أهداف الفتوحات الإسلامية 2024

أهداف الفتوحات الإسلامية

د. وهبة الزحيلي

كثيرًا ما تقع الأسرة البشرية فريسة المطامع الشخصية والأهواء المادية، وقد تظل الأمة سنين طويلة تحت أعباء التكاليف القاسية والالتزامات الظالمة، وتمر الأجيال بهذه الحلقة المظلمة من حياتها وتعاني فيها الأمرَّين في سبيل إرضاء المستعبدين وتحقيق مآرب المتغطرسين والمتجبرين. ثم إننا نجد الدورات الاقتصادية والهزات العنيفة التي يتعرض لها العالم بأسره بين حين وآخر، منشؤها غلوّ بعض المستبدين في التحكم بمصائر البشرية، وإدامة التسلط على موارد شعب ضعيف واستغلال خيراته وإنتاجه الطبيعي.
وإذا كانت أساليب الحياة قد تغيرت، فإن الوصول إلى الأهداف السابقة أصبح يتقمص ضمن برود ناعمة، ومظاهر براقة، وإنه لمن العجب العجاب أن يظل بعض الناس مخدوعين بما يقصده أولو الحول والطول من إنشاء الصداقات، وإظهار التودد والتحبب لأشخاص الحكام في بلاد العرب، حتى يتم لهم نقل منتجات البلاد وخيرات الأرض إلى بلادهم في مقابل تعويضات قليلة، وكان الأجدر بهؤلاء أن يسخروا الإنتاج في سبيل إصلاح بلادهم، وأن يقصروا الانتفاع به على مواطنيهم من أمة العرب والإسلام.
وبهذا فإنهم يزيدون -ويا للأسف- في قوة القوي وضعف الضعيف، ولولا تصادم مصالح الدولتين الكبيرتين في العصر الحديث لما تورعت إحداهما عن محاولة بسط نفوذها على العالم وربطه بأغلال التبعية والاستذلال والاستعباد. والتاريخ القريب لحروب الدول الحديثة يشهد بهذه الحقيقة، وهي: أن الباعث عليها كان وما يزال هو حب الإبادة والاستعباد الشخصي أو القومي، أو العداء الديني أو التعصب الأعمى التقليدي، أو سلب ثروات الأمم، أو إشباع لذة القهر والسيطرة والاستعلاء، أو تأمين المصالح الاقتصادية أو دعم المكاسب السياسية أو تحصين القواعد العسكرية أو فتح المجالات الحيوية والأسواق الاقتصادية أمام زحف شعب من الشعوب وتقدمه وارتقائه على حساب الشعوب الأخرى.
فهل في ذلك تحقيق الخير للعالم أو الحفاظ على المدنية والحضارة أو توفير مصالح الناس وإشعارهم بمحبة أعضاء الأسرة العالمية؟ كلا. إذن: ما هو الأمل المرتجى من هذه الحياة؟ وهل أقفرت الدنيا من دعاة الخير والمحبة والإصلاح؟ وهل كان الإسلام في فتوحاته متأثرًا بهذه الأغراض المادية أو ما يسمونه بالاستعمار؟
الواقع أن الإسلام لا يبغي من نشر دعوته في أوساط المعمورة إلا رعاية مصالح البشر، وفتح مغاليق الظلم والجهل والتأخر، ونشر النور والمدنية والتحضر، وليس أكره في الإسلام من قصد الأغراض الدنيوية الحقيرة أو التسابق في مظاهر الغنى والثراء أو التفاخر بمظاهر البذخ والإسراف والتنعم. وإننا لدى مقارنة الدعوات الإصلاحية في العالم لم نجد فيها برهانًا أصدق على تحقيق الغايات المثلى والكمال الخلقي الرفيع والطمأنينة والراحة الكبرى… من دعوة الإسلام؛ دعوة الحق والنور والبرهان والمعرفة.
وإن الدارس لعقود الصلح والمعاهدات التي كان المسلمون يعقدونها مع غيرهم من البلدان لا يجد أثرًا معتبرًا لقصد المنافع الاقتصادية، أو ما يسمونه بالحماية الاستعمارية اليوم. وغاية ما في الأمر هو العثور على ضريبتين من الضرائب المعروفة بين الأمم في ذلك الزمن، ألا وهما: الخراج والجزية، وهذان لم يكونا من مستحدثات الإسلام، ولا من مستلزمات شرعته ومعاهداته، وإنما كانا في الواقع من التنظيمات السياسية الملحوظ فيها مبدأ التعامل بالمثل، ومراعاة مألوف الأوضاع الحربية السائدة، وتعويض العرب القاطنين في الحجاز عن أرباح التجارة التي كان الروم والفرس والمشركون يأتون بها إلى جزيرة العرب، قال الله تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } [التوبة: 28].
وبناء على ذلك فلم تكن الجزية والخراج في داخل الدولة الإسلامية إلا ضرورة من ضرورات المجتمعات المنظمة التي تضطر فيها الحكومات للقيام بأعباء كثيرة نحو مجموع المواطنين؛ كتنظيم المرافق العامة، وتوفير الأمن والطمأنينة، أو في نظير حماية الأقلية والمحافظة عليهم بديل إعفائهم من المساهمة في الدفاع عن كيان الأمة ورد المعتدين.
والمسلمون في مقابل الجزية والخراج يتحملون أعباء مالية كثيرة يؤدونها للدولة كالزكاة بأنواعها المختلفة والصدقات والتكاليف الطارئة. وقد ضرب المسلمون أروع الأمثلة في تمسكهم بمقتضى التزامات عقد الذمة، فكانوا يردون الجزية إلى أصحابها إذا داهم المسلمين خطر أجنبي قد لا يتمكنون بسببه من حماية الأقليات في بلادهم. ومن ذلك ما فعل أبو عبيدة بن الجراح حينما حشد الروم جموعهم على حدود البلاد الإسلامية الشمالية، فكتب أبو عبيدة إلى كل والٍ ممن خلفه في المدن التي صالح أهلها، يأمرهم أن يردوا عليهم ما جبي منهم من الجزية والخراج، وكتب إليهم أن يقولوا لهم: "إنما رددنا عليكم أموالكم؛ لأنه قد بلغنا ما جمع لنا من الجموع، وإنكم اشترطتم علينا أن نمنعكم وإنا لا نقدر على ذلك، وقد رددنا عليكم ما أخذنا منكم، ونحن لكم على الشرط، وما كتبنا بيننا وبينكم إن نصرنا الله عليهم".
فلما قالوا ذلك لهم وردوا عليهم الأموال التي جبوها منهم، قالوا: "ردَّكم الله علينا ونصركم عليهم (أي على الروم النصارى)، فلو كانوا هم لم يردوا علينا شيئًا، وأخذوا كل شيء بقي لنا". مما يدل على أن هذه الأقليات كانت في رضا مطلق ووفاء وإخلاص أصيل لحكم المسلمين.
وقد حصل نظير هذا في الحروب الصليبية، فردّ صلاح الدين الأيوبي الجزية إلى نصارى الشام حين اضطر إلى الانسحاب منها. وهكذا يبدو جليًّا أن الجزية لم تكن حقًّا تعطيه القوة للغالب على المغلوب، وإنما كانت منفعة جزاء منفعة، وأجرًا جزاء عمل، بل إن مغارم الجزية كانت أكثر من مغانمها. وعلى العموم فهي لم تكن من مبتدعات الإسلام، وإنما كانت مقررة عند مختلف الأمم كبني إسرائيل واليونان والروم والبيزنظيين والفرس، وكان أول من سنَّ الجزية من الفرس كسرى أنو شروان (531-579م) وهو الذي رتب أصولها وجعلها طبقات. فالحالة العامة بين الأمم كانت تألف نظام الجزية، والإسلام أقرَّ ذلك فقط تحت وطأة الضرورات الاقتصادية التي لا بُدَّ منها لكل نظام في العالم، بل هي في مصلحة غير المسلمين أولاً وبالذات.
