10 حيوانات جنّدت في الحروب 2024

10 حيوانات جنّدت في الحروب

الونشريس

في حروبه المستمرة ضد أخيه الإنسان، لم يكتفِ الإنسان بتجنيد بني جنسه، وإنما جنّد الحيوانات أيضاً. بدأ استخدام الحيوانات في القتال منذ فجر الحروب، ولم يتوقّف هذا الأمر حتى اليوم، بل بالعكس، فقد دخلت حيوانات جديدة لم تُستخدم مِن قبل إلى الخدمة، وفيما يلي أكثر عشر حيوانات اشتركت في حروب الإنسان…

1-الوطاويط

الونشريس

الوطاويط كانت بطلة لفكرة غريبة إبان الحرب العالمية الثانية

كانت هذه الفئران المجنحة بطلة لفكرة غريبة أتى بها أحد جرّاحي الأسنان الأمريكيين إبان الحرب العالمية الثانية. كان هذا الجرّاح في شدة الألم من حادث تحطيم الأسطول البحري الأمريكي على يد الطائرات اليابانية في "بيرل هاربور"، فاقترح على البحرية ربط قنابل حارقة بالوطاويط وإطلاق الآلاف منها فوق المدن اليابانية، وحيث إن الوطاويط تطير في مستوى أقل من ارتفاع المباني، فإن التأثير سيكون مدمّراً.

حصلت الفكرة على الضوء الأخضر من الرئيس الأمريكي "روزفلت"، إلا أن التنفيذ تعثّر بعد إنفاق أكثر من 2 مليون دولار على التجارب. واليوم يدرس علماء الجيش الأمريكي آليات الطيران لدى الوطواط لمحاكاتها عند صنع طائرات التجسس الآلية.

2-الجمال

الونشريس

طالما كانت الجِمال أداة أساسية في الحروب الصحراوية

كانت الجِمال أداة أساسية في الحروب التي دارت في الصحاري، خاصة في إفريقيا وأمريكا الشمالية، فمن الذي يستطيع تحمّل الظروف الصحراوية بالغة القسوة سوى الجمال؟!! من ناحية أخرى وجد أن رائحة الجِمال تخيف أحصنة الجيش الآخر، مما يعطي مزية أخرى للجيش الذي يتحرّك على الجمال. استخدمها العرب كثيراً في حروبهم الداخلية وغزواتهم المتنوّعة، كما استخدمها لورنس العرب خلال الحرب العالمية الأولى.

3-النحل
الونشريس

كانت مستعمرات النحل تلقى بواسطة المنجنيق على الجيوش المعادية لتربكها

استخدمه الإغريق والرومان في العصور القديمة ضد جيوش الأعداء، وكانت مستعمرات النحل تلقى بواسطة المنجنيق على الجيوش المعادية لتضربها بالارتباك والتفريق. اسْتُخدِم النحل أيضاً خلال الحرب العالمية الأولى وحرب فيتنام، وحالياً يجري العلماء تجارب لاستخدام النحل وحشرات أخرى لاكتشاف الألغام الأرضية.

4-الفُقْمَةُ

الونشريس

خدمت الفُقْمَةُ في الجيش الأمريكي كثيراً
خدمت الفقمة في الجيش الأمريكي كثيراً؛ فلديها قدرة عالية على الرؤية في الضوء الضعيف وسماع الأصوات تحت الماء، وهي تستطيع السباحة بسرعة 40 كيلو متراً في الساعة، وأن تغوص لأكثر من 300 متر! درّب الجيش الأمريكي الفقمات على اكتشاف الألغام البحرية، وأيضاً على الغوص بكاميرات الفيديو إلى الأعماق لنقل صورة حية إلى الجنود على السطح!

