الكسوف والخســـوف 2024

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

][الكسوف والخســـوف .. ظواهر فلكية][

ظواهر فلكية ومعالم كونية

الونشريس

الخسوف والكسوف ظاهرتان فلكيتان تحدثان وفقا لسنن الحركات الفلكية السماوية وبسبب المواقع النسبية للأجرام الرئيسية الثلاثة: الشمس والقمر والأرض إذ يخسف القمر عندما يحتجب كله أو جزء منه بوقوع ظل الأرض عليه التي تكون بينه وبين الشمس على استقامة واحدة فتحتجب الأرض ضوء الشمس عن القمر . ويسمى الاحتجاب الكلي " خسوفا كليا " Total Lunar Eclipse

الونشريس

أشكال الخسوف

وتكسف الشمس عندما يقع ظل القمر على الأرض إذ يكون القمر بين الأرض والشمس وتكون مراكز هذه الأجرام الثلاثة على خط مستقيم .ويمكن أن تحتجب الشمس خلف القمر كليا حينما تكون المسافة بين الأرض والقمر مناسبة لكي يغطي قرص القمر قرص الشمس كله ويسمى هذا كسوفا كليا Total Solar Eclipse .
أما إذا احتجب جزء من قرص الشمس خلف القمر فعندئذ يكون الكسوف كسوفا جزئيا Partial Solar Eclipse . والكسوف الجزئي على نوعين لا ثالث لهما :
الأول : هو احتجاب قرص الشمس بجزئه الأعظم خلف قرص القمر حتى لا يظهر من الشمس إلا حلقة مضيئة تتوسطها بقعة سوداء ويسمى هذا النوع " الكسوف الحلقي "Annual Eclipse

الونشريس

الكسوف الكلي

الونشريس

الكسوف الجزئـــــي

الونشريس

الكسوف الحلقي

أسباب الكسوف والخسوف وشروطها :

يدور القمر حول الأرض في مدار يميل بزاوية مقدارها 5 درجات على مستوى الدائرة الكسوفية ( مدار الأرض حول الشمس ) . مما يعني أن مدار القمر يقطع مستوى الدائرة الكسوفية كل شهر قمري مرتين في موضعين متقابلين على المدار يسميان العقدتان Nodes ويسمى الموضع الذي يتقاطع عنده مدار القمر وهو صاعد [العقد الصاعدة] Ascending Node والموضع الذي يتقاطع عنده مدار القمر وهو نازل [ العقدة النازلة] Descending Node .
ولو كان مدار القمر واقعا عند مستوى الدائرة الكسوفية نفسه لحصل خسوف منتصف كل شهر قمري حين يكون القمر بدرا ولحصل كسوف نهاية كل شهر قمري بالضرورة . إلا أن ميلان مدار القمر بخمس درجات يجعل ظله لا يسقط على سطح الأرض إلا حين يكون في العقدة الصاعدة أو العقدة النازلة أو قريبا منهما . وكذلك القول بشأن ظل الأرض فلا يسقط على القمر إلا حين يكون في هذه المواضع .

إن ظل القمر الواقع على الأرض يشكل مخروطا قاعدته هي قرص القمر ورأسه عند سطح الأرض . فإذا كانت المسافة بين القمر والأرض على أصغرها تقاطع ظل مخروط الظل مع سطح الأرض الكروي مشكلا بقعة مظلمة بيضوية الشكل يتناسب قطرها عكسيا مع بعد القمر عن الأرض . والراصد الواقف ضمن هذه المساحة البيضوية يرى الشمس منكسفة كسوف كلي وتتحرك هذه المساحة البيضوية المظلمة من الغرب إلى الشرق على مسار يسمى مسار الكسوف الكلي Path of Totality ويسرعة تتناسب مع محصلة سرعة دوران الأرض حول نفسها وسرعة دوران القمر حول الأرض وهذه المحصلة هي بحدود 2024 كيلو متر في الساعة.ولذلك تتغير مساحة الظل بحسب أوقات الكسوف فهي عادة تبدأ صغيرة ثم تكبر حتى تصل حدا أعظم تتقلص بعده بالتدريج حتى تتلاشى . إن هذا الوصف ينطبق على " الكسوف الكلي" .