أما الجزية والخراج في ظل العلاقات الخارجية فهي ليست من قواعد النظام العام التي لا يجوز الخروج عليها، بدليل أننا وجدنا في التاريخ الإسلامي كثيرًا من المعاهدات التي لم تكن قائمة على أساس الالتزام بأي واجب مالي مثل معاهدة صلح الحديبية، والمعاهدات التي عقدها الرسول في المدينة بين الأوس والخزرج واليهود، وقد أجمع المسلمون على أن لولي الأمر عقد ما يرى من المعاهدات بما يحقق المصلحة، وقد تكون المصلحة في عقد معاهدة بقصد الصداقة وأمن الجانب والتزام الحياد، كما سنبين ذلك بالتفصيل في مقال آخر إن شاء الله تعالى.
وأما الفتح الإسلامي فلم تكن غايته ضم البلدان إلى الوطن الإسلامي بقصد سلب أموال الأهالي، أو التسلط على ممتلكاتهم أو استغلال مواردهم الطبيعية وخيراتهم المعدنية أو الزراعية، أو إحراز الغنائم، يدل على هذا كلمة عمر بن عبد العزيز -رحمة الله- الخالدة التي وجهها لبعض ولاته وهي: إن الله بعث محمدًا بالحق هاديًا ولم يبعثه جابيًا. وقال ربعي من عامر مبعوث سعد بن أبي وقاص إلى رستم قائد الفرس في وقعة القادسية: "إنا لم نأتكم لطلب الدنيا، ووالله لإسلامكم أحبُّ إلينا من غنائمكم".
ويوضح حقيقة مقصد المسلمين من فتوحاتهم فضلاً عما ذكرناه، قول عبادة بن الصامت للمقوقس: "إنما رغبتنا وهمّتنا في الله واتباع رضوانه، وليس غزونا لعدونا ممن حارب الله لرغبة في دنيا، ولا طلب للاستكثار منها… لأن غاية أحدنا في الدنيا أكلة يسد بها جوعته لليله ونهاره، وشملة يلتحفها… لأن نعيم الدنيا ليس بنعيم، ورخاؤها ليس برخاء، إنما النعيم والرخاء في الآخرة".
بهذا الشكل من الزهد في الدنيا والخشونة في المعيشة، والإخلاص في القتال، والتفاني في سبيل إعلاء كلمة الله؛ كلمة الحق واليقين والإصلاح. بذلك كله فُتحت لهم جوانب الدنيا شرقًا وغربًا، وتمكنت لهم جوانب العزة والكرامة. ولو كان قصدهم نفعًا ماديًّا أو إشباع نهم اقتصادي، لما تم لهم ذلك بسرعة خاطفة لا مثيل لها في التاريخ.
وقد أبان صاحبُ الرسالة محمد بن عبد الله -صلوات الله وسلامه عليه- هدفَ المسلمين الحقيقي من جهادهم؛ روى أبو داود عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلاً قال: يا رسول الله، رجل يريد الجهاد في سبيل الله وهو يبتغي عرضًا من عرض الدنيا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا أجر له". فأعظم ذلك الناسُ، وقالوا للرجل: عُدْ لرسول الله، لعلك لم تفهم. فقال: يا رسول الله، رجل يريد الجهاد في سبيل الله، وهو يبتغي عرضًا من عرض الدنيا؟ قال: "لا أجر له". فقالوا للرجل: عد لرسول الله. فقال له الثالثة، فقال: "لا أجر له". وروى الجماعة عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- أن أعرابيًّا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: إن الرجل يقاتل للذكر، ويقاتل ليحمد، ويقاتل ليغنم، ويقال ليرى مكانه، فمن في سبيل الله؟ قال:من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله".
فهل بعد هذا البيان يُقال: إن مقصد الفتوحات الإسلامية هو الطمع في الغنائم وسلب الأموال؟!
وأما ما قد يتمسك به من قصةٍ تعرُّض المسلمين لقافلة أبي سفيان القادمة من الشام للطعن في مقصد المسلمين، فهو لا يستند إلى أساس صحيح؛ لأن ذلك التعرض مشروع في حق المسلمين، لأنهم يريدون أخذ نظير أموالهم التي استولى عليها مشركو مكة بعد حادثة الهجرة. بل إن أعراف الحرب اليوم تقر مثل هذا، وهو ما يُعرف بالحصار الاقتصادي، إذا كانت حالة الحرب قائمة بين دولتين، وتلك الحالة كانت متوفرة بين المسلمين والمكيين القرشيين، كما هو معروف في التاريخ.
والدليل الفَصْل في موضوعنا هذا ما أيَّده الواقع، فإن الأقليات التي كانت تخضع للسلطة الإسلامية لم تكن يومًا تشكو اضطهادًا أو ظلمًا أو تفرقة بالنسبة للمسلمين، أو تئنُّ من كثرة التكاليف المالية كما تفعل الشعوب المستضعفة اليوم أمام طغيان المستعمرين والعتاة، فإنهم لا يدعون وسيلة من إضعاف تلك الشعوب أو تسخيرهم في مصالحهم، وكأن أصحاب الوطن عبيد في ظل القائمين على الحماية الاستعمارية، والعبد وما ملكت يمينه لسيده.
وإذا كانت هذه هي حالة الفتوحات الإسلامية التي لا مجال فيها أصلاً لعقد قياس أو شبه بينها وبين أساليب الاستعمار اليوم، فإنها كانت تنشد الهدى والإصلاح وتقويم اعوجاج الأوضاع الفاسدة، ونشر الأهداف المثلى، وتبليغ رسالة السماء الأخيرة إلى مختلف الأصقاع، دون قصد العلو في الأرض أو الاستكبار؛ لأن إرادة العلو على الخلق أو التسلط ظلم، والناس جميعًا من جنس واحد، يبغضون كل ذلك ويعادونه. قال تعالى: { تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } [القصص: 83]. وقال سبحانه: { وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ } [الحج: 40، 41].
وبهذه المناسبة نجد أن التهم التي توجه للإسلام أو يراد بها الكيد للإسلام أو إضعافه، أو إثارة الشكوك والشبه نحوه، أو التقليل من أهميته أو قداسته في النفوس.. كل ذلك لن يضير الإسلام شيئًا وإنما يزيده قوة ومناعة، مهما كان شأن المتهِم سواء أكان من المستشرقين أو من المستغربين أو من المستعمرين أو من أذيال المستعمرين أو من الحكام أو من المأجورين، وسيظل الإسلام راسخًا في النفوس على مر الزمان، حتى لكأنه الصخرة العاتية التي تتحطم عليها رءوس الجبابرة العظام، وكأن المعارض كما قال الشاعر:

كناطح صخرة يومًا ليوهنها *** فلم يضرها، وأوهى قرنه الوعل

المصدر: مجلة الفسطاط التاريخية، نقلاً عن مجلة حضارة الإسلام، العدد التاسع، السنة الرابعة، نيسان 1964م (ص45-51).
عن موقع قصة الإسلام

    جزاكي الله خير حبيبتي

    مشكوورة

    كل الشكر لكي
    منووورات

    الأمة الإسلامية وثقافة لا أعلم 2024

    الأمة الإسلامية وثقافة "لا أعلم"

    عبارة عظيمة ذات وقْع كبير، هي مقولة: "لا أعلم"، والتي لطالما قالها علماء الأمة ودُعاتها ومُفكِّروها،
    وما زالت تلك الكلمة تقع على مسامعهم؛ حتى تعلَّموا وعلِموا؛ فعن الشعبي قال: "لا أدري" نصفُ العلم،
    وعن نافع أن رجلاً جاء إلى ابن عمر يسأله عن شيء، فقال: لا علمَ لي، ثم التَفت بعد أن قفا الرجل، فقال:
    نِعمَ ما قال ابنُ عمر، سُئِل عمَّا لا يعلم، فقال: لا علمَ لي، يعني ابن عمر نفسَه، وعن علي بن أبي طالب،
    قال: إذا سُئلتُم عما لا تعلمون، فاهْربوا، قالوا: كيف الهرب يا أمير المؤمنين؟ قال: تقولون: الله أعلم، وعن
    أبي البختري عن علي، قال: يا برْدها على الكبد أن تقول لِما لا تعلم: الله أعلم، وعن عبدالله بن مسعود
    قال: مَن علِم منكم علمًا، فليَقل به، ومَن لم يعلم، فليقل لِما لا يعلم: الله أعلم.

    كل هذه الآثار أخرَجها الدارمي في سُننه، تدلُّ على حرص الصحابة والتابعين على قول كلمة الحق؛
    حتى تولَّدت في مجتمعهم ثقافةُ قَبول هذه العبارة وعدم نقد قائلها.

    ولو نظَرنا في عُمق هذه الثقافة وفي صورتها الأوسع، لوجدنا أنها ممتدة الجذور؛ فالله -عز وجل-
    يُخاطب الملائكة عن علمهم بما خلَقه -جل وعلا- فيقول -سبحانه- في سورة البقرة:

    ﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ *
    قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [البقرة: 31 – 32].