5-الحمام الزاجل

الونشريس

كان للحمام الزاجل أهمية عظمى في نقل الأخبار والأوامر في الحروب
لعب الحمام الزاجل دوراً كبيراً في نقل الرسائل عبر التاريخ البشري، وكانت له أهمية عظمى في نقل الأخبار والأوامر بين القواد في الخلف والجنود الذين على الخطوط الأمامية. كان أكبر استخدام للحمام الزاجل خلال الحرب العالمية الأولى؛ حيث تم استخدام أكثر من مائتي ألف حمامة لنقل الرسائل أثناء الحرب، إحدى الحمامات أثناء هذه الحرب حصلت على وسام فرنسي لأنها كافحت لإيصال رسائلها بالرغم من إصابتها بالرصاص وفقدانها الكثير من الدم، وبذلك أنقذت حياة مئات الجنود!

6-الدولفين
الونشريس

الجيش الأمريكي يستخدم الدلافين منذ ستينيات القرن الماضي
منذ الستينيات والجيش الأمريكي يستخدم الدلافين في مهام متنوّعة؛ مثل البحث عن الألغام البحرية، وقد تم استخدامها كثيراً خلال حرب الخليج والحرب على العراق. كانت هناك إشاعات أيضاً عن وجود تدريبات للدلافين لتقوم باستخدام أسلحة تحت الماء، إلا أن الجيش الأمريكي نفاها.

7-الفيل

الونشريس

الإسكندر الأكبر استعان بالفيل في حروبه
الفيل ضخم الجثة سريع الحركة سميك الجلد، ويستطيع أن يقتحم صفوف جيوش الأعداء ويضربها بالارتباك، كما أن مرآه مثير للرعب. أحياناً توضع الدروع على الفيل لحمايته، أو يحمل الرماة وحاملي الرماح على ظهره مما يمنحه تأثيراً مضاعفاً. استخدم الفيل كثيراً في ممالك الهند القديمة، كما استخدمه الإسكندر الأكبر في حروبه.

8-البغل

الونشريس

البغل يعتبر وسيلة النقل الوحيدة الصالحة للاستعمال في بعض الأماكن الوعرة
هو وسيلة النقل المفضّلة -في عالم ما قبل المركبات طبعاً- لنقل المؤن والعتاد والأسلحة وغيرها، وحتى اليوم يصبح هو وسيلة النقل الوحيدة الصالحة للاستعمال في بعض الأماكن الوعرة كالجبال. يولد البغل لحمار ذكر وحصان أنثى، ويُفضّل استخدامه في النقل لقدرته الكبيرة جداً على التحمّل. ركب نابليون بونابرت على بغل ليستطيع المرور عبر جبال الألب، وفي الحرب العالمية الأولى استعمل الجيش الأمريكي 571 ألف بغل وحصان في عمليات النقل، قُتِل منهم 68 ألفاً أثناء المعارك، ولا زال الجيش الأمريكي يستخدم البغال في المناطق الجبلية في أفغانستان.

9-الكلب

الونشريس

استخدمت الكلاب في الحروب منذ أزمان بعيدة
استخدمت الكلاب في الحروب منذ أزمان بعيدة، ففي أيام الرومان كانت الكلاب تُشارِك في الحروب بعد أن تصنع لها الدروع وأطواق لها أشواك. استخدم الإسبان أيضاً الكلاب خلال غزواتهم في أمريكا اللاتينية في القرن السادس عشر، أما الجيش الأمريكي فيستخدم الكلاب المدرّبة لشم واكتشاف القنابل.

10-الحصان

الونشريس

الحصان هو أكثر حيوان حارب جنباً إلى جنب مع الإنسان
لعل الحصان هو أكثر حيوان حارب جنباً إلى جنب مع الإنسان في المعارك على مدى التاريخ. ربما يرجع التاريخ الذي استأنس فيه الإنسان الحصان إلى أكثر من 5500 عام، وقد استخدم كل من المصريين القدماء والصينيين الأحصنة لجر المركبات الحربية التي يقف عليها محاربون يحاربون بأسلحتهم من عليها، بعد ذلك ظهر سلاح الفرسان في الجيوش ولم يعد يخلو منها جيش. وبسبب استخدامهم السرج والركاب تمكّن المغول من الحصول على مزية استراتيجية في الحروب، حيث أعطتهم السروج القدرة على القتال والتصويب بثبات من على ظهور الأحصنة، ومكّنتهم من احتلال أكثر من نصف العالم! ظلّ الحصان عنصراً أساسياً في الجيوش، ولم يتوقّف استخدامه في الحروب إلا بعد ظهور الدبابات.

