كانتْ مدينتي قاحلةٌ منْ الماْء والهوآءْ ، جميع الأوقاتْ في ساعتي
فقطْ الظلامْ والليلْ وإنكسار الوتينْ وجفافْ المياهْ العاطشَةَ ..!!
وحتىَ الأشجارُ كانتْ محرومةٌ منْ كلَّ شيءْ ، حَتَىَ أوراقها شحيحة العمر
بعدما باتتْ المدينةَ في عيني كشاشةٍ صفراءْ يكسوهاَ الموتْ والذبول
و حتىَ البلابل والطيورْ توارثتْ القسوةَ لكي تُهاجر دياري ..!
ولم يتبقى منهم سوى تلك النعامَةَ الغجريةَ التي تأكل ماتبقى من أزهاري
وذلك الخفاش العنجهي الذيِ يعثر خطواتِي نحوَ النورْ والحياةْ ، هو ورفيقتهْ !
تلك البومة الشمطاء التي لاتنامْ تسكنُ خشبةً فوق منزلي الآيل للسقوط
وكلماَ أكملتُ أشيائي المبهمة لأزرع الأمل في صدري تتجه عيني بعين تلك البومة
كلما أنظر إليها .. تبادلني بنظراتٍ منْ الدهشة وتغلبني حتى تسقط عيني
ويسقط معها ذلك الأملْ من صدري بعدما تشمر الشمس شعاعها عني
لتحرمني بصيصهاَ وتفرط بزرع الظلام في مدينتِي ، ربما أني لا أستحق شعاعها
إذ أني لم أتعلم بعد كيفية إحتواء الأمال والأحلامْ في فخار نبضيْ ،
كانتْ أوراقي صفراءْ كلماَ وددتُ أن أجعل جينات الربيع تتلصص نحوهاَ
كلما أسرعتْ بالتهشمْ شظايا فوق باطنْ كفي ليحترق القلب معهاَ ..!
والهواءْ .. ليتك تعلمين كيف كانت قصتي معْ الهواءْ !
عندما أقامْ إتفاقيتهُ الْمشينة مع نوافذي وقضبانِي أن يحرمَ رئتيِ ذراتهُ
ليصطدمَ على صدر نوافذي عنوةً و يعود مسرعاً لمنْ لايستحقهُ
لم أكنْ أعلم ياسيدتِي مفهومْ الوفاء قطْ إلا من تلكَ الآلة الخشبيةَ ( قيثارتي )
التي صنعتها ذاتْ خريفْ منْ شجرةٍ ميتَةَ خلفَ بيتِي ، وتلك الآلةَ الحنونْ
المُستخرجة من القصبْ الذي يحاوطَ منزليِ توفي من قحط الهواءْ وثقبته الرياح ليصبح ناياً
أشكي له وأفضفضَ ذاتَ ليلْ بمجملُ الألحانْ الباكيةَ ، فيفز اليل غاضباً
منْ إلحاحي باليأس والإيقاع الحزينْ المنهكَ ، فكنت لا أباليه ولا أكترث له
مممممم سَ أكمل عزفي ولنْ أبالي ، فمنذُ متى يهمني أمري
سَ أشعل لهيب سيجارتي وأركلُ قداحتي أمامي .. ممممم
كنتُ أمتلك وقتها قطةٍ عرجاءْ عورة العينْين !!
على رغم إشوهاها إلا وأنها كانتْ تهون قلبي الألم وتصبرني على وحدتي !
فبعد كل ذلكَ كيفَ لكِ أن تخطينَ لأرضي الفقيرَةَ وتسرقين ماتبقى منِي ؟
عندما إنتحر بابي المكتوم الأعرج !
بعدما إصطدم ضوئكِ على ضلعه الايسر !
وعندَ اللقاءْ في الحديقة المهجورةَ
وبرقتي قلبي المهجورْ وساقي المشروخ من الشوك
تَلَعْثَمَت الْحُرُوْف
وَاضْطَرَبَت الْكَلِمَات فِي خَافِقِي
وتَأرَجَحت النَبَضَات فِي جَوّفِي
نَوْعٌ مِن فِقْدَان الِاحْتِمَال انْتَابَنِي
سَلَبَنِي مَن بُطُوْن وَاقِعِي
تَأرجحتُ مابينَ العديدْ من الأسئلةَ التي تقول
أَحْبَبْتُهَا .. كَيْف .. وَمَتَى .؟
ف نُفِّذَت حَيْرَتَي فِي الْبَحْث عَن الْمَدَى .!