    فكان الجواب الواضح للملائكة: ﴿ سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا ﴾، ونبيُّنا -عليه الصلاة والسلام- حين يَسأله جبريل
    في حديث مسلم الطويل حول مراتب الدين، فيقول: متى الساعة؟ فيأتي الجواب من رسول الله -عليه
    الصلاة والسلام-: ((ما المسؤول عنها بأعلمَ من السائل))، وهكذا نرى الأنبياء وهم يؤكدون هذه الثقافة،
    فيقول -جل وعلا- كما في سورة المائدة:

    ﴿ يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ﴾ [المائدة: 109].

    والصحابة -رضي الله عنهم- ضرَبوا لنا أمثلة رائعة لا حصْر لها في إرجاع علوم المجهولات إلى
    الله -سبحانه- ففي البخاري من حديث ابن عباس، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه:
    ((أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟))، قالوا: الله ورسوله أعلم، وفي حديث خالد الجُهني عند البخاري،
    قال -عليه الصلاة والسلام- لأصحابه: ((هل تدرون ماذا قال ربُّكم؟))، قالوا: الله ورسوله أعلم،
    وفي حديث أبي بكرة يوم النحر، قال -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه: ((أتدرون أي يوم هذا؟))،
    قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: ((أي شهر هذا؟))، قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: ((أي بلدٍ هذا؟))،
    قلنا: الله ورسوله أعلم.

    إنها ثقافة مجتمع بأسره، أن يُحال العلم في ما لا يعلمه إلى الله.

    وتعالَ معي -أخي الكريم- إلى الواقع المؤلم لعامة الأمة، فضلاً عن علمائها ومُفكريها، فالعامي يتكلم
    فيما لا يُحسن الكلام فيه، ويدَّعي علم ما لا يعلمه، بل ربما يتطاوَل على أهل الاختصاص في فنِّهم،
    حتى أصبحت وسائل الإعلام اليوم بكلِّ صُورها وأشكالها سوقًا رائجة للجُهال وأنصاف المتعلمين،
    الذين يُجيدون الحديث في كل شيء، حتى أصبحنا نسمع الأعاجيب من الآراء والأفكار والطروحات.

    وما ذلك إلا لثقافة الأمة اليوم في عدم قَبولها لمقولة: "الله أعلم"، بل يَعتبرون قائلها جاهلاً،
    وربما أُميًّالا ينبغي أن يتصدَّر المجالس، أو أن يكون رأسًا في القوم.

    وهذا ما دفَع الكثير من دعاة الأُمة وعلمائها في زماننا -ومع الأسف الشديد- إلى النزول عند رغبة
    العوام، والجُرأة في القول على الله بغير علمٍ، والفتيا دون تثبُّت أو مراجعة، ودونكم برامج الفتاوى
    التي تَغَصُّ بها الفضائيات أو الإذاعات وعلى الهواء مباشرة، والتي لم نسمع فيها -إلا ما ندَر- مَن
    يقول: "الله أعلم"؛ لأن قائل هذه الكلمة سيُسيء إلى القناة أو الإذاعة؛ كونها لم تُحسن اختيار المناسب،
    وسيُسيء إلى سُمعة نفسه؛ كونه غيرَ كفءٍ، وربما سيسيء إلى الجهة التي يعمل فيها؛ كونها مؤسسة
    متواضعة المستوى وعديمة المصداقية.

    إنها ثقافة تحتاج إلى إعادة نظر؛ فالأمم المتحضرة إنما ترتقي حين تكتشف نقاط ضَعفها، وتتلمَّس
    مواطن الخَلل في منهجها، وتتعلم في الفن الذي تَجهله، أما مَن يُكابر في فَهم الحقيقة، ويدَّعي علْمَ
    كلِّ شيء، وهو لا يعلم، فإن تلك الثقافة لن تولِّد إلا جيلاً لا يَفهم الأشياء على حقيقتها،بل ربما
    يفهمها على عكس ذلك.

    منقول

      تسلمى

      مشكوورة

      جزاكى الله خيرا

      الف شكر غاليتي

      جزاكى الله خيراً وجعله في ميزان حسناتك

      إسهامات الحضارة الإسلامية في علم الطب 2024

      الونشريس

      الونشريس

      الإسلام دين الرحمة والرأفة ، دعا إلى مداواة المريض، والتخفيف عن آلامه وعلاج ما يشكو
      منه ، و أمر الناس بالبحث عن الدواء الجيد وبزيارة الطبيب المختص ، و لذلك قال- صلى الله عليه وسلم :" ياعباد الله تداووا فإن الله- تعالى- لم يضع داء إلا و ضع له دواء " (رواه الترمذى )

      · الطب النبوي :

      عرف المسلمون الطب النبوي ، من خلال أحاديث للنبي- صلى الله عليه وسلم- التي تتضمن علاج بعض العلل والأمراض ، كما وضع الإسلام بعض القواعد التي تؤدى إلى مجتمع صحي، منها الحث على نظافة البدن والطعام و البيوت والشوارع ، وبين الإسلام المواد الضارة بالصحة وجعلها من المحرمات ، وحث المسلمين على العناية بأجسامهم وصحتهم ، وعد ذلك من الإيمان .
      فقال- صلى الله عليه وسلم – : "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف" . (رواه مسلم) وقدم الإسلام نظام الوقاية والعلاج ، وهو ما يمثل نظام العزل والحجر الصحي الذي تأخذ به الدول الحديثة لمنع تفشى الأمراض و انتشار العدوى، ويتمثل هذا في قوله- صلى الله عليه وسلم : "إذا سمعتم بالطاعون في أرض فلا تدخلوها ، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها" . (رواه البخارى) .