الونشريس

    معلومات رائعه تسلمى يا قمر
    معلومات جميله

    معلومات رائعه

    تسلمى ياعسسسسسل

    شــــــكرًا على المــــرور الجميــــــل

    حروب الردة, تاريخ وحروب , تاريخ الاسلام,الحروب على الرده,تاريخ حروب الردة,محاربة 2024

    حروب الردة, تاريخ وحروب , تاريخ الاسلام,الحروب على الرده,تاريخ حروب الردة,محاربة الرده بعد الرسول,من حارب الردة بعد الرسول ,حروب الردة بعد الرسول

    حروب الردَّة


    كانت حروب الردّة هي أول ثورة وتمرّد على الحكم الإسلامي المركزي , والتي شكَّلت خطراً جسيماً على الخليفة الأول أبي بكر الصديق وعلى الدولة الإسلامية الفتية.

    أسباب حروب الردَّة

    1) موت الرسول صلى الله عليه وسلم , فبعض القبائل قالت :-" لو كان نبياً ما مات"(1) , تجاهلوا قوله تعالى :-" إنك ميت وإنهم ميتون ".(2)

    2) بعضهم اعتقد أن النبوة ولَّت بموت الرسول .

    3) بعض القبائل أسقطت من حساباتها الزكاة وهي ركن من أركان الإسلام.

    قالوا لما استخلف أبو بكر رحمه الله ارتدت طوائف من العرب ومنعت

    الصدقة وقال قوم منهم : نقيم الصلاة ولا نؤدي الزكاة , فقال أبو بكر

    رضي الله عنه :" لو منعوني عقالاً لقاتلتهم ". (3)

    4) رفض خلافة أبي بكر الصديق .

    5) انزعاج القبائل العربية من السلطة المركزية في المدينة وخاصة الرسل الدينيين الذين يُعلّمون الناس الدين على أصوله ويجمعون الزكاة . هذه القبائل كانت تمقت الغريب .(4)

    6) ظهور أشخاص ادَّعوا النبوة وأشهرهم مَسلَمة وقد دعاه المسلمون مُسيلمة من باب التصغير والتحقير وقد تأثر بالأفكار المسيحية وقد اتبعه بنو حنيفة (5), ونجاح التيمية من بني يربوع كانت تدَّعي الكهانة تحالفت مع مالك بن نويرة ثم لقيت مسيلمة وتزوجته (6) وكان مسيلمة قد أرسل إلى الرسول وهو على قيد الحياة رسالة عجيبة :-

    " من مُسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله , سلام عليك أما بعد فاني قد أُشركت في الأمر معك , وان لنا نصف الأرض , ولقريش نصف الأرض, لكن قريش قوم يعتدون " .

    فرد عليه الرسول صلى الله عليه وسلم :- " من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب ( السلام على من اتبع الهدى أما بعد فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين " . وقد توفي الرسول قبل أن يُسَيِّر له حملة عسكرية للقضاء على أحلامه وافتراءاته .(7)

    نتائج وأبعاد حروب الردة

    1) انتصار المسلمين على قلتهم على المرتدين .

    2) ظهور خالد بن الوليد كفارس عبقري .

    3) جرّب المسلمون الأسلحة والخطّة العسكرية .

    4) ثبات أبو بكر الصديق وشمولية نظرته بالرغم من تهديد المشركين باحتلال المدينة وخاصة في ظل غياب قوة الإسلام العسكرية بقيادة أسامة بن زيد خارج الجزيرة العربية.

    5) استشهاد الكثير من حفظة القرآن الكريم وكبار الصحابة وفي معركة حديقة الموت التي قضى فيها على مسيلمة الكذاب استشهد من الأنصار المهاجرين سبعمائة رجل.(8)

    6) توحيد شبه الجزيرة العربية تحت راية الإسلام من جديد .