أما بالنسبة لحالة "الكسوف الحلقي " فإنه يحصل عندما تكون مراكز الأجرام الثلاثة الشمس القمر والأرض عل خط مستقيم لكن المسافة بين الأرض والقمر هي بمقدار يجعل رأس مخروط ظل القمر لا يصل سطح الأرض لذلك يظهر احتجاب الشمس حلقيا ويسمى ذلك "كسوفا حلقيا" .
أما المناطق التي تقع في شبه الظل فإنها ترى الشمس منكسفة كسوفا جزئيا .. وتمتد منطقة شبه الظل لمسافات كبيرة تتقلص معها نسبة الكسوف .

الونشريس

الخسوف القمري

الونشريس

الكسوف الشمسي

حسابات الكسوف والخسوف :

إن الحسابات الدقيقة لمواقيت الخسوف والكسوف ومواضع رؤية الكسوف على الأرض هي في العادة حسابات صعبة تقتضي دراية رياضية على قدر عال من المعرفة في حسابات الميكانيك السماوي Celestial Machanics . إلا أن بإمكاننا تكوين معرفة عامة عن دورات الخسوف والكسوف وأوقات حصولهما . وهذا اللون من المعرفة هو ما كان البابليون والمصريون القدماء قد توصلوا إليه بالمراقبة المستمرة للسماء ورصد مواقع الشمس والقمر فيها .
إن مواضع العقدتين الصاعدة والنازلة غير ثابتة بل تتحرك على الدائرة الكسوفية باتجاه معاكس لاتجاه حركة الشمس وبمعدل 19 درجة لكل سنة شمسية بالتقريب . مما يعني أن العقدتين تعودان إلى الموقعين نفسيهما على الدائرة الكسوفية كل 18.6 سنة شمسية . ولما كانت الشمس متحركة على الدائرة الكسوفية باتجاه معاكس بمعدل درجة واحدة في اليوم فإن هذا مؤداه أن يحصل الاقتران بين الشمس والقمر وهو في واحدة من العقدتين في مدة أمدها
365 – 19 = 346 يوما وتسمى هذه الفترة السنة الكسوفية Eclipse Year وخلالها نتوقع حصول خسوفين للقمر على الأقل . ولربما ثلاث خسوف للقمر في سنة شمسية كاملة .
قلنا آنفا أن ظل القمر الواقع على سطح الأرض الكروي يشكل بقعة مظلمة بيضوية تعتمد مساحتها على المسافة بين الأرض و القمر فهذه المسافة متغيرة كما هو معلوم وفي حده الأعظم يبلغ قطر البقعة المظلمة 270 كيلو متر . ولما كانت سرعة حركة ظل القمر على الأرض تبلغ بحدود 2100 كيلو متر في الساعة[ أي 35كيلو متر في الدقيقة] فإن المسافة البالغة 270 كيلو متر تقطع خلال مدة 7.7 دقيقة فقط . ولهذا السبب بعينه لا تدوم فترة الكسوف الكلي أكثر من هذه المدة أبدا .

الظواهر الخاصة المرافقة لكسوف الشمس :

