تُعَد مهمة الاكتشاف المبكر للطفل المعوق عقليًا من المهام الصعبة التي تؤثر تأثيرًا مباشرًا في حجم وكيفية الخدمات التي تقدَّم لهذه الفئة من الأطفال.
فالحقيقة التي يعرفها المتخصصون هي أن أطباء الأطفال، والممرضات المؤهلات غالبًا ما لا يعرفون العلامات المميزة للطفل المعاق عقليًا حديث الولادة، ويترتب على ذلك أن يظل الطفل على ما هو عليه من إعاقة فترة طويلة، قد تمتد حتى دخول المدرسة، وبدء تعرضه لصعوبات التعليم. وهنا نكون قد وصلنا إلى مرحلة متأخرة من التدخل، وتكون الجهود المختلفة أقل فعالية، بالإضافة إلى ضياع الكثير من الفرص على الطفل، وهي فرص كان يمكن أن تكون مؤثرة في تقدمه وقدرته على التعليم الاجتماعي والاستقلال الشخصي.
* معنى الإعاقة العقلية:
ولعله من الضروري أن نعرف أولًا ما هو المقصود بالإعاقة العقلية، حتى نتمكن من اكتشافها في وقت مبكر.
يُقصد بالاعاقه العقليه أو التخلف العقلي –كما يعرف اصطلاحًا- أن الطفل أقل ذكاءًا عن متوسط ذكاء المجتمع بقدر جوهري، بالإضافة إلى وجود آفات في سلوكه التوافقي.
والسلوك التوافقى هنا هو جوهر النقطة التي سنهتم بها. فالطفل يبدأ حياته منذ ميلاده في الإرتقاء النفسي والبدني والعقلي والإجتماعي. وقد لا نلاحظ بسهولة الارتقاء البدني والعقلي، ولكننا نلاحظ الأرتقاء البدني والاجتماعي. من ذلك أن الطفل في شهر معين من عمره يتوقع منه أن يتابع أمه بعينه، ويتعرف عليها دون سائر الأشخاص الآخرين، كما أنه يبكي إذا تركته بمفرده أو إذا كان في حاجة لها. فإذا لم يفعل هذا فمعنى ذلك أن هناك شيئًا ما يستحق أن تتوقف لديه الأم وتلاحظه.
* أعراض الإعاقة:
إن مراحل الآرتقاء التي يمر بها الإنسان تتقدم وفق نظام معين، والتأخر في الإرتقاء وفق هذا النظام أو البرنامج الزمني يعني أن هناك تخلفًا، وغالبًا ما يكون تخلفًا عقليًا.(منقول من موقع كنيسة الأنبا تكلا Saint Takla Haymanot Coptic Orthodox Site – Alexandria, Egypt)
من ذلك أن الطفل الذي لا يبكي، ولا يميل على جانبه، والذي تعتقد أمه أنه طفل لا يثير المشاكل ولا يعطلها عن عملها، وأنه مثال للطفل الهادئ والمثالي الذي يقضي طوال النهار ساكنا؛ إنما هو طفل متخلف في حقيقة الأمر! ويتطلب الموقف سرعة عرضه على أخصائي يمكن أن يشير عليها بما يجب أن تفعله.
إن التأخر في الكلام، أو عدم اللعب مع الأطفال الآخرين في نفس العمر، أو القيام بحركات غير مألوفة، أو عدم القدرة على التعبير العاطفي مع الأب والأم، أو الإهتمام بالأشياء دون الناس.. كل ذلك يمكن أن يشير في فترة مبكرة إلى تخلف عقلي يتعيَّن التدخل السريع لتفادي آثاره التي تتراكم بعد ذلك بصورة تؤثر في برامج التنمية والتدريب والتأهيل لمثل هؤلاء الأطفال.