    7) لما فرغ أبو بكر الصديق من أمر المرتدين أعدَّ الجيوش إلى الشام , وأخذ يستنفر الناس ويدعوهم للجهاد ويرغبهم بغنائم الحرب .(9)

    8) ظهور الخلاف بين خالد بن الوليد قائد الحملات والصحابي عمر بن الخطاب كبير المستشارين للخليفة أبي بكر الصديق , بسبب مقتل أحد زعماء المرتدين ( مالك بن نويرة ) الذي أعلن عن إسلامه لاحقاً ثم تزوج خالد زوجته , وخالد لم يقتله عمداً ." ولما رأى خالد اختلاف القوم في شأن مالك وأصحابه أمر بحبسهم حتى ينظر في أمرهم. وكان ذلك في ليلة باردة ثم أمر خالد منادياً فنادى دافئوا أسراكم , وهي في لغة كنانة ومعناها القتل , وكان الحراس من بني كنانة , فوقعوا فيهم قتلاً ".(10)

    ولما علم أبو بكر الصديق أبى أن يصدق إلا عند عودة خالد بن الوليد, أما عمر بن الخطاب فقال لخالد عند عودته : " ارئاء ! قتلت امرأً مسلماً ثم نزوت على امرأته والله لأرجمنك بأحجارك " .

    وظل الأمر في صدر عمر بن الخطاب فلما تولى الخلافة قام بعزل خالد بن الوليد عن قيادة الجيش قبيل معركة اليرموك الفاصلة (11) , وكان رد خالد بن الوليد :" أنا لا أُقاتل من أجل عمر إنما أُقاتل لإرضاء رب عمر" (12) .

    9) أسباب فشل حركة المرتدين تعود لعدم توحيد صفوفهم وكثرة زعمائهم وانعدام العقيدة , ضعف الخطة العسكرية وعدم استغلالهم لخلو المدينة من الجيش الإسلامي , الارتكاز على القبلية بينما بالمقابل المسلمين , ميزهم التفافهم حول الخليفة أبو بكر الصديق , وعمق العقيدة الصادقة والشجاعة الباسلة .

    نسأل الله العفو والمغفرة

    وفقكم الله

    الهوامش /

    ————
    (1)- محمد أحمد باشميل , حروب الردة , ص 24 .

    (2) – سورة الزمر , القرآن الكريم , آية 30 .

    (3) – البلاذري , فتوح البلدان , ص 103 .

    (4) – كارل بروكلمان , تاريخ الشعوب العربية , ص 83 .

    (5) – ن.م , ص 85 .

    (6) – محمد أبو الفضل إبراهيم, أيام العرب في الإسلام , ص 161 .

    (7) – حروب الردة , ص 104 .

    (8)- تاريخ الشعوب الإسلامية , ص 87 .

    (9) – فتوح البلدان , ص 115 .

    (10) – أيام العرب في الإسلام , ص 163 .

    (11) – ن.م , ص10 .

    (12) – سهيل إبراهيم عيساوي , بين فكي التاريخ , ص 126 .

    **********************

    المصدر : كتاب ثورات فجرت صمت التاريخ الاسلامي , سهيل عيساوي

    منقووول للفائدة

    الونشريس


    بارك الله فيكى

    نووووورتى

    الف شكر حبيبتى

    مشكورررة

    نوررتوونى

    من حيل الحروب في المعارك الإسلامية 2024

    من حيل الحروب في المعارك الإسلامية (البط الآدمي)

    عبد القادر طليمات

    هذا حديث يتصل بالحروب الصليبية في القرون الوسطى، جرت حوادثه سنة 647 هـ، فقد كان يراود الصليبيين حلم الاستيلاء على مصر، فجردوا لها حملة بحرية، تفوق ما سبق من حملات في عدة أمور: في كثرة عدد الغزاة عدداً يفوق حد التصور، وفي ضخامة الأسطول ضخامة لا شك في انتصاره، ثم –وهذا أهم ما في الأمر- أن قائد الحملة ملك قديس فرنسي، هو لويس التاسع، وما ظنك يا قارئي العزيز بأحاسيس وانفعالات غزاة يقودهم ملك من جنسهم، مشهور في بلاده بالتقوى، ويطلقون عليه لقب قديس، ولا ينادونه إلا بالقديس لويس.