إن ظاهرة الكسوف الكلي للشمس تضع الراصد في حالة نفسية خاصة جدا . عندما تقترب اللحظة التي يغطي فيها القمر قرص الشمس المتوهج فيخيم الظلام سريعا على الأرض ويمكن للراصد الواقف على مكان مرتفع أن يشاهد شريط الظلام الزاحف نحوه من جهة الغرب ويستطيع أن يشاهد إن كان واقفا في أرض تشتمل على مجموعة من التلال كيف يغمر الظلام الوديان أولا ثم يرتفع سريعا ليغمر القمم حتى وكأنه طوفان عام صار يملأ الأمكنة . وعند لحظة الاحتجاب الكلي يرى الناظر إلى قرص الشمس " باستخدام مرشحات بصرية خاصة" " [[ حلقة ماسية ]] Diamond Ring تلمع في أحد أطرافها لفترة قصيرة جدا وحين يخيم الظلام على الأرض يرى ظلال الأشياء حادة بصورة غير اعتيادية وتصبح أشكال تلك الظلال غريبة ذات رهبة خاصة . وتظهر على الأرض خطوط متعرجة سببها مرور ضوء الشمس بين ثنايا تضاريس القمر ولو كان القمر كرة ملساء لما ظهرت هذه الخطوط وبعد احتجاب الشمس كليا تظهر "الهالة الشمسية" كبقعة رمادية/بنفسجية غير منتظمة تحيط بقرص الشمس.

الونشريس

الحلقة الماسية أو الخاتم الماسي …

الدورة الاقترانية للشمس والقمر :

لوحظ أن جملة من كسوف الشمس تتكرر على سطح الأرض كل 18 سنة شمسية و 11 يوما وثلث يوم . وهذا يعدل بالتقريب 19 سنة كسوفية إلا نصف يوم تقريبا . وسمى البابليون هذا (( دورة الساروس )) . ولذلك تتكرر حوادث الكسوف على خطوط العرض نفسها ولكن بفارق قدره 120 درجة على خطوط الطول . وهذا الفرق سببه فضل ثلث يوم ففيه تدور الأرض ثلث دورة . وبذلك يمكن القول أن حوادث الكسوف تتكرر على المواضع نفسها من الأرض كل 54 سنة بالتقريب .

حساب مواقيت الكسوف والخسوف :

كان القدماء منذ عصر البابليين الأوائل قد تمكنوا من معرفة أوقات حصول ظواهر الخسوف والكسوف بشكل تقريبي عن طريق حسابات الدور وكان هذا يعرف أيضا باسم القرانات وقد أوردت الجداول البابلية إشارات إلى توقعات لمواقيت الكسوف والخسوف في تقاويمهم الفلكية التي كانت تصدر قبلا لمدة عامين ( أو أكثر أحيانا ) مقدما . ولكنهم لم يكونوا يغرفوا ساعة حصول هذه الظواهر على وجه الدقة ( ولا مكان حصولهما بالنسبة لحوادث الكسوف) . لكننا الآن وبفضل علوم الميكانيك السماوي وتقدم التقنيات الحاسوبية أصبحنا قادرين بحمد الله على حساب أماكن ونوع الخسوف أو الكسوف المتوقع وحساب أبعاد مسار الكسوف الكلي والجزئي بدقة عالية تصل إلى بضعة أمتار وهذا ما يثبت عادة في التقاويم الفلكية الحديثة التي تصدرها الهيئات العالمية…