فئة أخرى من الأطفال المتخلفين عقليا يمكن اكتشافه افرادها بسهوله، وهم فئة الأطفال المنغوليين، أو كما يطلق عليهم إصطلاحًا الأطفال ذوي زملة دوان. ويتسم هؤلاء الأطفال ببعض الخصائص البدنية الواضحة منذ ميلادهم، ومن هذه الخصائص الشعر الناعم غالبًا، والعيون المسحوبة التي تشبه عيون الصينيين أو اليابانيين، والأيدي الصغيرة الممتلئة، والأصابع القصيرة، والتي يحدث أحيانًا أن يكون خنصرها مكونًا من عقدتين لا ثلاثة كالطفل العادي، واللسان الكبير الذي غالبًا ما يتدلى من الفم، ومثل هؤلاء الأطفال يكون الغالبية العظمى منهم متخلفين عقليًا، ويرجع تخلفهم إلى اضطراب كروموزومي في الكروموزوم الحادي والعشرين. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). غير أن أغلب هؤلاء الأطفال –إذا لم يكن تخلفهم شديدًا- فمن الممكن استمرارهم في التعليم النظامي حتى السنة السادسة الإبتدائية تقريبًا.
* ضرورة الإكتشاف المبكر:
هناك بعض حالات التخلف العقلي التي تنتج بعد الميلاد لأسباب اجتماعية، أهمها الفقر الثقافي للوالدين، والبيئة غير المواتية التي لا توفر تنبيهات مناسبة تنمي من قدرات الطفل ومهاراته. ومثل هذه الحالات لا يسهل اكتشافها بسهولة نتيجة لكون الأسرة نفسها غير واعية بمعالم الارتقاء السوي، أو لأن الأبوين أنفسهما يعانيان من بعض التأخر في المهارات والقدرات العقلية المناسبة لهما.
إن مهمة الأكتشاف المبكر للتخلف العقلي لا تبدأ في الواقع من بداية الميلاد، بل من الممكن أن تبدأ من بداية الحمل أو مرحلة إخصاب البويضة، ذلك أن عملية اندماج الكروموزومات الذكرية والأنثوية يمكن أن يشوبها الكثير من المشكلات، فإذا حدثت في مرحلة الحمل، وهنا يكون للأبوين فرصة في اتخاذ القرار المناسب سواء كانت لديهم الرغبة في استمرار الحمل وتوقع طفل متخلف أو التخلص من الجنين في مراحله الأولى.
ومن الضروري عند هذه النقطة أن نذكر حقيقة هامة وهي أنه قد لا تكون الأم هي المسئولة عن إنجاب الطفل المتخلف، وقد لا يكون الأب أيضًا هو المسئول، فحتى المرحلة الحالية من التقدم العلمي الكبير، لم نتمكن من معرفة الأسباب التي تؤدي إلى إنجاب طفل متخلف عقليًا.
إن الخطوة الأولى لإكتشاف إحتمال إنجاب طفل متخلف عقليا تبدأ قبل الزواج، وتبدأ بضرورة قيام الشباب المقبلين على الزواج بمجموعة من الفحوص الطبية التي توضح إحتمال إنجاب طفل معاق عقليًا.
ويجب على الأم أن تلاحظ أن هناك مجموعة أخرى من العوامل التي تؤدي إلى إنجاب طفل متخلف عقليًا، منها إصابة الأم بالحصبة الألمانية أثناء الحمل، أو تعرض الطفل أثناء الولادة للإختناق ونقص الأكسجين، أو إستخدام الجفت في إخراج الطفل من الرحم وإصابته في رأسه، أو تعرضه للإصابة بمرض الصفراء بعد الولادة مباشرة، أو تعرضه لإرتفاع حاد في درجة حرارته لأي سبب لفترة طويلة تؤثر في خلايا المخ.
وعند حدوث أي من هذه الأسباب فمن الضروري استشارة الطبيب المختص حتى يمكن اتخاذ الإجراء المناسب في مقل هذه الحالات.