    خرج القديس لويس من بلاده بأسطوله الضخم وغزاته الكثيرين قاصداً مصر، مركز المقاومة الإسلامية ضد أطماع الصليبيين، وتحدثه نفسه بالانتصار في الحملة انتصاراً لا شك فيه، الانتصار الذي يملك فيه مصر من شمالها إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها.

    ووصل القديس وأسطوله وغزاته إلى دمياط ، واستولوا عليها لسبع بقين من صفر، وهكذا تحققت أولى خطواته بالانتصار، ثم سرب بأسطوله في النيل، وقد قدر هو وشياطينه وأسطوله أن الطريق قد فتح أمامهم إلى مصر فلن يجدوا مقاومة، وظلوا في سربهم وقد ملأ الفرح قلوبهم، وهم لا يقدرون أن "المنصورة" التي انهزم فيها طغاة الحملة السابقة تنتظرهم بأبطالها لتعيد الدرس الذي ألقته على من سبقهم.

    فما كاد شعب مصر يعلم بسقوط دمياط حتى نفر عن ساق واحدة: الفلاحون والعربان والتجار والعمال للجهاد، حتى اللصوص، خرجوا مع الجند، لا ليسرقوا الجند أو إخوانهم أبناء بلدهم، وإنما ليسرقوا الصليبيين، ويذبحوهم ذبح النعاج.

    ورتب الملك الصالح أيوب معسكراته لجيشه النظامي، وترك أبناء الشعب لحريتهم يفتكون بأعدائهم، أو يخطفونهم ويبعثون بهم إلى القاهرة ليحتفل بهم أهلها بالطريقة التي تروق لهم.
    وشاء الله للصالح أيوب ألا يشهد بنفسه انتصار مصر على فرنسا، فقد كان مريضاً قبل إغارة الفرنسيين، ثم أخذ يشتد به المرض، حتى مات وهو يستعد للدفاع عن الدين والوطن، في نصف شعبان من نفس السنة، فتسلم الملك ابنه الملك المعظم تورانشاه.

    وظن الملك القديس الصليبي أن موت الملك الصالح أيوب بشرى خير لانتصاره المؤكد على المصريين، فتحرك بشياطينه وأسطوله من دمياط، وتوغل في النيل جنوباً إلى القاهرة، وكانت تلوح أمام عينيه ألوية النصر تخفق فوق رأسه، وهو لا يحسب للمصريين حساباً، ولا يتوقع ما سوف يحدث في المدينة المنصورة من جلل الأحداث وأعظم الخطوب بالنسبة للحملة كلها، وبالنسبة له خاصة، وأنه سيؤول أمره إلى أن يصير حبيس بيت القاضي ابن لقمان، وأسير الطواشي صبيح فيبيع نفسه بيع السوائم للمصريين.

    استمر القديس الصليبي في أحلامه وهو على ظهر أسطوله الذي يجري في النيل، وهو يود أن يسابق الريح، والرجالة تسير في البر مع الأسطول، وفيما هو سابح في حلمه الشيطاني، فوجئ بصوت كهزيم الرعد، أنْ: قف، إلى أين أيها الواغل الغافل، فإنك لن تخطو بزعانفك بعد ذلك خطوة واحدة، وتنبه الحالم من غفوته، وأخذ يسرح الطرف ليعرف أين هو من بلاد مصر، ولما قيل له أنه في مدينة المنصورة حام حوله نذير الشؤم فتطير، وأحس بالغصة تكاد تخنقه، لولا أن التف حوله أذنابه يشجعونه، ويعيدون الثقة إلى نفسه.