      · مهنة الطب في الدولة الإسلامية :

      اعتنى المسلمون بمهنة الطب واهتم الخلفاء المسلمون بالأطباء ، وأقاموا بيمارستانات (مستشفيات) وأول بيمارستان أقيم عند المسلمين كان الذي أقامه الخليفة الأموي "الوليد بن عبد الملك" سنة( 88 ﻫ )، كما اهتم الخلفاء العباسيون بالطب ، وظهرت في العصر العباسي عائلة "بختيشوع" ، التي ظلت خلال قرن ونصف تتمتع بشهرة واسعة ،ويحظى أجيالها المتعاقبة بتقدير الخلفاء العباسيين .

      وقد ارتفعت مكانة الطبيب في المجتمع الإسلامي ، وأصبح أقرب الناس إلى الخليفة والحاكم ، بل من الأطباء من أصبحوا من الوزراء الموثوق بهم، والعلماء الذين يقدمون على سائر رجال الدولة .

      · جيل العمالقة من الأطباء المسلمين :

      الونشريس

      بدأ جيل العمالقة من الأطباء المسلمين في الظهور في القرن الرابع الهجري؛ وكان أولهم "محمد بن زكريا الرازي" المتوفى سنة (313 ﻫ) الذي يعد شيخ أطباء المسلمين ، وكان عالمًا موسوعيًّا، بلغت مؤلفاته أكثر من(200) كتاب ، من أشهرها كتاب "الحاوي في الطب" وقد نشر هذا الكتاب في الهند سنة (19م).
      و"الرازى" هو مبتكر خيوط الجراحة ؛ وقد استخلصها من الحيوان لخياطة الأنسجة ، واكتشف مرض الحساسية ، واليرقان الناجم عن تكسر الدم ، وميز بينه وبين التهاب الكبد المعدي ، وهو أول من استعمل الفتيلة في الجرح ، واستعان بخبرته الكيمائية في إدخال بعض المركبات في العلاج لأول مرة ، مثل أملاح الزئبق والرصاص والنحاس بعد أن جربها على القرود ، وهو أول من أدخل الرصاص الأبيض في المراهم واستعمل مرهم الزئبق كمسِّهل .

      · "ابن النفيس" .. مكتشف الدورة الدموية :

      وأما "ابن النفيس" المتوفى سنة (687 ﻫ ) فهو من أشهر أطباء المسلمين في القرن السابع الهجري، وهو من مواليد "دمشق" ، وذاعت شهرته كطبيب في "مصر" حيث تولى إدارة البيمارستان المنصورى في "القاهرة" ، وكان آنذاك أعظم مستشفى في العالم ، وقد اكتشف "ابن النفيس" الدورة الدموية الصغرى ، ومن أشهر مؤلفاته الطبية كتاب "الشامل" وهو كتاب ضخم في عشرات الأجزاء .

      · الجراحة عند المسلمين :

      أجرى الأطباء المسلمون عمليات جراحية كبيرة ، فاستخدموا الكي في علاج بعض الأمراض ، واستأصلوا الأورام في أجزاء عديدة من الجسم ، وقاموا باستخراج الحصوات أو تفتيتها في المسالك البولية ، وقاموا بجراحات الأنف والأذن والحنجرة والفم والأسنان وغيرها ، واستخدموا في خياطة الجروح الخيوط المصنعة من أمعاء بعض الحيوانات، وبخاصة القطط ، واستعملوا بعض العقاقير المخدرة لتسكين الألم .

      أشهر الجراحين المسلمين :

      "أبو القاسم الزهراوى" المتوفى (428 ﻫ ) ، صاحب كتاب "التصريف لمن عجز عن التأليف"، وهو الكتاب الذي اعتمدت عليه أوربا قرونًا طويلة بعد ترجمته إلى اللاتينية، وهذا الكتاب أول موسوعة في الجراحة والطب ويتكون من ثلاثين جزءًا.

      و"الزهراوى" أول من ابتدأ جراحة الأوعية الدموية ، مثل خياطة الشرايين في حال قطعها أو ربطها في حالة النزيف ، وهو أول من استعمل الحرير في خياطة الجروح، وأسلاك الذهب في تقويم الأسنان ، وهو أول من ابتكر الخياطة التجميلية، وقد ابتكر كثيرًا من الآلات الجراحية التي لم تكن معروفة من قبل، ورسم صورها وأحجامها والمادة التي تصنع منها ، من ذلك : الصناير لقطع اللوز والأورام، وأنواع المكاوي للكي ، والكلاليب لخلع الأسنان .

      وهو أول من ابتكر إجراء بعض العمليات الجراحية ، مثل حصوة المثانة ، واستئصال اللوزتين، وتقويم الأسنان، وشق الحنجرة للتنفس ، وهو أول من ابتكر طريقة الولادة بالحوض في حالة ما إذا كان وضع الجنين غير طبيعي، وقد نصح "الزهراوى" باستخدام مساعدات وممرضات من النساء في حالة إجراء عملية جراحية لامرأة؛ لأن ذلك أقرب إلى الطمأنينة والرقة .

      طب العيون :

      الونشريس

      وفى مجال العيون اشتهر عدد من أطباء العيون وكان يطلق عليهم "الكحالون"، ومنهم: "أبو القاسم عمار بن على الموصلي" وصار من أبرز أطباء العيون في العالم؛ وقد عرفه الأوربيون من خلال مؤلفاته ، ومن أشهر كتبه "المنتخب في علاج أمراض العيون" ، ولهذا العالم دراسة عميقة في عمليات ماء العين "الكاتاراكت" ، ويرجع إليه الفضل في اختراع إبرة مجوفة لإجراء العملية التي تمتص هذا الماء .

      وقد عاصر "أبو القاسم عمار" في القرن الخامس الهجري "على بن عيسى"، صاحب كتاب "تذكرة الكحالين"، وهو الكتاب الذي ظل يدرس في أوربا حتى القرن الثامن عشر الميلادي .