    لك جزيل الشكر غاليتي

    ينقل للمعرفة

    مشكورة

    يعطيك الصحة

    شكرا لك

    الكسوف وعدد ركعاته 2024

    الونشريس

    أحاديث الكسوف من روايات مسلم
    المبحث الأول : الحديث
    وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ عَطَاءً يَقُولُ سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ حَدَّثَنِى مَنْ أُصَدِّقُ – حَسِبْتُهُ يُرِيدُ عَائِشَةَ – أَنَّ الشَّمْسَ انْكَسَفَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - – فَقَامَ قِيَامًا شَدِيدًا يَقُومُ قَائِمًا ثُمَّ يَرْكَعُ ثُمَّ يَقُومُ ثُمَّ يَرْكَعُ ثُمَّ يَقُومُ ثُمَّ يَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ فِى ثَلاَثِ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ فَانْصَرَفَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ وَكَانَ إِذَا رَكَعَ قَالَ « اللَّهُ أَكْبَرُ ». ثُمَّ يَرْكَعُ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَالَ « سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ». فَقَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ « إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لاَ يَكْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ وَلَكِنَّهُمَا مِنْ آيَاتِ اللَّهِ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ فَإِذَا رَأَيْتُمْ كُسُوفًا فَاذْكُرُوا اللَّهَ حَتَّى يَنْجَلِيَا ».
    تخريج الحديث:
    أخرجه أحمد برقم (6/168), ورواه مسلم (2/620) رقم الحديث (901) وحديث رقم (2134 ), وأبو داود في سننه (1/457) رقم الحديث (1179), والنسائي في سننه (3/129), رقم الحديث (1470),وأيضا في (3/150) رقم الحديث (1479), وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه (3/99) رقم الحديث (4926).
    2135 – وَحَدَّثَنِى أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِىُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالاَ حَدَّثَنَا مُعَاذٌ – وَهُوَ ابْنُ هِشَامٍ – حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِى رَبَاحٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- صَلَّى سِتَّ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ.
    تخريجه :أخرجه مسلم (2/602) رقم الحديث (901), وابن أبي شيبة في مصنفه (2/486).
    2149 – حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حِينَ كَسَفَتِ الشَّمْسُ ثَمَانَ رَكَعَاتٍ فِى أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ. وَعَنْ عَلِىٍّ مِثْلُ ذَلِكَ.
    تخريجه : رواه مسلم (2/627) رقم الحديث (908), وابن أبي شيبة في مصنفه (2/467).

    2150 – وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ خَلاَّدٍ كِلاَهُمَا عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ – قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى – عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا حَبِيبٌ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ صَلَّى فِى كُسُوفٍ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ ثُمَّ سَجَدَ. قَالَ وَالأُخْرَى مِثْلُهَا.
    تخريجه :رواه أبو داود في سننه (1/459) رقم الحديث (1185), والنسائي في السنن الكبرى (2/335), وفي الصغرى (3/129) رقم الحديث (1468).
    درجة الأحاديث : كلها صحيحة .

    المبحث الثاني : المشكل في الحديث
    وردت أحاديث كثيرة في صفة الكسوف كلها صحيحة ثابتة ، ويقول العلماء أن النبي  لم يصل الكسوف إلا مرة واحدة ، بصفة واحدة ، فما سر هذا الاختلاف ؟ وكيف نجمع بين كل تلك الأحاديث المختلفة في الصفات ؟ هل يعقل أن تكون كلها خاطئة ؟

