمرك ؟ قال بخمسين صلاة ، قال : إن أمتك لا تطيق ذلك ، ارجع إلى ربك فسأله التخفيف لأمتك ، فالتفت إلى جبريل ، كأنه يستشيره في ذلك ، فأشار : أن نعم ، إن شئت ، فعلا به جبريل حتى أتى به الجبار تبارك وتعالى ، وهو في مكانه هذا لفظ البخاري في بعض الطرق فوضع عنه عشراً ، ثم أنزل حتى مر بموسى فأخبره ، فقال : ارجع إلى ربك فسأله التخفيف ،
        فلم يزل يتردد بين موسى وبين الله عز وجل ، حتى جعلهما خمساً ، فأمره موسى بالرجوع وسؤال التخفيف ، فقال : قد استحيت من ربي ، سولكني أرضى وأسلم ، فلما بعد ناد مناد : قد أمضيت فريضتي ، وخففت عن عبادي

        وقد رأى ضمن هذه الرحلة أموراً عديدة


        عرض عليه اللبن والخمر ، فاختار اللبن ، فقيل هديت الفطرة أو أصبت الفطرة ، أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك


        ورأى أربعة أنهار في الجنة : نهران ظاهران ، ونهران باطنان ، والظاهران هما النيل والفرات ، ومعنى ذلك أن رسالته ستتوطن الأودية الخصبة في النيل والفرات ، وسيكون أهلها حملة الإسلام جيلاً بعد جيل ، وليس معناه أن مياه النهرين تنبع من الجنة


        ورأى مالك خازن النار ، وهو لا يضحك ، وليس على وجهه بشر وبشاشة ، وكذلك رأى الجنة والنار


        ورأى أكلة أموال اليتامى ظلماً لهم مشافر كمشافر الإبل ، يقذفون في أفواههم قطعاً من نار كالأفهار ، فتخرج من أدبارهم


        ورأى أكلة الربا لهم بطون كبيرة ، لا يقدرون لأجلها أن يتحولوا عن مكانهم ويمر بهم آل فرعون حين يعرضون على النار فيطأونهم


        ورأى الزناة بين أيديهم لحم سمين طيب إلى جنبه لحم غث منتن يأكلون من الغث المنتن ، ويتركون الطيب السمين


        ورأى النساء اللاتي يدخلن على الرجال مَن ليس من أولادهم ، رآهن معلقات بثديهن


        ورأى عيراً من أهل مكة في الذهاب والإياب ، وقد دلهم على بعير ندّ لهم ، وشرب ماءهم من إناء مغطى وهم نائمون ، ثم ترك الإناء مغطى ، وقد صار ذلك دليلاً على صدق دعواه في صباح ليلة الإسراء


        فلما أصبح رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في قومه أخبرهم بما أراه الله عز وجل من آياته الكبرى ، فاشتد تكذيبهم له وأذاهم واستضرارهم عليه ، وسألوه أن يصف لهم بيت المقدس ، فجلاه الله له ، حتى عاينه ، فطفق يخبرهم عن آياته ، ولا يستطيعون أن يردوا عليه شيئاً
        ،وأخبرهم عن غيرهم في مسراه ورجوعه ، وأخبرهم عن وقت قدومها ، وأخبرهم عن البعير الذي يقدمها وكان الأمر كما قال ، فلم يزدهم ذلك إلا نفوراً ، وأبى الظالمون إلا كفوراً

        يُقال سُمي أبو بكر رضى الله عنه صديقاً ، لتصديقه هذه الوقعة حين كذبها الناس

        الونشريس

        الونشريس

        يسلموووووووو حبيبتي
        شكرا لك

        تسلمى يا حبى

        ممتاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااز
        لك منـــــــي اجمل تحية
        موضوع في قمة الروعــــــــة
        جزاك الله خيرا
        و نفعك و نفع بك جميع المسلمين============