إن مشكلة وجود طفل معاق في الأسرة من المشكلات الهامة، والتفكير في الحد من الإعاقة من خلال الإكتشاف المبكر للإعاقة العقلية يُعَد هدفًا جوهريًا يسعى إليه كل العاملين في المجال وكذلك الآباء والأمهات
قد تتعامل الأسرة مع أبنائها من ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال ثلاثة أساليب:
الأسلوب الأول:
التركيز العاطفي الذي يمثل الحماية الزائدة.
الأسلوب الثاني:
تقبل الابن المعوق اضطراريا أم إراديا والارتقاء به.
الأسلوب الثالث: أسلوب تجنب الأبناء ورفضهم بدرجة تؤثر على الطفل، وذلك بالتنكر للحاجات الفسيولوجية وتخليهم عنهم. مثل هذه الأسر تحتاج إلى البرامج الإرشادية التي تعدل اتجاهاتهم السلبية وتدريبهم على كيفية التعامل مع طفلهم المعوق ورعايته وتربيته، وإذا كان لدى أولياء الأمور بعض الآمال غير الواقعية فلا بد من مساعدتهم على إدراك الحلول الواقعية.
وتضيف د. هانم أن على الأسرة كي تصل بطفلها – ذي الاحتياجات الخاصة – إلى النجاح:
1. أن يتقلبوا أنفسهم كآباء لأبناء معوقين بدون الشعور بالإثم والتقليل من قيمة أنفسهم، وتقبل هذا الابن.
2. فهم درجة إعاقته واحتياجاته والأضرار المصاحبة للإعاقة.
3. مواءمة طموحهم تبعًا لقدرات طفلهم، وإعداده للمستقبل بتأهيله مهنيًا أو تعليميًا حتى تستمر حياته بنجاح بعد وفاة والديه.
4. أن تسعى لتوفير خدمات تعينها في تربية ابنها، كالرعاية الصحية، والعلاج الطبيعي، وخدمات التخاطب، وأجهزة تعويض الحركة، والخدمات التعليمية، وخدمات التأهيل المهني والخدمات التعليمية؛ فمن حقه أن يتعلم ويحصل على وظيفة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحديث عن المشاكل النفسية للطفل المعوق (حركيا ) سوف يتناول ثلاثة عناصر:
1- معنى الإعاقة ومعنى الحركة.
2- تصحيح بعض المفاهيم الشائعة حول مشاكل المعوقين من الناحية النفسية.
3- مالا ينبغي ، وما ينبغى من المجتمع ، بمختلف خلقاته تجاه هؤلاء المعوقين.
أولا: معنى الإعاقة ومعنى الحركة.
1- معنى الإعاقة:
ان الإعاقة بمعناها الأشمل هى الحيلولة دون اطلاق قدرات الإنسان إما لنقص أصاب هذه القدرات ، أو للعجز عن تنميتها إلى المدى المناسب ، أو للإفتقار إلى مجال عملها بالدرجة الكافية.
فاذا طبقنا هذا المفهوم الشامل على قدرات الإنسان المعاصر لوجدنا أن الإعاقة البشرية عامة أكبر من تصور ، فالمخ البشرى مثلا لا يعمل منه سوى عشرة بالمائة من حجم المستتبات العصبية فى آن ، وهو قادر أن يضاعف هذه النسبة أضعافا كثيرة فى مجالات الابداع والخلق.
فمجالنا هذا المحدود ( الطفل المعاق حركيا ) ينبغى أن يكون تذكرة بمجالات أخرى للإعاقة أخطر وأخفى.
2- معنى الحركة:
فاذا انتقلنا إلى معنى الحركة ، فلابد أن نتذكر أننا نركز هنا على الحركة العضلية المرتبطة بتطور قدرة الإنسان ( الطفل ) فى اكتسابه الوضع واقفا ( على قدميه ) ثم المهارة اليدوية والإصبعية بوجه خاص.