    المبحث الثالث : توضيح الإشكال
    قال الدكتور عبد الله المسند بتصرف :فقد اختلف الفقهاء في القديم والحديث حيال عدد وقائع الكسوف والخسوف التي حدثت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك عند مناقشة فقه صلاة الكسوف وعدد ركعاتها وتعدد الروايات المنقولة من رواة الحديث رضوان الله عليهم، والمسألة تتطلب تحقيقاً علمياً فلكياً للوقوف على عدد حوادث الكسوف والخسوف في تلك الفترة الغابرة، حيث قمت باستعراض النصوص المنقولة حول صفة صلاة الكسوف هذا من جهة، و بحساب حوادث الكسوف والخسوف في العهد المدني من هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة سنة622 م إلى وفاته  سنة 632م وتحليل إمكانية الرؤية مكانياً وزمانياً من جهة أخرى ومن ثم الترجيح بين الرأيين.
    ما عدد الكسوفات في العهد المدني؟
    ذهب جملة من علماء السلف رحمهم الله تعالى ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية وكذا الشيخ العلامة محمد بن عثيمين إلى أن صلاة الكسوف وقعت مرة واحدة فقط في عهد النبي  ولم تتكرر!. قال شيخ الإسلام في معرض حديثه عن مسألة عدد ركعات صلاة الكسوف (والصواب أنه لم يصلّ إلا بركوعين وأنه لم يصل الكسوف إلا مرة واحدة يوم مات إبراهيم )أ.هـ. وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: (إن النبي صلى الله عليه وسلم بقي في المدينة عشر سنوات لم تكسف في عهده الشمس ولا القمر إلا مرة واحدة) أ.هـ.
    ومن جهة أخرى سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن جبرين حفظه الله حول تعدد الروايات في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة الكسوف؟ فأجاب: غالب الروايات على أنه صلاها ركعتين؛ في كل ركعة ركوعان وسجدتان، هكذا في صحيح مسلم وغيره عن عائشة وأختها أسماء وابن عباس وعبدالله بن عمرو بن العاص وعبد الرحمن بن سمرة. وروى مسلم (صحيح مسلم3/29) وغيره أنه صلاها ركعتين؛ في كل ركعة ثلاثة ركوعات وسجدتان كما في حديث ابن عباس وعائشة وجابر وروى مسلم ( صحيح مسلم/3/43 )عن ابن عباس أنه صلاها ركعتين، في كل ركعة أربع ركعات وسجدتان، وروى علي مثل ذلك، وروى أبو داود (سنن أبي داود، ومعه كتاب معالم السنن للخطابي:1/699) أنه صلاها عشرة ركوعات وأربع سجدات مع أن أسانيدها صحيحة ثابتة معتمدة في كثير من الأبواب والأحكام أ.هـ.
    واستطرد فضيلته قائلاً: وقد ذهب بعض العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمية إلى تخطئة الروايات التي فيها الزيادة على ركوعين حيث انفرد بها مسلم عن البخاري، وعلل بأن الكسوف لم يقع إلا مرة واحدة يوم مات إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم … لكن نقول: إن تخطئة هؤلاء الرواة الثقات فتحٌ لباب الطعن في حديثهم … والأقرب أن يُحمل هذا الاختلاف على تعدد وقوع الكسوف والخسوف، فإن المعتاد وقوعهما في كل سنة مرة أو مراراً و من المستبعد أن لا يقع الكسوف و الخسوف في زمن النبوة عشر سنين سوى مرة واحدة … وعلى هذا فيجوز للإمام أن يصلي ثلاثة ركوعات أو أكثر في كل ركعة إذا علم أن مدة الكسوف سوف تطول… أ.هـ.
    قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى في تعليقه على المحلى : حقيقة أن الأحاديث التي وردت في وصف صلاة الكسوف مختلفة جداً وكثير منها صحيح الإسناد وللعلماء فيها مسلكان:
    المسلك الأول: الجمع بينهما بحملها على تعدد حصول الكسوف وصلاته في عهد النبي  وهو الذي ذهب إليه إسحاق ورجحه ابن رشد في بداية المجتهد (1/167))وابن حزم في المحلى.
    المسلك الثاني: الترجيح قال ابن حجر نقل صاحب الهدى عن الشافعي وأحمد والبخاري : أنهم كانوا يعدون الزيادة على الركوعين في كل ركعة غلطاً من بعض الرواة فإن أكثر طرق الحديث يمكن رد بعضها إلى بعض، ويجمعها أن ذلك كان يوم مات إبراهيم عليه السلام وإذا اتحدت القصة تعين الأخذ بالراجح أ.هـ.
    قال الشيخ العلامة أحمد شاكر: ولقد حاولت كثيراً أن أجد من العلماء بالفلك من يظهر لنا رؤيتها بها ممكنة وطلبت ذلك من بعضهم مراراً فلم أوفق إلى ذلك … فإذا عرف بالحساب عدد كسوفات في هذه المدة أمكن التحقيق من صحة أحد المسلكين: إما حمل الروايات على تعدد الوقائع، وإما ترجيح الرواية التي فيها ركوعان في كل ركعة) أ.هـ.
    يقول الدكتور عبد الله المسند : وهذا الاختلاف بين الفقهاء حول عدد وقائع الكسوف والخسوف التي حدثت في زمن النبي محمد  هل هي واحدة أم متعددة؟ وكذا دعوة الشيخ أحمد شاكر السالفة دفعتني إلى أن استعين بالله تعالى وابحث في تلك الفترة الزمنية والتي تمثل العهد المدني والممتدة عبر عشر سنوات هجرية تقريباً بدأً من يوم هجرته  يوم الاثنين 8 ربيع أول سنة 1هـ الموافق 20 سبتمبر 622م حتى وفاته  يوم الاثنين 13 ربيع أول سنة 11هـ الموافق 8 يونيو 632م، وذلك لأجيب على سؤال طالما تردد في أوساط الفقهاء .
    وعن مدى إمكانية البحث قبل أكثر من 1400 سنة فليس ذلك غريباً أو مستحيلاً قال شيخ الإسلام رحمه الله )ولهذا يمكن المعرفة بما مضى من الكسوف وما يستقبل كما يمكن المعرفة بما مضى من الأهلة وما يستقبل؛ إذ كل ذلك بحسبان، كما قال تعالى: ﴿جعل الليل سكناً والشمس والقمر حسباناً﴾ وقال تعالى: ﴿والشمس والقمر بحسبان﴾( أ.هـ.
    وحيث إن الفترة الزمنية المطلوب الكشف عنها قديمة جداً فقد تم الاعتماد على أكثر من برنامج فلكي متطور ومقارنة النتائج للوصول لأعلى دقة مستهدفة وجاءت النتائج على النحو التالي جدول رقم ( 1 )
    الونشريس