        حكم الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج 2024

        أجمع السلف الصالح على أن اتخاذ موسم غير المواسم الشرعية من البدع المحدثة التي نهى عنها صلى الله عليه وسلم بقوله: ((إياكم ومحدثات الأمور, فإن كل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة)), وبقوله صلى الله عليه وسلم: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)), وبقوله صلى الله عليه وسلم: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)).
        فالاحتفال بليلة الإسراء والمعراج بدعة محدثة لم يفعلها الصحابة والتابعون, ومن تبعهم من السلف الصالح, وهم أحرص الناس على الخير والعمل الصالح.
        قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ولا يعرف عن أحد من المسلمين أنه جعل لليلة الإسراء فضيلة على غيرها, لا سيما على ليلة القدر, ولا كان الصحابة والتابعون لهم بإحسان يقصدون تخصيص ليلة الإسراء بأمر من الأمور ولا يذكرونها, ولهذا لا يعرف أي ليلة كانت".
        وإن كان الإسراء من أعظم فضائله صلى الله عليه وسلم ومع هذا فلم يشرع تخصيص ذلك الزمان ولا ذلك المكان بعبادة شرعية, بل غار حراء الذي ابتدئ فيه بنزول الوحي, وكان يتحراه قبل النبوة, لم يقصده هو ولا أحد من الصحابة بعد النبوة مدة مقامه بمكة, ولا خصَّ اليوم الذي أنزل فيه الوحي بعبادة ولا غيرها, ولا خص المكان الذي ابتدئ فيه بالوحي ولا الزمان بشيء.
        ومن خص الأمكنة والأزمنة من عنده بعبادات لأجل هذا وأمثاله كان من جنس أهل الكتاب الذين جعلوا زمان أحوال المسيح مواسم وعبادات كيوم الميلاد, ويوم التعميد, وغير ذلك من أحواله.
        وقد رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه جماعة يتبادرون مكانًا يصلون فيه فقال: ما هذا؟ قالوا: مكان صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أتريدون أن تتخذوا آثار أنبيائكم مساجد؟! إنما هلك من كان قبلكم بهذا, فمن أدركته فيه الصلاة فليصل, وإلا فليمض.
        وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وأما اتخاذ موسم غير المواسم الشرعية كبعض ليالي شهر ربيع الأول التي يقال: إنها ليلة المولد, أو بعض ليالي رجب, أو ثامن عشر ذي الحجة, أو أول جمعة من رجب, أو ثامن من شوال الذي يسميه الجهال عيد الأبرار, فإنها من البدع التي لم يستحبها السلف ولم يفعلوها, والله سبحانه وتعالى أعلم".
        وقال ابن الحاج: "ومن البدع التي أحدثوها فيه أعني في شهر رجب ليلة السابع والعشرين منه التي هي ليلة المعراج….".
        ثم ذكر كثيرًا من البدع التي أحدثوها في تلك الليلة من الاجتماع في المساجد, والاختلاط بين النساء والرجال, وزيادة وقود القناديل فيه, والخلط بين قراءة القرآن وقراءة الأشعار بألحان مختلفة, وذكَر الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج ضمن المواسم التي نسبوها إلى الشرع وليست منه.
        وقال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله في رده على دعوة وجهت لرابطة العالم الإسلامي لحضور أحد الاحتفالات بذكرى الإسراء والمعراج, بعد أن سئل عن ذلك: "هذا ليس بمشروع, لدلالة الكتاب والسنة والاستصحاب والعقل:
        أما الكتاب: فقد قال تعالى: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً } [المائدة:3]، وقال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ } [النساء:59]، والرد إلى الله هو الرد إلى كتابه, والرد إلى الرسول هو الرجوع إليه في حياته, وإلى سنته بعد موته, وقال تعالى: { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [آل عمران:31], وقال تعالى: { فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [النور:63].
        وأما السنة:
        فالأول: ما ثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))، وفي رواية لمسلم: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)).
        الثاني: روى الترمذي وصححه, وابن ماجه, وابن حبان في صحيحه عن العرباض بن سارية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إياكم ومحدثات الأمور, فإن كل محدثة ضلالة…)).
        وأما الاستصحاب: فهو هنا استصحاب العدم الأصلي.
        وتقرير ذلك أن العبادات توقيفية, فلا يقال: هذه العبادة مشروعة إلا بدليل من الكتاب والسنة والإجماع, ولا يقال: إن هذا جائز من باب المصلحة المرسلة, أو الاستحسان, أو القياس, أو الاجتهاد؛ لأن باب العقائد والعبادات والمقدرات كالمواريث والحدود لا مجال لذلك فيها.
        وأما المعقول: فتقريره أن يقال: لو كان هذا مشروعًا لكان أولى الناس بفعله محمد صلى الله عليه وسلم.
        هذا إذا كان التعظيم من أجل الإسراء والمعراج, وإن كان من أجل الرسول صلى الله عليه وسلم وإحياء ذكره كما يفعل في مولده صلى الله عليه وسلم فأولى الناس به أبو بكر رضي الله عنه ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم، ثم من بعدهم الصحابة على قدر منازلهم عند الله, ثم التابعون ومن بعدهم من أئمة الدين, ولم يعرف عن أحد منهم شيء من ذلك فيسعنا ما وسعهم".
        ثم ساق رحمه الله كلام ابن النحاس في كتابه تنبيه الغافلين حول بدعة الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج, جاء فيه: "إن الاحتفال بهذه الليلة بدعة عظيمة في الدين, ومحدثات أحدثها إخوان الشياطين".