عَشِقْتُهَا .. لَم .. وَمَا الَّذِي جَرَى ..؟
ف هَطَلَت اسْتِفْهَامَاتِي قَتّالَة الْهَوَى ..!
هُوِيَّتِهَا ..!
حَتَّى مَا كِدْت أَسْمَع صَوْتَاسِوَى لِهَمِسِهَا صَدَى .!
يا أنتِ .. يَامَن يَخْتَزِن ظَلَالُها جَمِيْع مُفَاهَيْم الْمَفَاتِن
يَامَن تَرَبَّعْت عَلَى عَرْش قَلْبِي دُوْن ابْقَاء نَّصِيْب لِنَبْضِي
بِرَبِّك مِن أَي الْمَجَرَّات أَنْت .. !؟
حُصُوْنَك الْمَنْيُعَة الَّتِي اخْتَرَقْتِهَا حِيْن وُصَلْتِي لَأَسْوَار قَلْبِي
حَطَّمَت لِجَام صُمُوْدِي .. حَوَّلَتْنِي إِلَى رَجُل آَخَر
إِلَى بَقَايَا رُوْح تَنْبُض ب الْبَقَاء فَقَط !
وفي نفس تلك البرهةَ الثريةَ بألوان الربيع !
بدأتُ أسمعُ أموراً عجيبةَ في مدينتي الغجرية !
صافرةَ القطارْ التي تمنح لي أملاً قويّ
وصوتْ الأطفال حولي ينشدونَ بأناشيدْ الوفاءْ
وأجدَ السنابلَ حولي تنبتُ بطريقَةٍ مبهرةَ
لتتراقص للرياح التِي أعلنت الهجرةِ ذات يوم من أرضيْ
والجبال بدأت تبتسمَ لي لتمدَ من بينَ هضابها جبين الشمس المشرقْ
وتلك الطيور القاسيةَ إرتشفت مؤخراً مياه الحنانْ لتعود لي
1
. فأصبحت مبهمَ أهل عودتهم تمركزتْ عند قدوم هذه الانثى
أمْ أن القحطَ المستمر هو السببْ ، لمْ أطيل بتلك البرهة بالبحث عن إجابة
فأسرعت لها لأقول وأخبر تلك السارقةَ !
يا أنتِ يَا نَشْوَة الْأَمِيْرَات
كيف لك أن تسْتَحْوَذّي عَلَى مَا تَبَقَّى فَيَّ مِن مَشَاعِر
تِلْك الَّتِي أَضْنَاهَا الْبَقَاء فِي بَرَاثِن الْوَاقِع الْمَرِيْر
وكيف اسْرَتِي رُوْحِي فِي فَخ حُبَّك
و نَثَرَتْي فِي دَرَّوَّبَي لحَنّك وعَزفُك
عَلَى قِيْثَارَة رُوْحِي الْظَّامِئَة إِلَى الَمَزِيِد مِن عِشْقِك
مِن بَعْد حَبِّك أَحْبَبْت الْحَيَاة
أَحّبَبْت الْوُجُود لِأَنَّه مُشّرِق بِحُضُوْرِك فِي أَيَّامِي
يَا بصيص الأمل ويَاسُلَاَلةَ الْسَوسِنْ
فِي الْقَلْب مُتَفَجّرَات هَائِلَة أَوْرَثَهَا دَمَار حَبَّك فِي كِيَانِي
وَهَا أَنَا ذَا أَعْتَرِف لَك بِأَنَّك أَشْعَلْت حَرَّوْبَك الْأُنْثَوِيَّة مَعِي
وَكَان الْنَّصْر حَلِيْفَا لِكِلَيْنَا
بَيْد أَنَّنَا لازَلْنا فِي الْسَّاحَة نتَبارُز بِأَيِّنَا الْأَطْغَى حُبّا