    إن تحليل معطيات الجدول السابق يسمح باستنتاج الملاحظات الآتية:
    1- أن عدد الكسوفات التي وقعت في العهد المدني(9) كسوفات، بينما بلغ عدد الخسوفات (14) خسوفاً ومجموع الحوادث (23) حادثاً.
    2- أن جميع الكسوفات التسعة جزئية وليست كلية، بينما الخسوفات منها الكلي ومنها الجزئي.
    3- نتائج الحساب الفلكي كدليل علمي تتفق مع نتائج النقل كدليل شرعي وذلك في شأن الكسوف الأخير الذي وقع يوم وفاة إبراهيم رضي الله عنه(27/ 1/632م) وهذا مؤشر صريح ومطمئن لدقة وصحة الحسابات الفلكية المتعلقة بحوادث الكسوف والخسوف، ومؤشر أيضاً إلى سلامة مذهب علماء الهيئة في شأن نظام جريان الأجرام الثلاث (الأرض، القمر، الشمس)
    4- الكسوفات التسعة الواقعة في العهد المدني لا يعني بالضرورة أنه قد تمت مشاهدتها كلها في المدينة المنورة بل بعضها وقع بعد غروب الشمس على المدينة أو قبل شروقها وبالتالي لم ير النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة رضوان الله عليهم الحدث، وهذه الملاحظة تنسحب أيضاً على حوادث الخسوفات فليس كل خسوف ورد في الجدول ممكن مشاهدته في المدينة، ولأهمية هذه النقطة سوف نحلل فقط الحوادث الواردة في الجدول السابق والتي ربما تشاهد في أفق
    الونشريس