        وذكر الشيخ محمد بن إبراهيم في فتوى أخرى: "إن الاحتفال بذكرى الإسراء والمعراج أمر باطل, وشيء مبتدع, وهو تشبه باليهود والنصارى في تعظيم أيام لم يعظمها الشرع, وصاحب المقام الأسمى رسول الهدى محمد صلى الله عليه وسلم هو الذي شرع الشرائع, وهو الذي وضح ما يحل وما يحرم، ثم إن خلفاءه الراشدين وأئمة الهدى من الصحابة والتابعين لم يعرف عن أحد منهم أنه احتفل بهذه الذكرى", ثم قال: "المقصود أن الاحتفال بذكرى الإسراء والمعراج بدعة, فلا يجوز ولا تجوز المشاركة فيه".
        وأفتى رحمه الله: "بأن من نذر أن يذبح ذبيحة في اليوم السابع والعشرين من رجب من كل سنة فنذره لا ينعقد, لاشتماله على معصية, وهي أن شهر رجب معظم عند أهل الجاهلية, وليلة السابع والعشرين منه يعتقد بعض الناس أنها ليلة الإسراء والمعراج, فجعلوها عيدًا يجتمعون فيه, ويعملون أمورًا بدعية, وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوفاء بالنذر في المكان الذي يفعل فيه أهل الجاهلية أعيادهم, أو يذبح فيه لغير الله فقال صلى الله عليه وسلم للذي نذر أن ينحر إبلاً ببوانة: ((هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟)) قالوا: لا, قال: ((فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟)) قالوا: لا، فقال صلى الله عليه وسلم: ((أوّف بنذرك؛ فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله, ولا فيما لا يملك ابن آدم)).
        وقال الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله: "وهذه الليلة التي حصل فيها الإسراء والمعراج لم يأت في الأحاديث الصحيحة تعيينها, وكل ما ورد في تعيينها فهو غير ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم عند أهل العلم بالحديث, ولله الحكمة البالغة في إنساء الناس لها, ولو ثبت تعيينها لم يجز للمسلمين أن يخصوها بشيء من العبادات، ولم يجز لهم أن يحتفلوا بها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم لم يحتفلوا بها, ولم يخصوها بشيء, ولو كان الاحتفال بها أمرًا مشروعًا لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم للأمة إما بالقول أو الفعل, ولو وقع شيء من ذلك لعرف واشتهر, ولنقله الصحابة رضي الله عنهم إلينا فقد نقلوا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم كل شيء تحتاجه الأمة, ولم يفرطوا في شيء من الدين, بل هم السابقون إلى كل خير, فلو كان الاحتفال بهذه الليلة مشروعًا لكانوا أسبق الناس إليه, والنبي صلى الله عليه وسلم هو أنصح الناس للناس, وقد بلَّغ الرسالة غاية البلاغ, وأدى الأمانة, فلو كان تعظيم هذه الليلة والاحتفال بها من دين الإسلام لم يغفله النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكتمه, فلما لم يقع شيء من ذلك علم أن الاحتفال بها وتعظيمها ليسا من الإسلام في شيء, وقد أكمل الله لهذه الأمة دينها, وأتم عليها النعمة, وأنكر على من شرع في الدين ما لم يأذن به الله, قال سبحانه وتعالى في كتابه المبين من سورة المائدة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً} [المائدة:3], وقال عز وجل في سورة الشورى: { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [الشورى:21]، وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة التحذير من البدع, والتصريح بأنها ضلالة تنبيها للأمة على عظم خطرها, وتنفيرًا لهم من اقترافها".
        ثم أورد رحمه الله تعالى بعض الأحاديث الواردة في ذم البدع مثل قوله صلى الله عليه وسلم: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)), وقوله صلى الله عليه وسلم: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)), وقوله صلى الله عليه وسلم: ((أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله, وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم, وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة)), وقوله صلى الله عليه وسلم: ((فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها, وعضوا عليها بالنواجذ, وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة)).
        فما ذُكر من كلام العلماء وما استدلوا به من الآيات والأحاديث فيه الكفاية ومقنع لمن يطلب الحق في إنكار هذه البدعة, بدعة الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج, وأنها ليست من دين الإسلام في شيء, وإنما هي زيادة في الدين, وشرع لم يأذن به رب العالمين, وتشبه بأعداء الله من اليهود والنصارى والمشركين في زيادتهم في دينهم, وابتداعهم فيه ما لم يأذن به الله, وأن لازمها التنقص للدين الإسلامي, واتهامه بعدم الكمال, ولا يخفى ما في ذلك من الفساد العظيم, والمنكر الشنيع, والمصادمة لقوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}, والمخالفة الصريحة لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم المحذرة من البدع. ومما يؤسف له أن هذه البدعة قد فشت في كثير من الأمصار في العالم الإسلامي, حتى ظنها بعض الناس من الدين, فنسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين جميعًا, ويمنحهم الفقه في الدين, ويوفقنا وإياهم للتمسك بالحق, والثبات عليه, وترك ما خالفه, إنه ولي ذلك والقادر عليه, وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