فالحركة من هذا المنطلق هى وسيلة:
أولا: لإخراج الطاقة.
ثانيا: تنمية القدرة.
ثالثا: ممارسة الإرادة.
رابعا: توسيع المجالات.
فاذا ما حرم الطفل من كل هذا:
فإنه سرعان ما يتحور ليحقق حركة أخرى من خلال قدرته التعويضية الرائعة وذلك فى مجالى الفكر والخيال بخاصة ، وهنا ينتقل معنى الحركة إلى ما تفيده الحركة العقلية بمعنى اطلاق القدرات الذهنية فى مجالى الخيال والإبداع بالذات.
ونخلص من هذا إلى أن:
مفهوم الحركة بمعنى التغيير والتجديد والإبداع هو المفهوم اللائق بوعى الإنسان المعاصر ، فالقرد والغزال أقدر على الحركة من الإنسان ، وعلى ذلك فان فخر الإنسان الأسمى هو بحركة عقله واتساع مجال وعيه ، وخاصة بعد أن سيطر على وسائل حركته بتوفقه التكنولوجى عابر القارات باعابر السماوات.
فاذا ما اتسع معنى الحركة فى وعينا هذا الاتساع ، فان بكاءنا على العجز العضلى لابد وأن يتضاءل مع النظر إلى المفهوم الأوسع للحركة التطورية ، والحركة العقلية ، والحركة الابداعية.
ثانيا: تصحيح بعض المفاهيم الشائعة حول الأطفال المعوقين.
1- إن كثيرا مما يسمى مشاكل الطفل المعوق نابع من خيالنا أو اسقاطتنا ، وهذا بدوره نابع من جهلنا أو حيلنا النفسية ( ميكانزماتنا ) ، حيث أننا نتصور هذه المشاكل أكثر مما نختبرها ، ونسقطها عليه أكثر مما نستقبلها منه ، فالطفل بقدرته التكيفية الطبيعية يمكن أن ينسى اعاقته ويتخطاها ، ونحن نذكره بها ونعوقه بها إما من فرط حنو غير ضرورى ، أو فرط إهمال غير انساني.
2- إن نسبة المضاعفات النفسية لا تتناسب بالضرورة مع نسبة الإعاقة الجسدية ، بل لعل العكس هو الصحيح فى بعض الحالات ، أى أنه قد يوجد هناك تناسب عكسى بين نسبة الإعاقة وبين مضاعفاتها النفسية وأقسى أنواع الإضطرابات النفسية من نوع القلق التشككي ، أوهام الإشارة ينتج من الإصابات الطفيفة والعجز الذى لا يعرفه الا صاحبه ، وهو إذ يحاول إخفاءها طول الوقت مركزا عليها وعى اختبار ما اذا كان الغير قد عرفها من عدمه ، وبالتالى يركز على ذاته وعلى استقبال الآخرين له ، أى بفعل ذلك يحدث الإضطراب النفسى سالف الذكر.
ومن هنا تأتى التوصية بالوقاية النفسية بالإهتمام بهذه الإصابات الطفيفة أكثر فأكثر توقيا لهذه المضاعفات النفسية.
3- ان صورة الجسم وتكوين الذات الجسمية تتعرضان لإهتزازات عند الطفل المعوق ، وخاصة فى سن مبكرة مما يتطلب نموا تعويضيا للذات النفسية.
وهنا تنقلب الصورة عند المعوق ، ففى حين يكون الجسم إطارا للنفس فى الإنسان العادى تكون النفس اطارا محتويا للجسم عند المعوق ، الأمر الذى يؤكد ضرورة اعتبارا خاص لنمو الذات النفسية من خلال تنمية العلاقة بالعالم الخارجي ، وبالواقع الآخر.