    في سنة 632م.. في 27يناير الموافق 29شوال من السنة العاشرة بعد الهجرة وفي يوم وفاة إبراهيم ابن نبينا محمد  وقع كسوف للشمس شاهده النبي والصحابة رضوان الله عليهم وما لبثوا أن فزعوا لصلاة الكسوف حتى انجلى الكسوف، ودونكم تفصيل ما حدث بالنسبة للشمس والقمر في ذلك اليوم المشهود. (انظر جدول رقم 2
    وكان شروق القمر في المدينة المنورة ذلك اليوم حوالي الساعة السابعة وأربع دقائق يلي ذلك شروق الشمس وذلك عند الساعة السابعة وسبع دقائق وبعد مضي إحدى وثمانين دقيقة من شروق الشمس بدأ الكسوف من الجهة الجنوبية العلوية (الغربية) من الشمس حتى حجب جرم القمر ما نسبته 75% تقريباً من قرص الشمس وذلك في تمام الساعة العاشرة وثلاث دقائق، فأصبحت الشمس على هيئة هلال ، وانتقلت المدينة في دقائق معدودة من وضح النهار إلى ما يشبه الفجر الأمر الذي بعث في نفوس الصحابة رضي الله عنهم الذعر والوجل والخوف، وانخفضت درجة الحرارة فازداد الجو برودة سيما وأن الحدث وقع في أبرد الشهور (يناير) واستمر الكسوف حتى الساعة 11.39أي قبل أذان الظهر بساعة، واستغرقت فترة الكسوف ثلاث ساعات واثنتي عشرة دقيقة، هذا ما جادت به المعطيات الحسابية الفلكية لذلك الحدث والله اعلم.
    وأخيراً وبعد استعراض مفصل لحوادث الكسوف والخسوف الواقعة في العهد المدني نجد أن الحوادث على ثلاثة أنواع أولاً: حوادث وقعت في العهد المدني ولم تُشاهد في المدينة بل في بقاع أخرى من البسيطة. ثانياً: حوادث وقعت في العهد المدني واحتمال مشاهدتها في المدينة احتمال ضعيف بسبب عوامل ومتغيرات طبيعية بسطها في محلها. ثالثاً: خسوفان وكسوف واحد مرجحه أن تكون قد شوهدت مع الخسوف الأخير وبالتالي يكون عددها أربع حوادث وهذا يتفق مع عدد صور صلاة الكسوف الواردة في الأحاديث الصحيحة )ركوعان، وثلاث ركوعات، وأربع ركوعات، وخمس ركوعات(والله أعلم.
    وقال ابن حزم : وإن شاء صلى في كسوف الشمس خاصة ركعتين ، في كل ركعة ثلاث ركعات ، وإن شاء صلى في كسوف الشمس خاصة ركعتين ، في كل ركعة أربع ركعات ، وإن شاء صلى في كسوف الشمس خاصة ركعتين ، في كل ركعة خمس ركعات قال أبو محمد : كل هذا في غاية الصحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعمن عمل به من صاحبٍ أو تابع … لا يحل الاقتصار على بعض هذه الآثار دون بعض ؛ لأنها كلها سنن ، ولا يحل النهي عن شيء من السنن " . باختصار وتصرف .
    ثم قال ابن حزم رحمه الله : " فإن قيل: كيف تكون هذه الأعمال صحاحا كلها وإنما صلاها عليه السلام مرة واحدة إذ مات إبراهيم ؟ قلنا : هذا هو الكذب والقول بالجهل ، حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أنا عبدة بن عبد الرحيم أنا سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن عمرة عن عائشة : ( أن رسول الله –  – صلى في كسوفٍ في صُفُّة زمزم أربع ركعات وأربع سجدات ) (1) . فهذه صلاة كسوف كانت بمكة سوى التي كانت بالمدينة ، وما رووا قط عن أحد أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لم يصل الكسوف إلا مرة . وكسوف الشمس يكون متواترا ، بين كل كسوفين خمسة أشهر قمرية ، فأي نكرة في أن يصلي عليه السلام فيه عشرات من المرات في نبوته ؟ " .
    المبحث الرابع : مجمل القول
    مما سلف أعتقد أن صلاة الكسوف أديت أربع مرات وعلى أربع صور في العهد المدني وذلك لتكرر الحوادث، وهذا المسلك ينسجم مع حقيقة دورة الكسوف والخسوف الطبيعية، وأيضاً الجمع بين الروايات أسلم من رد الأحاديث الصحيح وتخطئة بعض الرواة سيما أن في المسألة سعة لحمل الروايات على تعدد الوقائع، لذا يجوز للإمام أن يصلي صلاة الكسوف ركوعين في كل ركعة ركوعان، أو ثلاثة، أو أربعة، أو خمسة كما ثبت في الأحاديث الصحيحة والله أعلم.