          جزاكى الله خيرا
          بارك الله فيكى حبيبتى
          ينقل إلى

          الونشريس فتاوي وفقه المرأة المسلمة

          مشكوووووووووووووووووووووووووووووووووور

          مقاصد سورة الإسراء 2024

          سورة الإسراء مكية بالاتفاق، نزلت في السنة الحادية عشرة من البعثة المحمدية، قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بسنة وشهرين.
          ~~~~~~~~~
          وسميت سورة (الإسراء)؛ نظراً لما ذُكر في فاتحتها من إسراء النبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى. كما تسمى سورة (بني إسرائيل)؛ لأنها تحدثت عن إفسادهم في الأرض وعتوهم فيها. كما تسمى سورة (سبحان)؛ لأنها افتتحت بتسبيح الله سبحانه، وذُكر التسبيح فيها في أكثر من آية.
          ~~~~~~~~~
          وعدد آياتها أحد عشرة ومائة آية (111)، وقد تميزت آياتها بالطول النسبي، واشتملت على خصائص السور المكية من ناحية، وعلى خصائص السور المدنية من ناحية ثانية؛ لأنها من أواخر ما نزل من السور بمكة، فكانت بمثابة التمهيد للعهد المدني.

          فضائل السورة

          وردت جملة من الأحاديث النبوية التي تبين فضائل هذه السورة، من ذلك:

          – ما رواه البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه، أنه قال في بني إسرائيل، والكهف، ومريم، وطه، والأنبياء: (إنهن من العتاق الأول، وهن من تلادي). معناه: من أول ما أخذت من القرآن، شبهه بتلاد المال القديم، ومعناه: أن ذلك كان بمكة.
          ~~~~~~~~~
          – عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى يقرأ -وفي رواية: كان يقرأ كل ليلة- بني إسرائيل والزمر. رواه الترمذي و البيهقي. قال الترمذي: حديث حسن غريب.

          – عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهباً، وأن ينحي الجبال عنهم، فيزدرعوا، فقيل له: إن شئت أن تستأني بهم -يقال: استأنى به: ترفَّق-، وإن شئت أن تؤتيهم الذي سألوا، فإن كفروا أهلكوا، كما أهلكت من قبلهم، قال: لا، بل أستأني بهم، وأنزل الله هذه الآية: {وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها} (الإسراء:59). وفي رواية: فدعا، فأتاه جبريل عليه السلام، فقال: إن ربك يقرئك السلام، ويقول لك: إن شئت أصبح لهم الصفا ذهباً، فمن كفر منهم بعد ذلك عذبته عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين، وإن شئت فتحت لهم باب التوبة والرحمة، قال: بل افتح لهم باب التوبة والرحمة. رواه أحمد. قال البيهقي: ورجال الروايتين رجال الصحيح.