4- إن مشاكل الطفل المعوق فى التعليم والبيت أكثر من أن تحصى فى هذه العجالة ، ولكن ينبغى ألا نبالغ فى تصور شعوره بالنقص وحاجته إلى الاعتبار الخاص - كما سيلى – قد يعجزه أكثر من عجزه ، فاحترام عجزه ينبغى أن يسير جنبًا إلى جنب مع احترام قدرته ، لا قدرتنا فقط ، على الإنتصار على هذا العجز.
5- لعل من أكبر مشاكل الطفل العاجز هو أن تستعمله الأسرة مشجبا تعلق عليها فشلها وتعاستها ، فتعطى كل فرص البهجة ومشاركة الحياة والإسهام فيها واثراءها تحت ما هو عنوان المبالغة الخاصة فى الإعتبارات المتعلقة باحتياجات طفلها العاجز وظروفه.
ثالثا: ما لا ينبغى وما ينبغى.
ان حجم مشكلة الطفل العاجز تتوقف على موقفنا منه.
وهذا يتطلب الإنتباه إلى محاذير قد تدفعنا إليها:
1- حسن النية.
2- تركيبنا النفسى الخفي.
3- قلة المعلومات المتاحة موضوعيا حول هذه القضية.
وسوف أبدأ بما لا ينبغى حتى نستنتج تلقائيا ما ينبغى:
أولا: ما لا ينبغي.
1- فرط التركيز على الطفل المعاق:
فهو قادر على أن ينسى عجزه ، فلنساعده فى ذلك ، لا بأن ننساه هو شخصيا ، ولكن بأن نتناول عجزه بحجمه ، فالطفل كيان بشرى كامل يستعمل عضلاته وهو ليس دمية فقدت " زنبركها " ، مع التذكرة بأن فرط الإهتمام الدرامى قد يحمل أحيانا من المعانى ما سبق الإشاره إليه وهو احتمال استعماله كمشجب نعلق عليه فشلنا وتعاستنا وهروبنا من مواجهة الحياة والاسهام فيها ، كما لا ينبغى أن نسقط على مثل هذا الطفل داخلنا العاجز ، وكأنه رمز خارجى لعجزنا نحن عن الابداع ، أو كأن شلله الحركى هو المسقط لشللنا التطورى الأمر الذى يعطله ويعطلنا فى آن واحد.
2- أن نعزل مثل هذا الطفل عن المجتمع:
تحت أى دعوى من الدعاوى ما كان إلى ذلك سبيل ، ولنثق فى قدرته وقدرة المجتمع التلقائية على هذا التعامل مع العجز وقبوله والتكيف له ، ولنتذكر أطفالا يلعبون الكرة مع أقرانهم ، يزحفون على مقعدتهم يسحبون رجلهم وراءهم فى نشاط رائع فى الحارات والقري ، فيسمح لهم تلقائيا باللعب بأيديهم ضاربين عرض الحائط بانها كرة قدم لا يخاف زملاؤهم أن يدوسوهم ، ولا يخافون هم أن يداسوا ، وقد يكون هذا المنظر مؤلما لمن لم يتعود عليه ، إلا أنه درس رائع لمن يريد أن يتأكد من قدرة الانسان وفهم الأقران ورحمة الطبيعة فى آن ، والتأكيد على كل ذلك لا ينبغى أن يهون من انجازات الأجهزة التكنولوجية ، ولكنه يؤكد ضرورة احترام الطبيعة البشرية والفطرية قبل وبعد الأجهزة.
3- أن نبالغ فى الشفقة على مثل هذا الطفل.
ولنتذكر أن معنى الشفقة لغة هو الخوف ، وأن معناها الشائع هو " الصعبانية " ، وهى بالعينين شعور قاس متعال قبيح ، أما الشعور الأرقى والأنسب فهو الرحمة التى كتبها الله على نفسه بمعنى المشاركة والفهم والإحترام لما يشمل العدل والتعاطف المسئول والألم الداخلي.