    ودارت الحرب بين أصحاب الحق وسراق الحقوق، ونشبت المعارك العنيفة بين المعسكرين، كل يجاهد للانتصار، وكل يعمل للغلبة، ولنترك الجيوش تتصارع بطرقها المعروفة، لنتجه إلى الشعب الذي خرج مع جهده يشد أزره ، ويحمل معه عبء حماية البلاد من اللصوص.
    حين كان الجيش الإسلامي يواجه قوات القديس الصليبي، كان الشعب من خلف الجيش يجاهد بأسلوبه وطريقته، فقد كان الشعب من أهالي البلاد التي على الشاطئ يخطفون الصليبيين كما يخطف الرضيع الذي لا يملك لنفسه دفعاً، حتى خطفوا منهم جمعاً كبيراً، وكلما خطفوا جماعة أرسلوهم إلى القاهرة ليستقبلهم القاهريون استقبالاً يليق بهم كقراصنة ولصوص، حتى امتلأت محابس مصر بهم، أما من لا يستطيعون إرساله فكانوا يقضون عليه في مكانه، حتى قتلوا بطريقتهم عدداً أكبر وأضخم مما أسروا، وكانوا كلما نذر بهم الفرنج يلقون بأنفسهم في الماء، ويسبحون إلى أن يصيروا على الشاطئ الإسلامي.

    وجميع حيل الخطف معروفة، وقد استنفد المسلمون حيلهم فما أصبحت تجوز على الصليبيين، فقد عرفوا حيلهم، واكتشفوا طرق خداعهم لهم، فتوقفت حركة الخطف، واطمأن الصليبيون على أرواحهم من الخطافين، فأخذوا ينتشرون أفرادا على الشاطئ يستمتعون بمنظر النيل الجميل تحت أشعة القمر الفضية.

    وفي ليلة مقمرة انفرد صليبي بنفسه، تائهاً في أحلامه، ولعلها أحلام الشباب، يفكر في محبوبته، أو لعلها أحلام القراصنة فهو يُمني نفسه بغنيمة ثمينة من أموال المسلمين، أو لعله ولعله، وفجأة… لمح بطيخة تطفو على سطح الماء، آتية من الشاطئ الإسلامي، وتتجه نحوه كأنها تقصده بالذات، فانفرجت أساريره، وانفرجت شفتاه عن ابتسامة الرضا، فهو في ليلة من ليالي صيف مصر الحار، ولعله، عندما لمح البطيخة العائمة، أحس بالعطش فجأة فهو في حاجة إليها، فأخذ يتابعها بنظره وهي تقترب منه،ولكن سرعتها أخذت تخفّ، وجريها يبطئ مما يدل على أنها لن تواصل سيرها حتى ترسو على الشاطئ، فخشي الصليبي أن يغير تيار الماء خط سيرها، فتضيع من يده، فشمّر عن ساقيه ودلاهما في الماء، حتى استقرتا على القاع. سار سيراً خفيفاً حتى لا يزعج البطيخة فتنفر منه، فلما أصبحت في متناول يده، يد يديه ليتناولها بهما، فما شعر إلا وقد جذبته البطيخة من يديه ودفعت به إلى الماء بعد أن كممت فمه، ثم سبحت به عائدة إلى الشاطئ الإسلامي، فتناوله منها من كان ينتظر على الشاطئ من المسلمين، ثم تصرفوا فيه كما شاؤوا..

    وانتظرت البطيخة قليلاً حتى أشار إليها بعض المسلمين إلى صليبي آخر منفرد يناجي نفسه، أو يناجي قديسه، وسبحت البطيخة ناحية الصليبي المنفرد، وأخذت تقترب منه وتجذب أنظاره إليها، ونجحت البطيخة في إغرائه بالإمساك بها ، وخطا في الماء خطوات ومدّ يديه ليقبض عليها، فإذا بالبطيخة الشيطانة تقبض عليه وتجذبه إليها في عنف وقسوة وتكمم فمه، وتسحبه إلى المسلمين، ليروا فيه رأيهم، حتى إذا أسلمته إلى المسلمين عادت لتقتنص غيره.