          – وعن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يهبط الله عز وجل آخر ساعة من الليل، فيقول: ألا مستغفر يستغفرني فأغفر له، ألا سائل يسألني فأعطيه، ألا داع يدعوني فأستجيب له، حتى يطلع الفجر، قال: فقال: {إن قرآن الفجر كان مشهودا} (الإسراء:78)، فيشهده الله وملائكته) رواه الطبراني.
          ~~~~~~~~~
          – عن عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قالا: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، وعلى الكعبة ثلاثمائة وستون صنماً، قد شدَّ لهم إبليس أقدامها بالرصاص، فجاء ومعه قضيب، فجعل يهوي به إلى كل صنم منها، ليخر لوجهه، فيقول: {جاء الحق وزهق الباطل} (الإسراء:81)، حتى مر عليها كلها. رواه الطبراني في "المعجم الصغير".

          – عن معاذ بن أنس الجهني رضي اللّه عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه كان يقول: آية العزة -وفي رواية: العز- {وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل} (الإسراء:111) إلى آخر السورة. رواه أحمد والطبراني.

          – عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما كربني أمر إلا تمثل لي جبريل عليه السلام، قال: يا محمد! قل: توكلت على الحي الذي لا يموت، و{الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا}. رواه الحاكم والطبراني والبيهقي، قال الحاكم: صحيح الإسناد.

          – عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: بينا أنا أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، استقبله رجل رثُّ الثياب رثُّ الهيئة، مستقام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا فلان! ما الذي بلغ بك ما أرى؟ قال: الفقر والسقم. قال: أفلا أعلمك كلمات، إذا قلتهن ذهب عنك الفقر والسقم؟ فقال: لا، ما يسرني بهذا إني شهدت معك بدراً وأحداً، قال: فضحك رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، ثم قال: وهل يدرك أهل بدر وأهل أحد ما يدرك الفقير القانع ؟ قال أبو هريرة : فقلت: يا رسول الله! فعلمنيهن. قال: قل: توكلت على الحي الذي لا يموت، و{الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا}. قال: فلقي النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة بعد أيام، فقال: يا أبا هريرة! ما الذي أرى من حسن حالك؟ فقال: يا رسول الله! ما زلت أقرأ الكلمات منذ علمتنيهن. رواه الطبراني وأبو يعلى.

          – عن خيثمة قال: قال عبد الله: عليكم بالشفاءين: القرآن والعسل. قال أبو عبيد: يريد عبد الله هاتين الآيتين: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين} (الإسراء:82)، {يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس} (النحل:69).
          ~~~~~~~~~
          مقاصد السورة

          تدور معظم موضوعات سورة الإسراء على العقيدة؛ وبعضها عن قواعد السلوك الفردي والجماعي وآدابه القائمة على العقيدة، إلى شيء من القصص عن بني إسرائيل، وطرف من قصة آدم وإبليس وتكريم الله للإنسان.

          والعنصر البارز في كيان هذه السورة، ومحور موضوعاتها الأصيل هو شخص الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وموقف القوم منه في مكة.

          ويمكننا أن نسجل أهم المقاصد التي أبرزتها هذه السورة الكريمة:

          – توحيد الله سبحانه، {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه} (الإسراء:23)، فالله سبحانه وتعالى هو الموحد الحق، ولا معبود سواه.

          – تنـزيه الله تعالى وتسبيحه وحمده وشكر آلائه، وقد تكرر مقصد التسبيح في آيات عديدة من هذه السورة؛ ففي مطلعها، قال تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده} (الإسراء:1). وعند ذكر دعاوى المشركين عن الآلهة، عقَّب سبحانه بقوله: {تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم} (الإسراء:44). وعند حكاية قول بعض أهل الكتاب حين يتلى عليهم القرآن: {ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا} (الإسراء:108).

          – قررت السورة أن ثواب الاهتداء وإثم الضلال إنما يعود على الفرد نفسه ولن يغني عن غيره شيئاً كما أن غيره لن يغني عنه شيئاً ، {من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها} (الإسراء:15)، فطريق الهداية واضح وظاهر، أوضحه سبحانه لعباده عن طريق رسله وكتبه، وما على الإنسان إلا أن يسير في هذا الطريق، ويعرض عن غيره من الطرق.