وهذا يحتاج إلى درجة من النضج النفسى والعطاء الصامت أكثر مما يحتاج للتوعية الذهنية والنصائح السطحية.
4- أن يلهينا شرف العناية بهذه المشاكل الهامة الظاهرة الخطيرة عن مشاكل الإعاقة الأخفى والأخطر.
اذ يجدر بنا أن نتذكر أن الإنسان المعاصر عامة هو معاق بالضرورة ، اذ هو لا يستعمل قدراته التى خلقها الله له بالقدر المناسب لإمكانياته أو لإحتياجاته واحتياجات مجتمعه وبنى جنسه ، فتعاطفنا مع الطفل المعاق يكون لائقا ومناسبا ومفيدا اذا تذكرنا اعاقتنا فى مجالات أهم ، وأننا كلنا فى الهم شرق ، ومع اختلاف مجالات الإعاقة.
وبعـد…..
فاذا كان هذا لا ينبغى فإننا نستطيع استنتاج ما ينبغى تلقائيا ، فأوجز هذه التوصيات فى خطوط عريضة محدودة:
ثانيا: ما ينبغي.
1- أن نعامل المعوق فى داخلنا قبل ظاهر سلوكنا:
باعتباره انسانا عاديا تماما يحتاج إلى حسابات أخرى فى التعامل والفرص المتاحة لا أكثر ولا أقل بلا شفقة رخوة أو استعلاء دعى.
2- أن تتاح الفرص الدراسية والثقافية للطفل المعوق.:
بجرعة أكبر وأكثر تركيزا وتنوعا من الطفل العادى ، وذلك لإتاحة مجال للحركة التطورية الفكرية والإبداعية بديلا عن الحركة الفيزيائية العضلية المفصلية.
3- أن تجد الأسرة:
من خلال اسهام المجتمع طريقا آخر لحل مشاكلها بعيدا عن التركيز على إعاقة الطفل ، فتكون العناية بالصحة النفسية لكل أفراد الأسرة هى السبيل لإطلاق سراح الطفل من سجن شفقتهم وتركيزهم ، مع التحذير من الجانب الآخر من حركة البندول أى من فرط الإهمال تجنبا للمشاركة فى الألم.
4- أن يدخل المعوق المدارس العادية ما أمكن:
مع العناية بترشيد زملائه بطريق غير مباشر بحجم الإعاقة ومعناها وتنمية المشاعر الإنسانية التراحمية الواجبة ، والعناية باختبار المدرسين على درجة مناسبة من النضج والوعى.
5- أن تخصص برامج تعليمية كاملة ومنظمة:
فى وسائل الإعلام المرئية والمسموعة للفئة التى لا تستطيع الذهاب أصلا إلى المدرسة وربما عمت الفائدة لدارسى المنازل جميعا.
6- أن تتاح فرص أكبر ومخفضة ما أمكن ، للمعوقين وأسرهم:
للحصول على الكتب والأدوات الفنية ( إعارة أو إقتناء بشكل سهل ومجانى أو بثمن رمزى ).
7- أن تتاح فرصة أكبر لأسر المعوقين:
للحصول على مسكن أرحب وتسهيلات مهنيه خاصة ، لإتاحة الفرصة المكانية والوقتية للعناية المناسبة للطفل المعوق ، على أن هذا لا يعنى تمييزا خاصا وإنما يعنى تعويضا واجبا.
وأخيرا…..
فانى أدعو الله أن تكون دلالة الإهتمام المفرط بالأطفال المعوقين هو علامة صحية تدل على درجة يقظة المجتمع ومسئوليته بما يشمل ضمنا العناية بغير المعوقين ظاهرا ، فالمجتمع الصحيح والصحى ، كما نأمل لمجتمعنا ، هو المجتمع الذى يتيح أكبر الفرص لقدرات أفراده فى السواء والمرض ، فى العجز والحركة.
وفقنا الله إلى عمل الخير وخير العمل.