    الونشريس

      الونشريس

      الونشريس

      منورين ياقمرات

      إذا كان الكسوف ظاهرة طبيعية فلماذا نفزع ونصلي ؟ 2024

      الونشريس

      الحمد لله وحده
      وبعد .. فإنه لما كسفت الشمس على عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام أمر مناديا ينادي ، الصلاة جامعة . فصلى بالناس ثم خطبهم ، وبين لهم حكمة الكسوف وأبطل اعتقادات الجاهلية ، وبين لهم ما ينبغي لهم أن يفعلوه من الصلاة ، والدعاء ، والصدقة ، قال عليه الصلاة والسلام : " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله ، لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته ، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا ، وصلوا ، وتصدقوا " . ومعنى ذلك أن المسلمين لا يعرفون موعداً للكسوف ، لكن متى حدث سارعوا إلى ما شرع الله لهم من الصلاة وغيرها.

      وكانوا عند حدوث الكسوف يخافون أن يكون منذرا بنزول بلاء ، فيلجأون إلى الله بالدعاء أن يصرف عنهم ما يحذرون . ولما انتـشر في الأعصار المتأخرة علم الهيئة وحساب سير الشمس والقمر ، وعُلم أن المختصين بذلك قد يدركون وقت الكسوف . بيّن العلماء أن العلم بذلك لا يغير الحكم ، وأن على المسلمين أن يفعلوا ما أمروا به عند حدوث الكسوف ولو كانوا قد علموا بذلك من قبل . ولكن لا يشرع الاهتمام برصد مواعيد الكسوف ، فإن ذلك مما لم يأمرنا به الله ورسوله ، كما بين العلماء أن الكسوف قد يكون علامة أو سببا لحدوث شر يتضرر به العباد . وقول السائل أن الكسوف لايسبب أذى ، قولٌ بغيرعلم ، واعتراض على شرع الله ، وليس بلازم أن يعلم الناس بما يحدثه الله عند الكسوف ، وقد يعلم بذلك بعض الناس دون بعض ، وقد يدفع الله بصلاة المسلمين ودعائهم عن العباد من الشرور ما لا يعلمه إلا الله . فالواجب على المسلم التسليم لحكم الله والعمل بشرعه ، والإيمان لحكمته ، فإنه العليم الحكيم سبحانه وتعالى .

      أملاه فضيلة الشيخ عبد الرحمن البراك .

      وكسوف الشمس وخسوف القمر آيتان من آيات الله يخوف الله بهماعباده ويذكّرهم بعض ما يكون يوم القيامة إذا الشمس كوّرت وإذا النجوم انكدرت وإذا برق البصر وخسف القمر وجُمع الشمس والقمر وهذا وجه التخويف وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم من شدة خشيته لله قد خرج فزعا يظنّ الساعة قد قامت لما كسفت الشمس في عهده وهذا من قوّة استحضاره لقيام الساعة وشفقته منها وأمّا نحن فقد أصابتنا الغفلة حتى لم يعد أكثر الناس يرون فيها إلا مجرّد ظاهة طبيعية يعمدون فيها إلى لبس النظّارات وحمل الكاميرات والاقتصار على التفسير العلمي الدنيوي لها دون أن يدركوا ما وراء ذلك من التذكير بالآخرة وهذا من علامات قسوة القلب وقلة الاهتمام بأمر الآخرة وضعف الخشية من قيام الساعة والجهل بمقاصد الشّريعة وما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من الفزع عند حدوث الكسوف والخسوف ، وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يقومون لصلاة الكسوف والخسوف وفي أنفسهم أنها لو كانت لقيام الساعة لم يكونوا بصلاتهم غافلين وإن كان الكسوف والخسوف ليس لأنّ القيامة قد قامت فلم يخسروا بصلاتهم وإنما غنموا أجرا كبيرا نسأل الله أن يجعلنا ممن يخشونه وهم من الساعة مشفقون وصلى الله على نبينا محمد .

        الونشريس

        شكرا لك ونسأل الله العفو والعافية

        بارك الله فيكي