          – بيان إعجاز القرآن الكريم، وأن البشر يستحيل عليهم أن يأتوا بمثله، {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا} (الإسراء:88)، فالقرآن الكريم معجزة هذا الدين، ومعجزة نبيه عليه الصلاة والسلام، وليس بمقدور أحد -مهما أوتي من علم- أن يأتي بمثل هذا القرآن، ولا بشيء منه.
          ~~~~~~~~~
          – بيان الحكمة من إنزال القرآن على فترات، وليس دفعة واحدة، {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا} (الإسراء:106)، فغاية إنزال القرآن على دفعات؛ ليستوعب الناس أحكامه، وليكون أمامهم متسع من الوقت؛ ليطبقوا أوامره ويجتنبوا نواهيه.

          – تنـزيه الله عن الولد والشريك والناصر والمعين، {وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا} (الإسراء:111). فالله سبحانه هو الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد.

          – قررت السورة مبدأ المسؤولية الشخصية، فكل إنسان يتحمل عاقبة عمله، ولا يتحمل أحد عاقبة عمل غيره، {ولا تزر وازرة وزر أخرى} (الإسراء:15)، فالإنسان إن عمل خيراً فلنفسه، وإن أساء فعليها.

          – ذكر سبحانه في هذه السورة سُنَّة إلهية، وهي أنه سبحانه لا يعذب عباده إلا بعد أن يرسل إليهم رسلاً مبشرين ومنذرين، ويقيم عليهم الحجة بالآيات التي تقطع عذرهم، قال سبحانه {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} (الإسراء:15).

          – ذكر سبحانه سُنَّة تتعلق بسلوك الإنسان عموماً، وهي أن الإنسان إذا أصابه ضراء وبلاء، لجأ إلى ربه وخالقه طالباً منه العون والنجاة، ثم إذا كشف الله عنه ما نزل به من ضرٍّ، إذا به يكفر بخالقه، ويُعْرِض عن هدي ربه، {وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا} (الإسراء:67).

          – بينت السورة قيمة القرآن الكريم، حيث ورد لفظ القرآن في هذه السورة أحد عشر مرة. نحو قوله سبحانه: {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين} (الإسراء:9).

          – بينت السورة أنه لا أحد يملك من الأمر شيئاً؛ إذ الأمر كله لله، فلا نافع ولا ضار إلا الله، ولا ناصر ولا معين إلا هو سبحانه، {قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا} (الإسراء:56).

          – عُنيت السورة بالحديث عن مكارم الأخلاق، فدعت إلى الإحسان إلى الوالدين، وصلة الرحم، والعطف على الفقير والمسكين وابن السبيل، ونهت عن التبذير والقتل والزنا وتطفيف الكيل والميزان وأكل مال اليتيم والكبر والبطر.
          ~~~~~~~~~
          – دحضت أوهام الوثنية الجاهلية حول نسبة البنات والشركاء إلى الله، وعن البعث واستبعادهم لوقوعه، وعن استقبالهم للقرآن وتقولاتهم على الرسول صلى الله عليه وسلم، {أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا إنكم لتقولون قولا عظيما} (الإسراء:40)، {قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا} (الإسراء:42).

          – أمْرُ المؤمنين أن يقولوا التي هي أحسن، وتحذيرهم من الانسياق وراء وساوس الشيطان، وبيان أنه العدو الأول والأخطر للإنسان؛ لأنه لا يفارقه أبداً، فهو يعيش بين جنبيه، وهو عدو خفي غير ظاهر، قال تعالى: {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا} (الإسراء:53).

          – بيان الحكمة في عدم إنزال المعجزات التي اقترحها المشركون على النبي صلى الله عليه وسلم، {وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا} (الإسراء:59).

          – بيان عناد المشركين وطلبهم من النبي صلى الله عليه وسلم أن يوافقهم في بعض معتقداتهم، وإلحاحهم في ذلك، {وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا} (الإسراء:90).
          ~~~~~~~~~
          – الحديث عن البعث والحشر مع إقامة الأدلة على إمكانه، {أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم وجعل لهم أجلا لا ريب فيه فأبى الظالمون إلا كفورا} (الإسراء:99).

          هذه أهم المقاصد التي تضمنتها هذه السورة الكريمة. وليس من شك، فإن مزيداً من التأمل فيها يهدينا إلى مقاصد أُخر، فإن القرآن الكريم لا تنقضي عجائبه، ولا يشبع منه قارئه ومتأمله.

            جزاك الله خيرا

            جزانا واياكي حبيبتي