      ومن أشهر الأطباء "حنين بن إسحاق" وهو صاحب كتاب "العشر مقالات في العين"، الذي يشمل على عشر مقالات ألفها "حنين" على مدى ثلاثين عامًا، ثم جمعها في كتاب واحد ، وأضاف إليه "حنين" كتابًا يحوى على جميع المعلومات الضرورية ، لمن يريد علاج أمراض العين على طريقة صائبة ، وترجع أهمية هذا الكتاب إلى أنه أول مرجع علمي مدرسي وصل إلينا في أمراض العيون وعلاجها منذ العصر اليوناني القديم .

      · البيمارستانات (المستشفيات الإسلامية) :

      الونشريس

      أقام المسلمون منذ فترة مبكرة البيمارستانات (المستشفيات الإسلامية) لاستقبال المرضى وعلاجهم ، وتوالى إقامتها في مختلف أنحاء العالم الإسلامي في "بغداد" و"القاهرة" و"دمشق" وغيرها ، وكانت البيمارستانات تقدم خدماتها الطبية بالمجان تحت إشراف الأطباء المهرة . وقد ابتدع المسلمون ما يسمى بالفحص السريرى لتشخيص المرض ، ويرجع إليهم الفضل في نقل هذا النظام إلى أوربا في الطب الحديث ، وعلى ضوء هذا الفحص يشخص المرض ، وينقل المريض إلى القسم المخصص كعلاج مثل هذا النوع من المرض ، وقد نقل الغرب عن المسلمين هذا الأسلوب بعد ستة قرون كاملة، وكان الطبيب المسلم يتحسس حرارة المريض بظهر الكف ويقيس النبض بأنامله ، ويتحسس الكبد والأمعاء ، ثم ينظر في قارورة البول ليعرف التشخيص المخبري وهكذا .

      وكان المريض الذي يتقرر دخوله المستشفى تؤخذ ثيابه وحاجاته وتحفظ في أمانات المستشفى، ويسلم ثوبًا جديدًا ، ثم يسجل اسمه ، لكي يصرف له معونة مالية ليعول أسرته أثناء وجوده بالمستشفى ، فإذا خرج من المستشفى تزاد هذه المعونة حتى لا يضطر إلى العمل في فترة النقاهة .

      منقوول

      الونشريس

        شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا

        شكرااااا

        الاناشيد الإسلامية المصحوبة بموسيقى 2024

        نظرا لأهمية الموضوع أحببت ان انقله إليكن
        أحببت أن أضع لكم موضوع الأناشيد ضوابط ومحاذير…
        وأن أعدد لكم أنواع الأناشيد التي لا يجوز سماعها وأوضح كيفيتها…
        والدافع الذي دفعني إلى هذا الفعل لكثرة إنتشار الأناشيد الخارجة عن الضوابط
        الإسلامية

        انتشرت الأناشيد في وقتنا الحالي بكثرة، وكثر الإهتمام بها، حتى أصبحت عند البعض همهم الشاغل، وأصبح إهتمامهم بالألحان أكثر من الكلمات، ودخل فيها المحرمات، وانفتح عالم الأناشيد انفتاحاً بلا حدود، وصار من الأناشيد ما يحمل اسم (إسلامية) وهي خالية من الضوابط الإسلامية والله المستعان.

        والنشيد في اللغة العربية هو:
        رفع الصوت بالشعر مع التحسين والترقيق .

        فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يقول:
        اللهم لاعيش إلا عيش الآخرة *** فاغفر للأنصار والمهاجرة.
        وقال علي رضي الله عنه في خيبر:
        أنا الذي سمتني أمي حيدره *** كليث غابات كريه المنظرة
        اكيلهم بالسيف كيل السندره.

        وآخر يقول:
        أنا ابن الأكوع *** اليوم يوم الرضع.

        وعامر يقول:
        قد علمت خيبر أني عامر *** شاكي السلاح بطل مغامر.

        وعبدالله بن رواحة يقول:
        يانفس مالي أراك تكرهين الجنة *** أحلف بالله لتنزلن طائعة أو لتكرهن.
        نقلت من محاضرة الشيخ المنجد الأناشيد ضوابط ومحاذير، وقد استعان الشيخ بأدلة من السنة، وبكلام ابن القيم رحمه الله في كتاب السماع عن الألحان، وبفتاوي الشيخ ابن باز والألباني رحمهما الله.

        فجزاه الله خير الجزاء.

        وأخيراً:
        أذكركم بمراقبة الله وبأنكم محاسبين على وضع أي نشيد ومسؤولين عنه أمام الله سبحانه وتعالى.
        فاتقوا الله وتجنبوا الحرام.
        جنبكم الله الحرام ووفقكم لخير ما يحبه ويرضاه.
        نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعلمنا ماينفعنا…
        وينفعنا بما علمنا…
        ويزيدنا علماً…
        وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح…