    لا أريد أن أثقل عليك –يا أخي القارئ الكريم- فأذكر لك عدد المرات التي نجحت فيها هذه البطيخة العجيبة في تضليل الصليبيين ، ولكن حسبي أن أقول لك : إن الصليبيين خيل إليهم أنهم اكتشفوا حيلة البطيخة الشيطانة حين دخل في روعهم أنها عفريت من عفاريت نيل الفراعنة، يتقمص شكل بطيخة ليصيدهم ويسلمهم إلى حلفائهم المسلمين، فداخلهم الرعب والفزع فانقطعوا عن الانفراد بأنفسهم إلى جانب النيل، وتركوا الاستسلام لأحلامهم بين الخضرة والماء في الليالي المقمرة أو المظلمة، وقبعوا في خيامهم لا يجرؤون على الخروج منها…
    وبعد، فما هي قصة هذه البطيخة التي استطاعت أن تقتنص عشرات من الصليبيين جنود الملك القديس؟

    لقد قلت من قبل أن حيل المسلمين في خطف الصليبيين قد عرفها الصليبيون كلها فأصبحوا في منجاة منها، ولكن عزّ على فلاح من فلاحي مصر أن يترك أعداءه يستمتعون بخيرات بلاده، ويقاتلون إخوانه، شامخين بأنوفهم حيث يقاتلون تحت راية قديسهم، ويحتمون بأسطولهم الضخم، فأخذ يفكر في حيلة لخطفهم لم تخطر في بال أمهر الخاطفين، واستلقى على ظهره، وأغمض عينيه، وزوى ما بين حاجبيه حتى تجعدت جبهته، وكانت الليلة مقمرة، يضفي القمر بأشعته الفضية على الكون المحيط به جلالاً وروعة، ولكن قريحته لم تسعفه بحيلة جديدة، ففتح عينيه، واعتدل في جلسته، ثم أحس بعطش جعل حلقه جافاً، فقام متكاسلاً، وسار بضع خطوات، ثم انحرف إلى غيط قريب منه، واقتلع من أرضه بطيخة ليطفئ بها عطشه، وكانت البطيخة كبيرة وكبيرة جداً، ولم يكن يريدها كذلك، بل يريدها بطيخة صغيرة تكفيه وحدة، وهز كتفيه، وخرج من الغيط، وعاد إلى مكانه على الشاطئ، ثم استل سكينه فشق بها البطيخة نصفين، تناول أحدهما دون أن يقطعه وأفرغ ليه الأحمر في جوفه ثم أصبح أمامه مفرغاً كالطاسة، وهنا علت ابتسامة الفرح وجهه، ثم تطورت الابتسامة حتى أصبحت قهقهة عالية خارجة من أعماق قلبه، فقد هدته هذه الطاسة البطيخة إلى حيلة لم يسبقه إليها أحد، ومد يده إليها ثم غطى بها رأسه، فإذا برأسه كالبطيخة، فلينزل إذن إلى النيل وليسبح تحت الماء، وليتقدم إلى كل صليبي منفرد ليغرر به، فإن الصليبي عندما يرى رأس البطيخة سوف يظن أنها بطيخة حقيقية، فيمد إليها يديه ليأخذها، فيأخذه هو إلى حتفه، وجرب الفلاح تغريره بأعدائه مرات ومرات، حتى ظن الصليبيون أنهم اكتشفوا أمره فأبطلوا حيلته.

    نعود إلى الجيشين المتحاربين، حيث انتهى الصراع الدامي بانتصار المسلمين، وأسر الملك القديس وحبسه في بيت القاضي فخر الدين إبراهيم بن لقمان – كاتب الإنشاء- الذي وكل بحفظه الطواشي صبيح المعظمي، ثم باع نفسه من السلطان تورانشاه بالتنازل عن دمياط، وباع أسرى رجاله منه أيضاً بمليون قطعة من العملة الذهبية الفرنسية.

    وكفى الله المسلمين شر الفرنسيين وقديسهم، وإذا كان التاريخ قد احتفل بالانتصار الحربي وسجله بين دفتيه، فإنه احتفل أيضاً بهذه البطيخة البشرية المجهولة فسجل مجهودها في هذه المعركة الخالدة.

    منقوول

      يعطيك الصحة

      جزاك الله خيرااااااا

      مشكورة

      يتصفح الموضوع حالياً : 10 (2 عدلات و 8 زائرة)

      منوورات