        XXXXXXXXXXXXXXXXXXXX*

        حكم الأناشيد
        قال الألباني رحمه الله تعالى :
        كلمة في الأناشيد
        الإسلامية :
        هذا وقد بقي عندي كلمة أخيرة أختم بها هذه الرسالة النافعة إن شاء الله تعالى وهي حول ما يسمونه ب( الأناشيد
        الإسلامية أو الدينية ) فأقول : قد تبين من الفصل السابع ما يجوز التغني به من الشعر وما لا يجوز كما تبين مما قبله تحريم آلات الطرب كلها إلا الدف في العيد والعرس للنساء
        ومن هذا الفصل الأخير أنه لا يجوز التقرب إلى الله إلا بما شرع الله فكيف يجوز التقرب إليه بما حرم ؟ وأنه من أجل ذلك حرم العلماء الغناء الصوفي واشتد إنكارهم على مستحليه فإذا استحضر القارئ في باله هذه الأصول القوية تبين له بكل وضوح أنه لا فرق من حيث الحكم بين الغناء الصوفي والأناشيد الدينية .
        بل قد يكون في هذه آفة أخرى وهي أنها قد تلحن على ألحان الأغاني الماجنة وتوقع على القوانين الموسيقية الشرقية أو الغربية التي تطرب السامعين وترقصهم وتخرجهم عن طورهم فيكون المقصود هو اللحن والطرب وليس النشيد بالذات وهذه مخالفة جديدة وهي التشبه بالكفار والمجان .
        وقد ينتج من وراء ذلك مخالفة أخرى وهي التشبه بهم في إعراضهم عن القرآن وهجرهم إياه فيدخلون في عموم شكوى النبي صلى الله عليه وسلم من قومه كما في قوله تعالى : ( وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا ) .
        وإني لأذكر جيدا أنني لما كنت في دمشق – قبل هجرتي إلى هنا ( عمان ) بسنتين – أن بعض الشباب المسلم بدأ يتغنى ببعض الأناشيد السليمة المعنى قاصدا بذلك معارضة غناء الصوفية بمثل قصائد البوصيري وغيره وسجل ذلك في شريط فلم يلبث إلا قليلا حتى قرن معه الضرب على الدف ثم استعملوه في أول الأمر في حفلات الأعراس على أساس أن ( الدف ) جائز فيها ثم شاع الشريط واستنسخت منه نسخ وانتشر استعماله في كثير من البيوت وأخذوا يستمعون إليه ليلا نهارا بمناسبة وبغير مناسبة وصار ذلك سلواهم وهجيراهم وما ذلك إلا من غلبة الهوى والجهل بمكائد الشيطان فصرفهم عن الاهتمام بالقرآن وسماعه فضلا عن دراسته وصار عندهم مهجورا كما جاء في الآية الكريمة . قال الحافظ ابن كثير في " تفسيرها " ( 3 / 317 ) : " يقول تعالى مخبرا عن رسوله ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا ) وذلك أن المشركين كانوا لا يسمعون القرآن ولا يستمعونه كما قال تعالى : ( وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه ) الآية فكانوا إذا تلي عليهم القرآن أكثروا اللغط والكلام في غيره حتى لا يسمعوه فهذا من هجرانه وترك الإيمان به وترك تصديقه من هجرانه وترك تدبره وتفهمه من هجرانه وترك العمل به وامتثال أوامره واجتناب زواجره من هجرانه والعدول عنه إلى غيره من شعر أو قول أو غناء أو لهو أو كلام أو طريقة مأخوذة من غيره من هجرانه فنسأل الله الكريم المنان القادر على ما يشاء أن يخلصنا مما يسخطه ويستعملنا فيما يرضيه من حفظ كتابه وفهمه والقيام بمقتضاه آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يحبه ويرضاه إنه كريم وهاب " . وهذا آخر ما يسر الله تبارك وتعالى تبييضه من هذه الرسالة نفع الله بها عباده وذلك أصيل يوم الجمعة الثامن والعشرين من جمادى الآخرة سنة ( 1415 ه ) .
        و" سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك " .
        عمان 28 / 6 / 1415 ه محمد ناصر الدين الألباني

          جزاك الله خيرا

          جزاكِ الله خيراً وجعله في موازين حسناتك

          اللهم لاعيش إلا عيش الآخرة *** فاغفر للأنصار والمهاجرة

          بارك الله فيكى وجزاكى الله خيرا
          الونشريس

          أخلاقنا الإسلامية العظيمة المـــروءة والشهامة 2024

          بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله

          أحمد الله و أستعينه و أستغفره و ما توفيقى إلا بالله عليه توكلت و إليه أنيب .

          يقول الشاعر :

          إن المروءة ليس يدركها امرؤٌ ورث المكـارم عن أبٍ فأضاعها

          أمرته نفسٌ بالـدناءة و الخنا و نهته عن سُبُل العـلا فأطاعهـا

          فإذا أصاب من المكارم خُلَّةً يبني الكريمُ بهـا المكــارم باعها

          و يقول آخر :

          مررتُ على المروءةِ و هي تبـكي فقلتُ : عَلامَ تنتـحبُ الفتاة ؟

          فقالت : كيف لا أبـكي و أهلي جمـيعاً دون خَـلق الله مـاتوا

          المروءة و الشهامة من الخصال الأصيلة يوجد أغلبها فى الرجال و بعضها فى النساء .

          ذلك لأن المروءة فى بعض الأحيان تستلزم نوعاً من القوة و الشجاعة .

          و لكن ما هى نوعية أهل المروءة و الشهامة ؟؟ و كيف نعرفهم ؟؟

          إنها المروءة و الشهامة التى جعلت سعيد بن العاص رضى الله عنه يقول لأبنائه عندما كان يحتضر :

          " يا بَنِيَّ ، لا تفقدوا إخواني مني عندكم عين وجهي ، أَجْرُوا عليهم ما كنتُ أُجْرِي ،

          و اصنعوا بهم ما كنت أصنع ، و لا تُلْجِئُوهم للطلب ؛ فإن الرجل إذا طلب الحاجة اضطربت أركانه ،

          و ارتعدت فرائصه ، وَ كَلَّ لسانه ، و بدا الكلام في وجهه ، اكفوهم مئونة الطلب بالعطية قبل المسألة ؛

          فإني لا أجد لوجه الرجل يأتي يتقلقل على فراشه ذاكرًا موضعًا لحاجته فعدا بها عليكم

          لا أرى قضى حاجته عوضًا من بذل وجهه ،

          فبادروهم بقضاء حوائجهم قبل أن يسبقوكم إليها بالمسألة "

          فهل رأيتم مروءة كهذه بين البشر من هذا الصنف النادر بعد مروءات و شهامات الأنبياء و الرسل ؟؟

          تحضره الوفاة و يتذكر كرامة الإنسان المحتاج و قضاء حاجته قبل السؤال .

          يا الله يا لها من أخلاق كريمة .

          و قد كان الناس فى وقت ليس بالبعيد يتمتعوا بالمروءة و الشهامة

          فتجد الجار الذى يتصدى لأى أحد يضايق جارته فى الطريق و يحافظ عليها تماماً كأخته .

          و كنا نرى التطوع و المبادرة لمساعدة عابر الطريق و صاحب الحمل الثقيل .

          كنا نشاهد وقوف الصغير عند مرور الأكبر سناً إحتراماً و توقيراً و تأدباً .

          و لا أقول بأن هذه المظاهر إختفت تماماً و لكنها قلت كثيراً عن ذى قبل .

          و قد قيل أن المروءة كمال الرجولة و الشهامة كمال الإنسانية .

          و القصة التالية يرويها عن نفسه بن ميمون من أصحاب المروءات :

          حججت على أيام الخليفة العبّاسي هارون الرشيد فرأيت في الحجّ امرأة تبكي بكاءً مُرّاً ،

          فاقتربت منها ، فسمعتها تقول : أيا عمرو فيم تجنبتني سكبت دموعي و عذّبتني

          فلو كنت ياعمرو أخبرتني أخذت حذاري فما نلتني

          قال : فقلت لها : من عمرو هذا ياأمة الله ؟

          ففزعت عندما فوجئت بوجودي فقلت لها : لاتخافي ، إنّما أنا عبدٌ من عباد الله ،

          لعلّي أكون في حاجتك فمن عمرو ؟

          قالت : عمرو هذا هو زوجي ، و قد تبعني قبل الزواج ، و امتنعت عنه و احتال على الزواج منّي كلّ حيلة ،

          حتى شاء الله و تزوجته ، و لكنه هجرني .

          قلت : أهجرك لموجدةٍ أو نفور ؟

          قالت : لا والله ، بل لشدة حبّ .. فقد ضاق بنا العيش ، و أشفق عليّ .. فذهب يلتمس عملاً ،

          قد يكون فيه سعة لي وله ..

          قلت : و أين هو ؟ قالت: في ( جدّة ) يعمل في البحر .

          قلت : سأجمع بينكما إن شاء الله ، فصفيه لي ..

          قالت : لاتهزأ بي ياعبد الله ..

          قلت : إنّني فاعل إن شاء الله ، و لن يخيّب الله مسعاي ،

          قالت : هو أحسن من تراه ، طلقٌ محياه ، مليئةٌ بالحبِّ عيناه ، و ليس في القلب سواه .

          قال ابراهيم : ركبت و ذهبت إلى جدّة … و ناديت عند المكان الذي حددته ،

          ياعمرو .. ياعمرو.. فخرج إليّ رجل ما ارتبت لحظةً في أنه هو ..

          و لما اقترب منّي ، أنشدته ما سمعت من زوجته ..

          فعانقني و قال : إنما أنت رسولها ..

          قلتُ : نعم .. فهل تعود معي إليها ؟ ..

          قال : والله إنّ هذا لأحبُّ شيء إلى نفسي ، لكنّي أسعى إلى السعة ..

          قلت : كم يكفيك لمعاشك في العام ؟ قال : ثلاثمائة دينار..

          قلت : فهذه ثلاثة آلاف لعشر سنين ، فإذا نفدت أو أوشكت فأرسل إليّ بمن يحمل إليك غيرها..

          يقول الراوي : و أعدته إلى زوجته ، ولم يكن أحدٌ أسعد منهما بذلك إلاّ أنا .

          إن الحياة بدون مروءة و شهامة حياة ينقصها رونقها و بريقها الذى يضفى عليها البهجة و السعادة

          لأن الإنسان يسعد عندما تمتد إليه يد اخرى تساعده دون طلب و تعاونه دون من أو اذى .

          الحياة تحتاج اليوم قبل أى زمن مضى إلى مروءة حقيقية حيث كثرت الفتن و إنتشر القتل و الكذب .

          الحياة تحتاج إلى الشهامة لكى تكتمل المعانى الإنسانية السامية التى حث عليها ديننا العظيم

          و حتى قبل ظهور الإسلام .

          كما حدث فى عهد سيدنا موسى عليه السلام عندما غلبت عليه شهامته و مروءته

          و ساعد إبنتى سيدنا شعيب فى الحصول على الماء و لم ينتظر جزاءاً و لا أجراً .

          و لكن المكافأة جاءته بأن تزوج إحداهما .

          هيا بنا نعيد إلى الحياة أحلى ما فيها من أخلاق .

          تأدب غير مُتكِلٍ على حسبٍ و لا نسبِ

          فإن مروءة الرجل الشـريف بصالح الأدب

          أقوال فى المـــروءة و الشهامة :-

          من القرآن الكريم :-

          { وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا

          قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ

          فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ

          فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ }

          القصص 40

          من السنة المطهرة :-

          [ كان رسول الله صلى الله عليه و سلم

          أحسن الناس ، و أجود الناس ، و أشجع الناس ،

          قال : و قد فزع أهل المدينة ليلة ، سمعوا صوتا ،

          قال : فتلقاهم النبي صلى الله عليه و سلم على فرس لأبي طلحة عري ،

          و هو متلقد سيفه ، فقال :

          ( لم تراعوا لم تراعوا ) .

          ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :

          ( وجدته بحرا ) . يعني الفرس )

          الراوي : أنس بن مالك رضى الله تعالى عنه

          المحدث : البخاري

          المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم : 3040

          خلاصة حكم المحدث : صحيح

            مشكوووووووووووووووووووورة
            الونشريس

            الونشريس اقتباس الونشريس
            الونشريس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دموع الغضب الونشريس
            الونشريس
            مشكوووووووووووووووووووورة
            الونشريس
            الونشريس الونشريس

            العفوو